تابعنا على

جور نار

حين يصرخ الـ”تشات جي بي تي” قائلا: “عيش خويا نقعدوا بالقدر”!

نشرت

في

محمد الأطرش:

بعد أن أتحفتنا بلاد العمّ سام بالتشات جي بي تي خرجت علينا الصين بالديب سيك، لم تعد الحرب اليوم بالصواريخ والطائرات فقط… الحرب أصبحت حرب عقول وحرب ذكاء فهل استعد العالم لما قد سيحدث غدا، أم ستقودنا بلاد العام سام في حربها التكنولوجية مع الصين إلى حيث لا نعلم ولا نحلم حتى؟؟

للذكاء الاصطناعي تطبيقات هامة ومفيدة في التعليم، والصناعة، والصحة، والنقل، وكل القطاعات الفكرية والأدبية والثقافية والرياضية والعلمية وصولا إلى العسكرية… فالذكاء الاصطناعي قد يتحكّم مستقبلا في الحروب وفي تطوير الأسلحة…كما قد يتحكّم في مصير الحكومات والدول والرؤساء والشعوب… ألم يساهم الذكاء الاصطناعي في حرب إبادة عشرات الآلاف من إخوتنا في القطاع… والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم كيف سيتعامل العرب والمسلمون مع هذا التطور التكنولوجي… وهل أعدوا له ما يجب ومع أي طرف سيتعاملون مع الماما أم مع الصين… وهل سيستثمر العرب والمسلمون في الذكاء للخروج مما سقطوا فيه اليوم من غباء بعد مجد أسلافهم وما تركوه؟

ألم يكن منهم أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي الذي يعد من أشهر علماء العرب وأبرزهم في الفلك، ومن أوائل علماء الرياضيات، كما برع في علم الجغرافيا… ألم يكن منهم أيضا أبو يُوسُف يعقوب بن إسحاق الكندي، ويُعرف عند الغرب بـ “Alkindus” تميّز بكونه من أشهر العلماء العرب في الرياضيات، إلى جانب إلمامه بمختلف جوانب العلوم الأخرى… تميز في علم الفلك والفلسفة والبصريات والطب والكيمياء والموسيقى…ألم يكن منهم جابر بن حيان بن عبد الله الأزدي من علماء العرب المسلمين، برع في علوم الكيمياء والفلك والهندسة والمعادن والفلسفة والطب والصيدلة… ألم يكن منهم أبو علي الحسين ابن سينا، عالم شهير في مجال العلوم الطبيعية والرياضيات، ويُعد ابن سينا من أكثر الشخصيات المؤثرة في مجال الطب في العالم الإسلامي وأوروبا في القرون الوسطى، كانت كتبه وبحوثه تُدرّس في جامعات أوروبا حتى القرن السابع عشر… ألم يكن منهم أيضا أبو بكر محمد بن زكريا الرازي طبيب عربي مسلم وكيميائي وفيلسوف من أشهر علماء العرب وكان من أعظم وأهم الأطباء في عصر العلوم الذهبي الإسلامي، عاش حياته بين القراءة والتصنيف، وقيل إنه فقد بصره من كثرة القراءة، ومن إجراء التجارِب الكيميائية في المعمل… فهل أعددنا نحن العرب المسلمون العدّة لنتعامل مع الذكاء الاصطناعي تعاملا يفيد مستقبل اجيالنا القادمة ويخرجنا مما نحن فيه؟؟

