من عيوبنا أننا في أحكامنا نتوقّف عند ظاهر الأشياء ولا نعطي للبواطن حقّها في النظر والتمحيص، أما عند أهل السياسة والإعلام فوضع ليس اعتباطيا بل هو مدروس وموجّه حسب المصلحة المباشرة وغير المباشرة ولكم في مسألة التسريبات الأخيرة خير حجة ودليل.
فحكم الأغلبية كان أخلاقويا بحجم أخلاقنا المتناثرة على قارعة الطريق وسمعنا أول صيحة تقول إنالمجالس بالأمانات وهو ما يسقط آليا المحتوى في سلّة المهملات. وتناسوا أن الرسول نفسه قد أسقط يعض المواضيع من حكم الأمانات مثل هتك العرض ونوايا الشر للإضرار بالغير فما قولكم والمعني بالإضرار هو شعب ودولة ومسار ديمقراطي واستقلال قضاء وحياة رجال ونساء وحرية مواطنين.
لا يجب الاستخفاف بهذه التسريبات صدقت أو كذبت فهي في كلتا الحالتين خطر على البلاد والعباد وعلى كل المعنيين بالأمر من رئاسة وحكومة وبرلمان وأحزاب أن يتحرّكوا لتبرئة ذممهم ومحاسبة من أجرم في حق الشعب والدولة.
في واقع الامر التسريبات لم تأت بجديد سوى أنها أعادت ما كان يردّد منذ أشهر في الساحة السياسية وأكّدت فحواه ثم ربطت الأسماء بالأفعال فأصبحت الصورة واضحة نقيّة فلم يعد ممكنا لبعض الأطراف أن ترفع شعارات الطهورية ومحاربة الفساد ولم يعد ممكنا قبول صهيل البعض الآخر تحت قبّة البرلمان مندّدا بحزب دون آخر ولا لرئيس الجمهورية أن ينبّهنا من الغرف المظلمة والمتآمرين والفاسدين الذين يعرفهم سيادته واحدا واحدا.