جور نار
ذاكرة الحجر والأسفلت (3)
نشرت
قبل 11 شهرفي
“يا ما قلت عنك
وغلبت شكوى منك
وحياة الغالي عندك
ابقى افتكرني”
طبعا نحفظ لذكراك أنقى الصور بألوانها وأبيضها وأسودها يا عندليب شبابنا … ولكن رغم فجيعتنا فيك ذات صباح بعيد، فإنك تسمى محظوظا نسبيا قياسا إلى كثيرين أعطوا هم أيضا بلا حساب وكانوا إكسيرا لحياتنا ومرافئ لضياعنا ومدافئ من قرّنا وزمهريرنا … البعض يضعهم في قائمات الشهداء، والبعض يرصدهم للخلود، ولكن أغلبنا يجهل أغلبهم، بل يتجاهل وهذا هو الأمضّ إيلاما …
منذ أيام أقامت فرنسا موكبا مهيبا بمناسبة نقل جثمان أحد المقاومين ضد الاحتلال الألماني إلى مدفن العظماء المسمى “بانتيون” … المقاوم يدعى “ميساك مانوشيان” وهو مهاجر أرمني كان عاملا وشاعرا ومناضلا يساريا تزعّم المقاومة ضد النازيين ودفع حياته ثمنا لذلك … ومن التقاليد الشائعة في تلك البلدان (مثل فرنسا) أن كل من يلمع في مجال ما، فكرا كان أم فنا أم علوما أم نضالا لأجل قضية نبيلة، يتم تكريمه بأشكال شتى أعلاها تخصيص مكان لجثمانه في “بانتيون” الخالدين … وأمريكا عندها مقبرة “أرلينغتون” ولكنها أوسع وأكثر “ديمقراطية”، لأنها تستقبل كافة الرؤساء و أيضا كل من يموت في حروب أمريكا الكثيرة وحتى رجال مخابراتها …
ما يلفت النظر في القصة أن موضوعا كهذا لا يعنينا هنا في تونس … صحيح هناك ثلاثة قبور في مرتفعات سيدي بالحسن لرجال من الحركة الوطنية (منجي سليم، الطيب المهيري ونسيت الثالث) ولكن اقتصار التكريم على ثلاثة فقط ليسوا بالضرورة أكثر من ضحى لأجل البلاد بل عاشوا بعد الاستقلال وتسلموا مناصب وزارية … اقتصار ذلك عليهم من دون عشرات المقاومين وخاصة الذين استشهدوا في ساحة الوغى، وكذلك استثناء المرأة التونسية مهما فعلت، من اعتراف أسمى كهذا … كل ذلك جعل من القبور الثلاثة موضع تندر وتصنيف على أن أصحابها قد يكونون من الأولياء الصالحين نفعنا الله ببركاتهم …
المسألة في أصلها لا تهمّ الأموات فهم انتقلوا إلى رحمة الله غير مكترثين باعترافنا من عدمه، ولكن يهمّ الأحياء كيف ينظرون إلى بلدهم وكيف ينظر إليهم هذا البلد … هناك ثقة شبه تامة بأن بلادنا بقعة جحود لا يكبر في عينها إلا من يكون واقفا قويّا مخيفا … أما الضعفاء، أما الراحلون، أما الواقعون فوق الأرض أو تحتها، فلا قيمة لهم ولا ميزان … وباستثناء برابرة 2011، فلم يطالب مناضل واحد أو شهيد أو فلاّق بنعويض مادي أو عيني أو معنوي … ربما أسندت في السابق لبعض الوجوه مناصب إثر الاستقلال كما أسلفنا، ولكن ذلك كان أساسا لأسباب تتعلق بالكفاءة والقدرة على إفادة الدولة الطازجة … أقول هذا من باب التعميم ودون الدخول في تفاصيل استثناءات يطول عليها الجدل …
نعود إلى التكريم المعنوي لكبارنا … في البلاد التي تحترم نفسها، لا يتم نسيان أحد ولو بعد زمن … وليس هناك مدفن العظماء فقط، بل هناك خاصة أسماء الشوارع والساحات والمعالم وحتى السفن وحاملات الطائرات إلخ … ما يثير الانتباه هنا، فقط شخصيات وطنية قليلة عليا تطلق أسماؤها على الشوارع في العاصمة وأية مدينة دون تمييز … شخصيات مثل نابليون وديغول وتشرشل وجورج واشنطن وجيوزيبي غاريبالدي، تجدها حاضرة في كثير من مدن فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا … ولكن إلى جانبها، توجد شخصيات محلية تظفر بالصدارة في المدن والأقاليم التي فيها نشأت أو عليها فارقت الحياة أو لأجلها قدمت عملا جليلا … لذلك نجد أسماء مثل “إدوار هيريو” في مدينة ليون، و”غاستون ديفير” في مرسيليا، وملعب “جوفروا غيشار” في سانت إيتيان، وساحة “جان جوريس” في مدينة تور، ومطار “جون لينون” في ليفربول، وجناح “هوفر” في جامعة ستانفورد الأمريكية إلخ …