في الغرب هناك، تسلل الذكاء الاصطناعي إلى كل شيء… تسلل إلى البيوت والمطابخ… واصبح يتحكّم في ذوقك وما تريد… يقترح عليك وصفات مخصصة، ويختار لك مكوناتها وكيف تستفيد منها صحيا…  يختار لك وعوضا عنك بعض المأكولات، يساعدك في اختيار ملابسك، ينجدك في ايجاد الحلول للعديد من المشاكل والمآزق… هناك في الغرب أصبح الذكاء الاصطناعي يراقب كل ما يقع على الأرض ويتدخل في كل ما يفعله الانسان ويخطط له… هناك قد يتنبأ بنتيجة مباراة في كرة القدم بين برشلونة والريال… وقد يقترح على المدرب والاطار الفني بعض الخطط التكتيكية أيضا… هناك اصبح وسيصبح الذكاء في قادم السنوات المتحكّم والآمر الناهي لكل ما يفعله الانسان… فلا غرابة إن تسلل حتى إلى غرفة نومك ليعرف من تعاشر وليقترح عليها احمر شفاه وعطرا يفقدك عقلك ويسحرك (يذهب شيرتك بلهجتنا)…  الذكاء الاصطناعي قد يعرف حتى مع من تنام وقد يوثق ذلك في ألبوم صور، وقد يقترح عليك وضعية ملائمة وطريقة مناسبة وموعد المعاشرة وتوقيتها أيضا إن كنت تبحث عن إنجاب صبي (يتربى في عزّك ان شاء الله) وقد يساعدك على اختيار اسمه ويساعدك على مراقبته ونموه وتعليمه ويراقب معك صحته ويقترح أكله ولباسه… هناك لست في حاجة إلى من يصاحب ويرافق ابنك إلى المدرسة فكل الشوارع مراقبة بالذكاء الاصطناعي… وأينما تأخذكم أرجلكم يعترضكم حراس الذكاء ويراقبونكم أعوانه ويعلمون عنكم وقد يسألونكم أين أنتم ذاهبون؟

نعم، هناك سيعلم الذكاء الاصطناعي عبر آلياته ووسائله وتقنياته المنتشرة في كل أرجاء المدن والقرى والأرض والسماء بكم وبما تفعلون وسيسجل كل تحركاتكم وما تأتون وما حتى تضمرون… ويكشفكم ونواياكم ويبلّغ عنكم إن علم أنكم تتآمرون… هناك أيضا يعيد الذكاء الاصطناعي كتابة تاريخ البعض كما يريدون، وكما كانوا يحلمون ويطمحون… هناك يكتب خطب الرؤساء والشيوخ والملوك… ويزيّف نتائج الانتخابات بالصندوق… وهناك أيضا يكتب مقالات تحليلية لكبريات الصحف وأقسام الاخبار التلفزيونية… هناك… نعم هناك، سيفقد الانسان مئات الآلاف من الوظائف وسيتحكّم الذكاء الاصطناعي في كل ما يدور على هذه الأرض… وسيجوع البعض… ويموت البعض… ويبقى من يختاره الذكاء… ويشقى من تميّز بالغباء….

أردت أن اختبر قدرة الذكاء الاصطناعي بنسختيه الصينية والأمريكية في مواجهة جهابذة الذكاء العربي، فطلبت من صديقين يجلسان على نفس طاولتي في المقهى اختبار ذكاء التشات جي بي تي والديب سيك… سأل أحدهما الـ”تشات جي بي تي” وقال له في إطار الصخب واللغط الذي تسببت فيه كلمة نكاح في عنوان أطروحة دكتوراه، والمقصود بذلك من صاحب الأطروحة (الزواج طبعا): “ما هو النكاح يا عمّ التشات؟؟” أجابه التشات جي بي تي ساخطا:” روح……….أمك يا طحـ…عيش خوي نقعدوا بالقدر”… صرخ صديقي بأعلى صوته فأدار رقاب كل من بالمقهى إلى حيث نجلس وقال:” بالحرام ما يطلع كان تونسي ولد الحرام هالتشات جي بي تي!”… ضحكنا ملء اشداقنا وطلبت من صديقي الثاني التوجه بسؤال إلى الديب سيك الصيني فقال له: “هل تعرف ما تعنيه كلمة “طحّان” وكان يقصد العامل بالمطحنة”… فأجابه ساخطا الديب سيك “ما طحّان كان انت…يا طحّان!”… وخرجنا من المقهى ونحن على يقين ان من أبدعوا الذكاء الاصطناعي هم من أبناء عمومتنا وإن أنكروا ذلك… قلت وأنا أجتاز باب المقهى: “اللي يغلبنا يجي يحاسبنا”… وأضاف صديقي: “حليل أم (سام ألتمان) مؤسس شركة “أوبن إيه آي”، وحليل أم (ليانغ ون فنغ)، مؤسس شركة  DeepSeek”… وضحكنا… ضحكنا… حدّ البكاء…

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

هل يقود ترامب العالم… وهو في حالة سكر؟!

