تابعنا على

جلـ ... منار

بنون و آباء

نشرت

في

راح آدم يبحلق في يدي وأنا أخلط صحن التبّولة…احسست أن وراء نظراته الثاقبة سؤالا مهمّا، بل خطيرا جدا، وأنا أثق بأحاسيسي، فقلّما خذلتني!

وفاء سلطان
<strong>وفاء سلطان<strong>

سألته: ما القضية؟

فردّ على الفور متسائلا: تاتا من علمك تحضير التبولة؟

وتابع، قبل أن يأخذ نفسا آخر: هل تعلمتِها من الماما؟

!يااااااالها من إهانة كبيرة جرحت كبريائي، ولَم أكن أتوقعها! أمه علمتني تحضير التبولة؟؟؟ويلييييي على حالي عا هالسمعة، زوجة ابني تعلمني فن الطبخ؟؟ والأنكى من ذلك تحضير التبولة!

………

اتصلت أمه بعد قليل تطمئن عليه:

مرحبا خالتو، كيف آدم؟ إنشالله ما عّم يعذبك؟

رددت مكسورة الخاطر:

– ليته عذبني وبس، لقد أهانني إهانة لن أنساها بسهولة!

– ياربي…ياربي لطفك، خير؟

– سألني إن كنت تعلمت تحضير التبولة منك؟

سمعت قهقهاتها من وراء سماعة الهاتف، وجاءني تعليقها ليزيد الطين بله: خالتو، أنت الأدرى والأعلم بأن الأطفال لا يكذبون ودائما يقولون الحقيقة!

– أبوكن واحد ورا التاني، ناقصني ها السمعة،تعي خدي ابنك وإلا سأرسله بطرد بريدي!

…………

كما ينظر المؤمن إلى ربه نظرة لا يشوبها أي شك من أنه قادر على أن ينتشله من أوهن وأضعف لحظاته، كذلك ينظر الأطفال إلى آبائهم.

هم ومنذ نعومة أظفارهم، يشعرون بعجزهم وضعفهم، لكنهم – وبعكس الكبار – لايتأثرون سلبا بهذا الشعور طالما لا يفقدون الثقة بآبائهم. فالآباء في نظر الأطفال ـوخصوصا في سنواتهم العشر الأولى ـ أبطال وهراقل، ومن الأخلاق والإنسانية بمكان أن لا تزعزع صورة أب أو أمّ في ذهن طفل،فثقة الطفل بنفسه لا تتزعزع الا عندما تضعف ثقته بوالديه!

يتشرب الطفل ثقته بوالديه لتصبح مع الزمن ثقته بنفسه، إذ لا يميّز في عمره المبكر بين كيانه وكيان من يربيه. وخير ما يجسد تلك الفكرة قصة قرأتها مرّة عن أب أمريكي،كان يقوم ببعض الأعمال في حديقة منزله، وبجانبه طفله ابن الخامسة. صاح الطفل: بابا، حاولت أن أقلب ذلك الحجر بكل قوتي ولم أستطع!

فردّ الأب: لا ليس صحيحا، أنت لم تحاول، فأنا أقف بجانبك ولم تسألني أن أساعدك.

أراد الأب أن يثبت لطفله أنه يستطيع أن يستمد قوته من قوة والده، فكلاهما قوة واحدة.

…….

ويبقى السؤال:هل تستطيع جدة في هذا الشرق المعذب ان تعزز ثقة حفيدها بأمه، عندما تكون أمه زوجة ابنها، ناهيك على أن تعزز ثقة ابنها بزوجته؟؟!

أشك في ذلك.

……..

يتربى الذكَر في بلداننا (بغض النظر عن انتمائه الديني والطائفي) في ظل ثقافة اسلامية تضعه في اللاوعي تحت ضغط مفهومين متناقضين كل التناقض، عندما يتعلق الأمر بالمرأة في محيطه.فهي أكثر أهل النار، وفِي الوقت نفسه الجنة تحت أقدامها

……..

