تابعنا على

فلسطينيّا

أهي هبّة أم انتفاضة أم تباشير ثورة ؟ (ج 2)

نشرت

في

والغريب أن الطبقة السياسية الفلسطينية التي فاجأتها الهبة ربما أكثر مما فاجأت الآخرين ، لم تلفتها التطورات النوعية غير المسبوقة التي أحدثتها .

<strong>د غانية ملحيس<strong>

وعوضا عن التقاط اللحظة التاريخية وتوظيف تداعياتها الإيجابية الداخلية والخارجية لإعادة بناء نظام سياسي فلسطيني مؤهل . يحفظ المنجزات المهمة التي حققتها الحركة الوطنية الفلسطينية خلال مسيرتها الكفاحية الممتده بتضحيات جسيمة . ليحل محل النظام القائم الهرم العاجز . فيحافظ على تواصل المراحل النضالية ، ويقود المرحلة النضالية الجديدة الواعدة بالتغيير .

سرعان ما عاد أقطابها إلى ذات الممارسات المدمرة للذات فور توقف المواجهة العسكرية دون شروط . وحتى قبل أن تجف دماء الضحايا وكثيرهم ما يزال تحت الانقاض . ولم يمنعهم تصاعد الهجمات الاسرائيلية التي ازدادت عنفا ووحشية ضد الشعب الفلسطيني داخل مناطق 1948 ، وضد المقدسيين في حي الشيخ جراح وسلوان ، وضد المصلين في المسجد الأقصى . التي انطلقت الصواريخ لمؤازرتهم وتحمل أهل قطاع غزة العبء الأكبر لنصرتهم .

فعادت قيادات الطبقة السياسية إلى سيرتها الأولى في تبادل الاتهامات وتوظيف تضحيات الشعب لحسم صراعاتها على المواقع والنفوذ . واحتدم النقاش مجددا حول جدوى المناهج الكفاحية السلمية والعسكرية . وتكرر استخدام انتفاضة الحجارة باعتبارها أنموذجا ناجحا للمقاومة السلمية كان يمكن أن يقود لدولة فلسطينية لو لم يتم إجهاضها باتفاق أوسلو . فيما انتفاضة الأقصى التي انتهجت الكفاح المسلح أدت إلى تقويض فرص قيامها . وهو أمر يستدعي البحث المعمق -الذي يتجاوز قدرة مقال – للتدقيق من مدى صحته .

ومع ذلك ، قد يكون من المفيد إجراء مراجعة سريعة لتجربتي الانتفاضتين اللتين يتم استخدامهما بكثافة في التجاذبات الداخلية عند انسداد الآفاق . وفي المراحل المفصلية -كالتي تتيحها الهبة – حيث تؤكد تداعياتها الداخلية والخارجية جدوى التكامل بين المناهج . ما يعطي الأمل بفتح باب التغيير لإنهاء النظام السياسي الفصائلي القديم العاجز ، الذي تأسس لتوحيد الشعب الفلسطيني وقيادته نحو تحرير وطنه فحقق منجزات مهمة يتوجب حمايتها . لكنه تمأسس وتكرس طوال نصف قرن على التمايزات والاختلافات العقائدية والفصائلية والحزبية بامتداداته الخارجية . ما قوض قدرته على إنجاز المهمة التي كلفه الشعب الفلسطيني بها .

وأبرزت الهبة في ميادين المواجهة ، توفر الفرصة لانبثاق نظام سياسي وطني جديد عابر للفصائل والتنظيمات والأحزاب . قادر على حشد كافة القوى والمكونات الفلسطينية ، ومؤهل لقيادة النضال الوطني التحرري الفلسطيني وتوفير موجبات هزيمة المستعمر .