نشرت

في

محمد الأطرش:

غريب أمر ساكن البيت الأبيض!

دونالد هذا وفي مكالمة هاتفية مع فلاديمير بوتين استغرقت ساعة ونصفا، صدم الأوروبيين وأذهلهم وسحب البساط من تحت اقدامهم وهم يغطون في نوم لا يعلمون…

دونالد اتفق مع فلاديمير على فتح مفاوضات فورية تهدف إلى نزع فتيل الحرب بين روسيا وأوكرانيا وسيكون ذلك في لقائهم المرتقب في الرياض خلال الأيام القليلة القادمة… دونالد هذا لم يُعلم الاتحاد الأوروبي ولو بالإشارة… ولم يلتفت حتى إلى ما يردده قادة أوروبا حين صرحوا وأعادوا وكرروا أنه “لا يجب التفاوض بشأن أوكرانيا دون الأوكرانيين”… والأغرب من هذا أيضا هو ما قاله وزير دفاع العمّ سام في وقت سابق من نفس اليوم الذي التقى فيه دونالد بفلاديمير هاتفيا… وزير دفاع الماما أعلن أن بلاد العمّ سام لا تعتبر انضمام أوكرانيا إلى الناتو أمرا “واقعيا”… وأضاف أنه من الوهم التفكير أن كييف ستستعيد ولو شبرا واحدا من الأراضي التي احتلتها أو استرجعتها روسيا منذ عام 2014، ولن ننشر قوات أمريكية في أوكرانيا لضمان أمنها بعد إعلان نهاية الحرب الدائرة حاليا بين الطرفين الروسي والأوكراني…

إذن، ذهلت أوروبا مما يفعله دونالد وصدمت من سرعته في تنفيذ ما جاء به في برنامجه الانتخابي… ألم يصرخ عاليا بأنه عائد إلى البيت الأبيض من أجل “أمريكا أولًا”… لكن هل سينجح الاتحاد الأوروبي الذي لا يزال يصرّ على أن يكون له مقعد في كل مفاوضات تخصّ الصراع الجاري بين موسكو وكييف، في الحفاظ على دوره في الصراع الروسي الاوكراني رغم محاولة ترامب وبوتين سحب البساط من تحت أقدامه لغايات لا يعلمها غير ساكن البيت الابيض؟ … وماذا سيكون موقف كييف من كل ما أتاه دونالد هل ستقبل بالأمر وتتخلى عن الاتحاد الأوروبي لذي دفع من أجلها حوالي 50 مليار يورو كمساعدات عسكرية وغيرها منذ بداية الصراع العسكري بينها وبين ساكن الكرملين…؟؟ ماذا لو استسلمت كييف لما يريده دونالد وفلاديمير وهربت بجلدها من صراع قد يعيدها إلى حاضنتها الأولى روسيا صاغرة لا تقوى على شيء؟؟ والسؤال الخطير هل بإمكان الأوروبيين مساعدة كييف وضمان أمنها والوقوف في وجه بوتين بعد انتهاء الصراع الحالي دون مساعدة واشنطن، وهل للأوروبيين القدرة على ارسال جنودهم دفاعا عن كييف إن اشعلت روسيا فتيل الحرب مرّة أخرى؟؟؟