لكي يخفف من ضغط هذا التناقض، راح يعامل زوجته وفقا للمفهوم الأول، وأمه وفقا للمفهوم الثاني.

تعيش المرأة حتى المرحلة الأخيرة من عمرها وكأنها مشروع حتمي لجهنم، وبناء على ذلك تلقى الويل من والدها وأخيها وزوجها وكل ذكر في محيطها.

في المرحلة الأخيرة من عمرها، وبعد أن يموت الأب ويضعف الزوج المتقدم في العمر، ويحل محله ابنها الذي كبر، و هو الذي يرى في أمه مشروعا حتميا تجري من تحته جنان الخلد، فيحاول أن يعوض لها القهر الذي عاشته سابقا،وذلك على حساب زوجته وعائلته.

في تلك المرحلة تنفش الأم ريشها لتتسلطن على حساب زوجة ابنها أملا في أن تعوض مافاتها، ومن مبدأ “ماحدا أحسن من حدا، لقد عانيتُ من زوجي وأمه، وجاء الآن دورك لتعيشي مأساتي”

فتستمر الكارثة من جيل إلى آخر.

……..

أغلب مشاكل الحياة الزوجية في مجتمعاتنا تنبع من هذا السيناريو، إن لم يكن كلها. والأم – أم الذكر – تتحمل الشطر الأكبر من مسؤولية تحطيم البيت الزوجي لابنها.لقد كنت يوما زوجة ابن، وأنا اليوم أم لزوج، وانطلاقا من كوّني – بعد هذا العمر – أكثر خبرة وقدرة على التعامل مع مجريات الحياة، أرى نفسي مسؤولة عن طبيعة علاقتي بزوجة ابني،

طبعا باستثناء حالات نادرة جدا تكون فيها زوجة الأبن، لسبب أو لآخر، عصية على التعامل بالحسنى.

……….

.ربّتّ على كتف آدم، وطبعت قبلة على رأسه،نعم ياحبيبي، لقد تعلمت تحضير التبولة من أمك، فهي الأروع والأجود في تحضيرها!

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جلـ ... منار

موجات

نشرت

في

وفاء سلطان:

مضى على وجودي في أمريكا 36 سنة.

لم أدخل يوما مطعما إلا وتركت للنادلة بخشيشا يفرح قلبها وفوق تصورها.

وفاء سلطان

معظم الذين يخدمون بالمطاعم في أمريكا هم طلاب جامعات ليسدوا مصروفهم، فلقد اشتغل أولادي في المطاعم أثناء جامعاتهم وأعرف كم كان البخشيش هاما بالنسبة لهم.

إلا البارحة قررت أن لا أترك لها سنتا، لكن زوجي رفض القرار وقال كعادته: حرام!

(نعم هو ألطف مني في هكذا مواقف)

أوقح نادلة رأيتها في حياتي، تخبط الصحون على الطاولة وكأنها خرجت لتوها من معركة مع زوجة أبيها.

ضبطت أعصابي بشق الأنفس

لقد اعتدنا ان نفتح حديثا مع من يخدمنا في المطاعم حتى نعرف حياته من ألفها إلى يائها،

ولكن هذه النادلة لم تترك لنا مجالا لنقول: شكرا!

نحن نذهب إلى المطعم ليس من أجل الأكل فقط، بل لتغير الجو وتحسين النفسية، وعندما تقارب الفاتورة المائة دولار وتلقى هكذا معاملة تصاب بالإحباط

حسب رأيي خدمة الزبائن في أمريكا أفضل من أي بلد في العالم زرته، ولنفس السبب لم أحب دول أوروبا!

القاعدة العامة في أمريكا تقول: يجب أن تتعامل مع الزبون كما لو كان دوما على حق!

لو كانت ابنتي محلي لقالت: ماما ارجوكِ سامحيها، لا أحد يعرف كيف كان يومها

هذا صحيح، ولكن على من يشتغل في المرافق العامة وخصوصا المطاعم أن يكون لطيفا تحت أي ظرف!

