تابعنا على

جلـ ... منار

عام على تفجير مرفإ بيروت

نشرت

في

عندما هاتفت الزّميل والصّديق كمال خلف، مُقدّم البرامج في قناة “الميادين” لأسأله عن الأوضاع في لبنان هذه الأيّام، التي تسَجل مرور عام على تفجير مرفأ بيروت الذي دَمر نصف العاصمة، وأدّى إلى استِشهاد 200 إنسان وإصابة ستّة آلاف آخرين إصابات بعضهم كانت خطيرة، أجابني بالحرف الواحد: الحياة لا تُطاق، لا كهرباء، ولا ماء، ولا تكييف، ولا مراوح، ولا أدوية ولا بنزين للسيّارات، ولا مازوت لتشغيل أفران المخابز، وتأتي حرارة الصّيف المرتفعة وتقترب من الأربعين مائويّة، لتُحوّل منازلنا وشُققنا إلى أفران، لا نعرف النّوم ولا الصّحيان، إنّه الجحيم في أسوأ معانيه.

<strong>عبد الباري عطوان<strong>

نسوق هذه المقدِّمة، التي توَثِّق مُعاناة شاهد عيان وأُسرته نيابةً عن مُعظم اللّبنانيين، لإجراء قراءة في التّصريحات الخطيرة التي أدلى بها السيّد حسن نصر الله أمين عام حزب الله صباح اليوم أثناء لقائه مع خُطباء المنبر الحسيني، ليس لأنّها جاءت مُباشِرةً وعفويّة، وصادرة من القلب دُونَ أيّة رتوش أو إعداد مُسبَق وإنّما لأنّها تَعكِس بشَكلٍ دقيق تَحَدِّيًا غير مسبوق، واستِعدادًا لكُل ما يُمكِن أن يترتّب عليها، وما بعدها، من رُدودِ أفعالٍ داخليّة أو خارجيّة.

يُمكِن اختِصار هذه “الهبّة” المُتحدّية التي تنتصر لكُلّ اللّبنانيين دُون استِثناء، وتُريد إخراجهم من مُعاناتهم في عدّة نُقاط، نقرَأ ما بين سُطورها:

الأولى: تأكيد السيّد نصر الله أنّ دِماء أنصاره لن تذهب هدَرًا، وعلى الذين يسعون للنِّزال أن يعوا هذه الحقيقة جيّدًا، وقد أعذَر من أنذَر.

الثّانية: هُناك جهات تسعى لجلب السّلاح إلى لبنان (لم يُسَمِّها) لإشعال فتيل الحرب ضدّ “حزب الله” وجَرِّهِ إلى حربٍ أهليّة، ولا يُمكِن أن يَكشِف هذا السِّر دُونَ وجود معلومات دقيقة، ومن المُؤكَّد أنّ هذا السِّلاح ليس لإطلاق رصاصه في الأفراح.

الثّالثة: إرهاصات هذا المُخَطَّط، حسب قوله، بدأت باحتِجاز السيّد سعد الحريري في الرياض وإجباره على تقديم استِقالته تلفزيونيًّا لخلق أزمة سياسيّة، وتفجير الاحتِقان الدّاخلي حربًا أهليّة مُدَمِّرة.

الرّابعة: وجود وفد من حزب الله في طِهران الآن لاستِكمال موضوع البنزين والمازوت الذي سيَصِل قريبًا جدًّا إلى لبنان سواءً بَرًّا أو بَحرًا، ويُمكِن أن يكون وصوله عُنصُر تفجير.

الخامسة: قوله في لهجةٍ غاضبة، سنَجلِب الدّواء من إيران و”ليُبلطوا البحر” استِيراد الأدوية الإيرانيّة بدأ بالفِعل و”اللّي بيقول عنّه سم فما ياخُد مِنّو”، فهذا انتِقالٌ من التّهديد والوعود إلى التّنفيذ العمَلي ووضع كُلّ الاعتِبارات الداخليّة جانبًا.

أقوال السيّد نصر الله القويّة هذه تُؤكِّد أنّ كيْله طفَح، وقرَّر التّخلّي عن جميع حِساباته وتحفّظاته السّابقة المُتعَلِّقة بالتّوازنات اللبنانيّة الداخليّة، لأنّ سكّين المُعاناة وصلت إلى عظم رقبة المُواطن اللبناني، ووصل الصّبر الاستراتيجي إلى نهايته، ولم تَعُد سياسة الحكمة والتَّعَقُّل تُفيد، وإذا كانت أمريكا وإسرائيل وعُملاؤهما في الدّاخل يُريدون الحرب، فأهْلًا وسَهلًا، وعليهم تَحَمُّل النّتائج كامِلَةً، أو هكذا فَهِمناها.

