تابعنا على

جلـ ... منار

من الأشقاء في عيدهم الوطني … رسالة الى الذين لا يعرفون مصر

نشرت

في

قبل ثورة يوليو :

كان لأستاذي وصديقي ، المفكر القومي الكبير ، الأستاذ ” محمد عودة ” رحمه الله ، قول كريم ودقيق وحقيقي لا زلت أتذكره رغم مرور سنوات طويلة وبعيدة على سماعي له ، كان يقول : ” هناك نوع من الناس ، الذين يطلقون على أنفسهم ، وصف ” مثقفين ” أصحاب غُدة من الكراهية والحقد لا تعرف عن ثورة يوليو وتاريخها غير بعض الإخفاقات ، ولا يذكرون أي إنجاز أو مكسب تحقق للأغلبية الساحقة من الشعب المصري !!!

<strong>صلاح زكي أحمد <strong>

أناس لو بحثت عن الأصول الإجتماعية لغالبيتهم ، ستجد أنهم من أبناء الفلاحين أو العمال أو صغار الموظفين ، بمعنى آخر ، أنهم من أبناء الطبقات والفئات الإجتماعية التي استفادت من قوانين العدالة الاجتماعية ، مثل : مجانية التعليم ، والإصلاح الزراعي والحد الأدنى للأجور ، وغيرها وغيرها من تلك القوانين التي لولاها ما شهد هؤلاء الناكرين للجميل الكارهين للثورة ، يوماً واحداً من الكرامة وعزة النفس …

هؤلاء ، لا يتم علاجهم إلاّ في مصحة عقلية أو البحث عن مستشفى مُتخصص في معالجة غدد الكراهية ، وفقدان البصيرة ” !!!

*********

انتهى كلام الأستاذ ” عودة ” ، وانتقل الرجل الى رحمة الله ، غير أن هذه الفئة الضالة الكريهة ، لم تنته ، وفي الغالب لن تنتهي ، فالحياة لا تخلو من هؤلاء ، لا تخلو من الشر لكي نُدرِكْ معنى الخير والفضيلة والحب ، لا تكتمل الحياة دون وجود هذه الفئة ، التي تستوي في الغواية والحقد والكراهية مع الشياطين والمنافقين وأصحاب الدرك الأسفل من النار …

********

أتذكر منذ زمن تجاوز عشرات السنوات ، أن خصص الأستاذ ” أحمد بهاء الدين ” رئيس مجلس ادارة دار الهلال العتيدة ، العدد التذكاري لمجلة المصور بمناسبة الإحتفال بثورة يوليو في عام 1965 ، خصص غالبية صفحات هذا العدد لموضوع واحد ، وفكرة واحدة ، وتقع تحت عنوان لافت وعبقري هو :” كان يا ما كان ”

قام الأستاذ ” بهاء ” بوضع حشد هائل من الصور ، الصورة ونقيضها ، مثل فقير مصري ، يجر عربة ، أشبه بـ” الياشكا ” الهندية تحمل أحد الباشوات الذي يبدو وزنه أكثر من طن ، وهذا المواطن المُعدم الفقير ، يمشي حافي القدمين ، وبؤس الدنيا على وجهه !!!!!

ومثلاً : أحد الإحتفالات الفخمة الباذخة الثراء والسفه ، التي تجمع المئات من زوجات وأميرات الأسرة الملكية ، وعشيقات الأمراء ، وزوجات السفراء والوزراء والباشوات ، والهدف ، هو القيام بحملة خيرية ، تحت رعاية صاحبة السمو الملكي ، الملكة ” ناريمان ” لجمع التبرعات لمكافحة ظاهرة الحفاء بين أبناء الشعب !!! وهكذا يفرد الأستاذ ” بهاء ” مئات الصور ، كل منها مصحوباً بكلمات قليلة ، صور مُعبرة ، غير أنها صور مؤسفة ومُهينة وحزينة ومؤلمة ، وقد ختمها بصورة كبيرة لجريدة حزب مصر الفتاة ، تجمع مئات من المصريين الفقراء الذين يفترشون الأرصفة في أكبر ميادين العاصمة ، ميدان الإسماعيلية ، التحرير ، فيما بعد ، في يوم شتاء بارد وعاصف وقاسٍ ، ويكتب تحتها ، وبمانشيت عريض عبارة مكونة من ثلاث كلمات : ” رعاياك يا مولاي الملك !!!! ”