الحياة لا تعاش إلا ببعض التنازلات، وعندما يتعلق الأمر بعملك يجب ان تتمتع ببعض القدرة على إخفاء آلامك الشخصية ولا تنقل طاقتك السلبية لغيرك!

طاقة كل إنسان تشدّ أو تحجب عنه رزقه، وذلك حسب طبيعتها

كنا ندفع على الأقل 20٪؜ من قيمة الفاتورة، لكن بعد تراشق بالنيران وشد شعر ترك لها زوجي مبلغا، وأنا أتمتم: يا خسارة

فالسلوك الذي يُكافأ يتكرر!

أكمل القراءة

جلـ ... منار

أناقة ما بعد السبعين

نشرت

في

وفاء سلطان:

في الثمانينات من عمرها.

أحنى الزمن ظهرها قليلا، لكن روحها مازالت تعانق السماء.

وفاء سلطان

التقينا في المكان المخصص لعربات التسويق على باب أحد المحلات.

وبينما هي تسحب عربتها التقت عيوننا فصبّحت علي.

رددت التحية، وتابعت: تبدين جميلة جدا، إذ من النادر أن ألتقي بامرأة بهذه الأناقة والترتيب!

فعلا الحياة الأمريكية العملية أنستنا الكثير من أصول الأناقة والتزين.

إلى حد ما، تعجبني هذه العفوية في أمريكا،

فلقد خففت عنا نحن النساء مهمة التبرج كل صباح، وزادت ثقتنا بأنفسنا.

لكن من ناحية أخرى، من الجميل أن نحافظ على أناقتنا ومظهرنا طالما لا نبالغ

نعم لا نبالغ، فلقد أصبحت الكثيرات من النساء اليوم نسخا متكررة من لعبة باربي:

قشرة من الخارج وفراغ من الداخل

المهم، أشرقت ابتسامتها حتى أضاءت وجهها المهندس بطريقة فنية غير مبتذلة، وقالت بعد أن وضعت يدها على كتفي:

حبيبتي كل سلوك تتقنينه عادة، فمتى تعلمتِ عادة تصبح طريقة حياة

ثم تابعت:

منذ سنوات مراهقتي لا أخرج من البيت حتى أتأكد من أنني أسر الناظر إليّ، فمظهرنا الخارجي يعطي الانطباع الأول

أكدت لها أنها فلسفتي كذلك، وتمنيت لها يوما جميلا

أكمل القراءة

جلـ ... منار

من عياش إلى السنوار… “دوري” الإرهاب الصهيوني

نشرت

في

صبحي حديدي:

اللجوء إلى منهجيات المقارنة يقتضي، بادئ ذي بدء ربما، اعتماد درجة الحدّ الأدنى من التكافؤ أو التناظر تارة، والتفاوت والتنافر تارة أخرى، بين مقارَن وآخر؛ الأمر الذي تتضاعف اشتراطاته، ومشاقّه استطراداً،

صبحي حديدي

إذا كانت المقارنات تخصّ البشر عموماً، وفي ميادين مثل الأخلاق والنفس والسياسة والعقيدة خاصة. فليس من اليسير، في يقين هذه السطور، وضع قياديي “حماس”، ممّن استهدفتهم آلة الإرهاب الإسرائيلية في مواقع شتى وسياقات زمنية وسياسية مختلفة، على محكّ تقييمٍ مقارَن واحد أو متماثل؛ حتى إذا كان تسويغ هذا الخيار ينطلق من مبدأ المساواة، ضمن معايير سياسية أو عسكرية أو إيديولوجية، إيجابية أو سلبية، متَّفق عليها أو محلّ اختلاف. وحتى، أيضاً وربما قبلئذ، إذا ارتكزت المقارنات على مسلّمة ابتدائية وناظمة تضعهم، أجمعين، في خانة مقاومي كيان استعماري عنصري استيطاني فاشي المكوّنات وأبارتيديّ المسارات.

