جور نار

لماذا الخوف من عبير، و الحزب الدستوري الحر؟

نشرت

في

بدأ الظهور المثير لعبير موسي خلال الفترة الاولى التي تلت انتفاضة 2011..في مقرات المحكمة حين اجتمع المحامون من مختلف الاتجاهات السياسية يسارا خاصة و يمينا إسلاميا أيضا يصيحون بصوت واحد “ديقاح”في وجه عبير الصامدة بصلابة بالجانب الأيمن من القاعة.. زملاء عبير من المحامين كانوا يعتبرونها تجسم رمزا من رموز النظام السابق بما أنها كانت تتحمل مسؤولية أمينة عامة مساعدة للتجمع الدستوري الديمقراطي الذي تم حله لاحقا… فكيف قفزت عبير موسي من حزب منحل إلى حزب قديم جديد حقق رقما قياسيا على مستوى حشد شعبية كبيرة تحت مسمى الحزب الدستوري الحر، و هو رقم لم يحققه أي حزب اخر ؟ …

<strong>محمد الزمزاري<strong>

هذا التحول الاستراتيجي و التنظيمي المهم جدا فرض مكانه بالساحة الوطنية منذ 13.اوت 2016 و هو يعد امتدادا للـ “حركة الدستورية” التي أسسها الوزير الأول الأسبق حامد القروي في 23.سبتمبر 2013. . …. نجح الحزب الدستوري الحر، في جمع شتات الدساترة و التجمعيين و العديد من الفئات الشعبية الأخرى و شارك لأول مرة في الانتخابات التشريعية سنة 2019 ليحصد 16 مقعدا بمجلس نواب الشعب من جملة 217..غير أن عبير موسي القوية المشاكسة -بغض النظر عما يرى في تلك المشاكسة الجانب الإيجابي أو السلبي – فرضت نفسها أيضا على المشهد بالوضوح و وضع الإصبع على موضع الداء الذي ينخر الوطن، و ذلك دون تردد أو مراوغة كما عهدناها…..

و قد طفحت على جل مداخلاتها بالمجلس و خارجه مواجهة واضحة المعالم للفكر الاخواني التي تجسمه حركة النهضة بحزبها ذي المرجعية الإسلامية و الذي تكوّن وفقا لأحكام المرسوم 87لسنة 2011 بتاريخ 24 سبتمبر 2011″ .. مما خول لها خطف الأضواء داخل البرلمان و الوطن و الخارج أيضا و فرض مكان محترم لدى وسائل الإعلام بمختلف أنواعها : طرح واضح و خطاب قوي مقنع يرى فيه البعض استفزازا أدى إلى بروز إفرازات و فقاقيع مناوئة مناصبة العداء لعبير موسي و حزبها داخل مجلس نواب الشعب من عنف و بلطجة و تكفير و تهديد و قذف لم يزد إلا من شعبيتها لتفضي إحصائيات الأسبوع المنقضي حول نية التصويت إلى حلولها في المرتبة الاولى التي تصل الى 34في المائة في مواجهة نهضة لم تحصد إلا 19بالمائة … فهل ستزيح عبير و حزبها القديم الجديد كل من ساهم في حله إثر ثورة البرويطة؟ و هل ستقلب السحر على الساحر و تعيد للأذهان المقولة الشهيرة ” الثورة يدبرها الدهاة و ينفذها الشجعان و يكسبها الجبناء”؟. أم هو سيناريو ” رومانيا شاوسيسكو ” القادم غلى عجل؟.

إن أي تحليل مرتكز على منطلقات موضوعية دون خلفيات سياسية مسبقة، يمكنه الخروج بالاستنتاجات التالية حول أسباب القفزة النوعية لحزب الدستوري الحر الذي تخطى كل الحواجز و الخصوم :

-الوضع المتردي الذي وصلت إليه البلاد

-الفشل الذريع لكل الحكومات المتعاقبة بعد الانتفاضة.

-الفراغ السياسي الذي طفح على الساحة الوطنية تبعا لتفتت حزب “نداء تونس” و ضعف المد اليساري الذي أنهكته عديد العوامل الموضوعية مثل حملات التكفير المحمومة بالمساجد و الخيام الدعوية و المنظمات “الخيرية” في عهد الترويكا خاصة و التي تذكر بـ”لجان يقظة ” النظام الأسبق. ..

– التطور المطرد للوعي الشعبي الذي بدأ يبحث عن بديل.

– بفضل خطاب مقنع وقوي وشجاع تطرحه عبير الحاصل بفضل مخزون ثقافي و سياسي و اقتصادي و قانوني يمكنها من الإحاطة بجل الميادين المذكورة.

– ربما أيضا بفضل تركيبة عبير موسي الشخصية فهي ابنة مدرسة فاضلة ألهمتها تربية بيداغوجية صلبة و والد أمني ألهمها و غرس فيها قوة التصميم و الروح المعنوية العالية و غريزة الانتصار.

