لمْسُ نار

شعبوية أم عدالة اجتماعية ؟

نشرت

في

الخبر يقول : “عملا بتوصيات السيّد رئيس الجمهوريّة قيس سعيد المنسجمة مع مبادئ الدستور الجديد، تعهّد وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي بوضعية العائلة القاطنة بحي هلال والتي اشتكى أفرادها إلى السيد رئيس الجمهورية خلال زيارته لحي هلال من ظروف اجتماعية صعبة حيث يقطن جميع أفراد العائلة في غرفة واحدة على وجه الفضل ولا عائل لهم سوى الأم التي لا تتمتع بموطن شغل قارّ تحوّل اليوم 18/08/2022 كل من رئيس الهيئة العامة للنهوض الإجتماعي إبراهيم بن إدريس وممثل الإتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي منير الحاجي إلى حي هلال لمعاينة عملية تمكين أفراد العائلة من مسكن لائق ومواد غذائية وتجهيزات منزلية ومستلزمات مدرسية والموافقة على طلب الأب في بعث مشروع مورد رزق قار بما يضمن حق العائلة في العيش الكريم .” ( عن صفحة وزارة الشؤون الاجتماعيّة )

<strong>عبير عميش<strong>

جميلة جدّا هذه اللفتة للعائلة المعوزة و جميل عمل الدّولة على تحقيق الاستقرار و الرّفاه للمواطنين … و لكن … و كلّ الإشكال يكمن في ” لـكـن “

ـ هل ستعمل الدّولة ، بتوصيات من السيّد رئيس الجمهوريّة قيس سعيد المنسجمة مع مبادئ الدستور الجديد ، على توفير سكن لائق لكلّ معوز أو فقير في البلاد يقطن في منزل متداع أو منزل تنخره الرّطوبة أو منزل تذرو فيه الرّياح أو يقطن في ” وكالة ” تكدّس ساكنوها فوق بعضهم البعض أو يحتمي بالشارع و بعض البنايات الخربة من حرّ الصيّف و قرّ الشتاء ؟ هل ستعوّض الدّولة أولئك الذين احترقت منازلهم و تضرّرت أملاكم و أراضيهم و حيواناتهم بعد الحرائق الأخيرة في بوقرنين و جبل عمّار و برقو و طبرقة و غيرها … مثلما فعلت مع هذه الأسرة ؟

– هل ستعمل الدّولة ، بتوصيات من السيّد رئيس الجمهوريّة قيس سعيد المنسجمة مع مبادئ الدستور الجديد ، على توفير لوازم العودة المدرسيّة لكلّ أطفال العائلات الفقيرة ممّن يحملون محفظات لا تشبه المحفظات تفتقر إلى أهمّ الأدوات الضروريّة فيُرهَقون و يُرهِقون مدرّسيهم ( نسب النجاح و نسب الانقطاع خير دليل ..) و هل ستوفّر النّقل الكريم الآمن لكلّ التلاميذ الذين يسيرون حفاة شتاء و يقطعون مسافات طويلة بين الغابات و الأنهار و الحيوانات الضارية … مثلما فعلت مع أبناء هذه الأسرة ؟

– هل ستعمل الدّولة ، بتوصيات من السيّد رئيس الجمهوريّة قيس سعيد المنسجمة مع مبادئ الدستور الجديد ، على توفيرالموادّ الغذائيّة لكلّ الفقراء الذين يشكون سوء التغذية و صار أبناؤهم لا يعرفون السّمك و اللّحم و لا حتّى الدّجاج إلاّ في الصّور ، و يعانون الويل للحصول على الموادّ الغذائيّة المدعومة المفقودة في أسواقنا فالسّكّر بيعه مشروط و الفارينة و السّميد يراوحان بين الظهور و الاختفاء ، أمّا ” زيت الحاكم” فحدّث و لا حرج فالحاكم هو الوحيد الذي لا يتحكّم فيه و الزّوالي الذي يفترض أن ينتفع به يقضي أشهرا دون أن يلمح طلّته البهية في بيته… مثلما فعلت مع أفراد هذه الأسرة ؟