ثمة، بذلك، مقادير متقاطعة عليا من التكافؤ في مصائر الاستهداف الإسرائيلي لأمثال يحيى عياش (المهندس) والشيخ أحمد ياسين وصلاح شحادة وعبد العزيز الرنتيسي وسعيد صيام وصالح العاروري وجميلة الشنطي وإسماعيل هنية ويحيى السنوار؛ وثمة أيضاً، وفي المقابل الموضوعي أو الضروري، مقادير متقاطعة دنيا من التباينات الناجمة أصلاً عن الوظائف والدلالات والمصائر. طرائق النَيْل من المهندس أو السنوار، ليست مثل اغتيال الشيخ ياسين (قعيد الشيخوخة) أو هنية (النائم في فراشه)، والفارق لا يخفى بصدد الآخرين.

غير منتفاة بالتالي، بل هي ضرورة سياسية ومبدئية، مسألة التشديد على قاسم مشترك أوّل هو إرهاب الدولة الإسرائيلي بوصفه شكل تنفيذ هذه الاغتيالات، وإرهاب الدولة الصهيوني بوصفه المضمون العقائدي الذي يحرّك الدوافع من قلب “فلسفة” عتيقة ترى في الفلسطينيّ تهديداً وجودياً في ذاته وبذاته. وأياً كانت تفاعلات الشكل مع المضمون فإنّ توحّش إرهاب الدولة يلجأ، دون إبطاء، إلى إخراج الجغرافيا من المعادلة: “المهندس” ابن سلفيت في الضفة الغربية، متساوٍ مع السنوار سليل مجدل عسقلان المحتلة سنة 1948، وكلا الفلسطينييَن في خانة واحدة مع محمد الزواري… التونسي!

وليس عجباً أنّ الليكودي أرييل شارون كان مهندس اغتيال الشيخ ياسين؛ و”حكيم” حزب العمل، شمعون بيريس، كان الآمر باغتيال عياش؛ والليكودي الثاني نتنياهو كان على رأس حكومة الاحتلال يوم استشهاد السنوار. وليس من باب العجائب أنّ الثلاثة كانوا مجرمي حرب بامتياز، كلٌّ على طريقته وأفانين إجرامه، وأنّ تكوين دولة الاحتلال ظلّ ينحطّ من هاوية عنصرية إلى أخرى فاشية.

والحال أنّ منهجيات المقارنة الكلاسيكية ذاتها قد تعيد إنتاج مواضعاتها المألوفة، بين ماضي 1996 وحاضر 2024، على أصعدة حاسمة تخصّ ما هو عميق ومحوري في معمار “حماس” السياسي والعسكري والعقائدي. ذلك لأنّ أغراض الاحتلال من وراء اغتيال “المهندس” انقلبت ضدّها حين أفقدت قيادات “حماس” بعض ذرائع الاعتدال، وانتظار استكمال الانتخابات بوصفها الاستحقاق السياسي الفلسطيني الأبرز في ذلك الطور، وأفسحت المجال أمام انعتاق الحرج الآخر الذي كان يكبّل فصائل عز الدين القسام ويشلّ عملياتها.
وليس استشهاد السنوار ببعيدٍ، اليوم، عن منطق تطوّر مماثل تُضاف إليه اعتبارات عديدة فرضتها سيرورات “طوفان الأقصى” وحرب الإبادة الإسرائيلية ضدّ قطاع غزّة؛ إذْ قد يقبل امرؤ أنّ غياب السنوار عن المشهد الميداني في قلب المعركة المفتوحة يمكن أن يوجع المقاومة، وقد يساجل امرؤ آخر بأنّ الغياب ذاته قد يكون عتبة الوثوب إلى مراحل انتقال ليست أقلّ استكمالاً لتلك التي دأب عليها القائد الغائب.

“دَوْري” إرهاب الدولة الصهيوني تتعاقب فصوله، إذن، ولكن ليس من دون تبدّلات تقلب السحر على الساحر الإسرائيلي؛ كأنْ يفوّت السنوار على الكيان فرصة “اقتناص” على شاكلة شيخ في كرسيّ متحرّك، أو قيادي نائم في فراش.

ـ عن “القدس العربي” ـ

أكمل القراءة

صن نار