الشّعب اللبناني بات في عُمُق دائرة المَوت جُوعًا، والهدف النّهائي هو رأس “حزب الله” وصواريخه التي باتت تُشَكِّل تهديدًا وجوديًّا لدولة الاحتِلال الإسرائيلي، ولم يَبْقَ أمام السيّد نصر الله من خِياراتٍ غير اللُّجوء إلى الحليف الإيراني لجلب الدّواء والمحروقات فإذا كان البعض من حُلفاء إسرائيل وأمريكا يعتبرون هذا الدّواء “سُمًّا”، وهذه المحروقات الإيرانيّة “نجسة” و”غيرها حلال” فلِماذا لم يأتوا بالحَلال مِنها من أمريكا وفرنسا والسعوديّة ودول الخليج الأُخرى؟

ما لا يَعرِفه المُتآمرون على لبنان والمِنطقة بأسْرِها أنّ الزّمن تغيّر، وأنّ إيران بات يَحكُمها الآن رئيسٌ “ثوريّ” مُنتَخب، اسمه إبراهيم رئيسي، يَقِف خلفه المُرشد الأعلى وكُل مُؤسّسات الدّولة الثّلاث التشريعيّة، والتنفيذيّة، والقضائيّة، بدأ يَفرِض مُعادلةً جديدةً على دولة الاحتِلال الإسرائيلي تقول “تضربوننا في سورية سنَضرِب سُفنكم في بحر العرب والمُحيط الهندي، أمّا مقولة الرَّد في الزّمان والمَكان المُناسبين سقطت إلى غير رجعة”.

الصّواريخ الثّلاثة التي انطلقت من جنوب لبنان اليوم وضربت مُستوطنة كريّات شمونة في الجليل المُحتَل، قد تكون أوّل الغيث، ورسالة تحذير التي تُنبِئ بالعاصفة القادمة، فحزب الله ينتقل الآن من استراتيجيّة الرّدع الدّفاعيّة إلى استراتيجيّة الهُجوم، ومعه كُل أذرع محور المُقاومة.

افعلها يا سيّد نصر الله، وتَذَكَّر دائمًا أنّ رأسَك، ومُقاومتك، ورِجالك، هو المطلوب، ولن يرضوا عنك مهما أبديت من مُرونةٍ، وضبْط للنّفس، وكَظْم للغيظ، القِيادات التاريخيّة لا تَسْتَسلِم لأقدارها، بل تُواجهها وتُغَيِّرها بشجاعةٍ، ولا يَفِلُّ الحديد إلا الحديد، وأنت أهلٌ لها.. وستَجِد كُلّ الشّرفاء معك وما أكثرهم.. والأيّام بيننا.

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جلـ ... منار

ترامب الثاني: انتظار الفاشية خلف انتصار الـ”ماغا”!

نشرت

في

صبحي حديدي:

بعد الهزيمة المدوية التي مُني بها الحزب الديمقراطي الأمريكي، في شخص مرشحته للرئاسة كامالا هاريس ومقاعد مجلس الشيوخ في وست فرجينيا ومونتانا وأوهايو؛ لم تكن مفاجأة أن النقد الأوضح لخطّ الحزب واستراتيجيته أتى من أحد كبار “المشبوهين المعتادين” القلائل جداً في نهاية المطاف: السناتور برني ساندرز.

صبحي حديدي

ساندرز” يعتبر نفسه مستقلاً، ولكنه ينضوي ضمن تجمّع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ ولا ينأى عنهم إلا في مناسبات قليلة؛ لأنه، في واقع الأمر، محسوب عليهم في أعمّ المناسبات.

ما يقوله ساندرز اليوم ليس جديداً من حيث المبدأ، أو هو لا يتصل أساساً باندحار هاريس والحزب الديمقراطي، لأنّ إهمال أولويات الطبقة العاملة، كما يساجل ساندرز اليوم، ليس خياراً طرأ على الديمقراطيين خلال الأشهر القليلة التي أعقبت عزوف جو بايدن عن الترشيح وصعود نجم هاريس؛ بل هو قديم ومتقادم وجزء لا يتجزأ من الشطر الرأسمالي في فلسفة الحزب الديمقراطي، على غرار الحزب الجمهوري وإنْ بفارق هنا أو هناك. كذلك يحيل ساندرز بعض أسباب الهزيمة الأخيرة، بل يوحي ضمناً بأنها الأبرز: “بينما دافعت قيادة الحزب الديمقراطي عن الأمر الواقع، كان الشعب الأمريكي غاضباً وأراد التغيير. وكان على حقّ”.

