تابعنا على

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 26

نشرت

في

Dessins Gratuits à Colorier - Coloriage Autobus à imprimer

{ما ابلدك} في حياة كل فرد منا محطات ابدا ان تُلغى من الذّاكرة …ليست بالضرورة مجلّدا في بداياتها .. قد تكون كلمة ..آهة … كلمة .. نبزة .. نظرة .. ولكن قد “تشقلب” التاريخ كلّه …وتبعثر حتى الجغرافيا ..

عبد الكريم قطاطة
<strong>عبد الكريم قطاطة<strong>

دعوني اقدّم لكم وكتوطئة لـ “ما ابلدك” انموذجا من نماذج شقلبة التاريخ والجغرافيا …. مازلت اذكر في اسابيعي الاولى بباريس اثناء دراستي فيلما بورنوغرافيا شاهدته باحدى القاعات المختصّة لتلك النوعية …كنا ـ نحن البلهاء في عالم العلاقات الحميمة بين المرأة والرجل ـ ننتظر بكل لهفة اكتشاف تلك النوعية ..وبقدر ما كانت مثيرة جدا لغرائزنا بقدر ما كانت مهمّة جدا في تطوير مفهومنا لتلك الحميمية … لاّننا تعلمنا ثم تعوّدنا نحن البلهاء بعد تجربتنا خارج منظومة الداعشيين، ان المراة كائن حيّ له رغباته ومن حقّه علينا الا نكون معه داعشيين …اي نذبحه من الوريد الى الوريد عاطفيا ..فكريا.. اجتماعيا .. وجنسيا ..كنا في جلّنا فصيلة حيوانية همّها الوحيد الركوب متى نشاء ..كيفما نشاء.. دون ايّ اعتبار لـ “متى شاءت وكيفما شاءت”… المرأة عندنا جارية لا يحقّ لها ان تكون لها رغباتها .. لا يحقّ لها ان تكون انسانة ..الانسان هو لقب للذّكر دون الانثى … واذا تجرأت يوما احداهن على المطالبة بحقها الشرعي في حياتها كانسانة نُعتت بـ “هاكي ما تصلحش وماهياش بنت اصل”…ق لت تجرأت لان معظمهن “يبلعو السكينة بدمها” ويدخلن كهف الشقاء المأساوي ..كهف الموت البطيء .. كهف حياة لا حياة فيها …

ذات يوم دخلت القاعة بعد ان انطفأت الانوار وحان وقت الفيلم ..في تلك الفترة لم اكن لاجرؤ على ولوج القاعة حتى اتفادى وجوه الحاضرين ..وهذه بلاهة اخرى لان الحضور لا يمكن ان يكونوا الا من نفس فصيلتي فكيف اخجل منهم ؟؟؟ وعندما فهمت ذلك اصبحت “رقعة” و على حد قول عيّادة رحمها الله “لا تحشم لا تجعر”وتختمها بـ ” يقشّر بهتك”… وها انا ابحث لحدّ الان عن معنى يقشّر بهتك …دخلت القاعة وكان عنوان الفيلم “إيمانويل 2″… لا يهمني انذاك لماذا 2 وماهو إيمانويل 1 .. كل ما همّني يومها الصور البالغة الاثارة للنجمة “سيلفيا كريستيل” المعلّقة على اللوحة الاشهارية لقاعة السينما بالحيّ اللاتيني بباريس … الفيلم يمكن حوصلته في جمل قليلة ..بائعة هوى “تفتّق” جمالا وانوثة، اصبحت ثريّة جدّا باعتبار علاقاتها المتعددة مع الاثرياء طالبي اللذّة …ولأن الثراء في المجتمعات منذ قارون الى حد اثرياء ما قبل وبعد 14 جانفي يصبحون “محترمين جدا” حتى ولو كانوا بائعي لذّة او بائعي كلمات ..فانّ إيمانويل لم تشذّ عن القاعدة … بل اصبحت سيدة مجتمع وفاعلة جدّا في الاعمال الخيرية … وهي خاسرة حاجة ..؟؟؟ تدلل على بدنها، راس مالها ..

