جور نار
ورقات يتيم … الورقة 74
نشرت
قبل 4 أشهرفي

عبد الكريم قطاطة:
ان تعمل في قطاع الاعلام بانماطه المختلفة… مكتوبا ومسموعا ومرئيا… ليس امرا مُتاحا للجميع من جهة، وليس بالضرورة ان تنجح في مثل هذه الاعمال ..

انا كنت ومازلت من المؤمنين بأنّ الاعلامي هو صاحب رسالة بناءة فهو اوّلا لسان الاخرين وخاصة لسان المحرومين والمظلومين بعيدا عن الاحتواء وعن أبواق البلاط او الاحزاب… فهو بالقلم او المصدح او الكاميرا صورة عاكسة ومناضلة من اجل ذلك الذي لم تُتح له الفرصة كي يعبّر عن افراحه واتراحه… ومن ثمة يكون رجع الصدى الايجابي من المستهلك… والاعلامي الذي لا يتفاعل معه المتلقّي تفاعلا واعيا عميقا قد يخلق (البوز ) لفترة زمنية وجيزة ولكن قدره حتما سيكون كفقاعات المطر عند نزولها… تنتفخ في زهو ثم تختفي… ومن المخجل انّ هؤلاء تكاثروا بشكل رهيب بعد 14 جانفي 2011 ولم يدركوا يوما انّ الكلمة اخطر من الرصاصة … فالرصاصة تقتل فردا اما الكلمة فباستطاعتها ان تقتل شعبا…
انظروا ما آلت اليه وسائل الاعلام بعد 2011 وماذا اثمرت من اولاد مفيدة الى اولاد عواطف… جيل مهمّش لا قيم له… امكانياته الفكرية محصورة في مشطة شعر كالهدهد وفي بنطلون متعدد النوافذ… والغريب في الامر انّ اباطرة هذه التوجهات الممنهجة تصوّروا انهم بهذه الانماط الاعلامية سيواجهون التطرف والارهاب… في حين انّ النتائج ستكون كارثية يوما ما، وسينقسم التونسيون الى قطيع من متطرفين اسلاميين من شاكلة (وَ إذا قِيلَ لَهُمْ لا تًفسِدوا في الارضِ قالوا انما نحن مصلحون الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)… والى قطيع ثان من جيل الفراغ والزطلة والعبث… وتصوروا فقط هذين القطيعين يوما ما في مواجهة… انها حتما الطامة الكبرى لانهما سيكونان بيادق لحرب يقتل فيها الاخ اخاه والاب ابنه… بينما ينعم اباطرة القطيعين برغد الحياة …
كنّا في جريدة الايام ومنذ انطلاقتها في 5 ديسمبر 84 نحمل نفس هذه القناعات… وكان شعارنا “لا نجامل ولا نعادي” ولكن ايضا آمنّا جدا بالمتلقّي (اي القارئ) واوليناه عناية فائقة وخصصنا له مساحة اسبوعية تحت عنوان (صحافة الرسائل) قال عنها رئيس التحرير صديقي نجيب الخويلدي في عدد 14 مارس 1985: ستلاحظون انطلاقا من هذا العدد انّ صحافة الرسائل تمكّنت بفضل السياسة التوسّعية (وارجوكم لا تسيئوا الظن بهذه العبارة) تمكنت ان تحتلّ صفحة ثانية بعد مفاوضات طويلة وعسيرة كان فيها عبدالكريم قطاطة المحامي رقم 1 عن هذه الصفحة حيث قال عبدالكريم بالحرف الواحد: {المستمعون في حاجة الى مساحة اكبر .. علينا ان نشعرهم ان لم يشعروا الى الان، ان الجريدة مِلك لهم وانّه ليس لنا حقّ الامتياز حتى نكتب نحن عشرات الصفحات ونملأها بما يخطر لنا، فيما نحرمهم وعددهم بالالاف من المساهمة في تأثيث الايام وانتقاء بضائعها}… قاطعت عبدالكريم لأقول: (اردت ان تقول القرّاء طبعا لا ان تقول المستمعين) .. ضحك عبدالكريم وضرب على جبهته براحة كفّه وقال: الوسّادة ما غلبتش الولاّدة …
وفعلا كان لحضور القرّاء في صفحات الجريدة وحتى في بعض اجتماعات اسرة التحرير بتونس، وزنا كبيرا ومما يّحسب للايام انها اتاحت الفرصة بل مكّنت العديد لا فقط في ممارسة حقهم في الكتابة في صفحاتها بل لتّقيم الدليل على انّ في معشر القرّاء اقلاما تتفوّق وبكلّ امانة على العديد منّا وتبعث بنرجسيتنا وغرورنا للجحيم … وهنا تحضرني بعض الاسماء والتي اعتبرها من خيرة الاقلام في الكتابة شكلا ومحتوى …عبداللطيف الحداد… ياسين البازمي… منجي الشلباوي… فوزية الشرقي… الحبيب بلقاسم…
