جور نار
ورقات يتيم … الورقة 94
نشرت
قبل يومينفي
عبد الكريم قطاطة:
اواسط التسعينات وحتى بداية الالفية الثانية شهدت زخما من الاحداث في حياتي المهنية… تجربة قناديل كمخرج تلفزي تحدثت عنها في ورقة سابقة وتجارب اذاعية اخرى بعناوين اخرى…
دعوني اعد بكم الى برنامج كوكتيل من البريد الى الاثير الذي كان اوّل برنامج انتجته في اذاعة صفاقس منذ اواخر السبعينات ولمدة تجاوزت الخمسة أعوام… البرنامج وهذا ما يعلمه الجميع لقي نجاحا هائلا… واصبح تعلّق المستمع به خرافيّا… و صدقا دافع عنه هذا المستمع كلّما حاول بعض الجزارين ذبحه ..ودفاعهم عنه سنة 85 كان وراء عودته للمصدح… ولكن يوما ما اكتشفت انّ تواصله سيكون ضدّ قناعاتي فاوقفته بل قتلته للأبد ودون ايّ ندم… اتذكّر جيّدا انّ زميلي صالح جغام رحمه الله هاتفني عندما سمع بقرار وأد الكوكتيل هائجا مائجا كما تعرفونه وبدأ حواره معي بالقولك (يخخي اشبيك هبلت توقّف برنامجك؟؟ تي انت بعقلك والا خرفت؟؟ برنامجك ضارب وقالب الدنيا تجي سيادتك وتوقفوا ؟؟ ايّا هات اقنعني بأسباب و مغزى قرارك يا ولد قطاطة)…
وهاكم اجابتي له ولكم حول قرار إنهاء الكوكتيل… لو تفطنتم للوصف الذي ذكرته حول تعلّق المستمع به لادركتم انّي استعملت عبارة خرافيّ… اي نعم هنالك يكمن سرّ قراري بايقافه… انا كنت احثّ مستمعيّ في ما احثّهم، على عدم تغييب العقل في ادارة شؤوننا في الحياة، وعلى الابتعاد عن كلّ ماهو خرافات واساطير… نعم تلك هي قناعاتي التي مازالت لحدّ يوم الناس هذا… وهنا وبعد اذنكم افتح قوسين في هذا المجال اي مجال تغليب الفكر على اعتناق الخرافات والاساطير…
انا ومنذ سنة 2002 اعدت النظر في العديد من امور كلّ ماهو ايمان ودين… وحرصت بدرجة اولى ان اقرأ القرآن ليكون نبراسي وانغمست في قراءات متأنية ولم اعلن ذلك يوما للاخرين… بل واسخر ممن يعلنون انجازهم للختمة رقم كذا… تي اشنوة تحسبوها مع ربي وزيد تتفاخرو ؟؟ يخخي ما قريتوش في ختمة من الختمات، الاية (انّ الله لا يحب كل مختال فخور)؟؟… لا والعديد منهم يزيد يبعثلك حديث او اية ويقلك اذا ما بتعثهمش لـ 11 صديق راهو يصيرلك كذا وكذا ..اوّلا علاش 11 وموش 15 وعلاش 15 وموش 5555 ,..؟؟ ثم نفس هالطائفة الكلبة ما قراتش في القرآن (قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا) ..؟؟….توة هذوما ما يصحش الواحد يقول عليهم (لكم دينكم ولي دين) ..؟؟…
في تلك الفترة قرأت القرآن كمتامّل وباحث عن الحقيقة والتي هي الايمان والامان… وامتلأت بما جاء فيه من درر وجواهر لم اجدها يوما في ايّ مؤلّف (بفتح اللام) آخر… وتاكدت انّه لا يمكن ان يكون كلاما لمخلوق بل هو تجسيد لعظمة الخالق… وانشرح صدري ووحدت نفسي في واحة من النور والسلام النفسي وذاك هو الايمان عندي… بعد ذلك وطمعا منّي في مزيد المعرفة معرفة ديني ودنياي واخرتي… ذهبت لما يقوله اهل الفقه وما يفتونه ويحلّون ويحرّمون معتمدين في ذلك على قال فلان عن فلان عن فلان، انّ رسول الله قال… واكتشفت انهم في جلهم ان لم يكونوا كلّهم، يكذبون على رسول الله… لانّ محمد ابن عبدالله ارقى من تاويلاتهم وخرافاتهم واساطيرهم …