-أخيرا بفضل تبنيها أطروحات اليسار خاصة منها المتعلقة منها بحتمية و ضرورة مواجهة الخصم التاريخي الإخواني الذي تجسمه النهضة اليوم . و راجعه اليسار في أطروحاته (حمة الهمامي: “الحزب الدستوري الحرّ أشد خطرا من النهضة”)

لماذا الخوف من عبير و حزبها؟

لم يكتف الحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي باستنهاض شرائح الدساترة و التجمعيين المصدومين جدا من انتفاضة 2011.التي هزت كيان حزبهم الأقوى، بل تمدد حزبها ليشمل جل الشرائح الشعبية و ينفذ سريعا إلى عمق الوطن تبعا للأسباب المذكورة و أيضا بفضل قيادات و إطارات حول عبير .. و مثلما كان متوقعا و حتميا، فإنه مقابل هذا التوسع السياسي الهام و اكتساح متواصل للفوز بثقة الطبقات المسحوقة بسبب فشل الحكومات المتعاقبة التي تركت إرثا ثقيلا جدا كتفشي البطالة و تغول التهريب و الفساد و انتشار العنف و الجريمة المنظمة و ازدهار تجارة المخدرات لهلوسة شبابنا … تقابل كل هذه المصائب سلطة ضعيفة عاجزة عن كبح جماح هذه الأوبئة فشلا أو إراديا ضمن أجندة سياسية لا تؤمن بالوطنية و أيضا و خاصة في ظل معاناة شعب كم نادى أثناء “ثورته” بـ”الشغل و الحرية و الكرامة الوطنية” فلم ينل من الشاة إلا جلدها … إلى حد أصبح هذا الشعب يجاهر بتمجيد العهد السابق الذي وفر له الأمان و الأمن و سبل العيش..

من هي عبير موسي؟
– ولدت في 15 مارس 1975 بجمال من عائلة أصيلة باجة.
– ابنة لام مدرّسة و والد ضابط أمن.
ـ حاصلة على الماجستير في القانون.
ـ حاصلة على شهادة الدراسات المعمقة في القانون الاقتصادي و قانون الأعمال .
– محامية بمحكمة التعقيب.
سياسية تقود الحزب الدستوري الحر منذ تأسيسه بتاريخ 13 اوت 2016

…مثلما نجح الحزب الدستوري الحر باطراد مستمر في حشد شعبية كبيرة و افتكاك رئيسته زعامة المعارضة و تقديم مبادرات عملية، تفاعل معها طيف هام من و الحداثيين و أنصار الدولة المدنية (مثلما حصل مؤخرا في الاعتصام أمام مقر اتحاد القرضاوي بتونس) … فقد كان مستهدفا من طرف خصومه ابتداء من التقزيم وصولا إلى التكفير و التهديد بالاغتيال مرورا بالاستفزازات و الاعتداءات التي أفرزت عديد الصور المجسمة بوضوح للبلطجة و العنف حتى بأروقة مجلس نواب الشعب و أيضا الاجتماعات السياسية العامة (سيدي بمزيد و رمي اجتماع عبير بحجارة من سجيل). هذا بالإضافة إلى الحملات المتواصلة بوسائل الإعلام الافتراضية التي يشنّها مسمى “الذباب الازرق”…

لكن أهم سلاح يعتقد خصوم هذا الحزب بأنه أشد فتكا أو يصيبه في مقتل هو التذكير دوما و التخويف المستمر من عودة النظام القديم “الدكتاتوري” و برجوع الإبن الضال لخنق الشعب مجددا … لكن بالمقابل، فاتهم أن الشعب أصبح اليوم “براغماتيا” و حاذقا للسياسة أكثر من سياسويي هذه الأيام الذين يباعون و يشترون بالمزاد.. كما يدرك جيدا بأن الحزب الدستوري. عبير موسي أو غيرها..لن يكون بالغباء و السذاجة كي يعيد إنتاج سياسة الحزب الواحد و برلمان التصفيق، في وطن جديدشهد متغيرات كثيرة و عايش تخمة من الأحزاب بينها الغث و المريض و معارضة و مجتمع مدني و وسائل إعلام حرة و لو بصورة نسبية و أنه لا مجال للرجوع إلى الوراء!! ..

الشعب التونسي اليوم له متطلبات استشهد من أجلها مئات من شباب الثورة و المتمثلة أساسا في :

-الأمن

-الغذاء و الكرامة

-.الشغل

– الحريات العامة و الخاصة

العدالة الاجتماعية و الجهوية ـ

و هي أحلام و مطامح عجزت حكومات ما بعد انتفاضة 2011. عن تحقيق أي نزر منها إذا ما استثنينا حرية رأي و صحافة مستهدفة دوما فهل يهم الغارق بالبحر لون حبل نجاته؟ ثم هل آن الأوان لعبير موسي و لحزب الدستوري الحر إرسال إشارات أكثر وضوحا حول تحولاته الاستراتيجية العميقة باتجاه الديمقراطية و الحريات و العدالة الاجتماعية و الجهوية و كنس كل “الكورونات “التي تفشت بالبلاد و خنقت فعلا شعبا لا يستحق كل هذا العذاب؟.

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version