اعود الان الى الولاّدة اي الى اذاعة صفاقس… المدّة الاولى وبعد ان عّين الزميل محمد عبدالكافي رحمه الله على رأس ادارتها كانت ضبابية … وهنا اعني علاقتي به … لم تكن بيننا لا علاقة ودّ ولا علاقة حرب… هدوء تام ..لكن كنت دائم التساؤل بيني وبين نفسي …هل هو هدوء طبيعي ؟؟… للامانة لم اكن مرتاحا لذلك الهدوء ولا لتلك السلبية واللامبالاة التي كانت تظهر على ملامح مديري الجديد … كنت اعرف ان الملأ لم يهضم ولن يهضم عودتي مظفّرا الى المصدح بعد زوبعة اكتوبر 82 .. وكنت اقرأ ذلك في عيونهم خاصة بعد رحيل السيد التيجاني مقني والذين اعتبروه الراعي الحصري لعبدالكريم … لكن وهذا طبيعي ومنطقي جدا ان يتعامل هذا الصنف باسلوب (الحرب سجال) ويرقد في الخط واحيانا يعطي للذلّ كارو…حتى ينقضّ على اوّل فرصة لربح معارك اخرى …
كلّ هذه الامور من البلاهة ان لا نأخذها بعين الاعتبار في حياتنا لذلك كنت اراقب بدوري تصرفات تلك الفئة وباسلوبي ايضا .. اذ وللامانة كنت ومازلت ارقد في الخط عندما يحاول ايّ طرف استبلاهي … وذلك امّا لاستوضح الامور بكل تفاصيلها حتى لا اتسرّع في حكمي او قراري وحتى لا اظلمه… او حتى اعطيه واعطي نفسي مساحة زمنية لمراجعة الاشكال بشكل اكثر وضوحا ونزاهة … هذا يُحيلني الى مثل شعبي ذاك الذي يقول (كلّ واحد شيطانو في جيبو)… نعم … كلّ واحد شيطانو في جيبو ولكن حتى تركيبة الشياطين من وجهة نظري تختلف … هنالك شياطين فينا نحن معشر البشر تخاف منها الشياطين وينسحبون رافعين القبّعة لشيطنة ابن آدم … داخلهم سواد وحقد وكراهية …وهنالك شياطين او شيطنة كلّ همّها ان تتصدّى للفئة الاولى (تي هو القطوس يخبّش على روحو) …بل ارى من الواجب عدم الاذعان لهم واعلان الحرب الدائمة تجاههم، تلك الحرب التي تبني تؤسس وتّصلح … وفي تاريخ الشعوب امثلة عديدة لمثل هذه الحروب حيث تُستعمل الحيلة والخداع من اجل الفتك بفئة شياطين البشر …
في الفترة الاولى التي مسك فيها زميلي رحمه الله السيد محمد عبد الكافي بمقاليد الاذاعة استمرّ الكوكتيل ولم يحدث مطلقا اي اشكال مع المدير … حتى اقترب شهر ماي 1985 حيث كانت لي محادثة قصيرة مع مديري اعلمته فيها بأني في حاجة الى عطلة قصيرة للاستراحة … وافق على طلبي وتمنّى لي عودة ميمونة موفقة مشيرا الى انه عليّ ان ابحث في هذه العطلة على اركان اخرى في الكوكتيل لتجديده … اجبته على الفور: الكوكتيل متجدد بطبعه نظرا إلى أنه يتابع الاحداث بشكل فوري ودائم … نظر اليّ ولم يعلّق على ردّي … وبكلّ امانة لم اقرأ ايّة نيّة مبيتة في صمته…
في 19 ماي 85 هاتفني زميلي عبدالجليل بن عبد الله ليقول لي: (اكيد لازم نشوفك ثمة موضوع يلزم نحكي فيه معاك)… كان ذلك صباحا وتواعدنا على اللقاء على الساعة الثالثة ظهرا بنزل سيفاكس… والتقينا وكان ثالثنا زميلا تقنيا… جلّول كان مضطربا للغاية حيث وجد صعوبة بالغة في الحديث واخيرا قالها: (راهو يحبّو يوقفو الكوكتيل… وراهم عرضو عليّ فكرة تعويضك وحضّرو البرنامج اللي ماشي يعوّضك ويحبوني انا اللي نقوم بتنشيطو)… قلتلو: (وانت شنوة رايك ؟)… قللي يستحيل نقبل … والدليل انا جيتك وقلتلك باش يبدا في بالك … شكرته على موقفه وقلتلو: رد بالك يطيحوك ..راهم ماشين يغريوك بكل الوسائل … قللي اطمان صاحبك راجل …وافترقنا …
كانت عطلتي ستنتهي في اخر ماي لاعود للعمل مع غرة جوان وبعد يومين من لقائي بعبدالجليل اي يوم 21 ماي 85 فوجئت بجلّول ينشّط برنامجا اسمه نادي المستمعين محتلاّ المساحة الزمنية للكوكتيل اي من الـ10 الى منتصف النهار … يومها احسست بالخديعة المُرة … خديعة مديري الذي استغلّ غيابي ليُقصيني ويوقف الكوكتيل، ولكن خاصّة خديعة صديقي عبدالجليل الذي وعدني بأن لا يخون وخان …(حلمكم على زميلي واخي عبدالجليل لأنّه فسّر لي بعد سنوات ماذا حدث بالضبط من وسائل ضغط وتهديد لاجباره على تنفيذ المقترح …والذي اكنّ له كلّ الحبّ والودّ ويبقى واحدا من اقرب الزملاء الى قلبي)… انذاك تحرّك المارد الذي بداخلي واصبحت ارى في مديري وفي الملأ وفي جلول ايضا، العصابة الشريرة التي يجب عليّ ان احاربها وبكلّ شراسة …