لذلك اعملت عقلي ورفضت اولئك المفسرين والفقهاء واعتنقت القرآن كمصدر وحيد في حياتي ضاربا بعرض الحائط المصادر الاخرى، خاصة وهي كُتبت بعد وفاة الرسول بقرنين… وجاءت عديد الاحداث لتؤكد ان تلك الفئة تمثّل الفتنة… وانهم حتى في علاقاتهم ببعضهم البعض هم يكذّبون بعضهم البعض ويكفّرون بعضهم البعض ويقيمون الحدّ على بعضهم البعض ويقاتل ويقتل ويغتال بعضهم البعض… اذن اخرجتهم من دائرة اهتمامي وللابد… وانا سارضى بحسابي مع ربي سواء اثابني او عاقبني عن صنيعي هذا، لانه هو العدل…
هل فهمتم اني ومنذ نشاتي وحتى قبل ان هداني الله الى الحق والنور كنت ارفض كلّ ما هو خرافة واسطورة ؟؟ وعليّ ان ابدا بكنس بيتي الاذاعي من الخرافة والاسطورة ..والكوكتيل تحوّل الى اسطورة… اذن وتوافقا مع قناعاتي عليّ قتله …لتلك الاسباب وضعت حدّا نهائيا لحياة الكوكتيل وكان في داخلي شبه يقين انه لو كان الكوكتيل فقط هو مصدر نجاحي اذاعيا فسافشل حتما عند انتاجي لعناوين اخرى… فكان برنامج مساء السبت، وكان برنامج مواعيد مع زميلي عبدالجليل، وكان برنامج اصدقاء الليل، وكان مطلع حتى مطلع الفجر، وكانت البرامج الخاصة باعياد ميلاد اذاعة صفاقس وبالاعياد الدينية… نعم الدينية دون سواها… ثم وفي اخر محطة اذاعية باذاعة صفاقس كان برنامج اذاعة بالالوان … والحمد لله اني اثبتّ اوّلا انّ المنشط هو من يصنع الفترة وليست فترة الضحى او المساء او الليل من تصنع المنشط… وانّ المنشط الناجح هو الذي يخرج من جلباب برنامج ما الى برنامج اخر فيحافظ على نفس التوهج وعلى نفس الالتفاف الجماهيري… .والسبب بسيط قد يتغيّر الشكل ولكن تبقى الثوابت والقناعات هي نفسها..
في اواخر سنة 95… اقدمت اذاعة صفاقس على تجربة اعتبرها متميّزة جدا بل وفريدة انذاك في الفضاء الاذاعي تونسيا… تجربة هدفها تعويد الفرد على النقد البناء وبكلّ حرّية مسؤولة… هنا احكي عن المستمع وهي ايضا متميزة من زاوية علاقة المنتج الاذاعي بنقد المستمع… انها تجربة برنامج الراي الاخر …كنت المكلّف بهذا البرنامج وهو من اقتراحي… وبقدر ما تفهّم البعض جدوى ان نضع انفسنا امام المرآة لنكتشف نقاط قوتنا وخاصة نقاط ضعفنا…(وهنا لابدّ من تحية الزميل الحبيب الهدار رئيس مصلحة الاخبار انذاك الذي طلب منّي ان يضع البرامج الاخبارية ونشراتها ومواجيزها في عدد خاص من الراي الاخر وكان له ذلك)… بقدر ما اعتبر بعض صغار العقول الراي الاخر برنامج تصفية حسابات مع الزملاء… والله وحده شاهد اني كنت صادقا مع كل ما ياتيني في بريد المستمعين وناقلا امينا لنقدهم…
في نهاية سنة 95 عشت كذلك تجربة من اجمل تجارب عمري مهنيا امام دهشة البعض من صانعي القرار في ادارة اذاعة صفاقس وكان يديرها انذاك المرحوم النوري العفاس وممن اسميهم دوما (الملأ)… اي الشلّة التي تحيط بالمسؤول الاول في كل قطاع… هؤلاء همزا او لمزا ما يطيقوش يسمعوا اسمي.. اي نعم ..سامحهم الله ورحم العديد منهم وغفر له … اذن و امام دهشتهم جميعا، مؤسسة الاذاعة والتلفزة عينتني الوحيد من مخرجي التلفزة التونسية للسفر الى سوريا للقيام بتدرّب تكويني في البرامج الرياضية وبمركز دمشق لاتحاد الاذاعات والتلفزيون العربي…
