تابعنا على

جور نار

عبد القادر المقري: إيديولوجيا المواشي

نشرت

في

رحم الله الوجه الرياضي العزيز أحمد المغيربي الذي فارقنا صباح أمس … نترحم عليه أولا لأنه كان ركنا من أركان كرتنا ما عرفناه إلا لامعا وقّادا، لاعبا أنيق الموهبة ثم مدربا قويّا ثم محللا خبيرا و أخيرا شخصية مستقلة لا تنحني لأحد و لا تتمسك بمنصب … و نترحم عليه خاصة و نحن نستذكر منهجه التحليلي المبني على تقسيم المسائل إلى ثلاثة أنواع، ثم ينطلق في الطرح و المطابقة و الاستنتاج … تماما كأنك تستمع إلى جدلية هيغل …

إذن على طريقة سيد أحمد نقول إن أهل السياسة ثلاثة أصناف:

عبد القادر المقري Makri Abdelkader
<strong>عبد القادر المقري<strong>

طبقة عليا قليلة العدد سقف اطّلاعها مسارب الوصول إلى كرسي السلطة و خصوصا إلى خزانة بيت المال العمومي … نهّازة فرص ولاّدة فتاوى تقول اليوم إنها مع العدالة الاجتماعية و لا ينام أحد و جاره جوعان، و من الغد تتبحّر في سردية رأس المال و أفضلية الفرد و خلقناكم درجات … و تجد دائما من الفصاحة و أكوام الحجج ما يقنع الجمهور بأن الصورة لم تتحرك بسرعة 24 لقطة في الثانية الواحدة.

طبقة وسطى قارئة علوم الأرض و السماء، شهائدها العلمية لا تُحصر و لكنها تتفطن فجأة أنها أضاعت عمرا في التحصيل بينما غيرها احتلّ المقاعد الأمامية … فيمضي باقي عمرها في تدارك ما فات، و ليس عندها من وسيلة سوى الالتصاق بمن هم في الأعالي … تشتغل لهم في الدعاية و تتحمس للذود عنهم و تفسير مواقفهم و تروّج عنهم أعجب الأساطير … تميل مع نعمائهم حيث يميلون و حين تلاحظ أن السارية مالت أكثر من اللزوم مهددة بالسقوط، تسارع (أي الطبقة الوسطى) إلى النطّ نحو نجم آخر صعدت أسهمه في السوق … و لا يهمّهما إن وصفها الأقدمون بالانتهازية، و المحدثون بالسياحة البرلمانية أو الحزبية …

طبقة سفلى أعرض بكثير من سابقتيها و يقف عليها كامل البناء مثل مداميك العمارات … و هي تتكون من آلاف و عشراتها و مئاتها إلى آخر الحساب … هؤلاء يتساوى عندهم صدق النوايا مع ذكاء محدود و استعداد لبذل النفس و النفيس اتّباعا لزعيم أو انتماء لمجموعة … يحرّكهم خطاب منتفخ ملتهب محارب لأعداء أشرار لا تسلم الأمّة ما لم نتعاون على إبادتهم … يتولّى تمرين طويل تخليصهم من جميع آليات الجدال و الاعتراض و احتمال أن يكون القائد على خطإ و لو مرة في حياته … هم بشر و لكنهم لا يتلقّون قناعاتهم من بشر، بل من سلطة سماوية ربّانية تتكلم على لسان بشر …

هؤلاء من الصعب بل من المستحيل أن تقنعهم بأن الواحد مع الواحد يساويان اثنين، ما لم يأمرهم القائد بذلك … يصدقونه على الدوام و يكذّبون مناوئيه على الدوام أيضا و مهما كانت الحال … فيمكن له مثلا أن يشرب خمرة على مشهد من عيونهم التقية الورعة فلا يفزعون بل يهتزّون تكبيرا … فقبل ذلك كان دعاة السيّد قد نبّهوهم إلى أن الفودكا تتحول إلى ماء كوثر عندما تلمسها شفتاه الطاهرتان … بل يمكن حتى أن يحدثوهم أن الشيخ سيخرج في كساء لا يراه إلا المخلصون، و عندما يتبدّى لهم عاريا من أي لباس يتعالى من الجميع التصفيق و الهتاف بجلال المعجزة …