تركت الامر في البداية للصحافة المكتوبة كي تعلن عن توقف البرنامج حيث كتبت الايام بتاريخ 23 ماي 85 {فوجئ احباء البرنامج الاذاعي كوكتال من البريد الى الاثير الذي ينشطه الزميل عبدالكريم قطاطة من اذاعة صفاقس بتوقف البرنامج انطلاقا من يوم الاثنين الماضي وتعويضه بمحتويات اخرى… ولا نزال الى الان لا نعرف السبب الذي توقف من اجله البرنامج، علما بان الزميل عبدالكريم كان قد اصيب منذ السبت الفائت بتوعك صحي طارئ }… فيما كتبت جريدة البيان وبتاريخ 27 ماي 85 وفي ركن “آخر لحظة”:{احدث احتجاب المنشط المعروف عبدالكريم قطاطة تساؤلات عديدة في الاوساط الاذاعية وفي اوساط متتبعي برنامجه اليومي، وقد تاكّد لدينا انّ هذا الاحتجاب لا يعود لاسباب تاديبية كما يّشاع لدى البعض… غاية ما في الامر انّه دّعي الى اعطاء تصوّر جديد للبرنامج بصورة تجعله يساير التغيير والتوجه الذي طرأ على البث المباشر، والذي يميل الى التخصص والعمل ضمن نظام المجموعات… ويبدو انّ عبدالكريم لم يقدّم التصور الجديد الى الادارة التي ستتولى بنفسها القيام بادخال التعديلات اللازمة على برنامجه، والذي مرّ على انبعاثه 5 سنوات… وقد يتولّى بذاته تنشيطه او يسند الى غيره اذا لم يعبّر عن استعداده للعمل ضمن هذا التصوّر الجديد… وتبعا لذلك اصبح عبدالكريم يعمل ضمن الاسرة التلفزية الموجودة باذاعة صفاقس في انتظار ما ستتمخض عنه المساعي الادارية من نتائج بشأن برنامجه}…
والله شيء يضحّك ويسخّف … _ مثل هذه التاويلات والتبريرات التي مازالت قائمة لحد الان في خطابات المسؤولين والتي تؤكد للمرة الالف انّ من يعتبر المستمع او المواطن غبيّا هو اغبى الاغبياء… كان هذا فعلا موقف الادارة وهو الذي ورد في جريدة البيان وساحاول تفكيك هذا الموقف فقط لابرز مدى استغباء المسؤولين للاخرين وهم يقدمون تعلاّت هي اوهن من بيوت العنكبوت …. صبركم عليّ حتى الورقة القادمة…
ـ يتبع ـ

تصفح أيضا
جور نار
هل يذهب جيسي جيمس، باحثا عن الذهب… إلى غزّة؟؟
نشرت
قبل 18 ساعةفي
9 فبراير 2025من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش:
جميعنا عاش خروج ترامب المسكين من البيت الأبيض سنة 2020 وجميعنا يعلم كيف عصفت حينها أزمة سياسية غير مسبوقة بالمشهد السياسي في بلاد العمّ سام… لكن لا أحد من المتابعين للحياة السياسية في أمريكا والعالم، كان يعلم ان ترامب كان يريد ويفكّر جدّيا في العودة إلى البيت الأبيض كلفه ذلك ما كلفه…

ما نعيشه اليوم لم يأت صدفة بل كان مخططا له من ترامب وجماعته… فهذا الأخير زرع بذور عودته إلى البيت الأبيض منذ خروجه منه… وترامب لم يترك المشهد الإعلامي الأمريكي والعالمي طيلة فترة غيابه عن البيت الأبيض وعاد وكأنه لم يغب أبدا عن مكتبه في البيت الأبيض… عاد بصلاحيات أكبر وأوسع كيف لا وهو يسيطر على مجلسي الشيوخ والنواب ويسكن البيت الأبيض بفوز ساحق جدا… ترامب عاد من جديد رافعا شعار ” أمريكا أعظم من أي وقت مضى”… عاد من جديد بعد أن نجا من محاولة اغتيال… عاد من جديد ليصبح في نظر الشعب الأمريكي المنقذ والايقونة… عاد من جديد يريد ترك بصمة في تاريخ بلاده والعالم فهل حقّا يريد الخير لكل العالم… أم فقط يريده لشعب الماما… وأحفاد “بيفالو بيل” و”ويلد بيل هيكوك”؟؟
بعد أقل من شهر من تنصيبه بدأ ترامب يكشف عن حقيقة نواياه وما يريده للعالم خلال سنوات حكمه الأربع القادمة… فترامب معجب بثروات كندا ويحلم بها ويريد ضمّ كندا لتصبح ولاية من ولايات بلاد العمّ سام… وقد أكد رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو، إن حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن تحويل كندا إلى ولاية أمريكية “أمر حقيقي ويرتبط بالموارد الطبيعية الغنية في البلاد”.