كان صوتهم الداخلي (اعني الملأ) يقول: تي يخّي هذا قطّوس بسبع ارواح ؟؟ وين ما ياكل الضرب ونقولوا امورو وفات يخرجلنا كيف الجان الارقط ؟؟ واقسم لكم بالله الواحد الاحد اني لم اسمع بتلك الدورة بتاتا ولم استعمل صداقاتي حتى اؤثّر على اصحاب القرار في المؤسسة المركزية … ومرة اخرى وفي كلّ محطات حياتي المهنية لم اقم يوما بمثل تلك الوساطات ابدا… عزة نفسي وقناعاتي تأبى ذلك وبشكل قطعي… والقرار كان مفاجئا وسريعا… الطائرة ستقلع يوم الاحد صباحا من ذلك الاسبوع الى دمشق من مطار تونس قرطاج وانا يقع اعلامي يومين قبل المغادرة… اي يوم الجمعة…ويا للهول! اعددت كل شيء وتفطنت يوم الجمعة ليلا الى ان جواز سفري لم يعد صالحا للسفر… وكانت صبيحة السبت صبيحة الجري ومحاولة الانقاذ …وبارك الله في صديقي وجاري يوسف البهلول الذي كان يشتغل باقليم صفاقس للامن، وفي مدير الاقليم اللذين تدخّلا وفي اطار القانون وساهما باحضار جواز سفري عاجلا حيث تسلمته يوم السبت على الساعة الواحدة ظهرا…
وكان الامر كذلك وامتطيت الطائرة يوم الاحد ووصلت الى دمشق لاجد سيارة المركز التابع للاتحاد العربي للاذاعة والتلفزيون في انتظاري لايصالي حتى الفندق الذي يتعاملون معه… دعوني اقل لكم اوّلا انّ لي عشقا كبيرا ومنذ شبابي الاوّل لسوريا والسوريين… ربما تاريخهم العظيم ومنذ الدولة الاموية ورغم اني كنت وما زلت اعتبره تاريخا افسد الاسلام والمسلمين… ويكفي هنا ان اذكر عبد الملك بن مروان وتابعه الحجاج… لكن وفي المقابل كنت ومازلت اعتبر انّ افضل فترة عاشها الاسلام والمسلمون بعد وفاة الرسول هي فترة عمر ابن عبدالعزيز… فترة الرخاء والعدل… واذا اجتمع الرخاء والعدل فتلك هي اسمى معاني الحرية والديموقراطية والعيش الكريم… اه يا عمر قم وانظر ما يفعله دعاة الاسلام من جهة ودعاة الثقفوت من جهة اخرى الذين لم يهمهم يوما رخاء الجماهير ..المهم والاهم والاوحد حقوق الانسان والحرية والديموقراطية …البقية تفاصيل ..هككة ؟؟؟ وقت رب عائلة ما يلقاش عشاء صغارو “تفاصيل” …؟؟.. انتوما وقتها تعشيووه حرية تعبير وديموقراطية …؟؟
ووجدتموني في دمشق الفيحاء… ولانّ دمشق وسوريا ضاربان في عمق التاريخ ارى لزما عليّ ان تكون لهما ورقة خاصة بهما … يااااااه ساحدثكم عنهما ماضيا وحاضرا وعن الواحد وعشرين يوما التي قضيتها هنالك… مهبول اللي يحكي على سوريا وما مشالهاش… تقولشي واحد يحكي على خبز ومرقة وموبيلات زرقة وهو عمرو لا نهار جاء لصفاقس واكتشفها على حقيقتها… ويل للمنظّرين في كلّ شيء… تي على الاقلّ تواضعوا شوية وافهموا ولو للحظة في حياتكم انو لا احد منا يملك الحقيقة…
اكاهو… دمشق وما عشته فيها، سيكون محتوى الورقة 95 ..التقيكم…
ـ يتبع ـ
تصفح أيضا
محمد الزمزاري:
بعد هدوء نسبي دام بضع سنوات، تحركت مؤخرا طوابير الإرهابيين بمختلف انواعهم ومشاربهم… وليس من الصدف ان يتحرك معهم في وقت واحد مسلحو ما يسمى بالمعارضة السورية…
لعل المحلل اليوم لا يفرق بين جبهة النصرة الإرهابية وبين معارضة تقودها جهات لا تقل خطورة عن الإرهابيين… فبعض فصائل الإرهابيين يقودها النظام التركي لا سيما في أطراف مدينة حماه…وهناك فصائل مدعومة ومسلحة ومدربة على يد الجيش الأمريكي الذي يقبع على جزء من خارطة سوريا تحت ذريعة كرة لهب هو من أججها ودفع بها إلى اتون الحرب بسوريا… للروس والإيرانيين أيضا موضع أقدام على الجسم السوري…