الا انها كانت تعيسة جدا في علاقاتها الجنسية مع حرفائها …لم تعرف يوما رغم حرفيّتها المبهرة في مهنتها ..لم تعرف يوما الشيق (قمة المتعة الجنسية لدى المرأة) … الجميع يعتبرها بركان جنس… فقط هي من تّوقن بانها قالب ثلج ….ولا شيء غير قالب ثلج …وان ما تقوم به مع حرفائها قمّة في التمثيل لا غير …إيمانويل هذه كرهت حياتها ..فلا المال ولا الجاه ولا الاسم المجتمعي ما يصنع السعادة ..استفاقت على حقيقة هامة في وجود الواحد منّا … لا سعادة دون توازن بين الروح والجسد … وكم منّا من هم تعساء رغم كل مظاهر البهرج والفرح والسعادة الموهومة ..انه ماكياج ولا شيء غيره … قررت إيمانويل مغادرة البلاد نهائيا بحثا عن توازنها ..وكان الحدث مهمّا بالنسبة لوسائل الاعلام … احدى سيّدات المجتمع ستغادر ..وتحوّلت فيالق الصحفيين لتغطية الحدث ..وصلت السيدة إيمانويل الى المطار وتوجّهت الى مدرج طائرتها الخاصة لتصعد السلّم واضواء فلاشات المصوّرين تلاحقها …وصلت الى اخر السلّم واستدارت وكما يفعل السياسيون لتشير بيدها الى اشباه الصحفيين الذي جاؤوا لتغطية رحيل بائعة هوى … زعمة زعمة سيدة مجتمع… رفعت يدها باشارة الوداع ثم توقفت لحظة و “اُغمن عليّ اُغمن عليّ”… ايمانويل هبطت “ما في عينها بلّة” …

احاط بها حرسها الخاص …والذين لحد الان لم افهم ما معنى ان يقبل الانسان ان يكون كلب حراسة على انسان آخر …و افاقت ايمانويل … وابعدت ايدي الحراس عنها ثم نظرت الى معشر المصورين… نزعت معطفها الحريري… رمت به في الهواء .نزعت حذاءها العالي ..والحقته بالمعطف … واسرعت في نزولها باتجاه احد المصورين التلفزيين ..وصلت اليه وارتمت في احضانه تقبّله بنهم وروح وعشق لم تعشه يوما …وحكت لكل الصحفيين “غريبتها” … قالت: ايمانويل سيّدة المجتمع هذه كما تعتقدون …كانت اتعس امرأة في المجتمع ..اليوم وانا على بعد بعض الثواني من مغادرة بلدي ومغادرة تاريخي وجغرافيتي التقت عيني بعين زميلكم هذا فحدث امر سحري …لقد عشت لاول مرة في حياتي شبقي دون ان يلمسني هذا الرجل … لذلك هو رجل عمري …سابيع كل ما املكه واتبرع به الى الجمعيات الخيرية وساقبل ـ ان قبل هو ـ بالعيش معه في اي كوخ ..وينتهي الفيلم بطرح “اتشقليب” لم تعشه يوما ايمانويل مع اي رجل عرفته… انا ما نقللكم وانتم ما يخفاكم …

في السنة الرابعة آداب حدثتكم عن حدثين كانا هامّين في حياتي ..نكسة جوان …والتي اتينا عليها في الورقة السابقة .. وهاكم الحدث الثاني …كنت كعادتي كل يوم امتطي الحافلة التي تقلّني من ساقيتي الى باب الجبلي كتلميذ من جملة اترابي ..كنا نعرف بعضنا البعض ان لم يكن بالاسم فباللقب ..وكنا حريصين خاصّة على تتبّع آثار زميلاتنا التلميذات اعزّهن الله ومتّعنا حتى بابتسامة عابرة منهن … اما النّافع ربّي … حتى الابتسامة في زمننا مهرها غال جدا ..وان حدثت فهي لابد ان تكون في مأمن من كل العيون …عيون ابناء العم والجيران من جهة وعيون المنافسين الذين يطمعون مثلي تماما حتى في ابتسامة …فاذا حدثت مع احدنا امام مرأى الآخرين ..يتساءل الواحد منّا (علاش معاه هو ؟؟… انا مولود في تاكسي ؟؟ مطهّر في شعبة ؟؟ اش زايد هو عليّ ..؟؟ بايي والا نحرّم) … ونقول كل هذا ولا نفعل شيئا ..يعني “تبهبير”… كنا نحن التلاميذ نعشق جدا الركوب مع السائق “الغروبي”… كان يتمتّع بشهيّة غريبة في استعمال الفرامل بشكل مفاجئ وبقوة حتى يرانا اكواما جسديّة نسقط على بعضنا البعض _وما احلى ليس فقط الركوب معه بل الاهم ما احلى الرجوع اليه والسقوط عليه … اشكون ؟؟؟ نائب للمجهول (والاكيد انه معروف عندكم)…