فتجربة انتفاضة الحجارة في أواخر ثمانينيات القرن الماضي ، بسلاحها البدائي واستمرارها لهيبها لسنوات ، وانخراط كافة أبناء الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة عام 1967 ، والوحشية الاسرائيلية اللافتة في مواجهتها وعجز سياسة تكسير العظام عن إخضاع الشعب الفلسطيني . جذبت انتباه وتضامن العالم أجمع . وفتحت أعين يهود إسرائيل ، بعد أن ساد لديهم اعتقاد بأن اقتلاع الثورة الفلسطينية من آخر معاقلها في لبنان عام 1982 ونفي منظمة التحرير الفلسطينية إلى الأقاصي البعيدة ، كفيل بتحقيق الأمن والاستقرار لإسرائيل . فذكرتهم الانتفاضة الشعبية بأن قضية الشعب الفلسطيني لا ترتبط بتنظيمات أو نخب أو أشخاص . وإنما بشعب متجذر في وطنه لن يستكين حتى بلوغ حقوقه الإنسانية الأساسية في الحرية والعودة وتقرير المصير .

فبدأ القلقون من استمرار الصراع على مستقبل أبنائهم ، بالبحث عن مخارج سياسية تنزع فتيل تطور الانتفاضة الشعبية إلى ثورة تحررية . وتقاطع استعدادهم غير المسبوق للبحث في البدائل الممكنة ، مع الجاهزية الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية للبحث عن مخارج لأزماتهم الذاتية . والتقطت الولايات المتحدة الامريكية الفرصة التاريخية التي أتاحها استفرادها بالقيادة الدولية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وانهيار المعسكر الاشتراكي . فعقدت مؤتمر مدريد عام 1991 ، الذي اعترف للمرة الأولى بالشعب الفلسطيني كطرف في الصراع – وإن بصيغة ملتبسة ومواربة تحت غطاء وفد أردني – فلسطيني مشترك . استقل لاحقا بمسار تفاوضي منفصل في مفاوضات واشنطن. ولم يتمكن من تحقيق إنجاز بسبب شروط فلسطينية للتسوية الممكن قبولها ، تتجاوز ما يتيحه واقع موازين القوى المختل بشدة لصالح إسرائيل وحلفائها . فتم فتح مسار مواز في أوسلو لمفاوضات مباشرة بين طرفي الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي ، تأخذ بعين الاعتبار واقع اختلال موازين القوى . تمخض عن اتفاق إعلان مبادئ حول حكم ذاتي انتقالي للسكان لخمس سنوات ، تركت نهاياته مفتوحة لاستيعاب ما تسفر عنه تطورات الصراع على الأرض خلال المرحلة الانتقالية .

ولم يكن بالإمكان إبرام الاتفاق لولا انتفاضة الحجارة . وكان يمكن أن تكون شروطه أقل إجحافا ، لو كان النظام السياسي الفلسطيني أكثر نضجا وصلابة وكفاءة .

وعلى الرغم من سوء الاتفاق وإجحاف شروطه، إلا أنه أتاح لأول مرة منذ النكبة ،فرصة مقيدة للشعب الفلسطيني لمواصلة مسيرته التحررية من داخل وطنه …..

وبدون الدخول في الأسباب التي أدت إلى إخفاق تجربة الحكم الذاتي الفلسطيني في التطور والتأسيس لإقامة دولة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، والتي تحتاج الى مراجعة نقدية شاملة ودقيقة منفصلة لتحديد أسباب الإخفاق الذاتية والموضوعية .

فإن المؤشرات تدلل على مسؤولية رئيسة يتحملها النظام السياسي الفلسطيني . تعود أساسا لافتقاره إلى رؤية واضحة عند انخراطه بعملية التسوية . وإلى جهل معرفي بالعدو من جهة ، وبقواعد ومستلزمات إدارة شؤون شعب تحت استعمار استيطاني اقتلاعي – إحلالي يسعى للتحرر خلال مرحلة انتقالية مفتوحة النهايات من جهة أخرى . وفاقم الأمر سوءا غياب مشروع نضالي وطني محدد الأهداف والأولويات ، يحافظ على منظمة التحرير الفلسطينية كإطار تمثيلي جامع للكل الفلسطيني ومرجعية عليا توجه سياسات وسلوكيات السلطة الوليدة . وتمكنها من خلق الوقائع الضرورية لتطوير الحكم الذاتي وتوفير موجبات إقامة الدولة الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. واسهم انقلاب النظام السياسي الفلسطيني على ذاته ، واستحواذ السلطة على المنظمة ، ومكن إسرائيل وحلفاءها الدوليين من استدراج السلطة للسير في حقل الألغام المعد بدقة ، لإفشالها في الجمع بين مهمة إدارة حياة السكان ، وبين مهمة التأسيس للدولة . لإجبار النظام السياسي الفلسطيني الذي تم تقويض مرتكزاته ، على مقايضة الاحتياجات المعيشية لسكان الأراضي المحتلة بالحقوق الوطنية لعموم الشعب الفلسطيني .

