تابعنا على

جلـ ... منار

للمدن إحساس و رغبة في الدموع

نشرت

في

نيويورك تختلف عن لوس أنجلس!

في الساحل الشرقي لأمريكا ترى العراقة والتاريخ…

أما في ساحلها الغربي حيث أعيش فالتكنولوجيا بحداثتها تصبغ كل شيء…

وفاء سلطان
<strong>وفاء سلطان<strong>

قالوا لي نيويورك بُنيت قبل عصر الزحمة والسيارات، ولذلك على التكنولوجيا أن تتكيف مع الواقع…

أما في كاليفورنيا فالتكنولوجيا قولبت الواقع لصالحها…

في نيويورك شبكة المواصلات العامة تسهل كل شيء، بينما في كاليفورنيا فالسيارات أكثر من البشر!

في نيويورك البشر يتزاحمون…بينما في كالفورنيا السيارات هي التي تتزاحم…

……

ألقيت مظلتي على كتفي، كي اسمح لبعض قطرات من المطر البارد أن تبلل وجهي،علها تخفف التوتر الذي يضغط على رأسي كلما فاتتني بعض ساعات من نومي…

هممت في الشوارع بلا هدف،ورحت أتمشى وأنا أحملق في وجوه المارة، ثم أعود إلى نفسي بين الحين والآخر…

شعرت أنني أعرف المكان بحذافيره، تلك المعرفة التي لم تنجم عن زياراتي السابقة له، ولكنربما هي معرفة تراكمية…

أقصد ربما زرته في أعمار أخرى…

فأنا لست وليدة هذه الحياة فقط، وإنما نتاج تجارب أخرى ضاربة في عمر الكون…وكذلك أنت!

……

قادني ضياعي إلى مقهى ـ ستار بوكس ـ فدخلته وطلبت فنجانا من القهوة، وقطعة حلوىرغم أنني لا أذوق السكر إلا في المناسبات التي ألتقي بها مع الطفل في داخلي..أعرف أن للأطفال ضرسا يستمتع بالحلوى، وانا أراضي ذلك الطفل كلما التقيت به!

مقابلي على نفس الطاولة جلست امرأة ربما في عقدها الثامن…

سألتني: المطر جميل، أليس كذلك؟

ـ بالطبع، وخصوصا لشخص قادم من جنوب كاليفورنيا!

ـ وااااو جئت من كاليفورنيا، هل أنت أصلا منها؟

ـ لا أنا أصلا من……من……من سو….من سوريا!

بحلقت فيّ، ثم قالت بصوت يعتريه الإحساس بالشفقة: آسفة جدا لما يحصل هناك…

رن جرس هاتفي…موظفة الفندق على الطرف الآخر: الغرفة جاهزة!

إنها لحظة ألوهية سمحت لي بالهروب دون أن أنظر إلى الوراء…

تلحقني سوريا كظلي…

كيف لا؟ ونصلها يغرز داخل قلبي!

……

لم اغادر رغبة في أن أعود إلى الغرفة، لكنني غادرت رغبة في أن أعود إلى نفسي…

قبل أن أصل إلى الفندق بأمتار، وعلى زاوية تقاطع، انتصبت عربة كبيرة فاحت منها رائحة اللحم المشوي..صوت البائع يلعلع غير آبه بالبرد القارس: Come taste the magic of halal kabab”تعال وتذوق لحم الكباب الحلال

“لم أكره في حياتي كلمة في القاموس الإسلامي أكثر مما أكره كلمة “حلال”!

يعطون لأنفسهم الحق في أن يحللوا ويحرموا وفقا لمقايس الجيوب لا وفقا لمقايس الأخلاق..

لكنني تجاوزت الأمر، وتوقفت برهة…

تلك هي أمريكا، فلماذا أسمح للأمر أن يزعجني؟

لأنهم إذ يحترمون وجود هذا البائع الباكستاني، ويحترمون حقه في لقمة عيشه، هم يحترمون وجودي..