ليس تماماً، أو على الأقلّ ليس بمعدّل 71.7 مقابل 66.8 مليون ناخب، والفوز في التصويت الشعبي للمرّة الأولى بالنسبة إلى مرشح جمهوري منذ سنة 2004؛ و295 مقابل 226، في المجمّع الانتخابي؛ وليس في 27 مقابل 18، على صعيد الولايات؛ وليس وقد اتضح أنّ أداء هاريس كان أضعف من أداء بايدن 2020 في كلّ الولايات… التأزم، استطراداً، أبعد من مجرّد “غضب” شريحة من الشعب الأمريكي؛ والهزيمة هذه ليست أقلّ من فصل جديد في مسلسل طويل من انتقالات عاصفة وتحوّلات كبرى يعيشها المجتمع الأمريكي، فلا تقتصر على الحزبين الديمقراطي والجمهوري وحدهما، بل تمسّ سائر فئات الشعب وطبقاته، على أصعدة شتى اجتماعية ــ اقتصادية، ثمّ سياسية ومعنوية وأخلاقية وثقافية، وسواها.

في الوسع الابتداء من حقيقة أولى بسيطة، ماثلة للعيان وأوضحتها أنساق التصويت الاجتماعية والجغرافية والعُمْرية، مفادها أنّ الولايات المتحدة بعد 248 سنة على إعلان استقلالها ليست، بعدُ، مستعدة لانتخاب امرأة إلى منصب الرئاسة؛ وهيهات، تالياً، أن تكون جاهزة لانتخاب امرأة من أصول مهاجرة، آسيوية وسوداء البشرة في آن معاً. وفي باطن هذا المعطى الأول لوحظ أنّ تصويت المجموعات الهسبانية ذهب إلى ترامب بمعدّل 45 بالمائة، رغم التصريحات العنصرية البغيضة التي شهدتها بعض تجمعات ترامب الانتخابية، على مسمع ومرأى منه (كما في تعليق توني هنشكليف ضدّ بورتو ريكو بوصفها “جزيرة القمامة” مثلاً)؛ وهذا فضلاً عن أغلبية عالية لصالح ترامب في أوساط الرجال، لاعتبارات ذكورية لا تخفى.

وجهة أخرى في استدلال مغزى مركزي خلف الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة هي تلك التي تبدأ من تصريح ترامب، خلال خطبة انتصاره، بأنّ الـMAGA (مختصر للحروف الأولى من شعار ترامب الانتخابي باللغة الإنكليزية: جَعْلُ أمريكا عظيمة مجدداً) هي ‘أعظم حركة سياسية في التاريخ’؛ ليس لأنها كذلك بالفعل، فهي أبعد ما تكون عن أيّ طراز من العظمة حفظه التاريخ، بل لأنّ مكوّنات الاستيهام فيها حرّكت عشرات الملايين خلف ترامب: أشدّ تأثيراً من الاقتصاد ومسائل التضخم والقدرة الشرائية، وأدهى استقطاباً من رهاب اللاجئين والمهاجرين والأجانب، وأعمق دغدغة للكوامن الفاشية التي تصاعدت وتتصاعد في نفوس أمريكيين كُثُر ابتداء من العقدين المنصرمين.

كيف يُلجَم رجل كهذا وهو يسيطر على البيت الأبيض، ومجلس الشيوخ، ومجلس النوّاب، والمحكمة العليا، فضلاً عن كونه القائد الأعلى الفعلي للقوات المسلحة؟

وفي قلب الـ”ماغا” كان يتنامى هوس “القومية الأمريكية” الذي لم يعد غريباً أو ناشزاً أو نادر الاستخدام كما كانت الحال قبل صعود ترامب، ومنذ شيوع هستيريا تعظيم أمريكا سنة 2015، حين تضاعفت أكثر فأكثر النزعات العنصرية والمناطقية، وفلسفات “التفوّق” العرقي الأبيض. كذلك، في جزء متمم، لم تعد الولايات المتحدة حصينة تماماً إزاء مؤثرات العالم خارج المحيط، ولم يعد تكوينها المجتمعي ــ الذي ساد الاعتقاد بأنه متعدد المنابت، تعددي الأعراق ــ بمنأى عن يقظة القوميات هنا وهناك، في العالم بأسره ثمّ في أوروبا حيث المنبع الثقافي الذي يغذّي قسطاً غير ضئيل من “القِيَم” الأمريكية.