ذات يوم وفي منتصف السنة ركبنا الحافلة كعادتنا و كنّا في كل محطة نعرف بالتدقيق من هم والاصح من هنّ الصاعدات الى الحافلة ..تلك بنت فلان وتلك ابوها التاجر الفلاني او العمدة وثالثة ابنة قابض البريد …

(اليوم ازور الساقية فاجد نفسي غريبا فيها ..ليس فقط لان العديد هاجرها او هجرها ..بل لان سكانها اصبحوا على كل لون يا كريمة… ساقيتي فقدت عذريّتها .. واصبحت مرتعا غريبا لغرباء غريبين …)

.على بعد محطتين من محطّتي كانت هنالك فتاة على نسبة من الجمال ..رصينة جدا ..لم نرها يوما مبتسمة ..متعالية في نظراتها الى حد السخرية من الآخرين… رشيقة في مشيتها وانيقة في اختيار “طابليتها” وابدا ان تجد في تلك الحقبة فتاة دون ميدعة …ابدا ..(موش كيف توة كل شيء واضح ..واضح ..سيّبوني عاد اكيد فهمتو اش معناها واضح) …كنا على ممسافة قصيرة من وصول الحافلة الى باب الجبلي وجاءت فرامل سي الغروبي لتهزّ الجميع هزّا وبكل سعادتنا بالهز…حاولت ان امسك بواحد من الاعمدة الداخلية في الحافلة حتى اتفادى السقوط .. ومسكت يدها التي كانت على العمود .. يد تلك الرصينة الرشيقة المتعالية ..واقسم لكم اني لم اكن انوي مطلقا ذلك … استدارت بكل غضب وقرف وصفعتني بـ (ما ابلدك)… استدرت الى الوراء وعدت اليها سائلا في دهشة: “انا ما ابلدني ؟؟” فماكان منها الا ان قالت وباصرار ولهجة حادّة: اي انتي ما ابلدك ..

تصبّب جبين كُريم عرقا وهو يّهان امام الشلّة .. بعضهم كان مشفقا نظرا إلى الود الذي بيننا ..البعض الاخر كان شامتا في عبدالكريم (اش يحسايب روحو هالفرخ ..؟؟)… وانا كنت مرادفا لسعيد صالح وهو يقول بألم (مرسي الزناتي اتهزم يا رجّالة) ..لم استفق من غفوتي الا والحافلة تصل الى باب الجبلي لتعلن وجوب مغادرتنا لساحة المعركة التي لم تكن معركة … ولكنّها كانت معركة شديدة الهيحان بداخلي انا الذي عشت كامل مراحل عمري مدلّلا من الجميع ..تجي طفلة ما تسوى شيء وتقللي “ما ابلدك”؟ … لست ادري كيف قضّيت ذلك اليوم ولكن كلّ ما ادريه اني قررت الانتقام لكرامتي التي ديست امام الصديق والعدو ..هكذا خُيّل اليّ في مثل سني انذاك ..”تخربيشة متاع كرامة” وفعلا قررت ان الاحقها كل يوم كظلّها في انتظار فرصة ان “امسح بها القاعة” وامام الجميع …