إذن سلامة وجودي في أمريكا مرتبط بسلامة وجوده!

وهل أملك من الحقوق مالا يحق له أن يملك؟؟؟

طبعا لا!

لو كان الأمر كذلك في سوريا، لما احترقت…فالظلم دوما يقود إلى خراب!

……

تجاوزت الفندق وتابعت سيري وزخات المطر تتراقص على قبة مظلتي…صوتها ينعشني، ويخفف من حدة الألم الذي يثيره النصل المغروز في قلبي…

لنيويورك سحر يذكرني بحلب….حلب التي تعيش أظلم لحظات في تاريخ الإنسانية…لحظات تعكس الخبث البشري بكل أنواعه وأشكاله!

بل تعكس مايتبقى من الإنسان عندما يتجرد من القدرة على الحب….رائحة الطعام التي تغزو الشارع وتتسلل إلى منافسي، تعيدني أربعة عقود إلى الوراء…تعيدني إلى فلافل “برج لبنان” في المنشية بحلب يوم كنت طالبة يافعة في جامعتها،

فأرى نفسي أقف خلف نافذة خاصة، يدفع من خلالها شاب بعمري سندويشاتي وكيس صغير من المخلل، ويقول من خلال ابتسامة بعرض وجهه: أعشقك أيتها السمراء الساحلية!

فألتقط حاجتي وأهرب خوفا من أن أقع في عشقه فيقع في طنجرة الزيت المغلي أمامه…

……

نعم تذكرني نيويورك بحلب…فأبكي، ثم أشهق…

وتغص ذاكرتي بذكريات محببة إلى قلبي…

أم قدور، جارتنا الحلبية في الطابق العلوي، تدعوني إلى العشاء…

وترمي أمامي طبقا فيه ١٢ بيضة مقلية…

هذا هو السخاء الحلبي!

أدخل في حوار مع الحاج أبو محمد والد السيدة أم قدور..

وعندما يعرف مدى إلمامي بالقرآن واستظهاري لمعظم أياته، يطلب يدي لابنه محمد.

“استاذة وفاء، ابني محمد يشتغل بلاّطا، ويملك بناية باسمه، ولو وافقت سأسافر غدا إلى أهلك”

ابتسم، وأطرق رأسي خجلا!

كان أبو محمد أول شخص منحني شهادة الأستذة، كنت يومها لم أبلغ العشرين من عمري!

ومنذ ذلك الحين وأنا أعشق هذا اللقب دون غيره…

………نعم، نيويورك تذكرني بحلب…يا الهي كم هي أوجه الشبه بين شارع Lexington

الموازي لشارع الفندق، وشارع بارون الذي شهد أول وآخر قصة عشق عشتها ولم أزل أعيشها…

ما أكثر المطاعم في ذلك الشارع التي أعادتني إلى مطعم “نونوش” في شارع بارون، حيثكنت ألتقي مع عشيقي كي يذوب كل منا في عيون الآخر، ويتذوق في الوقت نفسه سندويش النقانق المصنوعةعلى الطريقة الأرمنية، والتي هي ماركة مسجلة لحلب دون غيرها!

بكيت…وشهقت…وتحت المطر لا أحد يرى دموعك!

……

كان عيد الميلاد بكل ألوانه المزركشة يفرض وجوده على كل الشوارع التي مررت بها، فيسحرني..

وكذلك، سحرتني عربات الخيل التي تمشي بين السيارات وتنقل المارة من مكان إلى آخر…

إنها ماركة مسجلة لنيويورك وتقليد تحاول بلدية المدينة أن تحافظ عليه بكل جهودها!

تسلقت إحداها دون أن اعرف الجهة التي أريد أن أقصدها…

قلت للسائق: خذني رحلة إلى آخر الخط وسأعود بعدها إلى هنا…

ابتسم وراح يشد لجام الحصان،

والحصان يرقص على دقات قلبي المفجوع…

……

لم تعد بي نيويورك إلى نفسي وحسب، بل عادت بي إلى طفولتي…

فكل لحظة من الماضي هي لحظة من الطفولة!