لكل حادثة لديهم تفسير يلائم مصلحة القائد و الجماعة، و لكل تصرف تبرير مهما كانت بشاعته … يتماهون في هذا مع متعصبي الأندية الرياضية المقاتيلن لأجلها ظالمة أو مظلومة، و قد قال لي صديق من هذه الفئة يوما أقبل منك كل شيء إلا القدح في جمعيتي و حزبي … و قد سمّى الجمعية الرياضية و الحزب السياسي، و لكني لن أذكرهما …

تضيع وقتك إذا جادلت واحدا من هؤلاء، فكلامك في كل الأحوال لن يكون أبلغ من كلام الرسل في بعض الأقوام الغابرين … رغم العبر و الدروس التي قد تكون للعقلاء تذكرة تعيها أذن واعية … لا الأذن الطرشاء المعدّلة على موجة “أف أم” وحيدة لا يغيّرونها و لو قذفت بهم إلى أعماق المحيط…

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

الشرخ يتوسع بين المكتب التنفيذي و”المعارضة النقابية”

نشرت

في

محمد الزمزاري:

يعتزم شق نقابي حشد العمال بساحة محمد علي يوم السبت 18 جانفي القادم وهو اليوم المصادف لذكرى تاسيس الاتحاد العام التونسي للشغل…

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

ويبدو أنه زيادة عن الخلافات الحادة صلب المكتب التنفيذي بين أغلبية مسيطرة و تيار يعارضها، وعن ماخذ المعارضة النقابية السابقة واللاحقة والمراحل التي تميزت بالحدة وبشبه انسداد كامل أمام التوصل إلى حلول تحفظ صورة الاتحاد النضالية وتدفعه للعمل من أجل مصلحة الطبقة الشغيلة بعيدا عن العقليات البيروقراطية او الجمود او الركود… وهي خلافات لا تستجيب لأهداف المنظمة الشغيلة ومصالح العمال، بل تفسح المجال لارباك وتقسيم الاتحاد قصد الإجهاز عليه وهي أهداف انطلقت مع حكم الاخوان حين استفحلت الاعتداءات وتجييش وسائل اعلام “الذباب الازرق” في كل مكان للتهجم على المنظمة ناعتة إياها بـ”اتحاد الخراب”…

هذه المنظمة العتيدة التي كان لها دور مفصلي في الكفاح الوطني ضد الاستعمار ثم في الدفاع المستميت عن الطبقة الشغيلة، لطالما تعرضت لمؤامرات ومحاولات اختراق وتكوين نقابات صفراء وأخرى تنادي بالتعددية النقابية ..وكلها محاولات تستهدف العمل النقابي و تؤسس لخدمة الراسمالية الفاسدة ..

وقد عاشت بلادنا خلال حكم الاخوان مضاعفة اعداد أصحاب الملايين والمليارات، في حين ازداد الفقراء فقرا وتآكلت الطبقة الوسطى وديست الحقوق وتردت قيمة العمل الشريف… ولعل مازاد الطين بلة هو التصريح (ان ثبتت صحة هذا الخير) بأن ميزانية الاتحاد راكمت ديونا تقدر بـ 40 مليون دينار…

وذلك ما ترى فيه المعارضة النقابية دليلا جديا على وجود سوء تصرف او شبهات فساد سيما أن مداخيل المنظمة النقابية سواء من الاشتراكات التي تصل إلى 800 الف او المداخيل الأخرى المتعددة، تغطي النفقات ومن المفترض أنها تحقق فوائض. وترتفع الدعوات اليوم لإجراء محاسبة دقيقة سواء داخل المؤتمر او خارجه…

إن الوضعية الحالية التي يمر بها الاتحاد من صراعات لن تخدم هذه المنظمة العتيدة التي واجهت كل ضروب الحصار و السجون و الظلم و الاعتداءات واليوم تفرز خلافات داخلية مؤسفة.

