جور نار
ما أنصح به عمليا والتوجيه الجامعي على الأبواب
نشرت
قبل سنة واحدةفي
من قبل
منصف الخميري Moncef Khemiriينطلق الناجحون الجدد في باكالوريا 2023 يوم الأربعاء 26 جويلية (وإلى غاية يوم الأحد 30 من نفس الشهر) في إجهاد أنفسهم من أجل تخيّر أي مسلك دراسي جامعي يُلائم أحلامهم وطموحاتهم ومشاريعهم في الحياة ومستويات اقتدارهم الذهني وميولهم النفسية ومستوى المجموع الذي سيتنافسون بموجبه مع نظرائهم… وإن العوامل والإكراهات التي يتعيّن على المترشح أن يأخذها بعين الاعتبار في تعددها هي التي تجعل من عملية الاختيار مهمّة صعبة ومتسبّبة بشيء من التوتّر والقلق والحيرة… وهو في حدّ ذاته مؤشّر إيجابي حسب رأيي لأنه ينمّ عن حرص وجديّة في التعاطي مع “تقرير المصير”.
وما يجعل عملية الاختيار يكتسيها بعض من الصعوبة والدقّة لدى الطالب الجديد هو تحوّزه على جملة من المؤشرات المعلومة (مثل المعدل في الباكالوريا والترتيب الوطني حسب الصيغة الاجمالية وطاقة الاستيعاب المفتوحة في كل شعبة) وافتقاره في نفس الوقت إلى مؤشرات حاسمة أخرى تكون غير مُتاحة أثناء فترة تعمير بطاقة الاختيارات، مثل نسبة المتحصلين على معدلات متميزة في كل نوع من أنواع الباكالوريا، وكثافة الإقبال على مختلف عروض التكوين وحجم التأثير الذي سيكون للتنفيل الجغرافي على تلاميذ بعض الجهات، إلخ…
أردت من خلال هذه الورقة أن أضع بعض ما تعلّمته من تجربتي المتواضعة في مجال التوجيه الجامعي تحت أنظار المترشحين، متقدّما ببعض النصائحالتي قد تُساهم في تبديد بعض حيرتهم أو تُسند اختياراتهم أو كذلك تقيهم مغبّة بعض الأخطاء التي يصعب تداركها في المحطات اللاحقة.
أولا : الباكالوريا عُملة ثمينة قابلة للتفعيل في أي مربّع أنت تصنعُهُ
أقنع نفسك من الآن أنك أحرزت الباكالوريا وبالمعدل الذي أتاحته ظروفك ونفسيتك ومُراكماتك السابقة في لحظة اجتيازها وبالتالي، اعتبرْ أنك أنجزت شيئا مهمّا في مسيرتك التي مازالت تطول ولا فائدة من التغبّن على نقاط أفلتت منك أو أداء أفضل كان من الممكن تحقيقه. واستمر في التمسك بتحقيق حلمك عبر “مختصرات” أخرى توصلك إلى نفس النتائج والمؤدّيات التي كنت ستنالها بواسطة مسالك يتطلب ولوجها معدلات عالية جدا في هذه المرحلة. (وإلا لما كان خرّيجو كبرى مدارس الهندسة التي التحق بها المتفوقون بعد الباكالوريا يعملون اليوم جنبا إلى جنب مع خريجي مؤسسات تعليم عال تونسية “عادية” تفوقوا “لاحقا” وثابروا و “مَجْوَروا” (كما يعبّر الشباب) وانتزعوا أفضل العقود والفرص الشغليّة في تونس وفي الخارج !).
ثانيا : عنوان الشعبة لا يعني شيئا إذا لم يقترن بمآلاته دراسيا وشغليّا
عند اختيارك لشعبة ما، يتعيّن عليك الانتباه إلى “التخصّصات” التي تُفضي إليها تلك الشعبة الجامعية بعد السداسيّات المشتركة الأولى، لأن نفس المسلك الذي تُدرّسه عديد المؤسسات بتسمية موحّدة لا يُفضي بالضرورة إلى نفس التخصّصات هنا وهناك. فعلى سبيل المثال إجازة علوم التصرف بالمعهد الأعلى للتصرف بباردو تُفضي إلى تخصصات إدارة الأعمال والتسويق والمالية والمحاسبة والتصرف في الموارد البشرية (كمسالك توجيه ممكنة تُلوّن الشهادة النهائية في علوم التصرف) بينما نفس هذه الإجازة بمعهد الدراسات التجارية العليا بصفاقس لا تُتيح إلا الهندسة الاقتصادية والمالية، والإجازة في الحقوق التي تدرّسها عديد المؤسسات تُفضي إلى تخصصات القانون العام والقانون الخاص باستثناء صفاقس وقابس حيث يُدرج القانون العقاري كتخصص ممكن مع القانون العام والقانون الخاص بعد السداسيات الأولى، إلخ …
ثالثا : ترتيب الاختيارات للحلم فيه نصيب … قبل مجموع النقاط
التطبيقة الإعلامية المخصّصة لمعالجة اختيارات الطلبة الجدد، على درجة عالية من الإتقان بحيث تسمح بترتيب كل الناجحين في الباكالوريا والمترشحين للتوجيه الجامعي في كل باكالوريا على حِدة وفي كل الاختيارات التي عبّروا عنها (أي بعض مئات الآلاف من الاختيارات) قبل الشروع في أي تعيين. ثمّ يُنظر إلى كل شعبة مطلوبة على حِدة وإلى مجموع مَن طلبها في المقام الأول ثم من طلبها في المقام الثاني…إلى غاية المقام العاشر. تُعطى الأولوية بطبيعة الحال إلى من رتّب تلك الشعبة كاختيار أول ولكن بعد مُقارنته بمن طلبها في الاختيار الثاني على سبيل المثال. ويتحصل عليها هذا الأخير في حالتين اثنتين : إذا كان مجموع من رتّبها كاختيار أول أدنى من مجموع الذي رتّبها في المقام الثاني وإذا لم يتحصل صاحب الاختيار الثاني على اختياره الأول. بمعنى أنه على المترشح للتوجيه الجامعي أن يستغل كل حظوظه مهما كانت جزئية وضئيلة في الاختيارات الأولى ويترك “المؤكّد” إلى نهاية الترتيب، لأنه في كل الحالات لا يمكن أن ينتزعه منه من رتّبه في بداية بطاقة اختياراته دون توفّر شرط مجموع النقاط المُقارن.