ورغم قساوة الذكرى، ليس هناك أجمل من طفولة تعيشها وأنت على أبواب ربيعك الستيني،

فالإحساس بالجمال وأنت تبكي، ومقهور حتى شغاف قلبك، أثمن ماتملك من قدرات….

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جلـ ... منار

ترامب الثاني: انتظار الفاشية خلف انتصار الـ”ماغا”!

نشرت

في

صبحي حديدي:

بعد الهزيمة المدوية التي مُني بها الحزب الديمقراطي الأمريكي، في شخص مرشحته للرئاسة كامالا هاريس ومقاعد مجلس الشيوخ في وست فرجينيا ومونتانا وأوهايو؛ لم تكن مفاجأة أن النقد الأوضح لخطّ الحزب واستراتيجيته أتى من أحد كبار “المشبوهين المعتادين” القلائل جداً في نهاية المطاف: السناتور برني ساندرز.

صبحي حديدي

ساندرز” يعتبر نفسه مستقلاً، ولكنه ينضوي ضمن تجمّع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ ولا ينأى عنهم إلا في مناسبات قليلة؛ لأنه، في واقع الأمر، محسوب عليهم في أعمّ المناسبات.

ما يقوله ساندرز اليوم ليس جديداً من حيث المبدأ، أو هو لا يتصل أساساً باندحار هاريس والحزب الديمقراطي، لأنّ إهمال أولويات الطبقة العاملة، كما يساجل ساندرز اليوم، ليس خياراً طرأ على الديمقراطيين خلال الأشهر القليلة التي أعقبت عزوف جو بايدن عن الترشيح وصعود نجم هاريس؛ بل هو قديم ومتقادم وجزء لا يتجزأ من الشطر الرأسمالي في فلسفة الحزب الديمقراطي، على غرار الحزب الجمهوري وإنْ بفارق هنا أو هناك. كذلك يحيل ساندرز بعض أسباب الهزيمة الأخيرة، بل يوحي ضمناً بأنها الأبرز: “بينما دافعت قيادة الحزب الديمقراطي عن الأمر الواقع، كان الشعب الأمريكي غاضباً وأراد التغيير. وكان على حقّ”.

ليس تماماً، أو على الأقلّ ليس بمعدّل 71.7 مقابل 66.8 مليون ناخب، والفوز في التصويت الشعبي للمرّة الأولى بالنسبة إلى مرشح جمهوري منذ سنة 2004؛ و295 مقابل 226، في المجمّع الانتخابي؛ وليس في 27 مقابل 18، على صعيد الولايات؛ وليس وقد اتضح أنّ أداء هاريس كان أضعف من أداء بايدن 2020 في كلّ الولايات… التأزم، استطراداً، أبعد من مجرّد “غضب” شريحة من الشعب الأمريكي؛ والهزيمة هذه ليست أقلّ من فصل جديد في مسلسل طويل من انتقالات عاصفة وتحوّلات كبرى يعيشها المجتمع الأمريكي، فلا تقتصر على الحزبين الديمقراطي والجمهوري وحدهما، بل تمسّ سائر فئات الشعب وطبقاته، على أصعدة شتى اجتماعية ــ اقتصادية، ثمّ سياسية ومعنوية وأخلاقية وثقافية، وسواها.