وتكشفت النوايا الاسرائيلية والامريكية في مفاوضات كامب ديفيد للحل النهائي عام 2000 ، لتأبيد الحكم الذاتي الفلسطيني وتوسيع حدوده ، دون معارضة لتسميته بدولة . شريطة الموافقة على إنهاء الصراع وإنهاء أية مطالبات فلسطينية مستقبلية ما أدى الى فشل المفاوضات وتفجر الصراع…

(يتبع)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*باحثه بمركز الدراسات الفلسطينية

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

صن نار

اشتباكات في نابلس… والاحتلال يشن حملة مداهمات واعتقالات في الضفة

نشرت

في

محافظات- معا

شنت قوات الاحتلال صباح وفجر الإثنين، حملة اقتحامات وتفتيشات واعتقالات في مناطق مختلفة بالضفة والقدس، فيما اندلعت اشتباكات في مخيم بلاطة شرقي نابلس وتم استهداف آليات الاحتلال بعبوات “أقصى1”.

ففي نابلس، اقتحمت قوات الاحتلال مخيم بلاطة وشرعت بتدمير ممتلكات المواطنين.

كما اندلعت اشتباكات مسلحة بين جيش الاحتلال وكتائب شهداء الأقصى”.

وصرحت “كتائب شهداء الأقصى- في بيان لها “شباب الثأر والتحرير،” بأن مقاتليها يتصدون لاقتحام قوات الاحتلال لمخيم بلاطة، ويخوضون اشتباكات عنيفة، ويستهدفونها بعدد من عبوات “الزوفي” شديدة الانفجار.

بدوره، اكد الهلال الاحمر بتعامل طواقمه مع إصابتين خطيرتين جراء قصف الاحتلال مبنى في مخيم بلاطة.

وافادت مصادر محلية ان جيش الاحتلال اقتحم بلدة جَبَع جنوب مدينة جنين واعتقل شابا، وأضافت المصادر أن عددا من آليات الاحتلال اقتحمت البلدة من مستوطنة “حومش”، وانتشرت في شوارع البلدة، وسط مواجهات، كما أقامت حاجزا اعتقلت الشاب من خلاله.

وفي بيت لحم، اقتحمت قوات الاحتلال مخيم الدهيشة، وفتشت معظم منازله وعبثت بمحتوياتها، واحتجزت أكثر من 30 مواطنا لساعات، دون أن يبلغ عن أية اعتقالات.

كما اقتحمت قوات الاحتلال بلدة الرام شمالي مدينة القدس وأطلقت قنابل الغاز تجاه المحال التجارية والعربات.

وفي رام الله، اقتحمت قوات الاحتلال بلدتي سِنجل وسلواد شمال وشرق مدينة رام الله، وشهدت المنطقة أيضا شن قوات الاحتلال حملة مداهمات لمنازل المواطنين في قرية المغير.

أكمل القراءة

صن نار

الرعب يتملك قلب الاحتلال… انفجار سيارة مفخخة في تل أبيب وقنابل على بيت نتنياهو

نشرت

في

القدس ـ مصادر

قتل شخص وأصيب آخر، الاثنين، في انفجار سيارة بمدينة بيتح تكفا القريبة من تل أبيب وسط إسرائيل.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، إن “شابا يبلغ من العمر 30 عاما قتل وأصيب آخر عمره 20 عاما من سكان ريشون لتسيون (وسط) بجراح متوسطة في انفجار سيارة بمدينة بيتح تكفا”.

من جانبها، أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي، بأنه يجري التحقيق في ملابسات الحادث.

وذكرت القناة 13 الإسرائيلية أن السيارة كانت “مفخخة”.

وكان مجهولون، الأحد، أطلقوا قنبلتين ضوئيتين على منزل رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو في تل أبيب، “دون أن يتسبب ذلك في أضرار” حسب جهاز الأمن العام (شاباك) والشرطة الإسرائيلية المعروفتين بالتكتم على خسائر الكيان إلى جانب بقية الأجهزة الرسمية.