جزء كبير من الدول الأوروبية متخوف من التقارب الأمريكي الروسي الأخير فقد يكون على حساب امنهم واستقرار القارة العجوز… فدونالد قد يضمر شرا بالاتحاد الأوروبي ويحاول تفتيته بعد ان نجح من سكنوا البيت الأبيض قبله في تفتيت الاتحاد السوفييتي… ولا غرابة في ذلك فشعار دونالد اليوم وغدا “أمريكا أولًا”، يتجاهل أوروبا وتحالفه معها… كما أن التقارب بين الكرملين والبيت الأبيض قد يبعد موسكو بدورها عن بيكين… وهو هدف قد يكون في قائمة أهداف دونالد التي يضمرها للعالم ولكنه أيضا سيضعف حلف الناتو وقد يجبر الدول المكوّنة للاتحاد الأوروبي على إعادة النظر في سياساتها الدفاعية… فهي لا تقوى على حماية نفسها دون العمّ سام وقد تختار الانصياع إلى سياسات الابتزاز التي قد ينتهجها دونالد لإنقاذ اقتصاد الماما الذي وصل إلى وضع مخيف… فبعد أن أظهر دونالد لامبالاته مما قد تعانيه أوروبا اقتصاديا نتيجة للضرائب التي ينوي فرضها على صادراتها… وبعد أن وصل الأمر إلى دعوة صريحة من بوتين لدونالد لزيارة موسكو واستعداد موسكو أيضا لاستقبال المسؤولين الأمريكيين في إطار ما يبذله الجميع من جهود لإيقاف الحرب بين موسكو وكييف… وبعد ما جرى ويجري في ملف تهجير سكان غزّة… هل يمكن القول بأن دونالد مقدم على تغيير المشهد السياسي والاقتصادي العالمي جملة وتفصيلا، محاولا بذلك إعادة الماما إلى مجدها السابق وسطوتها التي فرضتها على الجميع منذ الحرب العالمية الثانية؟

خلاصة ما يجري، نحن أمام تطوّر سريع ومخيف وخطير للخريطة الجيوسياسية الجديدة للعالم… فهل ما يفعله دونالد هو استهداف لروسيا أم لأوروبا أم للصين؟ أم هو استهداف للجميع لتبقى الماما فوق الجميع…؟؟ وكأني بدونالد يبتز الجميع بشعار “ادفعوا بالتي هي أحسن لأحميكم”… ألم يفاخر بحماية دول الخليج من حاكم قُم … ألم يفاخر بحماية أوروبا من ساكن الكرملين أيضا؟؟؟

 أخيرا …ألا يمكن التأكد من حالة دونالد، ألا يمكن أن يكون في حالة سكر؟!!

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم… الورقة رقم 106

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

قبل سرد تجربة ذاتية عشتها في اواسط 2003 لابدّ من الاشارة الى امر في منتهى الاهمية… ما دوّنته في كل الورقات منذ اولاها الى اخرها هو مجرّد محاولة لتوثيق ما عشته وما عاشه جيلي… والورقة هذه عدد 106 ونظرا إلى خصوصية ما سيرد فيها لا تخرج عن هذا الاطار…

عبد الكريم قطاطة

اذن لن اكون فيها لا منظّرا ولا عالما ولا مفتيا… ساتحدّث عن علاقتي بالله وبالدين وبرجال الدين كيف نشأت وماهي القناعات التي وصلت اليها… مرّة اخرى هي تجربة شخصية للتوثيق والاطلاع فقط… ومهما كانت مواقفكم في تعاليقكم فانا لن اجادل ايّ واحد منكم… ساحترم كل الاراء واقف عند ذلك الحدّ… دعوني في البداية اذكّر انّي وقبل مارس 2003 كانت علاقتي بالدين هشّة للغاية (عبادات ومعاملات)… لعلّ مردّ ذلك تاثّري بمن درّسوني في سنة الباكالوريا حيث كانوا في جلهم اما يساريين او قوميين… انا كنت من الذين يعيشون فترة الحيرة بين الشك واليقين… وحياة اللهو التي عشتها كانت تميح بسفينة فكري الى عدم الخوض في كينونتي دينيّا… ولكن كنت ميالا الى الفكر اليساري رغم امتلائي داخليا بوجود الله… وكنت اكتفي فقط بذلك…