كذلك عدد من العصابات ترتع تحت إمرة الموساد الصهيوني الذي يضرب على ثلاث جبهات متماسكة ومتوازية: الإرهابيين عن طريق دعمهم بالتعاون مع الامريكان من جهة، والأكراد الذين يحاولون الوقوف في وجه الإرهابيين وكسب انفصال لاقليم قادم تقوده الجهات الصهيونية والأمريكية بالاسلحة والدعم اللوجستي و الاعلامي… أما الجزء الأهم في مخطط الكيان الصهيوني فهو مواصلة تركيع الدولة السورية وضرب مسالك تحالفها مع إيران لقطع طريق إمداد الأسلحة (التي تتوجس منها اسرائيل) نحو حزب الله وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية الكامنة أيضا بلبنان…
ليس غريبا ان تشتعل نار المواجهات ضد الشعب السوري في هذه الفترة التي قد تحقق هدوءا محتملا في إطار اتفاق مخترق يوميا من الكيان الصهيوني …وراء كل فصيل جهته الداعمة ولكل جهة أهدافها الإرهابية التي لاتقل عن فظائع الإرهاب الذي عرفته افغانستان… فتركيا بذريعة مقاومة الأكراد تنهش في التراب السوري، واسرائيل تمارس نازيتها واحلام توسعها مستغلة مشاكل سوريا الداخلية… والامريكان رابضون على الأرض بقواعدهم واسلحتهمم لحماية ارهاب صنعوه… والروس و الايرانيون يبغون افتكاك موطىء قدم لحماية مصالحهم الاستراتيجية ودعم النظام السوري مقابل ذلك.
وليس صدفة أيضا أن تتصاعد الأحداث فجأة بهذه الكثافة بعد ضرب ذراعين من أذرعة “محور الممانعة” والمتمثلين في المقاومة الفلسطينية أولا عبر تدمير شيه شامل لغزة في اتجاه إعادة استيطانها … وثانيا المقاومة اللبنانية في اتجاه احتلال الجنوب وفرض وشيك للتطبيع على الحكومة اللبنانية… وها أن المرحلة الثالثة من المخطط تتجه نحو دمشق كآخر القلاع العربية الرسمية المتمنّعة على برنامج الشرق الأوسط الجديد… وكآخر خيمة يتظلل بها المقاومون المطلوبة رؤوسهم من التحالف الإمبريالي الصهيوني…
ولكن هذه المرة لم يكن ذلك بوسائل جيش الكيان المباشرة، بل بخلايا الإرهابيين النائمة منذ 2011 والملتحفة باطلا بلحاف الدين أو الحرية أو الديمقراطية وغير ذلك من الشعارات… ولو أن طيران العدوّ ما انفك يعتدي على المدن السورية طيلة هذه السنوات، وخاصة في الأشهر الأخيرة… كما أن أدلة عديدة أثبتت تواطؤ الجماعات المتأسلمة مع الكيان الغاصب، ليس أقلها التكفل بعلاج جرحاها داخل المستشفيات الإسرائيلية طوال عملياتها الإجرامية هذه السنوات، في كل من سوريا والعراق الشقيقين…
إن انفجار بؤر الإرهاب مجددا وتحقيق بعض المكتسبات الميدانية بمدينة حلب التي تعد ثاني اهم مدينة سورية واول مدينة اقتصادية تتصارع لاحتلالها كل القوى… من معارضة عميلة لتركيا او فصائل إرهابية ستدور فيها او حولها اهم المواجهات… ولن تكون الا بسحق فلول العملاء والإرهابيين المستثمرين في أوجاع الشعب السوري الذي أصبح مستهدفا من الأشقاء والأعداء مجتمعين او مفترقين…
عبد الكريم قطاطة:
علاقتي زمنيا بالتلفزة كمخرج لم تمنعني من حضوري اذاعيا امام المصدح العشق … وللعشق احكام لا تخضع لمنطق العقل… هذا يعني اني واصلت علاقتي بالمصدح العشق… وهو ما احدث اشكالا اداريا في كيفية التعامل ماديا في هذه الحالة…
دعوني افسّر لكم كيف تتم معاملة الموظف في الاذاعة والتلفزيون… ايّ موظف وكسائر الموظفين وفي ايّ قطاع… له راتب شهري يتناسب وشهائده العلمية ..مع اضافة بعض المنح كمنحة الانتاج لكل الموظفين ومنحة المسؤولية لكلّ من تقلّد مسؤولية ما… لكن وفي صورة قيام الموظف بمهام اخرى خارج اختصاصه تتعامل المؤسسة بمنظومة عقود انتاج… مثلا عندما يكون الموظف مخرجا كحالتي او مهندس او او او ويقوم بانتاج برنامج ما، يصبح من حقه الحصول على عقد انتاج مكافأة على انتاجه… بالنسبة لي وعندما كنت اقوم بعملي الوظيفي كمخرج كنت وبشكل مواز اقوم بانتاج وتنشيط بعض البرامج الاذاعية كمواعيد ومساء السبت واصدقاء الليل…
عندما طالبت ادارة اذاعة صفاقس بتفعيل قانون عقود الانتاج… انذاك كان مدير اذاعة صفاقس المرحوم النوري العفاس وكان وللامانة مقتنعا بحقوقي وبحقوق بعض الزملاء امثالي… خاصة انّ الزملاء في الاذاعة الوطنية كنجيب الخطاب وصالح جغام رحمهما الله كانا يتمتعان بعقود انتاج… ووعدني السيد النوري العفاس بمراسلة الادارة العامة لتمكيننا من حقوقنا… فقط طلب منّي (شوية وقت) حتى يُنهي الامر… وفعلا كان الامر كذلك ..لكنّ (هالشوية بطا) … وبرشة زادة… وقتها عاد عبدالكريم المشوم خرج من القمقم متاعو… اعلنت التمرّد وهمست لاخرين للتمرّد معي (عبدالجليل بن عبد الله وكمال بوخضير)… وقرر ثلاثتنا الانسحاب من برامجنا الاذاعية…
وطبعا الصحف وكعادتها تهتم جدا بمثل هذه الاخبار… بعضهم بتعاطف صادق معنا واغلبهم تلك الاخبار وحسب تعبيرهم (تبيع) اي تجد قراء لشراء صحفهم .. حيث كتبت “الصدى” انذاك والبنط العريض (لهذه الاسباب توقف برنامج اصدقاء الليل) في 19 ـ 2 ـ 91 … وفي نفس الجريدة وبتاريخ 5 ـ 3 ـ 91 مقال بعنوان (ويتواصل الانسحاب)… وفي “الصباح” مقال بعنوان (متى يعود منشطو اذاعة صفاقس؟) 16 _ 3 _ 91 … وفي جريدة الصدى مقال بعنوان (انسحاب بسبب العقود) 30 ـ 7 ـ 91 … لكنني في المقابل تطوعت مع زميلي عبدالجليل وثلة من براعم مجموعة شمس لاعداد وتنشيط عيد ميلاد اذاعة صفاقس في الذكرى الثلاثين لتاسيسها 8 ديسمبر 1991 وعلى امتداد 14 ساعة ..نعم … على خاطر عين تتذارى ميات عين ..
ومما زاد الطين بلّة انه ورغم توقفي عن الانتاج وكما جرت العادة في جريدة البيان في استفتائها السنوى عن دنيا الاعلام، يحوز هاكة المشاغب اللي هو انا على جائزة افضل منشط …البيان 30 _ 12 _ 91… ونفس النتائج بجريدة الصحافة 31 ، 12 ـ 91 … ونفس النتائج بجريدة الصباح 15 ـ 1 ـ 92… وتواصل الامر على حاله دون حلحلة لمشكلة عقود الانتاج حتى شهر جوان 92… حيث كتبت الصدى مقالا بشكل استفهامي و بعنوان (عبدالكريم قطاطة يغتزل العمل الاذاعي؟) الصدى 20 ـ 6 ـ 92 … وكما عادة المسؤولين الاوائل على راس مؤسسة الاذاعة والتلفزة، يقلقون جدا من الاخبار السيئة التي تتناول المؤسسة، فكان التدخل من رئيسها انذاك السيد عبدالحفيظ الهرقام ..دعاني للحضور بمكتبه في المؤسسة الام ..وفعلا كان اللقاء معه ..