وكي لا يُظلم ترامب أو تُنسب إليه وحده شرور الـ”ماغا” فإنّ غالبية الإدارات الأمريكية السابقة، منذ عهد وودرو ولسون وليس رونالد ريغان أو جورج بوش الأب والابن؛ لم تفعل سوى محاولة تطوير المشروع الإمبريالي الأمريكي، السياسي والاقتصادي والثقافي، تحت هذه المظلة بالذات: سطوة أمريكا العظمى! ولم نعدم كاتباً أمريكياً ظريفاً جنح ذات يوم إلى الشكوى من “واجب مقدّس” أُلقي على عاتق أمريكا تجاه العالم، اتخذ سلسلة تسميات مثل “الإمبراطورية بالصدفة العمياء” و”الإمبريالية بالتطوّع” و”العبء الجديد للرجل الأبيض”. وفي كتاب بعنوان “السلام الأمريكي” صدر للمرّة الأولى سنة 1967 ولم تمنع حرب فيتنام من جعله مرجعاً أثيراً لدى شرائح واسعة من القرّاء في أمريكا، كتب رونالد ستيل: “على النقيض من روما، إمبراطوريتنا لم تلجأ إلى استغلال أطرافها وشعوبها. على العكس تماماً… نحن الذين استغلتنا الشعوب واستنزفت مواردنا وطاقاتنا وخبراتنا”!

والرجل، ترامب، الذي أعلن على الملأ أنّ إعادة انتخابه سوف تخوّله أن يكون دكتاتوراً؛ وأنه سيثأر من خصومه، وعلى رأسهم أولئك الذين كانوا مستشارين في إدارته أو وزراء أو رؤساء أركان أو محامين، بمن فيهم نائبه نفسه؛ وأنّ عودته إلى البيت الأبيض سوف تريح الأمريكيين من واجب الذهاب إلى صناديق الاقتراع الرئاسية، مرّة أخرى أو إلى الأبد… لماذا سوف يعفّ، هذا الرجل بالذات، عن الذهاب إلى أقصى مدى في الفاشية والتسلط وترويض ما يتبقى من قواعد/ نواهٍ ديمقراطية في نظام الولايات المتحدة؟ للبعض أن يتشبث بمقولة رسوخ هذا النظام، وأنه أقوى من أيّة سلطات يمنحها الدستور للرئيس الأمريكي؛ ولكن… كيف يُلجَم رجل كهذا وهو يسيطر على البيت الأبيض، ومجلس الشيوخ، ومجلس النوّاب، والمحكمة العليا، فضلاً عن كونه القائد الأعلى الفعلي للقوات المسلحة؟

من المنتظَر، بالطبع، أن يغرق كبار “نطاسيي” الحزب الديمقراطي، المختلفين عن ساندرز من حيث المنهج والغاية والوسيلة، في ترحيل أسباب الهزيمة إلى عوامل مثل تأخّر بايدن في قرار عدم الترشيح، أو اختيار تيم والتز شريكاً على البطاقة مع هاريس، أو الأدوار التي لعبتها وسائل الإعلام اليمينية واليمينية المتطرفة، أو تدخّل الاستخبارات الروسية لصالح ترامب من زاوية عدم حماس الأخير للحرب في أوكرانيا، أو حتى الآثار (أياً كانت) لعجز هاريس والديمقراطيين عن كسب الصوت العربي في ولاية متأرجحة مثل ميشيغان؛ وسوى ذلك، ممّا هو كثير متعدد ومتشابك، محقّ أو باطل أو في منزلة بينهما. الراسخ، مع ذلك، أنّ فوز ترامب ليس اختراقاً تاريخياً لشخصه وشخصيته وما بات يمثّل في وجدان ملايين الأمريكيين، فحسب؛ بل هو انتصار ساحق للـ”ماغا” في مدلولاتها الأعمق، والأبعد أثراً وديمومة، من المحتوى الركيك الذي يعلن جعل أمريكا عظيمة مجدداً.

وما يصحّ أن يُنتظر من ترامب الثاني ليس المزيد من التطرّف في السياسة الخارجية، وملفات حرب الإبادة الإسرائيلية ضدّ قطاع غزّة، وتعزيز التطبيع مع السعودية خصوصاً، وتقليص الحضور الأمريكي في الأطلسي، فقط؛ بل ما هو آت على صعيد الداخل الأمريكي، أيضاً، لجهة انحسار يمين الجزب الجمهوري، مقابل صعود اليمين المتشدد: العنصري أكثر، والانعزالي أشدّ، والشعبوي أنكى، و… الفاشيّ الأعتى.