يوم وقعت تسميتي على رأس مصلحة الانتاج التلفزي وكما اسلفت في الورقة الماضية ابتعدت عن اجواء الاذاعة وعن ناسها عموما… ويمكن القول اني عشت لمدة 6 اشهر دون مشاحنات مع مديري سي عبدالقادر رحمه الله… لم اناقش معه كل حقوقي (كرئيس مصلحة) التي حرمني منها كالخط الهاتفي المباشر… رغم انّ زملائي في قسم الهاتف كانوا لا يتأخرون لحظة واحدة في تمتيعي بايّ رقم اطلبه، متجاهلين توصيات المدير وأتباعه بحرماني من الهاتف وبمدّ الادارة باسماء كل من يتصل بي… كذلك تم حرماني من جريدتي اليومية التي توقف مجيئها… وحتى المكتب المخصص لي كمن سبقوني في رئاسة مصلحة الانتاج التلفزي، وقع غلقه ووجدتني في مكتب هو حجما كالحكّة ومكانا بجانب المراحيض… لم اناقشه في قراراته لانّ همّي الوحيد انذاك ان اعيش بعض السلام الداخلي…

بعد مرور اسبوعين على انتقالي من مبنى الاذاعة ومن مكتبي هنالك الى مبنى وحدة الانتاج التلفزي وشبه مكتبي هنالك، اصبحت عاطلا عن ايّ نشاط… ولكن بمرتب رئيس مصلحة لا مهامّ ولا شغل له… ذات يوم وانا في مكتبي ذاك خطرت ببالي فكرة اردت من خلالها قتل الوقت لا غير لانّ اصعب عمل في حياة الفرد ان لا يعمل… قال يومها عبدالكريم الباهي لعبدالكريم الخايب: ألست ابن شعبة الآداب ؟ الم تكن من الذين اكلت وبِنَهَمٍ شديد مجموعة من الكتاب كغاوي مطالعة؟ الم تبدا علاقتك بكتب المطالعة منذ الخامسة ابتدائي؟ الم يقل فيك استاذك سي محسن الحبيّب اطال الله عمره وهو مدرّسك سنة الباكالوريا كلاما كثيرا في كتابه (وقال قلمي)، وتحدث عنك بفخر واعتزاز كاحد تلامذته النجباء حيث كنت تلتهم الكتب التهاما مما جعل ذخرك زاخرا معرفيا .؟

وواصل عبدالكريم الباهي حديثه مع عبدالكريم الخايب بالقول: انت فعلا طالعت عددا لا يُحصى من الكتب فما ضرّك لو اطلعت على كتاب الله؟ واستجاب عبدالكريم الخايب لهذا المقترح وبسرعة عجيبة… كان في مكتبي كتاب قرآن ولست ادري ما السرّ في وجوده… اخذته وكنت في تلك الآونة على جنابة وقررت ان اطالع القرآن الذي لم اعرف منه سوى قصار السور وانا ادرسها في الابتدائي او اتلوها مع والدي وانا طفل ليلة 27 من رمضان حتى امتّع البطن بالزلابية والمخارق… وفتحت المصحف كمطالع لكتاب قيل عنه الكثير … وكانت البداية طبعا وبعد الفاتحة بسورة البقرة… من عاداتي انّي عندما ابدأ مطالعة ايّ اثر أنني اركّز جدا على كل ما ياتي فيه… ولا اترك شاردة ولا واردة لاُحسن في ما بعد عملية النقد والتحليل…

يومها وانا اقرأ سورة البقرة كنت لا شعوريا كما ذلك العطشان الذي انغمس في شرب الماء… كما ترون لم اصف الماء بالعذب او الزلال… كنت فقط اشرب الماء ولكن دون تمحيص… وصلت الى الصفحة 24 والى الآية الكريمة 155 التي تقول { ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشّر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انّا لله وانّا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم واولائك هم المهتدون } صدق الله العظيم… في اللحظة التي قلت فيها اولئك هم المهتدون فُُتح باب مكتبي لتًُطلّ عليّ سكرتيرتي انذاك نعيمة المخلوفي رحمها الله، ولتنزعج مما وجذتني عليه وسألت بحرقة (يا عرفي اشبيك لاباس ؟) استغربت من سؤالها وأجبت: اشبيني لاباس.. قالت: اذن علاش تبكي لاباس؟)… اندهشت ثانية ولم اصدّق الا وانا امسح دموعي قائلا: (لاباس لاباس والله… تذكرت وفاة اخي الحبيب الذي توفّي سنة 2000)..

