ترشيح سيف الإسلام القذافي … خشبة نجاة، أم مصْيَدة جديدة؟
نشرت
قبل 3 سنوات
في
مثّل الظهور المفاجئ لسيف الإسلام القذافي حدثا بارزا في المسار الانتخابي في ليبيا… فسيف لم يكن له – على امتداد العشر سنوات اللتي تلت الاطاحة بوالده – ظهور يذكر، بما جعل جزءا من الليبيين و خاصة الفاعلين السياسيين الجدد يعتقدون انه من الماضي السحيق… لا فقط بما يحمله من افكار و توجهات، بل كشخص و ذلك لما تعلق به من قضايا محلية و دولية جعلته ملاحقا بل مهددا سواء محليا او من القضاء الدولي بتهمة التورط في جرائم ضد الانسانية.
و الآن و بعد الاقرار بأحقية سيف الإسلام بالترشح لنيل منصب الرئاسة و فشل كل محاولات استبعاده و اقصائه، يتوجس طيف من الليبيين من ان القبول الغربي برئاسة محتملة لابن القذافي يمثل مصيدة و مكيدة لا لشخصه فقط بل و لبلاده خاصة… فيما رأى البعض الاخر أن فوزه قد يمثل خلاصا و قشة نجاة لمواطنيه الذين انهكهم التقاتل الداخلي بايعاز من عدة اطراف اجنبية.
فما عسى ان يكون عليه الوضع في ليبيا ان فاز القذافي الابن في هذا السباق الرئاسي المحموم؟
ان العارفين بشخصية سيف الاسلام ـ خاصة من الليبيين ـ مازالوا يذكرون ما كان يدعو اليه النجل الاكبر لمعمر من اصلاح للحياة السياسية في عهد والده مبني على الانفتاح و تنظيم ديموقراطي للحياة السياسية بما جعله يحظى، خاصة في السنوات الاخيرة من حكم والده، بتاييد شعبي واسع… بيد أن انتسابه للزعيم الراحل جعل آخرين يتوجسون خيفة من التوريث للحكم في عائلة و قبيلة القذاذفة… و من أن يكون في الحكم امتدادا لسلطان ديكتاتوري، سلطان ثار عليه الشعب ذات سنة 2011 و استبعده بعد معارك عنيفة غذتها قوى دولية كان لها ما خططت له من سنوات.. هذه المخاوف تتعمق لدى البعض خاصة بعد الاطلالة التي ظهر بها سيف الاسلام عند تقديم ترشحه… فالرجل يحمل حنينا “ظاهرا” لوالده و يبدو كما انه لم يخرج عن عباءة القذافي الأب..
و رغم هذا الموقف لقسم من الليبيين الذين يعملون على استبعاد الرجل من سباق الرئاسة، فان طائفة أخرى لا يستهان بها ترى انه رجل المرحلة… فهم يرونه الشخص القادر على توحيد الليبيين بما يمتلكه من معرفة بأدق تفاصيل تلك البلاد و متطلباتها في هذه المرحلة الحرجة… و بناء على هذا، فان اصحاب هذا الراي المتمركزين خاصة في جنوب و وسط البلاد يرون في القذافي الابن طوق النجاة لشعب مزقته الحرب الاهلية و مؤامرات القوى الاقليمية و الدولية، و هي بهذا تغض الطرف عما تعلق بسيف الاسلام من القضايا … وهنا، يشار إلى أن محكمة الجنايات الدولية سارعت بالتذكير بانه ما يزال مطلوبا للمحاكمة، مما يجعل ليبيا مهددة بدورها و بشكل دائم ان أسندت إليه قيادتها…..
و كأن التاريخ عيد نفسه … إذ مثلما بقي معمر القذافي طوال فترة حكمه محاصَرا في بلد محاصر، فإن نجله قد يعرف نفس المصير و معه كل مواطنيه في صورة انتخبوه رئيسا لهم … و سيكون هذا البلد و لسنوات عدة تحت تهديد دائم للقوى الغربية التي لن تتوانى عن تحريك الملف في اي وقت باعتبار ان القضية المرفوعة ضده لا تسقط بالتقادم…و بهذا سيكون سيف الاسلام و من ورائه البلد الجار تحت تهديد دائم و مذل من القوى الغربية التي ستحتفظ بورقة الضغط هذه لاول فرصة ترى فيها تهديدا لمصالحها… و ما اكثرها!!