في الوسع الابتداء من حقيقة أولى بسيطة، ماثلة للعيان وأوضحتها أنساق التصويت الاجتماعية والجغرافية والعُمْرية، مفادها أنّ الولايات المتحدة بعد 248 سنة على إعلان استقلالها ليست، بعدُ، مستعدة لانتخاب امرأة إلى منصب الرئاسة؛ وهيهات، تالياً، أن تكون جاهزة لانتخاب امرأة من أصول مهاجرة، آسيوية وسوداء البشرة في آن معاً. وفي باطن هذا المعطى الأول لوحظ أنّ تصويت المجموعات الهسبانية ذهب إلى ترامب بمعدّل 45 بالمائة، رغم التصريحات العنصرية البغيضة التي شهدتها بعض تجمعات ترامب الانتخابية، على مسمع ومرأى منه (كما في تعليق توني هنشكليف ضدّ بورتو ريكو بوصفها “جزيرة القمامة” مثلاً)؛ وهذا فضلاً عن أغلبية عالية لصالح ترامب في أوساط الرجال، لاعتبارات ذكورية لا تخفى.

وجهة أخرى في استدلال مغزى مركزي خلف الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة هي تلك التي تبدأ من تصريح ترامب، خلال خطبة انتصاره، بأنّ الـMAGA (مختصر للحروف الأولى من شعار ترامب الانتخابي باللغة الإنكليزية: جَعْلُ أمريكا عظيمة مجدداً) هي ‘أعظم حركة سياسية في التاريخ’؛ ليس لأنها كذلك بالفعل، فهي أبعد ما تكون عن أيّ طراز من العظمة حفظه التاريخ، بل لأنّ مكوّنات الاستيهام فيها حرّكت عشرات الملايين خلف ترامب: أشدّ تأثيراً من الاقتصاد ومسائل التضخم والقدرة الشرائية، وأدهى استقطاباً من رهاب اللاجئين والمهاجرين والأجانب، وأعمق دغدغة للكوامن الفاشية التي تصاعدت وتتصاعد في نفوس أمريكيين كُثُر ابتداء من العقدين المنصرمين.

كيف يُلجَم رجل كهذا وهو يسيطر على البيت الأبيض، ومجلس الشيوخ، ومجلس النوّاب، والمحكمة العليا، فضلاً عن كونه القائد الأعلى الفعلي للقوات المسلحة؟

وفي قلب الـ”ماغا” كان يتنامى هوس “القومية الأمريكية” الذي لم يعد غريباً أو ناشزاً أو نادر الاستخدام كما كانت الحال قبل صعود ترامب، ومنذ شيوع هستيريا تعظيم أمريكا سنة 2015، حين تضاعفت أكثر فأكثر النزعات العنصرية والمناطقية، وفلسفات “التفوّق” العرقي الأبيض. كذلك، في جزء متمم، لم تعد الولايات المتحدة حصينة تماماً إزاء مؤثرات العالم خارج المحيط، ولم يعد تكوينها المجتمعي ــ الذي ساد الاعتقاد بأنه متعدد المنابت، تعددي الأعراق ــ بمنأى عن يقظة القوميات هنا وهناك، في العالم بأسره ثمّ في أوروبا حيث المنبع الثقافي الذي يغذّي قسطاً غير ضئيل من “القِيَم” الأمريكية.

وكي لا يُظلم ترامب أو تُنسب إليه وحده شرور الـ”ماغا” فإنّ غالبية الإدارات الأمريكية السابقة، منذ عهد وودرو ولسون وليس رونالد ريغان أو جورج بوش الأب والابن؛ لم تفعل سوى محاولة تطوير المشروع الإمبريالي الأمريكي، السياسي والاقتصادي والثقافي، تحت هذه المظلة بالذات: سطوة أمريكا العظمى! ولم نعدم كاتباً أمريكياً ظريفاً جنح ذات يوم إلى الشكوى من “واجب مقدّس” أُلقي على عاتق أمريكا تجاه العالم، اتخذ سلسلة تسميات مثل “الإمبراطورية بالصدفة العمياء” و”الإمبريالية بالتطوّع” و”العبء الجديد للرجل الأبيض”. وفي كتاب بعنوان “السلام الأمريكي” صدر للمرّة الأولى سنة 1967 ولم تمنع حرب فيتنام من جعله مرجعاً أثيراً لدى شرائح واسعة من القرّاء في أمريكا، كتب رونالد ستيل: “على النقيض من روما، إمبراطوريتنا لم تلجأ إلى استغلال أطرافها وشعوبها. على العكس تماماً… نحن الذين استغلتنا الشعوب واستنزفت مواردنا وطاقاتنا وخبراتنا”!