لم تمكث معي طويلا بعد ان اطمأنت عليّ وغادرت واغلقت باب مكتبي… تركت كتاب القرآن على حدة ومسكت رأسي بيديّ وطفقت افكّر في ما جرى ..كيف جرى ؟ لماذا جرى ؟ كيف انخرطت في بكاء لم اشعر اطلاقا به ؟؟ لم ابق طويلا على تلك الحالة… نهضت من الكرسيّ وتمتمت: (يا ربّي انا جايك)…وقصدت منزلي الذي لا يبتعد عن مقرّ الاذاعة سوى 200 متر تقريبا… وتطهّرت وصليت لربّي ركعتين وفي كل سجدة كنت اردّد نفس الكلمات (يا ربّي انا جايك)… يومها تذكرت استاذي العزيز سي رشيد الحبيّب رحمه الله الذي كان يدرّسنا سنة الباكالوريا مادّة التفكير الاسلامي والذي حدثنا عن الفقيه ابي حامد الغزالي الذي عاش فترة كلها حيرة بين الشك واليقين… الى ان قذف الله في قلبه نور اليقين والذي يصفه البعض ومنهم استاذنا سي رشيد رحمه الله بالنور الشعشعاني…

كنا انذاك وخوفا من استاذنا الرهيب بجديته وكاريزمته نقبل بما يقول ولكن كان في داخلنا كثير من الاستهزاء بذلك النور الشعشعاني… يوم قلت لربّي (يا ربّي انا جايك) فهمت انّ نور الايمان هو اعظم نور لانّ من عاشه وبعمق يعيش الامان والسلام الداخلي… هذا هو مجرّد استنتاج لما عشته منذ ذلك اليوم ولكن للقصّة تفاصيل اخرى عديدة ومتشعبة… ولا اتصوّر انّ هذه الورقة بقادرة على حكي كل تفاصيل ما حدث لي بعد ذلك اليوم… ولا تنسوا وبشّر الصابرين في كتاب الله… اذن صبركم عليّ …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

جور نار

الشات جي بي تي… “ولد حرام صرف”!

نشرت

في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

محمد الأطرش:

سيواجه الطفل الذي سيولد اليوم بأحد مستشفيات تونس وغيرها من المدن في الدول الفقيرة والنامية عندما يصل إلى سن البلوغ، آلة أذكى منه ألف مرّة… وسيضطرّ إلى متابعة ذكائها وتطوير نفسه قياسا بما سيعيشه ويتعلمه ويعلمه من ومع هذه “الآلة” ومع التطوّر الرهيب في قدرات الذكاء الاصطناعي كل ساعة أو لنقل كل ثانية… وسيصبح بعض أبناء هذا الجيل الذي سيولد اليوم وغدا في بعض مستشفيات تونس وغيرها من المدن، قويا وذكيا إلى درجة سيكون معها قادرا على تحقيق كل أهدافه وتطوير كل برامجه ومخططاته وما يريد فعله وانجازه… لكن هنا يكمن المشكل الذي ستعيشه تونس وغيرها من البلدان التي لا يمكنها ان تضع في يد كل أبناء الجيل القادم، آليات الذكاء الاصطناعي لتطوير أنفسهم وتطوير العالم من حولهم…

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيتمكن كل أبناء الأجيال القادمة التي ستولد اليوم وغدا، من استغلال القوة الرهيبة للذكاء الاصطناعي؟ وهل بإمكان الدول الفقيرة تعميم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي على كل أبناء الجيل القادم؟ فالنقطة التي قد تمنع عديد الحكومات من توسيع قائمة المستفيدين من الذكاء الاصطناعي، هي خوفها من أن تكون غدا قدرة الشعب أكبر بكثير من قدرة الدولة… لذلك فقد تختار بعض أنظمة الدول الفقيرة استثناء نسبة كبيرة من شعوبها من الاستفادة من آليات ووسائل هذه القوّة الرهيبة التي قد تهدّد وجودها وقد يصل بها الأمر إلى افتكاك الحكم والسلطة منها، يوم تغضب منها ومن سياساتها…