وأضاف ترودو: “في ما يتعلق بتحويل كندا إلى ولاية أمريكية، السيد ترامب يضع في اعتباره أن أسهل طريقة للقيام بذلك هي الاستحواذ على بلادنا وهو أمر حقيقي، في محادثاتي معه” وحسب بعض المصادر الإعلامية فإن ترودو يؤكّد على أن الأمريكان يعلمون وعلى دراية تامة بموارد كندا الطبيعية وثرواتها الباطنية لذلك هم يبحثون عن طريقة تمكّنهم من الاستفادة منها…
وكما يريد ما تحت أرض كندا تعهّد ترامب بـ”استعادة” قناة بنما، محذرا بنما من التواجد المريب للصين قرب الممرّ المائي الحيوي… ملمّحا أن الصين قد تكون تدير قناة بنما التي لم تُمنح للصين، بل أهديت لبنما بحماقة، لكنهم لم يحترموا الاتفاق وقد نفكّر في استعادتها إن لزم الأمر …
ماذا يريد حقّا ترامب بعد ما جاءنا مهددا متوعدا فماذا بعد كندا وبنما وغرينلاند وفرض الضرائب على كندا والمكسيك والصين والاتحاد الأوروبي وبريطانيا إذا لم تستجب هذه الدول لشروطه في إبرام اتفاقيات تخدم الولايات المتحدة؟؟… هل سنعيش إعادة التاريخ لنفسه في شخص دونالد بعد أن عاش العالم خلال القرن الماضي مع أدولف وأطماعه وما فعله بكل العالم… فالتشابه كبير بين وصول ترامب إلى الحكم أو لنقل عودته إلى البيت الأبيض، ووصول أدولف إلى حكم ألمانيا… كلاهما وصل بانتخابات شرعية وكلاهما وصل إلى الحكم وسط أزمة اقتصادية تعصف ببلديهما… فأدولف أذاق العالم كل ويلات الحروب وجحيمها… ودونالد قد يتسبب ما يلوّح ويتهدّد به في كل ويلات الحروب وجحيمها أيضا… أدولف جاء الحكم على صهوة خطابه الشعبوي وسط أزمة اقتصادية خانقة رافعا شعار “الثأر للكرامة الألمانية”… ودونالد جاء أيضا متأبطا شرّا على صهوة جواده في ظلّ أزمة اقتصادية خانقة يعيشها الداخل الأمريكي، رافعا شعار “أمريكا أولا”…
كل ما سبق من تهديدات وصراخ من دونالد أو “جيسي جيمس” هذا القرن قد لا يهمّ العرب كثيرا، لكن تهديده أو كشفه لمخططه المجنون والغريب لتولي شؤون غزّة وتهجير سكانها الأصليين لبناء “ريفييرا الشرق الأوسط” حسب زعمه، سيدخل العرب في دوامة من المشاكل هم في غنى عنها في وقت عصيب كهذا الذي يعيشونه… ورغم أن اقتراح دونالد ترامب أو جيسي جيمس هذا القرن قوبل بعدم التصديق والسخرية والمعارضة والتندر من أغلب دول العالم تقريبا، فإنه أثار ويثير تساؤلا جادا وخطيرا وحقيقيا “هل فكرنا في كيف وأين سيعيش مليونان من المدنيين المغلوبين على أمرهم حين يعودون إلى ديارهم ولا يجدون لها أثرا؟؟”… فهل كان ترامب جادا في ما يخطط له؟ هل يريد حقّا تهجير سكان غزّة خلال فترة إعادة إعمارها فقط أم هو يريد تولي أمر غزّة نهائيا وتهجير أهلها نهائيا خدمة لتل أبيب؟؟
عديدة هي الأسئلة التي تطرح نفسها اليوم بعد ما صرّح به دونالد ترامب… فهل ستقبل مصر وكذلك الأردن وربما بعض الدول العربية الأخرى بما يريده دونالد؟؟ ومن سيضمن عودة سكان غزّة الأصليين غدا إلى بلادهم بعد الانتهاء من إعادة بناء ما خربته آلة الحرب؟؟ والسؤال الأهمّ والأخطر هل ستقبل “الحركة” التي بدأت الطوفان بما يخطط له ترامب… وهل من البساطة بأن يقع تحييد “الحركة” عن كل ما سيقع بغزّة وهي التي قد تكون حجر عثرة قبل حتى التفكير في من سيستضيف سكان غزّة على أرضه بشكل قد يكون دائما وإلى الأبد… ومن هي الدولة العربية التي قد تهدي جزءا من أراضيها إلى سكان غزّة ليبنوا عليها وطنا بعد أن أطردوا من وطنهم الأمّ؟؟؟ والسؤال الهامّ الآخر والمؤلم حقّا: هل يمكن ان يعيش كل من خربت ديارهم في العراء أو في الخيام أثناء إعادة إعمارها… ومن يضمن لهم أنهم سيعودون حقّا إلى ديارهم؟؟؟
نعود للحركة التي أشعلت فتيل الطوفان هل ستقبل بالأمر وتدفن أسلحتها أم أنها ستعود لحملها وهذه المرّة ضدّ رجال جيسي جيمس وأقصد دونالد ترامب؟؟ فترامب نفسه لا يمكن أن يملك جوابا عن سؤال “كيف ستخرج الحركة ورجالها من غزّة وهم من قاوموا غزوها؟؟” والسؤال الآخر الذي قد يشغل دول النفط والغاز في المنطقة من سيدفع ثمن إعادة إعمار غزّة، فهل يقبل العرب دفع ثمن إعادة إعمار قطاع لن تطأه اقدام أصحابه من الفلسطينيين إلى الأبد رغم أن الإدارة الأمريكية عادت لتقول بعد كل ما أثاره مخطط ترامب بأن نقل أو تهجير سكان غزّة سيكون وقتيا؟؟ والسؤال الذي سيدور في أذهان الدول التي ستقبل استضافة مليونين من سكان غزّة من سيدفع لهم ثمن الاستضافة وكم ستدوم مدّة الاستضافة يا ترى؟؟؟