استعدت لذلك ايّما استعداد … صرت اعرف مواقيت خروجها ودخولها للمعهد .. صرت اعرف كل شيء عنها ..عائلتها …جيرانها لكن الغريب انه لم يكن لديها صديقات … كانت دائما وحيدة ..واحترت في ماهيّة وكيفيّة الانتقام منها …ووجدتني بعد شهرين من المتابعة والترصّد … حبيسها …ابن حزم يقول في الحب “اوّله هزل وآخره جد” وانا اقول نعم يا ابن حزم ..والحب ايضا وفي مرحلة من عمرنا هو اشبه بلحظة شروق الشمس ..هل شاهدتم يوما شروق الشمس في لحظاتها الاولى ..هو شبه ضوء مبهر ثم تبرز الشمس فجأة للوجود من اسفل الافق الى سطحه ….وهي لا تنتظرك حتى تتأمل في اشعتها هي تتدفّق بسرعة رهيبة ..عجيبة ..ممتعة ..لكي تغمر الدنيا نورا ..كذلك هو الحب ..الحب لا يستاذنك ..لا يطرق الباب … لا يعلن عن مجيئه كما يعلن الناس المحترمون عن موعد زيارتهم لكم قبل اسبوعين او شهرين او سنتين ..ويحرمونك لذّة الزيارة الفجئية ..اليس افضل ما في حياتنا تلك الزيارة الفجئية ..؟؟؟ ان تستعدّ لامر ما ..فذلك فيه نوع من ميكانيكية المشاعر وترتيبها ..اما ان يفاجئك احدهم بقدومه دون سابق انذار فهذا هو نغم المفاجأة …..هل تذوقتم نغم المفاجأة .. عزف المفاجأة …رقص المشاعر عند المفاجأة …البعض يتعلل بنظام حياته وبعدم استعداده…وبتبريرات فيها كثير من البريستيج الزائف والتمظهر الركيك… وانا افضّل عدم الاستعداد، على تلك الزيارات الرتيبة التي لا حرارة طبيعيّة فيها مهما بلغت درجة حذقنا لتلك الابتسامات البلاستيكية التي لا عبير فيها ..وعيادة تقول في هذا الباب “اذا صفات النيّة لقمة تشبّع ميّة” …

نعم تحوّلت رغبة الانتقام من تلك البنية التي تصغرني بسنتين الى شرارة حب ..اصبحت انتقم من نفسي اكره واكفر باللحظة التي اعتدت فيها يدي على يدها …انتي هو الغفاّص يا سي الشباب ..ماهو ردّ بالك واعرف وين وعلى شكون اتحط ايدك …انتقم حتى من كرامتي المزيّفة خاصّة وانا اكلّف اختي الصغرى بتبليغها مشاعري نحوها ..وهي تجيبها: “قللو يمشي يقرا على روحو خيرلو” …واشي عبدالحليم ..نار يا حبيبي نار … حبّك نار موش عايز اطفيها … وفي يوم من الايام… قسوة حبايبي مغلباني …وبتلوموني ليه … لو شفتم عينيه حلوين قد ايه حتقولو انشغالي وسهد الليالي موش كثير عليه ..وبحلم بيك… و قد ما عمري يطول يا حبيبي حستناك على طول يا حبيبي حستناك على طول …. واشي فريد الاطرش وحكاية غرامي و كتبها زماني عليّ بدمي وبدموع عينيّ….وعدت يا يوم مولدي …. وانا عمر بلا شباب ..وحياة بلا ربيع… اشتري الحب بالعذاب، أشتريه فمن يبيع .. واشي ام كلثوم وحيّرت قلبي معاك وانا بداري واخبي …قل لي اعمل ايه وياك والا اعمل ايه ويّا قلبي ..و للصبر حدود … ما تصبرنيش ماخلاص انا فاض بيّ وملّيت …

كأن تلك الكلمات كُتبت خصّيصا لي انا … وكأن حليم والست والاخرون يعبّرون عما يعيشه كُريّم ..هي كلمات ذلك المراهق الذي يعيش قصّة رهيبة من المشاعر المتدفّقة والصادقة …والتي لا عقل فيها …واندفع قلمي لاول مرة يكتب ما بداخلي بكل عفوية ..انذاك اشتريت كراسا من الحجم الكبير وكتبت فيه اولى مذكراتي وسميتها مذكرات غرام ..كانت خواطري اليومية محلاّة بكل اغاني العشق والوجدان والتي يتطبّع اغلبها بالحزن والهجر والعذاب …ولكن بالصدق ايضا …