********

قبلها كان الأستاذ ” خالد محمد خالد ” قد أصدر كتاباً لم يّرىّ النور إلاّ لبضع ساعات ، قبل مصادرته ، كان عنوانه ” مواطنون لا رعايا ” يشرح فيه صور البؤس والفقر والحاجة ، والفقر الذي يصل ، والعياذ بالله ، الى حد الْكُفْر !!!! …

******

قبلها بسنوات قليلة نشر الأستاذ العميد ، الدكتور ” طه حسين ” بضع مقالات ناقدة وفاضحة وكاشفة للظلم والقهر الإجتماعي الذي كان يعيشه الملايين من الشعب المصري ، فما كاد المقال يعرف طريقه للنشر إلاّ وتُصادر الصحيفة الناشرة له ، ويُستدعى ” طه حسين ” للنيابة العامة للإستجواب والتحقيق معه …

ولم يُتّح للدكتور ” طه ” نشر هذه المقالات في كتاب إلاّ بعد قيام الثورة ، ثورة يوليو !!!!

وكان عنوان الكتاب قاسياً ومؤلماً ، كان العنوان هو ” المعذبون في الأرض ” …

غير أن الإهداء كان أقسى وأقصى ، حتى بات أهم وأخطر إهداء لعمل أدبي أو فكري في تاريخ العرب الحديث !!!

كان الإهداء يقول :

” الى الذين يحرقهُم الشوق الى العدل ،

والى الذين يؤُرقهم الخوف من العدل … الى أولئك وهؤلاء جميعاً أسوق هذا الحديث

” الى الذين يجدون ما لا ينفقون ، والى الذين لا يجدون ما ينفقون … يساق هذا الحديث ”

******

انتهت كلمات الدكتور ” طه حسين ” المدونة في صدر الصفحة الأولى من كتابه المؤلم والصادم ” المعذبون في الأرض ” ولم ينته وعي وبصيرة عميد الأدب العربي ، فهو أول من أطلق عَلى ما سُميّ آنذاك ، أي في صبيحة يوم ٢٣ يوليو ” حركة الجيش ” الى اسم ” الثورة ” مُقدماً ألف دليل ودليل ، بأنها ثورة شعب انتفض بغضب وكرامة على مجتمع ” المعذبون في الأرض ” !!

*****

رحم الله أبطال ثورة الكرامة ، ورحم الله كل من أمسك بيده قبس من نور العلم والمعرفة ليُبدد ظُلمة نظام سقط يوم 23 يوليو 1952 ، ولن يعود باذن الله ….)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* كاتب صحفي من مصر

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جلـ ... منار

موجات

نشرت

في

وفاء سلطان:

مضى على وجودي في أمريكا 36 سنة.

لم أدخل يوما مطعما إلا وتركت للنادلة بخشيشا يفرح قلبها وفوق تصورها.

وفاء سلطان

معظم الذين يخدمون بالمطاعم في أمريكا هم طلاب جامعات ليسدوا مصروفهم، فلقد اشتغل أولادي في المطاعم أثناء جامعاتهم وأعرف كم كان البخشيش هاما بالنسبة لهم.

إلا البارحة قررت أن لا أترك لها سنتا، لكن زوجي رفض القرار وقال كعادته: حرام!

(نعم هو ألطف مني في هكذا مواقف)

أوقح نادلة رأيتها في حياتي، تخبط الصحون على الطاولة وكأنها خرجت لتوها من معركة مع زوجة أبيها.

ضبطت أعصابي بشق الأنفس

لقد اعتدنا ان نفتح حديثا مع من يخدمنا في المطاعم حتى نعرف حياته من ألفها إلى يائها،

ولكن هذه النادلة لم تترك لنا مجالا لنقول: شكرا!

نحن نذهب إلى المطعم ليس من أجل الأكل فقط، بل لتغير الجو وتحسين النفسية، وعندما تقارب الفاتورة المائة دولار وتلقى هكذا معاملة تصاب بالإحباط

حسب رأيي خدمة الزبائن في أمريكا أفضل من أي بلد في العالم زرته، ولنفس السبب لم أحب دول أوروبا!