رابعا : خذ نصيبك من الدورة الرئيسية
في إطار “حماية المُشرّع لنفسه”، تضاعف منذ السنة الماضية التضييق على المترشحين للتوجيه الجامعي من خلال “احتفاظ وزارة التعليم العالي لنفسها بالحق في عدم الاستجابة لمطالب إعادة التوجيه حتى وإن توفّر شرط مجموع نقاط آخر موجّه (لسنة 2023) بتعلّة “استنفاد طاقة الاستيعاب” (وهو في رأيي منطق هواة مردود على أصحابه لاعتبارات قد نعود إليها في محطات قادمة). وهذا المُعطى الجديد وغير المنصف يُحتّم على الطلبة الجدد مزيد الانتباه والتدقيق في ترتيب اختياراتهم ووضع كل شروط الحصول على تعيين منذ الدورة الرئيسية إلى صفّهم درءًا لأيّة مفاجآت قد تحصل في دورة إعادة التوجيه، حتى وإن كنت على حقّ وتُطالب بنيل شعبة مجموعك فيها يفوق مجموع آخر من تمّ تعيينه بها.
خامسا وأخيرا : التوجيه ترتيب ومسالك ومعدلات … ولكنه مرتهن لواقع موضوعي أيضا
ثمة حقائق موضوعية لم يعد بالإمكان إنكارها أو التعتيم عليها ولا بدّ من التعاطي معها بكل جرأة ومسؤولية، وذلك في علاقة بمستقبل الدراسة في التعليم العالي التي تفتح على سوق الشغل لا في تونس فقط بل في العالم بأسره. من هذه الحقائق أن مهن التربية والتعليم لم تعد تستهوي الشباب لاعتبارات تتعلق بمكانة المربّين في المجتمع ومستوى أجورهم، وأن أبواب الوظيفة العمومية بصورة عامة أوصدت بشكل حديدي، وأن اللغات الأجنبية زادٌ أساسي حتى وإن كنت تدرُس الرياضيات أو الفيزياء أو علوم الهندسة، وأن الرقمنة ستسيطر على جميع أوجه الحياة على المستوى الكوني … ولتكن اختياراتك منسجمة مع هذا الواقع الجديد الذي تعيشه الإنسانية…
وخاصة :
أن الأكثر أهمية ليست أن تتابع دراستك بشعبة مرموقة اجتماعيا (لها بصفة عامة تسمية افرنجية ترطن بها ألسنة النساء في لقاءاتهنّ العشوية) بل أن تتميّز في أية شعبة ستستطيع متابعة دراساتك بها الآن وهنا، لأن مجهودك ومثابرتك وجديتك واستعدادك للتعالي وسهر الليالي أقوى من كل الاعتبارات الحافّة الأخرى. أقول هذا لأنني رأيت عديد الطلبة الجدد الذين لم تسمح لهم معدلاتهم بالحصول على مسلك مّا ويتذرّعون بذلك (حطّوني في حاجة ما طلبتهاش بالكل ! أو طيشوني في جهة ما نحبهاش !) من أجل إضفاء شيء من المشروعية على “استسلامهم” والضغط على عائلاتهم المُنهكة لتلبية رغبتهم في التسجيل بالتعليم العالي الخاص أو الدراسة بالخارج (والالتحاق أحيانا بمؤسسات في نفس مستوى التكوين بالتعليم العالي التونسي أو أدنى).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحوظة:
الرقم الأخضر المجاني لوزارة التربية على ذمة الجمعية التونسية للإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي والمهني لمرافقة الناجحين الجدد في الباكالوريا. عدد من المستشارين يوميا يؤمّنون حصص مداومة من الساعة التاسعة صباحا إلى غاية الساعه الثانية بعد الظهر للإجابة عن استفسارات الطلبة الجدد وتساؤلات أوليائهم خلال كامل فترة تعمير بطاقات الاختيار. بالتوفيق للجميع
ـ يتبع ـ
الفترة : من 24 إلى 29 جويلية 2023
تصفح أيضا
جور نار
العراق: هل يستبق الأخطار المحدقة، أم سيكتفي بتحديد الإخلالات؟
نشرت
قبل 13 ساعةفي
22 نوفمبر 2024محمد الزمزاري:
ستنطلق الحكومة العراقية في تعداد السكان خلال هذه الأيام والذي سيأخذ مدى زمنيا طويلا وربما. تعطيلات ميدانية على مستوى الخارطة. العراقية.