ما يكمد القلب أننا في تونس ، تطلق بلدياتنا على شوارعها إما نفس الأسماء المتكررة في الشمال والجنوب وخاصة الثلاثة المذكورين أعلاه، أو تعود إلى عشرات الصحابة والتابعبن وتابعي التابعين ممن لا يعرفهم أحد أو تحوم حولهم شبهات كعبد الله ابن أبي سرح الذي إن خلّدنا اسمه بداعي الفتح الإسلامي فكل المراجع تشير إلى أنه ارتدّ عنه … أي والله … فضلا عن وجوه من تاريخنا المعاصر نقرأ عن خياناتها ومع ذلك نشهرها كالسيف في نواصي شوارعنا كالوزير الفاسد مصطفى خزندار … ملحوظة: الحديث هنا عن “شارع” مصطفى خزندار بالملاسين، وليس عن “معهد خزندار” بباردو والمنسوب إلى الشاعر الشاذلي خزندار، وشتان بين هذا وهذا …
ليتنا نجد في المعالم الخصوصية لأية مدينة من مدننا أسماء من خصوصيتها وقاع خابيتها … بدل هذه التسميات المتكررة برتابة منذ نصف قرن دون تبديل أو وعي، فتشعرك أنك لم تخرج من العاصمة ومن رداءاتها الكثيرة والكثيفة … ففي الجمهورية ستون حي نور، وسبعون حي زهور، وثمانون حي نصر وأمل وتضامن وزياتين وتحرير ونزهة ونسيم … في حين أنها في معظمها أقرب إلى الجدب والخيبة والطبعة والظلام الدامس …
ـ يتبع ـ
تصفح أيضا
محمد الزمزاري:
يعتزم شق نقابي حشد العمال بساحة محمد علي يوم السبت 18 جانفي القادم وهو اليوم المصادف لذكرى تاسيس الاتحاد العام التونسي للشغل…
ويبدو أنه زيادة عن الخلافات الحادة صلب المكتب التنفيذي بين أغلبية مسيطرة و تيار يعارضها، وعن ماخذ المعارضة النقابية السابقة واللاحقة والمراحل التي تميزت بالحدة وبشبه انسداد كامل أمام التوصل إلى حلول تحفظ صورة الاتحاد النضالية وتدفعه للعمل من أجل مصلحة الطبقة الشغيلة بعيدا عن العقليات البيروقراطية او الجمود او الركود… وهي خلافات لا تستجيب لأهداف المنظمة الشغيلة ومصالح العمال، بل تفسح المجال لارباك وتقسيم الاتحاد قصد الإجهاز عليه وهي أهداف انطلقت مع حكم الاخوان حين استفحلت الاعتداءات وتجييش وسائل اعلام “الذباب الازرق” في كل مكان للتهجم على المنظمة ناعتة إياها بـ”اتحاد الخراب”…
هذه المنظمة العتيدة التي كان لها دور مفصلي في الكفاح الوطني ضد الاستعمار ثم في الدفاع المستميت عن الطبقة الشغيلة، لطالما تعرضت لمؤامرات ومحاولات اختراق وتكوين نقابات صفراء وأخرى تنادي بالتعددية النقابية ..وكلها محاولات تستهدف العمل النقابي و تؤسس لخدمة الراسمالية الفاسدة ..
وقد عاشت بلادنا خلال حكم الاخوان مضاعفة اعداد أصحاب الملايين والمليارات، في حين ازداد الفقراء فقرا وتآكلت الطبقة الوسطى وديست الحقوق وتردت قيمة العمل الشريف… ولعل مازاد الطين بلة هو التصريح (ان ثبتت صحة هذا الخير) بأن ميزانية الاتحاد راكمت ديونا تقدر بـ 40 مليون دينار…
وذلك ما ترى فيه المعارضة النقابية دليلا جديا على وجود سوء تصرف او شبهات فساد سيما أن مداخيل المنظمة النقابية سواء من الاشتراكات التي تصل إلى 800 الف او المداخيل الأخرى المتعددة، تغطي النفقات ومن المفترض أنها تحقق فوائض. وترتفع الدعوات اليوم لإجراء محاسبة دقيقة سواء داخل المؤتمر او خارجه…
إن الوضعية الحالية التي يمر بها الاتحاد من صراعات لن تخدم هذه المنظمة العتيدة التي واجهت كل ضروب الحصار و السجون و الظلم و الاعتداءات واليوم تفرز خلافات داخلية مؤسفة.