والرجل، ترامب، الذي أعلن على الملأ أنّ إعادة انتخابه سوف تخوّله أن يكون دكتاتوراً؛ وأنه سيثأر من خصومه، وعلى رأسهم أولئك الذين كانوا مستشارين في إدارته أو وزراء أو رؤساء أركان أو محامين، بمن فيهم نائبه نفسه؛ وأنّ عودته إلى البيت الأبيض سوف تريح الأمريكيين من واجب الذهاب إلى صناديق الاقتراع الرئاسية، مرّة أخرى أو إلى الأبد… لماذا سوف يعفّ، هذا الرجل بالذات، عن الذهاب إلى أقصى مدى في الفاشية والتسلط وترويض ما يتبقى من قواعد/ نواهٍ ديمقراطية في نظام الولايات المتحدة؟ للبعض أن يتشبث بمقولة رسوخ هذا النظام، وأنه أقوى من أيّة سلطات يمنحها الدستور للرئيس الأمريكي؛ ولكن… كيف يُلجَم رجل كهذا وهو يسيطر على البيت الأبيض، ومجلس الشيوخ، ومجلس النوّاب، والمحكمة العليا، فضلاً عن كونه القائد الأعلى الفعلي للقوات المسلحة؟

من المنتظَر، بالطبع، أن يغرق كبار “نطاسيي” الحزب الديمقراطي، المختلفين عن ساندرز من حيث المنهج والغاية والوسيلة، في ترحيل أسباب الهزيمة إلى عوامل مثل تأخّر بايدن في قرار عدم الترشيح، أو اختيار تيم والتز شريكاً على البطاقة مع هاريس، أو الأدوار التي لعبتها وسائل الإعلام اليمينية واليمينية المتطرفة، أو تدخّل الاستخبارات الروسية لصالح ترامب من زاوية عدم حماس الأخير للحرب في أوكرانيا، أو حتى الآثار (أياً كانت) لعجز هاريس والديمقراطيين عن كسب الصوت العربي في ولاية متأرجحة مثل ميشيغان؛ وسوى ذلك، ممّا هو كثير متعدد ومتشابك، محقّ أو باطل أو في منزلة بينهما. الراسخ، مع ذلك، أنّ فوز ترامب ليس اختراقاً تاريخياً لشخصه وشخصيته وما بات يمثّل في وجدان ملايين الأمريكيين، فحسب؛ بل هو انتصار ساحق للـ”ماغا” في مدلولاتها الأعمق، والأبعد أثراً وديمومة، من المحتوى الركيك الذي يعلن جعل أمريكا عظيمة مجدداً.

وما يصحّ أن يُنتظر من ترامب الثاني ليس المزيد من التطرّف في السياسة الخارجية، وملفات حرب الإبادة الإسرائيلية ضدّ قطاع غزّة، وتعزيز التطبيع مع السعودية خصوصاً، وتقليص الحضور الأمريكي في الأطلسي، فقط؛ بل ما هو آت على صعيد الداخل الأمريكي، أيضاً، لجهة انحسار يمين الجزب الجمهوري، مقابل صعود اليمين المتشدد: العنصري أكثر، والانعزالي أشدّ، والشعبوي أنكى، و… الفاشيّ الأعتى.

ـ عن “القدس العربي” ـ

أكمل القراءة

جلـ ... منار

موجات

نشرت

في

وفاء سلطان:

مضى على وجودي في أمريكا 36 سنة.

لم أدخل يوما مطعما إلا وتركت للنادلة بخشيشا يفرح قلبها وفوق تصورها.

وفاء سلطان

معظم الذين يخدمون بالمطاعم في أمريكا هم طلاب جامعات ليسدوا مصروفهم، فلقد اشتغل أولادي في المطاعم أثناء جامعاتهم وأعرف كم كان البخشيش هاما بالنسبة لهم.