القاعدة العامة في أمريكا تقول: يجب أن تتعامل مع الزبون كما لو كان دوما على حق!

لو كانت ابنتي محلي لقالت: ماما ارجوكِ سامحيها، لا أحد يعرف كيف كان يومها

هذا صحيح، ولكن على من يشتغل في المرافق العامة وخصوصا المطاعم أن يكون لطيفا تحت أي ظرف!

الحياة لا تعاش إلا ببعض التنازلات، وعندما يتعلق الأمر بعملك يجب ان تتمتع ببعض القدرة على إخفاء آلامك الشخصية ولا تنقل طاقتك السلبية لغيرك!

طاقة كل إنسان تشدّ أو تحجب عنه رزقه، وذلك حسب طبيعتها

كنا ندفع على الأقل 20٪؜ من قيمة الفاتورة، لكن بعد تراشق بالنيران وشد شعر ترك لها زوجي مبلغا، وأنا أتمتم: يا خسارة

فالسلوك الذي يُكافأ يتكرر!

أكمل القراءة

جلـ ... منار

أناقة ما بعد السبعين

نشرت

في

وفاء سلطان:

في الثمانينات من عمرها.

أحنى الزمن ظهرها قليلا، لكن روحها مازالت تعانق السماء.

وفاء سلطان

التقينا في المكان المخصص لعربات التسويق على باب أحد المحلات.

وبينما هي تسحب عربتها التقت عيوننا فصبّحت علي.

رددت التحية، وتابعت: تبدين جميلة جدا، إذ من النادر أن ألتقي بامرأة بهذه الأناقة والترتيب!

فعلا الحياة الأمريكية العملية أنستنا الكثير من أصول الأناقة والتزين.

إلى حد ما، تعجبني هذه العفوية في أمريكا،

فلقد خففت عنا نحن النساء مهمة التبرج كل صباح، وزادت ثقتنا بأنفسنا.

لكن من ناحية أخرى، من الجميل أن نحافظ على أناقتنا ومظهرنا طالما لا نبالغ

نعم لا نبالغ، فلقد أصبحت الكثيرات من النساء اليوم نسخا متكررة من لعبة باربي:

قشرة من الخارج وفراغ من الداخل

المهم، أشرقت ابتسامتها حتى أضاءت وجهها المهندس بطريقة فنية غير مبتذلة، وقالت بعد أن وضعت يدها على كتفي:

حبيبتي كل سلوك تتقنينه عادة، فمتى تعلمتِ عادة تصبح طريقة حياة

ثم تابعت:

منذ سنوات مراهقتي لا أخرج من البيت حتى أتأكد من أنني أسر الناظر إليّ، فمظهرنا الخارجي يعطي الانطباع الأول

أكدت لها أنها فلسفتي كذلك، وتمنيت لها يوما جميلا

أكمل القراءة

جلـ ... منار

من عياش إلى السنوار… “دوري” الإرهاب الصهيوني

نشرت

في

صبحي حديدي:

اللجوء إلى منهجيات المقارنة يقتضي، بادئ ذي بدء ربما، اعتماد درجة الحدّ الأدنى من التكافؤ أو التناظر تارة، والتفاوت والتنافر تارة أخرى، بين مقارَن وآخر؛ الأمر الذي تتضاعف اشتراطاته، ومشاقّه استطراداً،

صبحي حديدي

إذا كانت المقارنات تخصّ البشر عموماً، وفي ميادين مثل الأخلاق والنفس والسياسة والعقيدة خاصة. فليس من اليسير، في يقين هذه السطور، وضع قياديي “حماس”، ممّن استهدفتهم آلة الإرهاب الإسرائيلية في مواقع شتى وسياقات زمنية وسياسية مختلفة، على محكّ تقييمٍ مقارَن واحد أو متماثل؛ حتى إذا كان تسويغ هذا الخيار ينطلق من مبدأ المساواة، ضمن معايير سياسية أو عسكرية أو إيديولوجية، إيجابية أو سلبية، متَّفق عليها أو محلّ اختلاف. وحتى، أيضاً وربما قبلئذ، إذا ارتكزت المقارنات على مسلّمة ابتدائية وناظمة تضعهم، أجمعين، في خانة مقاومي كيان استعماري عنصري استيطاني فاشي المكوّنات وأبارتيديّ المسارات.