جور نار
لماذا أبقينا على قابيل داخلنا؟
نشرت
قبل يوم واحدفي
14 يناير 2025من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashمحمد الأطرش:
يروى أنّ وردة جميلة نبتت في صحراء قاحلة وأخذت مكانا لها بين الرمال والأحجار. كانت هذه الوردة كثيرا ما تفاخر بنفسها وبجمالها إلى درجة الغرور، وكان وجود نبتة صبّار قبيحة بجانبها هو الأمر الوحيد الذي يزعجها… ويغضبها ويخرجها من هدوئها…
ودون أن تدرك تبعات تصرفها انهالت عليها بالشتم والسبّ، مرّة تعايرها ببشاعتها وأخرى بشكلها المخيف ومرّات برائحتها… لم تردّ نبتة الصبّار الفعل والتزمت الصمت والهدوء… وكانت وفية لطباعها فالصبّار معروف بتحمله صعوبة العيش في المناطق القاحلة وصبره الكبير على الجفاف وقلّة المياه وندرتها… تحركت بعض النباتات الأخرى المتواجدة قرب الوردة وحاولت تقديم النصح وإعادة الوردة إلى رشدها وصوابها وفضّ النزاع بينها وبين نبتة الصبّار لكنها فشلت في جميع محاولاتها… حاولت… وحاولت حتى ملّت فالصيف على الأبواب ولا يمكنها بذل مجهود كبير يجعلها عرضة للذبول وربما الموت…
اشتدّت الحرارة بحلول أولى أيام الصيف وبدأت الوردة تعاني من نقص الماء في جسدها وبدأت تظهر عليها علامات الذبول والجفاف على أوراقها… ومع اشتداد الحرارة فقدت الوردة ألوانها الزاهية التي كانت تفاخر بها امام من يجاورها من النباتات والاعشاب… التفتت يمنة ويسرة… وشرقا وغربا… فلم تجد غير جارتها التي كثيرا ما اساءت إليها ونعتتها بأبشع النعوت وتآمرت عليها وحاولت ابعادها والتخلّص منها… فجأة رأت الوردة ما لفت انتباهها وما لم تعرفه سابقا ابدا… رأت طائرًا يدنو من نبتة الصبّار ويدسّ منقاره فيها ليشرب بعضًا من الماء الذي خزنته في جسدها وأوراقها وجذوعها المنتفخة بسبب تخزينها للماء…
وعلى الرغم من خجلها الشديد من نفسها وخوفها من أن ترفض نبتة الصبّار طلبها ونجدتها ببعض من الماء، طلبت الوردة من نبتة الصبّار بعض الماء لتطفئ ظمأها… فوافقت نبتة الصبّار دون تردد ودون أي نقاش، وساعدت الوردة على الصمود والنجاة في طقس لن تتحمله الوردة ليوم آخر ابدا… هكذا أنقذت نبتة الصبّار الوردة التي كثيرا ما اساءت إليها، لكن ماذا عن الانسان الذي عاني من الانسان؟… ماذا عن الانسان الذي يقتل أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يظلم أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يقصي أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يؤذي أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يجوع بجانبه أخيه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يكره… ويحقد… ويشمت… ويضمر الشرّ لأخيه الانسان؟…
كل مخلوقات الله تصالحوا وتسامحوا وأمضوا ميثاق تعايش بينهم… ألم يصبح القطّ في زماننا هذا صديقا للكلاب؟ ألم يصبح الفأر في أيامنا هذه من أقرب الأصدقاء للقطط؟ ألم يصبح الذئب صديقا للكلاب يجالسها ويصاحبها ويتزاورون لا عداوة بينهم ولا هم يتحاربون… ألم يتصالح الجميع إلا الإنسان مع الإنسان… ألم يصبح الإنسان عدوا دائما للإنسان… ألم تصبح الكلاب أكثر منّا وفاءا لبعضها البعض… أسَمِع أحدكم يوما عن ذئب خان ذئبا… أليس الذئب أكثر بِرّا بوالديه من الانسان؟ لماذا أبقينا على قابيل داخلنا؟
محمد الزمزاري:
اقتراب موعد وصول ترامب للحكم. و اختلاط عدد من الأوراق في الشرق الأوسط مثل خلع بشار الاسد ضمن مخطط ممنهج بين أمريكا و اسرائيل و تركيا عبر استغلال وقح للعصابات الإرهابية بسوريا و لعملاء الأتراك خليط ما سمي بـ”المقاومة السورية”،
يضاف إلى هذا، انكماش نشاط حزب الله و قطع الإمدادات عبر سوريا برزت للمحللين السياسيين والعسكريين… بعض الاحتمالات القادمة بسرعة بجهة الشرق الأوسط والخليج العربي بما فيها المملكة السعودية على أهميتها.. وتاتي اهم الاحتمالات حول اتجاه ضرب اهم مفاعل نووي بايران نظرا إلى ان التوقيت المطلوب للهجوم على المفاعل وشل وصول إيران إلى اكتساب النووي قد حان إثر تكميم وشل اذرعها بالعراق و سوريا و لبنان وغزة أيضا …
لن تكون جريدة “جلنار” الأولى التي تستشرف ضربات كبيرة للسلاح النووي الإيراني وربما بعض توابعه المتعددة بايران… وقد يتبع هذا رد فعل إيراني مبرمج لضرب القواعد ببعض دول الخليج… وهي احتمالات لن تفوت السعوديين الذين انضموا سابقا للـ”بريكس” انه يعد تقاربا مع الصين العدو الاكبر المهدد لها اقتصاديا خاصة ..
ولكن الذي قد يكون عجل بتجميد عضوية المملكة بالمنظمة الاقتصدية الناهضة، هو ورجوع الرئيس ترامب الذي يهدد و يتوعد صراحة كل من يعمل على اضعاف الدولار الأمريكي… يفهم ان دونالد ترامب ذو عقلية متراوحة بين جرعة ” كاوبوي” و تعطش اقتصادي تجاري يتصرف مثل ثعبان مصفر. Serpent sifflant يعلن دوما عن مكانه للترهيب و الوعيد وخلق أرضية للابتزاز المالي و السياسي …
وأمام كل هذه المعطيات الشاملة لاستشراف ضرب لإيران وإمكانية كبيرة لرد فعل منها تجاه قواعد أمريكية وربما خلق شروخ بين الاجوار، قد تشعل حربا إقليمية ليس من مصلحة اي من البلدان الخليجية المتمتعة بالترف والامن ان تقع في دوامتها مع الكاوبوي او غيره …ثم إن “تجميد ” عضوية المملكة بمنظمة “بريكس ” لا يعني الانسحاب الكامل، فالسلطة السعودية “تنسك العصا من الوسط” كما يقال، وتنتظر سير الأحداث القادمة وهي أحداث لا تبشر بخير بالمنطقة حتى دون اعتبار تهديدات “ترامب”، فالقدر يغلي “شمالا و جنوبا وشرقا و غربا وكل الاحتمالات واردة جدا… منها مثلا اذا انطلقت الضربات من القواعد الأمريكية ببلد خليجي فإن إيران ستيرز أنيابها أينما يبدو بالإمكان استرجاع صورتها التي فقدتها بسوريا ولبنان وربما أيضا العراق …
الشرخ يتوسع بين المكتب التنفيذي و”المعارضة النقابية”
مذكرة إدانة نتنياهو وغالانت… الكيان يستأنف، والجنائية الدولية تصرّ
لبنان… رئيس جمهورية ورئيس حكومة جديدان، فهل تنتهي الأزمة؟
سوريا… حملة الانتقام متواصلة، وكذلك الولاء لأردوغان!
لماذا أبقينا على قابيل داخلنا؟
استطلاع
صن نار
- جور نارقبل 11 ساعة
الشرخ يتوسع بين المكتب التنفيذي و”المعارضة النقابية”
- صن نارقبل 14 ساعة
مذكرة إدانة نتنياهو وغالانت… الكيان يستأنف، والجنائية الدولية تصرّ
- صن نارقبل 14 ساعة
لبنان… رئيس جمهورية ورئيس حكومة جديدان، فهل تنتهي الأزمة؟
- صن نارقبل 14 ساعة
سوريا… حملة الانتقام متواصلة، وكذلك الولاء لأردوغان!
- جور نارقبل يوم واحد
لماذا أبقينا على قابيل داخلنا؟
- جور نارقبل يومين
ماذا وراء تجميد عضوية المملكة السعودية في بريكس؟
- رياضياقبل 3 أيام
الرابطة الجهوية لكرة القدم بالقيروان: قيادة الفرسان الثلاثة
- اجتماعياقبل 3 أيام
ندوة الحرفيات وذوات الهمم