ـ عن “القدس العربي” ـ

أكمل القراءة

جلـ ... منار

موجات

نشرت

في

وفاء سلطان:

مضى على وجودي في أمريكا 36 سنة.

لم أدخل يوما مطعما إلا وتركت للنادلة بخشيشا يفرح قلبها وفوق تصورها.

وفاء سلطان

معظم الذين يخدمون بالمطاعم في أمريكا هم طلاب جامعات ليسدوا مصروفهم، فلقد اشتغل أولادي في المطاعم أثناء جامعاتهم وأعرف كم كان البخشيش هاما بالنسبة لهم.

إلا البارحة قررت أن لا أترك لها سنتا، لكن زوجي رفض القرار وقال كعادته: حرام!

(نعم هو ألطف مني في هكذا مواقف)

أوقح نادلة رأيتها في حياتي، تخبط الصحون على الطاولة وكأنها خرجت لتوها من معركة مع زوجة أبيها.

ضبطت أعصابي بشق الأنفس

لقد اعتدنا ان نفتح حديثا مع من يخدمنا في المطاعم حتى نعرف حياته من ألفها إلى يائها،

ولكن هذه النادلة لم تترك لنا مجالا لنقول: شكرا!

نحن نذهب إلى المطعم ليس من أجل الأكل فقط، بل لتغير الجو وتحسين النفسية، وعندما تقارب الفاتورة المائة دولار وتلقى هكذا معاملة تصاب بالإحباط

حسب رأيي خدمة الزبائن في أمريكا أفضل من أي بلد في العالم زرته، ولنفس السبب لم أحب دول أوروبا!

القاعدة العامة في أمريكا تقول: يجب أن تتعامل مع الزبون كما لو كان دوما على حق!

لو كانت ابنتي محلي لقالت: ماما ارجوكِ سامحيها، لا أحد يعرف كيف كان يومها

هذا صحيح، ولكن على من يشتغل في المرافق العامة وخصوصا المطاعم أن يكون لطيفا تحت أي ظرف!

الحياة لا تعاش إلا ببعض التنازلات، وعندما يتعلق الأمر بعملك يجب ان تتمتع ببعض القدرة على إخفاء آلامك الشخصية ولا تنقل طاقتك السلبية لغيرك!

طاقة كل إنسان تشدّ أو تحجب عنه رزقه، وذلك حسب طبيعتها

كنا ندفع على الأقل 20٪؜ من قيمة الفاتورة، لكن بعد تراشق بالنيران وشد شعر ترك لها زوجي مبلغا، وأنا أتمتم: يا خسارة

فالسلوك الذي يُكافأ يتكرر!

أكمل القراءة

جلـ ... منار

أناقة ما بعد السبعين

نشرت

في

وفاء سلطان:

في الثمانينات من عمرها.

أحنى الزمن ظهرها قليلا، لكن روحها مازالت تعانق السماء.

وفاء سلطان

التقينا في المكان المخصص لعربات التسويق على باب أحد المحلات.

وبينما هي تسحب عربتها التقت عيوننا فصبّحت علي.

رددت التحية، وتابعت: تبدين جميلة جدا، إذ من النادر أن ألتقي بامرأة بهذه الأناقة والترتيب!

فعلا الحياة الأمريكية العملية أنستنا الكثير من أصول الأناقة والتزين.

إلى حد ما، تعجبني هذه العفوية في أمريكا،

فلقد خففت عنا نحن النساء مهمة التبرج كل صباح، وزادت ثقتنا بأنفسنا.

لكن من ناحية أخرى، من الجميل أن نحافظ على أناقتنا ومظهرنا طالما لا نبالغ

نعم لا نبالغ، فلقد أصبحت الكثيرات من النساء اليوم نسخا متكررة من لعبة باربي:

قشرة من الخارج وفراغ من الداخل

المهم، أشرقت ابتسامتها حتى أضاءت وجهها المهندس بطريقة فنية غير مبتذلة، وقالت بعد أن وضعت يدها على كتفي:

حبيبتي كل سلوك تتقنينه عادة، فمتى تعلمتِ عادة تصبح طريقة حياة

ثم تابعت:

منذ سنوات مراهقتي لا أخرج من البيت حتى أتأكد من أنني أسر الناظر إليّ، فمظهرنا الخارجي يعطي الانطباع الأول

أكدت لها أنها فلسفتي كذلك، وتمنيت لها يوما جميلا

أكمل القراءة

صن نار