ويعد هذا التعداد السكاني مهمّا ومتأخرا كثيرا عن الموعد الدوري لمثل هذه الإحصائيات بالنسبة لكل بلد… فالعراق لم يقم بتحيين عدد سكانه منذ ما يزيد عن الثلاثين سنة، إذ عرف آخر تعداد له سنة 1991… ونظرا إلى عوامل عدة، فإن قرار القيام بهذا التعداد سيتجنب اي تلميح للانتماءات العرقية أو المذهبية عدا السؤال عن الديانة ان كانت إسلامية او مسيحية… وقد أكد رئيس الحكومة العراقية أن التعداد السكاني يهدف إلى تحديد أوضاع مواطني العراق قصد رصد الاخلالات و تحسين الخدمات وايضا لدعم العدالة الاجتماعية.
لعل اول مشكلة حادة تقف في وجه هذا التعداد العام، هو رفض الجانب الكردي الذي يضمر أهدافا و يسعى إلى التعتيم على أوضاع السكان في كردستان و في المنطقة المتنازع عليها بين العرب والأكراد و التركمان… خاصة أيضا ان اكثر من ثمانية أحياء عربية في أربيل المتنازع عليها، قد تم اخلاؤها من ساكنيها العرب وإحلال الأكراد مكانهم…
هذا من ناحية… لكن الأخطر من هذا والذي تعرفه الحكومة العراقية دون شك أن الإقليم الكردي منذ نشاته و”استقلاله” الذاتي يرتبط بتعاون وثيق مع الكيان الصهيوني الذي سعى دوما إلى تركيز موطئ قدم راسخ في الإقليم في إطار خططه الاستراتيجية.. وان مسؤولي الإقليم الكردي يسمحون للصهاينة باقتناء عديد الأراضي و المزارع على شاكلة المستعمرات بفلسطين المحتلة… وان قواعد الموساد المركزة بالاقليم منذ عشرات السنين ليست لاستنشاق نسيم نهر الفرات ! ..
أمام الحكومة العراقية إذن عدد من العراقيل والاولويات الوطنية والاستشرافية لحماية العراق. و قد تسلط عملية التعداد السكاني مثلما إشار إليه رئيس الحكومة العراقية الضوء على النقائص التي تتطلب الإصلاح و التعديل والحد من توسعها قبل أن يندم العراق ويلعنوا زمن الارتخاء وترك الحبل على الغارب ليرتع الصهاينة في جزء هام من بلاد الرافدين.
عبد الكريم قطاطة:
فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …
وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…
وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..
قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …
لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …
وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …
سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…
عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..
وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …
ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …
ـ يتبع ـ
عبد الكريم قطاطة:
المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …
وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..
في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…
اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…
اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…
لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…
في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…
عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…
اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…
ـ يتبع ـ
اختتام الدورة الثامنة لمنتدى المؤسسات Enicarthage
تونس: مؤتمر وطني حول ريادة الأعمال النسائية
بعد 61 عاما… هل يكشف ترامب عن معطيات جديدة حول مقتل “جون كينيدي”؟
النفيضة: وقفة احتجاجية لأهالي “دار بالواعر”… على خلفية سقوط تلميذ من حافلة
حرب أوكرانيا… رسالة روسية في شكل صاروخ قادر على الدمار الشامل
استطلاع
صن نار
- اقتصادياقبل ساعتين
اختتام الدورة الثامنة لمنتدى المؤسسات Enicarthage
- اقتصادياقبل 5 ساعات
تونس: مؤتمر وطني حول ريادة الأعمال النسائية
- صن نارقبل 6 ساعات
بعد 61 عاما… هل يكشف ترامب عن معطيات جديدة حول مقتل “جون كينيدي”؟
- داخلياقبل 6 ساعات
النفيضة: وقفة احتجاجية لأهالي “دار بالواعر”… على خلفية سقوط تلميذ من حافلة
- صن نارقبل 6 ساعات
حرب أوكرانيا… رسالة روسية في شكل صاروخ قادر على الدمار الشامل
- صن نارقبل 6 ساعات
لندن.. “طرد مشبوه” يتم تفجيره قرب السفارة الأمريكية
- صن نارقبل 6 ساعات
بعد وقف الإجراءات الإدارية ضدهم… الاحتلال يطلق أيدي المستوطنين في الضفة الغربية
- صن نارقبل 7 ساعات
الجنائية الدولية تأمر بإيقاف نتنياهو، والكيان يتهمها بمعاداة السامية!