منبـ ... نار

سياسة “فرق تسد”… هدمت كل الاستراتيجيات العربية؟

نشرت

في

إن الغرب و على امتداد التاريخ يولي الأهمية الكبرى لمصالحه في كافة أنحاء العالم، و يؤمن إيمانا راسخا بأن الكائن البشري هو كائن مقدس و خاصة إذا تعلق الأمر ببني جلدته،

<strong>فتحي الجميعي<strong>

إلا أنه و منذ تحرر البلدان المستعمرة من الاحتلال المباشر، أصبحت البلدان الغربية تفكر في غزو جديد لمستعمراتها القديمة. فوقع غزوها أولا اقتصاديا و ثقافيا ثانيا، و كان لزاما عليها إن تتبع استراتيجية “فرق تسد”. كيف ذلك؟ إن أول ما سعت إليه و بمؤامرة مع الكيان الصهيوني هو إمضاء اتفاقية “كامب دافيد”، و هذه أول ضربة للعروبة إذ شلت كل تواصل بين جل الحكومات العربية و مصر، و بذلك استطاعت إن تهدم كل الاستراتيجيات العربية التي كانت تهدف إلى تأسيس كيان عربي موحد، و إنشاء جيش عربي قادر على الوقوف في وجه الكيان الغاصب وخلق قوة اقتصادية هائلة تخلص العرب من التبعية المتواصلة للغرب،

و بذلك استطاعت البلدان الغربية و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية أن تواصل نهب خيرات الشعوب العربية و في مقدمتها النفط، و أن تجمد كل سعي لخلق أي افق سياسي لحل القضية الفلسطينية، كما استفاد الغرب من الحرب الداخلية اللبنانية و الجولان السوري المحتل للتوغل في العمق الفلسطيني.

إن إيهام العرب بأن الغرب ساع لإيجاد حل للقضية الفلسطينية، هو أكذوبة كبري امتدت على أكثر من عشرين سنة وهي ما سمي بـ” المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية” من اجل حل لخلق دولتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام مقابل التطبيع مع إسرائيل، مما جعل الرؤساء العرب المشاركين في المبادرة يهرولون دون ” فرملة” عند كل دعوة مزعومة لهذه المفاوضات العبثية دون إدراك أنها مضيعة للوقت، وهي رهان خاسر لا محالة. و توفي أبو عمار بعد أن حقن سما فتوفيت معه القضية، و ترك ما بقي من أرض فلسطين مقسمة بين الصفة الغربية و قطاع غزة، و ظل الصراع قائما بين الفصيلين المتناحرين، و بات الفوز بالكرسي هو الهدف، و ظل الشعب الفلسطيني مقسما على غرار أرضه.

و جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر فاستغلت الولايات المتحدة الأمريكية هذا الحدث أحسن استغلال لتصبح الإمبراطورية الكبرى، مترامية الأطراف من الخليج إلى المحيط، فنشرت أساطيلها الحربية، و حركت آلتها العسكرية الجهنمية تجاه أفغانستان و العراق، و هكذا أباحت لنفسها بتعلة حماية مصالحها أن تبيد العراق بعد أن سلبته كل مقومات التقدم و الحضارة، و أجهزت عليه بإغراقه في ديون لا نهاية لها، و اقتتال لا مخرج منه، فضاع الوطن، و نكس العلم، و دنست الأرض..

و حل “الربيع العربي”، فاستبشرت الشعوب على أمل أن تبنى الأوطان على أنقاض أخرى بنيت على التبعية للغرب، و انخرام السياسات، و إذلال الشعوب. و إذا بهذه الثورات أو بعضها تنقلب إلى حروب أو اقتتال داخلي غذته الفتن، و ذكاه أصحاب المصالح، و الانتهازيون و مصاصو دماء الشعوب، و راسمو السياسات المسقطة.

إن الكيان العربي لم يوحد، و لن يتحرر من براثن التبعية المقيتة للغرب، و لن يتوحد أو يوحد مادام الجرح العربي ينزف، و ما دام الهدف هو السلطة، و مادام الحاكم يطبق سياسات الغرب و المحكوم ينفذ هذه الأجندات الأجنبية…إن الغرب هو المستفيد الوحيد في غياب الوعي العربي بالمخاطر التي تتهدده. فبداية من القرن العشرين أو منذ آواخر القرن التاسع عشر وهو وطن محتل، و شعب مقتل بآلة الغرب و جنوده، وهو الآن يقتل من جديد في غزة بنفس الآلة الصهيوأمريكية و غيرها من الدول الغربية الحليفة. فهل استطاع العرب لجم العدو و إيقاف الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني؟؟ 

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version