أكمل القراءة

صن نار

جيش الاحتلال يسمح للعصابات في قطاع غزة بنهب شاحنات المساعدات

نشرت

في

بيت لحم ـ معا

كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية كيف يحرض جيش الاحتلال ويتيح لمسلحين فلسطينيين في قطاع غزة، نهب وجباية مبالغ إتاوة من شاحنات المساعدات التي تدخل إلى القطاع.

وبحسب الصحيفة فإن جيش الاحتلال لا يسمح لأفراد الشرطة المحلية التدخل لمنع الزعران الذين يحميهم الجنود ويتم استهداف أفراد شرطة.

وبحسب التقرير، فإن بعض منظمات الإغاثة ترفض دفع الإتاوة، و”في كثير من الحالات تظل المعدات في المستودعات التي يسيطر عليها الجيش”.

وتؤكّد المنظمات الإنسانية، أن قوات من الشرطة المحلية، “حاولت في عدة حالات التحرك ضد اللصوص، لكنهم تعرضوا لهجوم من قبل الجيش الإسرائيلي، الذي يعتبرهم جزءًا من حماس”.

وأكد التقرير أن مشكلة العصابات المسلّحة، قد تفاقمت منذ سيطرة الجيش الإسرائيلي على معبر رفح، الذي كان حتى ذلك الحين بمثابة المحور الرئيسي لدخول البضائع إلى القطاع. ومنذ توقف المعبر على الحدود بين غزة ومصر، تدخل معظم البضائع إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، وهي المنطقة المتاخمة التي سيطر عليها المسلّحون.

ووفق التقرير؛ فإن “حالات السرقة تضاعفت في الأسابيع الأخيرة، إلى حد أن قطاع الطريق تم تحديده على الخرائط الصادرة عن الأمم المتحدة على أنه ’منطقة شديدة الخطورة’، بسبب انهيار النظام المدني بشكل رئيسي”.

ولفت التقرير إلى أن “الشاحنات تدخل القطاع عبر معبر كرم أبو سالم، وتمرّ عبر منطقة سيطرة الجيش الإسرائيلي عند محور فيلادلفيا، ثم تتجه شمالا نحو رفح، حيث يهاجمها المسلحون”.

ونقل التقرير عن مسؤولين، قال إنهم مطلعون على عملية نقل المساعدات، أن “المسلحين يوقفون الشاحنات باستخدام حواجز مؤقتة، أو إطلاق النار على إطارات الشاحنة، ثم يطلبون من السائقين دفع ’رسوم مرور’ بقيمة 15 ألف شيكل”.

وأضاف أن “السائق الذي يرفض الطلب يكون في خطر باختطاف الشاحنة، أو الاستيلاء عليها، وسرقة محتوياتها”.

ونقلت “هآرتس” عن مصادر عاملة في قطاع غزة، أن “الهجمات المسلحة تتم تحت أعين قوات الجيش الإسرائيلي، وعلى مسافة مئات الأمتار منها”.

وأفاد التقرير بأن بعض منظمات الإغاثة التي تعرّضت شاحناتها للهجوم، اتصلت بالجيش الإسرائيلي بشأن هذه القضية، لكن جيش الاحتلال رفض التدخّل؛ كما تؤكد المنظمات أن الجيش يمنعهم أيضًا من السفر على طرق أخرى، تُعدّ أكثر أمنا.

وبحسب قوله فإن “المسلحين يضربون السائقين، ويأخذون كل الطعام إذا لم يُدفع لهم”. ولتجنّب ذلك، توافق بعض منظمات الإغاثة على دفع رسوم الابتزاز.

ولفت التقرير إلى أنه “عادة ما يتم الدفع من خلال شركة فلسطينية، تعمل كوسيط”.

وبحسب المصادر التي نقل عنها التقرير، فإن مسؤولين في وحدة تنسيق عمليات الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة، والمسؤولة عن المساعدات الإنسانية، “هم الذين نصحوهم بالعمل من خلال تلك الشركة”.

أكمل القراءة

صن نار