أكمل القراءة

جور نار

لماذا أبقينا على قابيل داخلنا؟

نشرت

في

محمد الأطرش:

يروى أنّ وردة جميلة نبتت في صحراء قاحلة وأخذت مكانا لها بين الرمال والأحجار. كانت هذه الوردة كثيرا ما تفاخر بنفسها وبجمالها إلى درجة الغرور، وكان وجود نبتة صبّار قبيحة بجانبها هو الأمر الوحيد الذي يزعجها… ويغضبها ويخرجها من هدوئها…

ودون أن تدرك تبعات تصرفها انهالت عليها بالشتم والسبّ، مرّة تعايرها ببشاعتها وأخرى بشكلها المخيف ومرّات برائحتها… لم تردّ نبتة الصبّار الفعل والتزمت الصمت والهدوء… وكانت وفية لطباعها فالصبّار معروف بتحمله صعوبة العيش في المناطق القاحلة وصبره الكبير على الجفاف وقلّة المياه وندرتها… تحركت بعض النباتات الأخرى المتواجدة قرب الوردة وحاولت تقديم النصح وإعادة الوردة إلى رشدها وصوابها وفضّ النزاع بينها وبين نبتة الصبّار لكنها فشلت في جميع محاولاتها… حاولت… وحاولت حتى ملّت فالصيف على الأبواب ولا يمكنها بذل مجهود كبير يجعلها عرضة للذبول وربما الموت…

اشتدّت الحرارة بحلول أولى أيام الصيف وبدأت الوردة تعاني من نقص الماء في جسدها وبدأت تظهر عليها علامات الذبول والجفاف على أوراقها… ومع اشتداد الحرارة فقدت الوردة ألوانها الزاهية التي كانت تفاخر بها امام من يجاورها من النباتات والاعشاب… التفتت يمنة ويسرة…  وشرقا وغربا… فلم تجد غير جارتها التي كثيرا ما اساءت إليها ونعتتها بأبشع النعوت وتآمرت عليها وحاولت ابعادها والتخلّص منها… فجأة رأت الوردة ما لفت انتباهها وما لم تعرفه سابقا ابدا… رأت طائرًا يدنو من نبتة الصبّار ويدسّ منقاره فيها ليشرب بعضًا من الماء الذي خزنته في جسدها وأوراقها وجذوعها المنتفخة بسبب تخزينها للماء…

 وعلى الرغم من خجلها الشديد من نفسها وخوفها من أن ترفض نبتة الصبّار طلبها ونجدتها ببعض من الماء، طلبت الوردة من نبتة الصبّار بعض الماء لتطفئ ظمأها… فوافقت نبتة الصبّار دون تردد ودون أي نقاش، وساعدت الوردة على الصمود والنجاة في طقس لن تتحمله الوردة ليوم آخر ابدا… هكذا أنقذت نبتة الصبّار الوردة التي كثيرا ما اساءت إليها، لكن ماذا عن الانسان الذي عاني من الانسان؟… ماذا عن الانسان الذي يقتل أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يظلم أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يقصي أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يؤذي أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يجوع بجانبه أخيه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يكره… ويحقد… ويشمت… ويضمر الشرّ لأخيه الانسان؟…