خلاصة الأمر لن تخرج لا مصر ولا الأردن من ضجيج هذا المخطط سواء نفّذ أم لم ينفّذ دون جروح وكدمات وأوجاع… فالأردن نصف سكانه هم من أرض فلسطين وقبول المزيد منهم سيدمّر اقتصاد المملكة ويرهقها اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وقد يكون سببا في نهاية الحكم الهاشمي في عمان… وقد لا تنفع مساعدات العمّ سام أو جيسي جيمس، التي سيغنمها من دول الخليج كافية لدرء الأسوأ عن المملكة الأردنية… أما مصر فالسيسي لن يقبل بالأمر لسبب هام وهام جدا بالنسبة له فهو انقلب على الإسلام السياسي في مصر ويكنّ عداء كبيرا للإخوان… لكنه في نفس الوقت في حاجة إلى مساعدات مالية هامة وهامة جدا للخروج من الأزمة الخانقة التي تعيشها بلاده وقد تتسبب له في أوجاع في خاصرة الحكم قد تصل إلى تغيير المشهد السياسي برمّته في القاهرة… فهل ينجح جيسي جيمس في ما يخطط له ويريده ويركب صهوة جواده قاصدا غزّة باحثا عن الذهب واشياء أخرى، أم يخرج عليه صلاح الدين … في زمن خراب الدين؟؟


عبد الكريم قطاطة:
وحان وقت الجلسة التي رتّب لها السيد كمال عمران المدير العام للقنوات الاذاعية انذاك رحمه الله… المكان كان بمكتب المدير…

عندما دخلت المكتب وجدت به ضيفين لم اكن انتظر وجودهما وهما السيد منصف فتح الله المدير الفرعي للتقنية جلبه معه السيد عبدالقادر عقير من اذاعة المنستير وذلك بعد خروج الزميل الصادق السماوي اطال الله عمره للتقاعد… رغم انّ الاسم المنتظر لخلافة الزميل السماوي كان الزميل محمود المصمودي… لكن يبدو انّ المقرّبين اولى بالمعروف… الضيف الثاني كان الزميل زهير بن حمد المدير الفرعي للبرامج… عندما رايتهما ابتسمت ابتسامة سخرية لان الاشكال كان بيني وبين السيد عبدالقادر عقير فقط… اذن فهمت انّ وجودهما كان من اجل دعم مديري في مواقفه… اي وبعبارة الكوارجية هما لاعبان لتحصين الدفاع وان لزم لتعزيز الهجوم… اي الخطة كانت 3 ضدّ واحد…
اخذت مكاني امام الجميع متحدّيا فريقهم وبكثير من النرجسية والغرور… بدأ السيد كمال عمران الجلسة وطلب منّي ابداء رأيي في الاشكال بيني وبين مديري… اعتذرت للسيد كمال عمران بالقول (لا يُعقل ان ابدي ايّ رأي قبل مديري… لانّه ومهما كان الاشكال يبقى مديري والاولويّة له)… طلب السيد كمال عمران من السيد عبدالقادر عقير طرح الاشكال… السيد عبد القادر عقير عبّر عن قلقه من عبدالكريم الذي لا يمتثل لقراراته ويضرب بها عرض الحائط، متخذا من نجوميته سندا له مما ادّى به الى عدم الانضباط في توقيت عمله والى مواقف مشينة ومسيئة لمديره كلما نبهه لذلك… اثر ذلك طلب منّي السيد كمال عمران الردّ على ما قاله مديري فعلّقت بالقول سأرد على الجميع عندما استمع اليهم…
بعد ذلك اخذ الكلمة السيد منصف فتح الله المدير الفرعي للتقنية وكما توقعت ساند المدير في مواقفه رغم اني لم افهم الكثير مما قاله لانّه كان على مستوى الفصاحة والوضوح… صدقا وبعيدا عن الاساءة (ما يجمعش).. وعندما انتهى من مداخلته طلبت الكلمة من السيد كمال عمران وباسلوب ساخر قلت للسيد كمال عمران: (انت فهمت اش قال سي المنصف ؟ اذا فهمت فهّمني . انا نعرف روحي خايب في بعض المواقف ولكن ما يشفع لي اني اردّ الفعل ولا افعل)…ابتسم سي كمال واعطى الكلمة لزميلي زهير بن حمد… زهير كما عرفته كان رصينا وهادئا في مواقفه… اي نعم يومها كان كذلك وبعبارة اوضح حاول ان يكون محايدا حتى لا يجوع الذئب ولا يشتكي الراعي… وللامانة تالّمت يومها لحياده لكن وبعد مرور سنوات تناقشت معه في موقفه لذلك اليوم واقنعني انه في ذلك الظرف بالذات ماكان له ان يكون موقفه غير ذلك الموقف..