ثمة، بذلك، مقادير متقاطعة عليا من التكافؤ في مصائر الاستهداف الإسرائيلي لأمثال يحيى عياش (المهندس) والشيخ أحمد ياسين وصلاح شحادة وعبد العزيز الرنتيسي وسعيد صيام وصالح العاروري وجميلة الشنطي وإسماعيل هنية ويحيى السنوار؛ وثمة أيضاً، وفي المقابل الموضوعي أو الضروري، مقادير متقاطعة دنيا من التباينات الناجمة أصلاً عن الوظائف والدلالات والمصائر. طرائق النَيْل من المهندس أو السنوار، ليست مثل اغتيال الشيخ ياسين (قعيد الشيخوخة) أو هنية (النائم في فراشه)، والفارق لا يخفى بصدد الآخرين.

غير منتفاة بالتالي، بل هي ضرورة سياسية ومبدئية، مسألة التشديد على قاسم مشترك أوّل هو إرهاب الدولة الإسرائيلي بوصفه شكل تنفيذ هذه الاغتيالات، وإرهاب الدولة الصهيوني بوصفه المضمون العقائدي الذي يحرّك الدوافع من قلب “فلسفة” عتيقة ترى في الفلسطينيّ تهديداً وجودياً في ذاته وبذاته. وأياً كانت تفاعلات الشكل مع المضمون فإنّ توحّش إرهاب الدولة يلجأ، دون إبطاء، إلى إخراج الجغرافيا من المعادلة: “المهندس” ابن سلفيت في الضفة الغربية، متساوٍ مع السنوار سليل مجدل عسقلان المحتلة سنة 1948، وكلا الفلسطينييَن في خانة واحدة مع محمد الزواري… التونسي!

وليس عجباً أنّ الليكودي أرييل شارون كان مهندس اغتيال الشيخ ياسين؛ و”حكيم” حزب العمل، شمعون بيريس، كان الآمر باغتيال عياش؛ والليكودي الثاني نتنياهو كان على رأس حكومة الاحتلال يوم استشهاد السنوار. وليس من باب العجائب أنّ الثلاثة كانوا مجرمي حرب بامتياز، كلٌّ على طريقته وأفانين إجرامه، وأنّ تكوين دولة الاحتلال ظلّ ينحطّ من هاوية عنصرية إلى أخرى فاشية.

والحال أنّ منهجيات المقارنة الكلاسيكية ذاتها قد تعيد إنتاج مواضعاتها المألوفة، بين ماضي 1996 وحاضر 2024، على أصعدة حاسمة تخصّ ما هو عميق ومحوري في معمار “حماس” السياسي والعسكري والعقائدي. ذلك لأنّ أغراض الاحتلال من وراء اغتيال “المهندس” انقلبت ضدّها حين أفقدت قيادات “حماس” بعض ذرائع الاعتدال، وانتظار استكمال الانتخابات بوصفها الاستحقاق السياسي الفلسطيني الأبرز في ذلك الطور، وأفسحت المجال أمام انعتاق الحرج الآخر الذي كان يكبّل فصائل عز الدين القسام ويشلّ عملياتها.
وليس استشهاد السنوار ببعيدٍ، اليوم، عن منطق تطوّر مماثل تُضاف إليه اعتبارات عديدة فرضتها سيرورات “طوفان الأقصى” وحرب الإبادة الإسرائيلية ضدّ قطاع غزّة؛ إذْ قد يقبل امرؤ أنّ غياب السنوار عن المشهد الميداني في قلب المعركة المفتوحة يمكن أن يوجع المقاومة، وقد يساجل امرؤ آخر بأنّ الغياب ذاته قد يكون عتبة الوثوب إلى مراحل انتقال ليست أقلّ استكمالاً لتلك التي دأب عليها القائد الغائب.

“دَوْري” إرهاب الدولة الصهيوني تتعاقب فصوله، إذن، ولكن ليس من دون تبدّلات تقلب السحر على الساحر الإسرائيلي؛ كأنْ يفوّت السنوار على الكيان فرصة “اقتناص” على شاكلة شيخ في كرسيّ متحرّك، أو قيادي نائم في فراش.

ـ عن “القدس العربي” ـ

أكمل القراءة

صن نار