استقبلني بكثير من الجدية واللوم ايضا ..وكان مختصرا جدا في بداية لقائه معي ويمكن اختزال ما قال: (اما كان من الاجدر ان تكلمني في الاشكال عوض اللجوء الى الصحف والجرائد؟)… استاذنته في طرح المشكل بكلّ حيثياته واذن لي بالحديث ..كان مستمعا جيّدا للغاية ..حدثته عن كل مشاكل الاذاعة الجهوية وعن مشاكل عقود الانتاج طبعا ..اندهش جدا من الامر ووعدني بحلّ الاشكال وبالسرعة القصوى… ورجاني في خاتمة اللقاء بان يكون ما حدث في حواري معه داخلا في خانة الكتمان… ووعدني بزيارة في اقرب الاجال للاطلاع عن كثب عما تعيشه اذاعتنا الجهوية من مشاكل ومشاغل ..ووفى الحرّ بما وعد ..سبتمبر 93 …
وان انسى شيئا فلن انسى اني فوجئت صباح ذات يوم بالزميل المكلف بالاستقبال، يعلمني انّ الرئيس المدير العام حلّ باذاعة صفاقس هذا الصباح وانّه مجتمع بالموظفين والاطارات باستوديو التلفزة ..وماكدت الج باب الاستوديو حتى لمحني السيد عبدالحفيظ الهرقام وجاء لاستقبالي ..اخجلني فعلا بتلك الحركة والتي كانت مقصودة منه للتعبير عن تقديره لي والتعاطف معي ..وكان العديد من الاطارات تحت صدمة… وبّهت الذي كفر _ والبعض منهم كان يتساءل في داخله (تي اشنوة هالمخلوق ؟ يخخي عندو سبعة ارواح ؟؟ كل مرة يخرج مظفّرا من مشاكله التي لا تنتهي) ..
اختم بالقول شكرا سي عبدالحفيظ على الدعم وعلى الفعل خاصة لانه فعّل قانون عقود الانتاج… ولانه خاصة قام بتحويرات في المسؤوليات والمسؤولين والله شاهد انه ليس من اجل سواد عينيّ بل من اجل مصلحة المؤسسة .. وحتى مجلّة الاذاعة التي تتبع في خط تحريرها للمؤسسة، بادرت بنشر مقال عن عودتي للتنشيط الاذاعي 24 ـ 6 ـ 93… وكان بعنوان (بعد سنة من التأمل سيعود عبدالكريم قطاطة لجمهور المستمعين) ..سنة تامّلا يا كاتب المقال ؟؟ اتفهّم جدا العنوان… الم اقل لكم انّ المجلّة تخضع لخط تحرير المؤسسة ..؟؟
للتاريخ بدات افكّر في مشروع برنامج يحمل اسم اذاعة بالالوان حت ىكُتب له ان يخرج للنور ويكون اخر برنامج انتجته ونشطته في اذاعة صفافس …
ـ يتبع ـ
عبد الكريم قطاطة:
الميدان التليفزيوني عشت فيه تجارب اخرى احداها مع الزميلة جميلة بالي كمخرج لبرنامجها البيت السعيد …والسيدة جميلة بالي هي بالنسبة لي من افضل من قدم هذه النوعية من البرامج والتي تهتم بالاسرة وبالبيت …
حضورها تلفزيا كان دافئا وثقافتها بكل ما يهم الاسرة والبيت شاسعة… لذلك حرصت كمخرج ان اوظّف الديكور والاضواء وزوايا التصوير لابرازها بمواصفاتها… تجربة اخرى اعتز بها بل واعتبرها من افضل تجاربي كمخرج تلفزي… انها منوعة قناديل … هي منوعة ثقافية بالاساس اجتمعت فيها عناصر عديدة لتؤسس لنجاحها لدى المشاهدين… تلك العناصر تمثلت اوّلا في حذق منشطتها الزميلة ابتسام المكوّر وجديتها وعمق خزانها الثقافي… ابتسام بالنسبة لي وفي ذلك الزمن كانت تمثل واحدة من افضل المنشطات اذاعيا وتلفزيا، هي وهالة الركبي… حضور متميز… ثقافة واسعة… وقدرة فائقة على التحاور…