– هل ستعمل الدّولة ، بتوصيات من السيّد رئيس الجمهوريّة قيس سعيد المنسجمة مع مبادئ الدستور الجديد ، على توفير التجهيزات المنزليّة الضروريّة لكلّ أسرة غير مقتدرة أو لكلّ أسرة فقدت عائلها أو أصيب بمرض أو إعاقة أو لكلّ شاب و شابّة مقبلين على الزّواج …. مثلما فعلت مع هذه الأسرة ؟

– هل ستعمل الدّولة ، بتوصيات من السيّد رئيس الجمهوريّة قيس سعيد المنسجمة مع مبادئ الدستور الجديد ، على توفير مشروع مورد رزق قارّ لكلّ صاحب عائلة يعمل أعمالا هامشيّة و غير قارّة أو لكلّ عاطل عن العمل سواء كان من أصحاب الشهادات العليا أو غيرهم … مثلما فعلت مع ربّ هذه الأسرة ؟

– ماذا عن أولئك العاطلين و المهمّشين الحالمين الذين ساروا جحافل متّجهين نحو القصر الرّئاسي من قفصة و القصرين و القيروان و غيرها أواخر سنة 2019 و بدايات سنة 2020 ليحظَوْا بالعناية الرئاسيّة و ليطالبوا بالتّشغيل و التّنمية في مناطقهم ، و استقبلهم الرّئيس حينها بالقبلات و الأحضان و الطبطبة على الأكتاف .. فهل ستوفّر لهم الدّولة ، بتوصيات من السيّد رئيس الجمهوريّة قيس سعيد المنسجمة مع مبادئ الدستور الجديد ، العمل القارّالذي نشدوه و المشاريع التي حلموا بها و التّنمية الجهويّة التي طالبوا بها

أين هي العدالة الاجتماعيّة أو العدل الاجتماعي الذي تحدّث عنه الرئيس في خطابه منذ يومين بمناسبة ختم دستوره ؟ هل من العدل أن تحظى عائلة بعينها على مساعدات من الدّولة لا يحصل على مثلها الأخرون ( و لا أحسدالعائلة على ما حصلت عليه ) في أية خانة يمكن أن نصنف هذا التدخل لفائدة عائلة معوزة وحيدة وضعها القدر – أو لا ندري ماذا – في طريق رئيس الجمهورية ، و لماذا هي بالذات و ليس غيرها من سكان حي هلال و لا أعتقد أن أجوارها أفضل حالا منها ، و لماذا هي بالذات و ليس غيرها ممن وضعهم القدر سابقا أمامه دون يتدخل بهذا الشكل لفائدتهم ؟

أ لم يكرّر الرئيس دوما على مسامعنا ان جميع المواطنين سواسية و أنه لا مجال لتمييز مواطن على آخر مهما كان السبب و أنه لا سبيل لسياسة المحاباة و التفضيل فلماذا لم تساير تصرفاته خطاباته ولماذا ميز هذه العائلة على غيرها ؟ ما الفرق بين هذا السلوك الذي يتجند له الوزير و إطارات وزارته و سلوكات شبيهة عافها التونسيون و أفسدت المشهد السياسي في البلاد من توزيع لـ” علالش العيد ” و كراذن المواد الغذائية و لوازم العودة المدرسية … سلوكيات لا تحفظ كرامة المواطن و تتعمد تصويره و هو يتلقى المساعدة أو الصدقة مُغمّسة بالذل ..

لماذا لا يكون هذا النوع من المساعدات مُوزَّعا بعدالة على كل المواطنين من خلال مشروع دولة واضح يحدد الاحتياجات و يرسم الأهداف على المدى المتوسط و البعيد و من خلال منصة إلكترونية شفافة تحفظ معطيات المواطنين و تميز المعوزين منهم و من يحتاج إلى المساعدة أكثر من غيره و تحدد درجة المساعدة و نوعها … حتى نصل يوما إلى العهد الذي يحصل فيه المواطنون على حقوقهم الاقتصادية و الاجتماعية كاملة و لا يحتاجون حينها إلى تلقي المساعدات

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version