إلا البارحة قررت أن لا أترك لها سنتا، لكن زوجي رفض القرار وقال كعادته: حرام!

(نعم هو ألطف مني في هكذا مواقف)

أوقح نادلة رأيتها في حياتي، تخبط الصحون على الطاولة وكأنها خرجت لتوها من معركة مع زوجة أبيها.

ضبطت أعصابي بشق الأنفس

لقد اعتدنا ان نفتح حديثا مع من يخدمنا في المطاعم حتى نعرف حياته من ألفها إلى يائها،

ولكن هذه النادلة لم تترك لنا مجالا لنقول: شكرا!

نحن نذهب إلى المطعم ليس من أجل الأكل فقط، بل لتغير الجو وتحسين النفسية، وعندما تقارب الفاتورة المائة دولار وتلقى هكذا معاملة تصاب بالإحباط

حسب رأيي خدمة الزبائن في أمريكا أفضل من أي بلد في العالم زرته، ولنفس السبب لم أحب دول أوروبا!

القاعدة العامة في أمريكا تقول: يجب أن تتعامل مع الزبون كما لو كان دوما على حق!

لو كانت ابنتي محلي لقالت: ماما ارجوكِ سامحيها، لا أحد يعرف كيف كان يومها

هذا صحيح، ولكن على من يشتغل في المرافق العامة وخصوصا المطاعم أن يكون لطيفا تحت أي ظرف!

الحياة لا تعاش إلا ببعض التنازلات، وعندما يتعلق الأمر بعملك يجب ان تتمتع ببعض القدرة على إخفاء آلامك الشخصية ولا تنقل طاقتك السلبية لغيرك!

طاقة كل إنسان تشدّ أو تحجب عنه رزقه، وذلك حسب طبيعتها

كنا ندفع على الأقل 20٪؜ من قيمة الفاتورة، لكن بعد تراشق بالنيران وشد شعر ترك لها زوجي مبلغا، وأنا أتمتم: يا خسارة

فالسلوك الذي يُكافأ يتكرر!

أكمل القراءة

جلـ ... منار

أناقة ما بعد السبعين

نشرت

في

وفاء سلطان:

في الثمانينات من عمرها.

أحنى الزمن ظهرها قليلا، لكن روحها مازالت تعانق السماء.

وفاء سلطان

التقينا في المكان المخصص لعربات التسويق على باب أحد المحلات.

وبينما هي تسحب عربتها التقت عيوننا فصبّحت علي.

رددت التحية، وتابعت: تبدين جميلة جدا، إذ من النادر أن ألتقي بامرأة بهذه الأناقة والترتيب!

فعلا الحياة الأمريكية العملية أنستنا الكثير من أصول الأناقة والتزين.

إلى حد ما، تعجبني هذه العفوية في أمريكا،

فلقد خففت عنا نحن النساء مهمة التبرج كل صباح، وزادت ثقتنا بأنفسنا.

لكن من ناحية أخرى، من الجميل أن نحافظ على أناقتنا ومظهرنا طالما لا نبالغ

نعم لا نبالغ، فلقد أصبحت الكثيرات من النساء اليوم نسخا متكررة من لعبة باربي:

قشرة من الخارج وفراغ من الداخل

المهم، أشرقت ابتسامتها حتى أضاءت وجهها المهندس بطريقة فنية غير مبتذلة، وقالت بعد أن وضعت يدها على كتفي:

حبيبتي كل سلوك تتقنينه عادة، فمتى تعلمتِ عادة تصبح طريقة حياة

ثم تابعت:

منذ سنوات مراهقتي لا أخرج من البيت حتى أتأكد من أنني أسر الناظر إليّ، فمظهرنا الخارجي يعطي الانطباع الأول

أكدت لها أنها فلسفتي كذلك، وتمنيت لها يوما جميلا

أكمل القراءة

صن نار