العنصر الثاني تمثّل في مشاركة الاستاذ رضا بسباس في الانتاج اوّلا وفي تناول الموضوع المقترح لكلّ حلقة… وما ميّز الزميل رضا بسباس البحث في جوانب طريفة عبر العديد مما كُتب في الموضوع وعبر الامثال الشعبية لنفس الغرض… العنصر الثالث وهو من العناصر التي اعطت رونقا خاصا لبرنامج قناديل والمتمثل في تكفّل الزميل والصديق محمد العود رحمه الله بالجانب الموسيقي للبرنامج… محمد رحمه الله كان شديد الحرص على الانتقاء الجيد لنوعية الاغاني الخالدة واعادة توزيعها، و على اختيار الاصوات المؤدية لتلك الاغاني… محمد رحمه الله كان من الفنانين القلائل الذين لا عاطفة لهم في اختياراته وهو كسمّيع جيّد للعزف والتنفيذ صعب المراس… لذلك جاءت نتيجة تفانيه في عمله موسيقيا جيّدة للغاية…
وحرصت من جانبي على ان اتماهى مع هذه المجموعة لاخرج برنامج قناديل في حلّة جميلة… وهنا لابدّ من تحية الفنان الاستاد لمجد جبير الذي تكفل بصنع الديكور كاوّل تجربه له في الميدان التلفزي… والزميل نورالدين بوصباح كمدير للاضاءة وكافة الفريق التقني الذي عمل معي بكل حبّ وجهد … البرنامج لقي صدى ممتازا لدى السادة المشاهدين مما جعل بعض التلفزات العربية (كالـ”ام بي سي”) تفكّر في شرائه… هكذا قيل لنا والله اعلم….
نهاية برنامج قناديل لم تكن سارّة بالمرّة … نعم … وهاكم الاسباب… انا وابتسام كنا ومازلنا صديقين علاوة على الزمالة …ربما لاننا نشترك في خاصيات عديدة في شخصيتينا ..ومن ضمنها النرجسية …اي نعم .. اليس كذلك يا ابتسام ؟؟… من هذه الزاوية ابتسام كانت حريصة جدا على انتاج حلقات قناديل في موعدها وهي مُحقّة في ذلك …لكن وبقدر حرصي كذلك وعلى امتداد حلقات عديدة كي انجز تلك الحلقات اخراجا ومونتاجا وميكساجا، بقدر ايماني بانّ عملي يدخل في خانة الفنّ وليس في خانة الوظيفة .. والفنان بالنسبة لي قد تعتريه اوقات يجد فيها نفسه غير مؤهل للعمل …فيؤجل القيام بعمله لايام افضل …حدث هذا الامر مرة واحدة لم استطع فيها القيام بواجبي لاحضار الحلقة في موعدها ..هنا ثارت ثائرة ابتسام ولم تقبل بالامر …وكعادتها عندما تكون غاضبة زمجرت في وجهي وبكلّ حدّة …
ولانّ نرجسيتي لا تقلّ عن نرجسيتها ..رفضت زمجرتها وبكلّ حدّة ايضا وقلت لها (مانيش صوينع نخدم عندك) وانسحبت من اخراج البرنامج …وطبعا كان موقفها (محسوب كان انسحبت توة نعيّط لسي بوبكر) وهي تعني الزميل بوبكر العش رحمه الله… و(طززز فيك) .. هي لم تقلها للامانة طززز فيك ولكن ذاك كان موقفها ضمنيا …وفعلا اخذ زميلي العش على عاتقه مهمة اخراج قناديل بتصور اخر وديكور اخر …لكنّ التجربة لم تعمّر كثيرا ..ليس قدحا في امكانيات المرحوم ابو بكر بل ولانّي اعرفهما بعمق كنت واثقا انّ التناغم بينهما لن يكون في اوجه ….