كل مخلوقات الله تصالحوا وتسامحوا وأمضوا ميثاق تعايش بينهم… ألم يصبح القطّ في زماننا هذا صديقا للكلاب؟ ألم يصبح الفأر في أيامنا هذه من أقرب الأصدقاء للقطط؟ ألم يصبح الذئب صديقا للكلاب يجالسها ويصاحبها ويتزاورون لا عداوة بينهم ولا هم يتحاربون… ألم يتصالح الجميع إلا الإنسان مع الإنسان… ألم يصبح الإنسان عدوا دائما للإنسان… ألم تصبح الكلاب أكثر منّا وفاءا لبعضها البعض… أسَمِع أحدكم يوما عن ذئب خان ذئبا… أليس الذئب أكثر بِرّا بوالديه من الانسان؟ لماذا أبقينا على قابيل داخلنا؟

أكمل القراءة

جور نار

ماذا وراء تجميد عضوية المملكة السعودية في بريكس؟

نشرت

في

محمد الزمزاري:

اقتراب موعد وصول ترامب للحكم. و اختلاط عدد من الأوراق في الشرق الأوسط مثل خلع بشار الاسد ضمن مخطط ممنهج بين أمريكا و اسرائيل و تركيا عبر استغلال وقح للعصابات الإرهابية بسوريا و لعملاء الأتراك خليط ما سمي بـ”المقاومة السورية”،

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

يضاف إلى هذا، انكماش نشاط حزب الله و قطع الإمدادات عبر سوريا برزت للمحللين السياسيين والعسكريين… بعض الاحتمالات القادمة بسرعة بجهة الشرق الأوسط والخليج العربي بما فيها المملكة السعودية على أهميتها.. وتاتي اهم الاحتمالات حول اتجاه ضرب اهم مفاعل نووي بايران نظرا إلى ان التوقيت المطلوب للهجوم على المفاعل وشل وصول إيران إلى اكتساب النووي قد حان إثر تكميم وشل اذرعها بالعراق و سوريا و لبنان وغزة أيضا …

لن تكون جريدة “جلنار” الأولى التي تستشرف ضربات كبيرة للسلاح النووي الإيراني وربما بعض توابعه المتعددة بايران… وقد يتبع هذا رد فعل إيراني مبرمج لضرب القواعد ببعض دول الخليج… وهي احتمالات لن تفوت السعوديين الذين انضموا سابقا للـ”بريكس” انه يعد تقاربا مع الصين العدو الاكبر المهدد لها اقتصاديا خاصة ..

ولكن الذي قد يكون عجل بتجميد عضوية المملكة بالمنظمة الاقتصدية الناهضة، هو ورجوع الرئيس ترامب الذي يهدد و يتوعد صراحة كل من يعمل على اضعاف الدولار الأمريكي… يفهم ان دونالد ترامب ذو عقلية متراوحة بين جرعة ” كاوبوي” و تعطش اقتصادي تجاري يتصرف مثل ثعبان مصفر. Serpent sifflant يعلن دوما عن مكانه للترهيب و الوعيد وخلق أرضية للابتزاز المالي و السياسي …

وأمام كل هذه المعطيات الشاملة لاستشراف ضرب لإيران وإمكانية كبيرة لرد فعل منها تجاه قواعد أمريكية وربما خلق شروخ بين الاجوار، قد تشعل حربا إقليمية ليس من مصلحة اي من البلدان الخليجية المتمتعة بالترف والامن ان تقع في دوامتها مع الكاوبوي او غيره …ثم إن “تجميد ” عضوية المملكة بمنظمة “بريكس ” لا يعني الانسحاب الكامل، فالسلطة السعودية “تنسك العصا من الوسط” كما يقال، وتنتظر سير الأحداث القادمة وهي أحداث لا تبشر بخير بالمنطقة حتى دون اعتبار تهديدات “ترامب”، فالقدر يغلي “شمالا و جنوبا وشرقا و غربا وكل الاحتمالات واردة جدا… منها مثلا اذا انطلقت الضربات من القواعد الأمريكية ببلد خليجي فإن إيران ستيرز أنيابها أينما يبدو بالإمكان استرجاع صورتها التي فقدتها بسوريا ولبنان وربما أيضا العراق …

أكمل القراءة

صن نار