وللامانة كنت ومازلت عند قناعتي بزهير كقيمة فكرية ومهنية رفيعة… وهذا ما جعلني يوم تاسيس فرع جمعية المتقاعدين بصفاقس ارشّحه لرئاسة الفرع كما رشحته سنة 1998 ليشغل منصب المدير الفرعي للبرامج… وهاهو اليوم في نشاطه بفرع جمعية المتقاعدين بصفاقس كرئيس لها يمثّل الموتور لهذا الفرع… بعد ان اتمّ زميلي زهير بن حمد مداخلته القصيرة طلب منّي السيد كمال عمران تعليقي على كل ما استمعت اليه… وكان موقفي مقتضبا وصادما… قلت في جملة واحدة: (موقفي هو اقتناعي بانّ السيد عبدالقادر عقير انتهت صلوحيته كمدير لاذاعة صفاقس وعليه المغادرة)… وعلا الطير رؤوس الجميع… نظر السيد كمال عمران اليّ وقال (سنرى ذلك سنرى).. انتفض السيد عبدالقادر عقير وقال بحنق: (لا لا .. انا مدير الاذاعة ولن اقبل بايّ منصب اخر)… وانفضّ الاجتماع…
كنت مدركا انّ موقفي هو اعلان حرب من جانبي على المدير … وكنت ادرك انّه لن يبقى مكتوف اليدين… وكنت مدركا انّي على استعداد لخوض تلك الحرب مهما كانت نتائجها… والسبب في مثل هذه المواقف انّي عملت منذ 1998 تاريخ تسميتي على رأس مصلحة البرمجة بكلّ اخلاص وكدّ وتعب من اجل مصلحة الاذاعة … نعم قد اكون اخطأت في حقّ البعض الذين لم اكن وقتها مقتنعا بكفاءتهم… ولكن يشهد الله انّ اخطائي كانت تقديرية لا غير واني واقسم بالله لم اتعامل مع ايّ زميل من مواقف ذاتية، بل كانت عندي قناعات وثوابت شخصية نفذتها …
وجاءت ردود افعال المدير متنوعة تجاهي… بدءا بتقليص العدد المهني من 100 على 100 الى 80 على 100… والعدد المهني هام في مسيرة ايّ موظف اذ هو يساعده على كسب خطوات هامة اما في ترقيته او في تاخير تلك الترقية … لكن من جهتي كنت اضرب عرض الحائط بكل الترقيات والحوافز ما دمت مقتنعا بمواقفي… كما وصل الامر بمديري الى عدم دعوتي لاجتماعات البرمجة مع مواصلة ارسال استجوابات كتابية حول تأخّر وصولي لعملي او مبارحتي له قبل التوقيت الاداري… الى رفض ايّ طلب تقدمت به لتمكيني حتى من يوم عطلة واحد… وكانت سنة 2002 سنة كبيسة في حياتي المهنية… كانت سنة وضع عبدالكريم في الفريڨو كما تعرفون تلك العبارة المتداولة في الادارة التونسية … وليته كان فريڨو باردا بل كان فريڨو من نوع (ڨاتلك ڨاتلك)…
وحلت سنة 2003… تلك السنة شهدت تحوّلين في حياتي المهنية والشخصية… في بداية تلك السنة هاتفني السيد كمال عمران طالبا مني ان اتحوّل لمقابلته بمكتبه بداية الاسبوع… كان ذلك في شهر مارس 2003… يومها وما ان ولجت مكتبه وبعد التحية خاطبني بالقول (ثمّة واحد في القصر يحبّك برشة …وراهو جاء لسي ابراهيم الرئيس المدير العام بالذمة على خاطرك ودافع عليك ووصّى الرئيس المدير العام بالتدخل وعدم ظلمك) …قلت له شكرا ..فاضاف: ما تحبش تعرفو ؟ قلتلو: انا نعرف واحد برك في القصر … كنا زملاء في الدراسة في التعليم الثانوي وكنا اصدقاء جدا… سالني اشكونو ؟ اجبته انه خويا وزميلي الصادق شعبان… ابتسم سي كمال وقال: نعم انه السيد الصادق شعبان…
وليعلم الجميع انّ خويا الصادق شعبان لم يتحدث معي في الموضوع بتاتا لحدّ اليوم… وربما لا يعرف انني اعرف… اثر ذلك قال لي السيد كمال عمران: سي ابراهيم يريد ان يتحدث اليك انه في مكتبه الان ينتظرك… وكنت بعد دقائق بمكتب الرئيس المدير العام لمؤسسة الاذاعة والتلفزة التونسية السيد ابراهيم الفريضي… استقبلني بحفاوة ولطف ودخل مباشرة في الموضوع قائلا: (نحب نعمل حاجة في موضوعك انت وسي عبدالقادر… نحب نبعّدكم على بعضكم اش قولك؟) قلت له يا ريت واش خص.. قال لي: (انت تعرف انو السيد محمود بن جماعة _ رحمه الله _ المكلف بادارة وحدة الانتاج التلفزي انذاك، خرج الى التقاعد… وانت ولد التلفزة قبل ما تكون ولد الاذاعة… اشنوة رايك تولّي رئيس مصلحة الانتاج التلفزي؟ من جهة تبعد على سي عبدالقادر وعلى مشاكلك معاه في الاذاعة ومن جهة تبعث دماء جديدة في وحدة الانتاج التلفزي ؟)
طبعا رحبت بالفكرة رغم اني اعرف ان وحدة الانتاج التلفزي هي ايضا تابعة اداريا لمدير اذاعة صفاقس… لكن قلت ربما تبديل السروج فيه راحة.. لكن طلبت من رئيس المؤسسة رجاء ان كان بامكانه تلبيته… قال لي تفضّل ..قلت له انّ مؤسسة الاذاعة والتلفزة هي اداريا تابعة للوزارة الاولى فهل بالامكان ان تكون التسمية من الوزارة الاولى وليست تسمية داخلية؟ قال لي طبعا ممكن هل لديك طلب اخر ..؟ قلت له هو رجاء وليس طلبا قال لي تفضّل… قلت له هل بامكانك ان تبقي امر نقلتي من مصلحة البرمجة بالاذاعة الى رئاسة مصلحة الانتاج بالتلفزة سرّا حتى تنزل التسمية من الوزارة الاولى .؟ ابتسم وقال اعدك بذلك ..