تجربتي الثالثة في الميدان التلفزي كانت في خانة اخراج المباريات الرياضية (كرة قدم)… هذه التجربة سبقها تدريب تكويني في الغرض بدمشق ولمدة 21 يوما بمركز تابع للاتحاد العربي للاذاعة والتلفزيون سنة 1996… بعد اتمام التدريب الذي كان على درجة متميزة نظرا لكفاءة المؤطرين، كلّفتني ادارة التلفزة باخراج بعض مباريات النادي الصفاقسي سواء في البطولة الوطنية او في المسابقات الافريقية … وكنت فيها فاشلا بكلّ المقاييس … نعم … نقل واخراج المباريات الكروية يتطلب عنصرين هامين… اوّلهما التركيز الكلّي على مجريات اللعب مع الحرص على اختيار زوايا مختلفة لتنويع المشهد… والحرص خصوصا على عدم التفويت في ايّة لقطة هامة في المباراة ..وهنا ياتي دور العنصر الثاني وهو سرعة رد الفعل للمخرج في اختيار الكاميرا المناسبة التي تصوّر اللقطة الهامة… هدف او ضربة جزاء او اعتداء لاعب على اخر كامثلة …
قلت اني فشلت فشلا ذريعا في اخراج هذه المقابلات اوّلا خوفي من تفويت اللقطات الهامة اجبرني على اختيار الكاميرا التي ينحصر دورها في تصوير المشهد العام Plan général ///ككاميرا رئيسية طوال فترات اللعب ..وهو ما يجعل اللاعبين اشبه بالذباب فوق الشاشة .. ثم انتمائي وعشقي للسي اس اس جعلني في احيان كثيرة اتماهى مع لاعبي النادي بشكل ذاتي وانسى دوري كمخرج …اي نعم لم استطع في عديد اللقطات التخلص من ذاتيتي… بل احيانا كنت اصفق وارقص عندما يسجل فريقي هدفا ما وكاني واحد من قوم الفيراج … ولانّي كنت وخاصة في ما يتعلق بالامور المهنية قاسيا جدا في الحكم على نتائج الاعمال، ..اعتذرت لادارة التلفزة عن مثل هذه الاعمال التي كانت رديئة فعلا بمنظار علمي ..وادارة التلفزة كان موقفها من قراري (الحمد لله جات منك يا ميضة انت ناشفة وانا تارك صلاة) …
التجربة الاخيرة في الميدان التلفزي كمحرج خضتها مع زميلي زهير بن احمد ..كان البرنامج يحمل عنوان (دروب وآفاق) ..وهو ايضا من النوع الوثائقي …تنقلنا فيه الى عديد المناطق في صفاقس وخارجها لتصوير دروبها وآفاقها … كان فيها الزميل زهير ذلك الصحفي الهادئ الرصين والمتمكن وبحرفية من عمله ..وكنت فيه المخرج الذي حاول قدر الامكان ان يجتهد في حدود ما يتطلبه الشريط .. ولعلّ ابرز الحلقات التي بقيت راسخة في ذاكرتي حلقة تناولت صفاقس الجديدة كمشروع… حيث وقع هدم القناطر الثلاث التي كانت موجودة انذاك بطريق تونس وقرمدة والعين ..وحيث وقع ايضا تصوير اوّل قطار يدخل لصفاقس بعد تحويل مساره من صفاقس الى قابس …
تلك كانت تجاربي في ميدان التلفزيون كمخرج وكمنتج احيانا والتي لا يمكن في باب تقييمها الا بوصفها بالمتواضعة جدا ..ودون ما كنت اطمح اليه …
ـ يتبع ـ
معهد العلوم الإسلامية بالقيروان… موريتانيا تفوز في مقال الأخلاق الفاضلة
ندوة التكنولوجيا في الوسط الجامعي
نحو مهرجانات صيفية… تكون قاطرة تنموية لامركزية
ورقات يتيم … الورقة 94
الوكالة العقارية للسكنى تحتفل بمرور 50 عاما على تاسيسها
استطلاع
صن نار
- ثقافياقبل يوم واحد
معهد العلوم الإسلامية بالقيروان… موريتانيا تفوز في مقال الأخلاق الفاضلة
- ثقافياقبل يوم واحد
ندوة التكنولوجيا في الوسط الجامعي
- منبـ ... نارقبل يوم واحد
نحو مهرجانات صيفية… تكون قاطرة تنموية لامركزية
- اجتماعياقبل يومين
الوكالة العقارية للسكنى تحتفل بمرور 50 عاما على تاسيسها
- ثقافياقبل يومين
قريبا… أيام قرطاج السينمائية في دورتها 35، والوفاء لمن رحلوا
- صن نارقبل 3 أيام
بعد إسهامها في إسقاط النظام… تركيا تتسيّد المشهد السوري
- صن نارقبل 3 أيام
للإجهاز على ما بقي من نظام الأسد… إسرائيل تنفّذ 100 هجوم جوي على مناطق متفرقة من سوريا
- صن نارقبل 3 أيام
تخريب السفارة الإيرانية في دمشق… وتمزيق صور الخميني ونصر الله