فهل سيكون الذكاء الاصطناعي وسيلة جديدة من وسائل الاستبداد والتسلط لعديد الأنظمة التي قد تستثني بعض شعوبها من هذا الذكاء، أم سيعمّم ويكون في متناول كل الأجيال القادمة ويكون بذلك وسيلة للتحرر والانعتاق والابداع والتطور والتقدّم والنمو والازدهار؟؟

وسط كل هذا الذي يجري في العالم حولنا، والحرب المعلنة بين الصين والعم سام… من سيكون الأقدر على إدارة رقابنا نحو منتجاته الذكية التي ستزيدنا ذكاء وستخرجنا من الغباء الذي نقتات منه ونعيش في مستنقعه…؟؟ لكن لو سألنا بعض من تذوقوا طعم الـ”شات جي بي تي” وغيرها من وسائل الذكاء الاصطناعي هذا الذي سيغيّر وجه العالم بعد سنوات قليلة والذي سيجعلنا أيضا جزءا صغيرا من قرية كبيرة كل من يسكنها يعرف كل من فيها وما يقع فيها ويستفيد من كل من فيها ومن يستفيد بمن فيها… أقول لو سألنا بعض العرب كيف يتعاملون مع هذا الوافد علينا من بلاد العم سام وأحفاد “تشانغ كاي تشيك” و”ماو” فماذا سيقولون يا ترى؟؟ جميعهم أو اغلبهم وأقصد من هم أبناء جلدتنا، لم يختاروا الاستفادة المنطقية والعقلانية من القوة الرهيبة لآليات ووسائل الذكاء الاصطناعي…

أغلب من غامروا بربط علاقة وطيدة وحميمية مع احدى آليات ووسائل الذكاء الاصطناعي اختاروا التعامل مع الذكاء في غير ما ينفعهم وينفع الناس… اغلب العرب يدخلون الشات جي بي تي للسؤال عمّا يجلب لهم المتعة والاستمتاع… والغريب في الأمر أنهم لم يتعلموا شيئا ولم يستفيدوا من الذكاء الاصطناعي بربطهم لعلاقة غريبة مع أشهر وسائله “الشات جي بي تي” بل أفسدوا اخلاق هذا الكائن الغريب العجيب… فعلّموه كل الالفاظ البذيئة والسباب والشتائم… وبحثوا من خلاله عن كل ما يكشف لهم اسرار بعضهم البعض… فالشات جي بي تي تعلّم من بعضنا الكذب والخداع… وتعلم من بعضنا الآخر الكلام البذيء والشتائم الجنسية… ووصل الأمر ببعضهم بتسمية الشات جي بي تي باسم من أسماء اقاربه فهذا يناديه “يا قعقاع”، والآخر يناديه ” يا مسعود”، والآخر يناديه باسم حبيبته… وهنا علي أن استحضر ما قاله الكوني ابن عمّي عن هذا الكائن العجيب يوم حاوره وهو في حالة سكر… الكوني قال أإن الشات جي بي تي ” ولد حرام صرف… ماهوش ولد عايلة”… هكذا انقلب الأمر عندنا فعوض أن نتعلم من الذكاء الاصطناعي ما ينفعنا ونستفيد منه… أفسدنا اخلاقه فاصبح “ولد حرام صرف”… المسكين…

ختاما ألا يجب ان يكون الذكاء الاصطناعي غدا مادة أساسية في كل مراحل تعليمنا من الأساسي إلى الجامعي، حتى نواكب ما يعيشه العالم من تطور في كل المجالات والقطاعات… فيستفيد منها العباد… ويصلح بهم ومعهم حال البلاد…

أكمل القراءة

صن نار