وجاء شهر جوان الفضيل …كنا قد اتممنا امتحانات آخر السنة وعلى ابواب عطلة الصيف ..وكانت اختي في بداية عهدها بالتعليم الثانوي (السنة الاولى)…لا تعرف انذاك شيئا عن المشاعر والحب والغرام ..هي فقط تأتمر بأوامر “سيدها” هكذا كانت تدعوني ..وكنت دائم السؤال عن فتاتي هل قابلتها هل تحادثت معها ..وكانت كثيرا ما _(تاكل على راسها) اذا لم تفرحني حتى بخبر من نوع: “اليوم شفتها و لقيتها موش جابدة روحها كيف العادة”… ياااااااااااااااااااااااااااه هل هي بداية الغيث …؟؟؟؟ وتنزل اختي ذات يوم من الحافلة لتذهب الى معهدها على الساعة الرابعة بعد الظهر ويصادف يومها وقت خروجي من معهدي …تمد لي اختي ظرفا مغلقا ..وتقول لي هاذا ليلك ..كنت اتلهى بكورنو كريمة من بائعه في محطة الحافلات بباب الجبلي ..فتحت الظرف فاذا به رسالة من صاحبة (ما ابلدك)… ….طبعا يتبع …باهيشي ؟؟؟

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

الشرخ يتوسع بين المكتب التنفيذي و”المعارضة النقابية”

نشرت

في

محمد الزمزاري:

يعتزم شق نقابي حشد العمال بساحة محمد علي يوم السبت 18 جانفي القادم وهو اليوم المصادف لذكرى تاسيس الاتحاد العام التونسي للشغل…

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

ويبدو أنه زيادة عن الخلافات الحادة صلب المكتب التنفيذي بين أغلبية مسيطرة و تيار يعارضها، وعن ماخذ المعارضة النقابية السابقة واللاحقة والمراحل التي تميزت بالحدة وبشبه انسداد كامل أمام التوصل إلى حلول تحفظ صورة الاتحاد النضالية وتدفعه للعمل من أجل مصلحة الطبقة الشغيلة بعيدا عن العقليات البيروقراطية او الجمود او الركود… وهي خلافات لا تستجيب لأهداف المنظمة الشغيلة ومصالح العمال، بل تفسح المجال لارباك وتقسيم الاتحاد قصد الإجهاز عليه وهي أهداف انطلقت مع حكم الاخوان حين استفحلت الاعتداءات وتجييش وسائل اعلام “الذباب الازرق” في كل مكان للتهجم على المنظمة ناعتة إياها بـ”اتحاد الخراب”…

هذه المنظمة العتيدة التي كان لها دور مفصلي في الكفاح الوطني ضد الاستعمار ثم في الدفاع المستميت عن الطبقة الشغيلة، لطالما تعرضت لمؤامرات ومحاولات اختراق وتكوين نقابات صفراء وأخرى تنادي بالتعددية النقابية ..وكلها محاولات تستهدف العمل النقابي و تؤسس لخدمة الراسمالية الفاسدة ..

وقد عاشت بلادنا خلال حكم الاخوان مضاعفة اعداد أصحاب الملايين والمليارات، في حين ازداد الفقراء فقرا وتآكلت الطبقة الوسطى وديست الحقوق وتردت قيمة العمل الشريف… ولعل مازاد الطين بلة هو التصريح (ان ثبتت صحة هذا الخير) بأن ميزانية الاتحاد راكمت ديونا تقدر بـ 40 مليون دينار…

وذلك ما ترى فيه المعارضة النقابية دليلا جديا على وجود سوء تصرف او شبهات فساد سيما أن مداخيل المنظمة النقابية سواء من الاشتراكات التي تصل إلى 800 الف او المداخيل الأخرى المتعددة، تغطي النفقات ومن المفترض أنها تحقق فوائض. وترتفع الدعوات اليوم لإجراء محاسبة دقيقة سواء داخل المؤتمر او خارجه…

إن الوضعية الحالية التي يمر بها الاتحاد من صراعات لن تخدم هذه المنظمة العتيدة التي واجهت كل ضروب الحصار و السجون و الظلم و الاعتداءات واليوم تفرز خلافات داخلية مؤسفة.