وجاء يوم 19 مارس 2003 لتنزل التسمية بمكتب مدير اذاعة صفاقس… وبُهت الذي كفر … مديري انذاك كان ينتظر عقابا لي من نوع اقالة من مسؤوليات ففاجأه القرار… لا وزيد مُمضى من الوزارة الاولى… يومها نقل لي بعض شهود العيان عند وصول الفاكس، انّه اقسم باغلظ الايمان انه سيخرجني من اذاعة صفاقس قبل وصولي لسنّ التقاعد… ونسي الاية الكريمة (وما تشاؤون الا ان يشاء الله ربّ العالمين )… سبق ان قلت لكم في بداية الورقة اني عشت حدثين هامين في حياتي… الاول مهني وها انا تحدثت عنه والثاني شخصي وهو على درجة قصوى من الاهمية… نعم والف نعم… وهو محتوى الورقة 106 ان شاء الله…
ـ يتبع ـ

جور نار
حين يصرخ الـ”تشات جي بي تي” قائلا: “عيش خويا نقعدوا بالقدر”!
نشرت
قبل 6 أيامفي
4 فبراير 2025من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش:
بعد أن أتحفتنا بلاد العمّ سام بالتشات جي بي تي خرجت علينا الصين بالديب سيك، لم تعد الحرب اليوم بالصواريخ والطائرات فقط… الحرب أصبحت حرب عقول وحرب ذكاء فهل استعد العالم لما قد سيحدث غدا، أم ستقودنا بلاد العام سام في حربها التكنولوجية مع الصين إلى حيث لا نعلم ولا نحلم حتى؟؟

للذكاء الاصطناعي تطبيقات هامة ومفيدة في التعليم، والصناعة، والصحة، والنقل، وكل القطاعات الفكرية والأدبية والثقافية والرياضية والعلمية وصولا إلى العسكرية… فالذكاء الاصطناعي قد يتحكّم مستقبلا في الحروب وفي تطوير الأسلحة…كما قد يتحكّم في مصير الحكومات والدول والرؤساء والشعوب… ألم يساهم الذكاء الاصطناعي في حرب إبادة عشرات الآلاف من إخوتنا في القطاع… والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم كيف سيتعامل العرب والمسلمون مع هذا التطور التكنولوجي… وهل أعدوا له ما يجب ومع أي طرف سيتعاملون مع الماما أم مع الصين… وهل سيستثمر العرب والمسلمون في الذكاء للخروج مما سقطوا فيه اليوم من غباء بعد مجد أسلافهم وما تركوه؟
ألم يكن منهم أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي الذي يعد من أشهر علماء العرب وأبرزهم في الفلك، ومن أوائل علماء الرياضيات، كما برع في علم الجغرافيا… ألم يكن منهم أيضا أبو يُوسُف يعقوب بن إسحاق الكندي، ويُعرف عند الغرب بـ “Alkindus” تميّز بكونه من أشهر العلماء العرب في الرياضيات، إلى جانب إلمامه بمختلف جوانب العلوم الأخرى… تميز في علم الفلك والفلسفة والبصريات والطب والكيمياء والموسيقى…ألم يكن منهم جابر بن حيان بن عبد الله الأزدي من علماء العرب المسلمين، برع في علوم الكيمياء والفلك والهندسة والمعادن والفلسفة والطب والصيدلة… ألم يكن منهم أبو علي الحسين ابن سينا، عالم شهير في مجال العلوم الطبيعية والرياضيات، ويُعد ابن سينا من أكثر الشخصيات المؤثرة في مجال الطب في العالم الإسلامي وأوروبا في القرون الوسطى، كانت كتبه وبحوثه تُدرّس في جامعات أوروبا حتى القرن السابع عشر… ألم يكن منهم أيضا أبو بكر محمد بن زكريا الرازي طبيب عربي مسلم وكيميائي وفيلسوف من أشهر علماء العرب وكان من أعظم وأهم الأطباء في عصر العلوم الذهبي الإسلامي، عاش حياته بين القراءة والتصنيف، وقيل إنه فقد بصره من كثرة القراءة، ومن إجراء التجارِب الكيميائية في المعمل… فهل أعددنا نحن العرب المسلمون العدّة لنتعامل مع الذكاء الاصطناعي تعاملا يفيد مستقبل اجيالنا القادمة ويخرجنا مما نحن فيه؟؟
في الغرب هناك، تسلل الذكاء الاصطناعي إلى كل شيء… تسلل إلى البيوت والمطابخ… واصبح يتحكّم في ذوقك وما تريد… يقترح عليك وصفات مخصصة، ويختار لك مكوناتها وكيف تستفيد منها صحيا… يختار لك وعوضا عنك بعض المأكولات، يساعدك في اختيار ملابسك، ينجدك في ايجاد الحلول للعديد من المشاكل والمآزق… هناك في الغرب أصبح الذكاء الاصطناعي يراقب كل ما يقع على الأرض ويتدخل في كل ما يفعله الانسان ويخطط له… هناك قد يتنبأ بنتيجة مباراة في كرة القدم بين برشلونة والريال… وقد يقترح على المدرب والاطار الفني بعض الخطط التكتيكية أيضا… هناك اصبح وسيصبح الذكاء في قادم السنوات المتحكّم والآمر الناهي لكل ما يفعله الانسان… فلا غرابة إن تسلل حتى إلى غرفة نومك ليعرف من تعاشر وليقترح عليها احمر شفاه وعطرا يفقدك عقلك ويسحرك (يذهب شيرتك بلهجتنا)… الذكاء الاصطناعي قد يعرف حتى مع من تنام وقد يوثق ذلك في ألبوم صور، وقد يقترح عليك وضعية ملائمة وطريقة مناسبة وموعد المعاشرة وتوقيتها أيضا إن كنت تبحث عن إنجاب صبي (يتربى في عزّك ان شاء الله) وقد يساعدك على اختيار اسمه ويساعدك على مراقبته ونموه وتعليمه ويراقب معك صحته ويقترح أكله ولباسه… هناك لست في حاجة إلى من يصاحب ويرافق ابنك إلى المدرسة فكل الشوارع مراقبة بالذكاء الاصطناعي… وأينما تأخذكم أرجلكم يعترضكم حراس الذكاء ويراقبونكم أعوانه ويعلمون عنكم وقد يسألونكم أين أنتم ذاهبون؟
نعم، هناك سيعلم الذكاء الاصطناعي عبر آلياته ووسائله وتقنياته المنتشرة في كل أرجاء المدن والقرى والأرض والسماء بكم وبما تفعلون وسيسجل كل تحركاتكم وما تأتون وما حتى تضمرون… ويكشفكم ونواياكم ويبلّغ عنكم إن علم أنكم تتآمرون… هناك أيضا يعيد الذكاء الاصطناعي كتابة تاريخ البعض كما يريدون، وكما كانوا يحلمون ويطمحون… هناك يكتب خطب الرؤساء والشيوخ والملوك… ويزيّف نتائج الانتخابات بالصندوق… وهناك أيضا يكتب مقالات تحليلية لكبريات الصحف وأقسام الاخبار التلفزيونية… هناك… نعم هناك، سيفقد الانسان مئات الآلاف من الوظائف وسيتحكّم الذكاء الاصطناعي في كل ما يدور على هذه الأرض… وسيجوع البعض… ويموت البعض… ويبقى من يختاره الذكاء… ويشقى من تميّز بالغباء….
أردت أن اختبر قدرة الذكاء الاصطناعي بنسختيه الصينية والأمريكية في مواجهة جهابذة الذكاء العربي، فطلبت من صديقين يجلسان على نفس طاولتي في المقهى اختبار ذكاء التشات جي بي تي والديب سيك… سأل أحدهما الـ”تشات جي بي تي” وقال له في إطار الصخب واللغط الذي تسببت فيه كلمة نكاح في عنوان أطروحة دكتوراه، والمقصود بذلك من صاحب الأطروحة (الزواج طبعا): “ما هو النكاح يا عمّ التشات؟؟” أجابه التشات جي بي تي ساخطا:” روح……….أمك يا طحـ…عيش خوي نقعدوا بالقدر”… صرخ صديقي بأعلى صوته فأدار رقاب كل من بالمقهى إلى حيث نجلس وقال:” بالحرام ما يطلع كان تونسي ولد الحرام هالتشات جي بي تي!”… ضحكنا ملء اشداقنا وطلبت من صديقي الثاني التوجه بسؤال إلى الديب سيك الصيني فقال له: “هل تعرف ما تعنيه كلمة “طحّان” وكان يقصد العامل بالمطحنة”… فأجابه ساخطا الديب سيك “ما طحّان كان انت…يا طحّان!”… وخرجنا من المقهى ونحن على يقين ان من أبدعوا الذكاء الاصطناعي هم من أبناء عمومتنا وإن أنكروا ذلك… قلت وأنا أجتاز باب المقهى: “اللي يغلبنا يجي يحاسبنا”… وأضاف صديقي: “حليل أم (سام ألتمان) مؤسس شركة “أوبن إيه آي”، وحليل أم (ليانغ ون فنغ)، مؤسس شركة DeepSeek”… وضحكنا… ضحكنا… حدّ البكاء…


هل يذهب جيسي جيمس، باحثا عن الذهب… إلى غزّة؟؟

بن يحيى ومولدية الجزائر يفوزان بكأس السوبر

هل يستفيد الصينيون من غلق وكالة المساعدات الأمريكية؟

الضفة الغربية… الاحتلال يطرد السكّان، ويحوّل منازلهم إلى ثكنات

تضامنا مع صديقه نتنياهو… ترامب يفرض عقوبات على الجنائية الدولية
استطلاع
صن نار
- جور نارقبل 18 ساعة
هل يذهب جيسي جيمس، باحثا عن الذهب… إلى غزّة؟؟
- رياضياقبل يوم واحد
بن يحيى ومولدية الجزائر يفوزان بكأس السوبر
- صن نارقبل يومين
هل يستفيد الصينيون من غلق وكالة المساعدات الأمريكية؟
- صن نارقبل يومين
الضفة الغربية… الاحتلال يطرد السكّان، ويحوّل منازلهم إلى ثكنات
- صن نارقبل يومين
تضامنا مع صديقه نتنياهو… ترامب يفرض عقوبات على الجنائية الدولية
- جور نارقبل 4 أيام
ورقات يتيم… الورقة 105
- ثقافياقبل 4 أيام
حي الزهور… مهرجان ربيع الطفل بداية من الغد
- صن نارقبل 4 أيام
حتى مستشاروه لم يكونوا على علم بها… خطة ترامب للاستيلاء الكامل على فلسطين