أكمل القراءة

جور نار

لماذا أبقينا على قابيل داخلنا؟

نشرت

في

محمد الأطرش:

يروى أنّ وردة جميلة نبتت في صحراء قاحلة وأخذت مكانا لها بين الرمال والأحجار. كانت هذه الوردة كثيرا ما تفاخر بنفسها وبجمالها إلى درجة الغرور، وكان وجود نبتة صبّار قبيحة بجانبها هو الأمر الوحيد الذي يزعجها… ويغضبها ويخرجها من هدوئها…

ودون أن تدرك تبعات تصرفها انهالت عليها بالشتم والسبّ، مرّة تعايرها ببشاعتها وأخرى بشكلها المخيف ومرّات برائحتها… لم تردّ نبتة الصبّار الفعل والتزمت الصمت والهدوء… وكانت وفية لطباعها فالصبّار معروف بتحمله صعوبة العيش في المناطق القاحلة وصبره الكبير على الجفاف وقلّة المياه وندرتها… تحركت بعض النباتات الأخرى المتواجدة قرب الوردة وحاولت تقديم النصح وإعادة الوردة إلى رشدها وصوابها وفضّ النزاع بينها وبين نبتة الصبّار لكنها فشلت في جميع محاولاتها… حاولت… وحاولت حتى ملّت فالصيف على الأبواب ولا يمكنها بذل مجهود كبير يجعلها عرضة للذبول وربما الموت…

اشتدّت الحرارة بحلول أولى أيام الصيف وبدأت الوردة تعاني من نقص الماء في جسدها وبدأت تظهر عليها علامات الذبول والجفاف على أوراقها… ومع اشتداد الحرارة فقدت الوردة ألوانها الزاهية التي كانت تفاخر بها امام من يجاورها من النباتات والاعشاب… التفتت يمنة ويسرة…  وشرقا وغربا… فلم تجد غير جارتها التي كثيرا ما اساءت إليها ونعتتها بأبشع النعوت وتآمرت عليها وحاولت ابعادها والتخلّص منها… فجأة رأت الوردة ما لفت انتباهها وما لم تعرفه سابقا ابدا… رأت طائرًا يدنو من نبتة الصبّار ويدسّ منقاره فيها ليشرب بعضًا من الماء الذي خزنته في جسدها وأوراقها وجذوعها المنتفخة بسبب تخزينها للماء…

 وعلى الرغم من خجلها الشديد من نفسها وخوفها من أن ترفض نبتة الصبّار طلبها ونجدتها ببعض من الماء، طلبت الوردة من نبتة الصبّار بعض الماء لتطفئ ظمأها… فوافقت نبتة الصبّار دون تردد ودون أي نقاش، وساعدت الوردة على الصمود والنجاة في طقس لن تتحمله الوردة ليوم آخر ابدا… هكذا أنقذت نبتة الصبّار الوردة التي كثيرا ما اساءت إليها، لكن ماذا عن الانسان الذي عاني من الانسان؟… ماذا عن الانسان الذي يقتل أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يظلم أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يقصي أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يؤذي أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يجوع بجانبه أخيه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يكره… ويحقد… ويشمت… ويضمر الشرّ لأخيه الانسان؟…

كل مخلوقات الله تصالحوا وتسامحوا وأمضوا ميثاق تعايش بينهم… ألم يصبح القطّ في زماننا هذا صديقا للكلاب؟ ألم يصبح الفأر في أيامنا هذه من أقرب الأصدقاء للقطط؟ ألم يصبح الذئب صديقا للكلاب يجالسها ويصاحبها ويتزاورون لا عداوة بينهم ولا هم يتحاربون… ألم يتصالح الجميع إلا الإنسان مع الإنسان… ألم يصبح الإنسان عدوا دائما للإنسان… ألم تصبح الكلاب أكثر منّا وفاءا لبعضها البعض… أسَمِع أحدكم يوما عن ذئب خان ذئبا… أليس الذئب أكثر بِرّا بوالديه من الانسان؟ لماذا أبقينا على قابيل داخلنا؟

أكمل القراءة

جور نار

ماذا وراء تجميد عضوية المملكة السعودية في بريكس؟

نشرت

في

محمد الزمزاري:

اقتراب موعد وصول ترامب للحكم. و اختلاط عدد من الأوراق في الشرق الأوسط مثل خلع بشار الاسد ضمن مخطط ممنهج بين أمريكا و اسرائيل و تركيا عبر استغلال وقح للعصابات الإرهابية بسوريا و لعملاء الأتراك خليط ما سمي بـ”المقاومة السورية”،

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

يضاف إلى هذا، انكماش نشاط حزب الله و قطع الإمدادات عبر سوريا برزت للمحللين السياسيين والعسكريين… بعض الاحتمالات القادمة بسرعة بجهة الشرق الأوسط والخليج العربي بما فيها المملكة السعودية على أهميتها.. وتاتي اهم الاحتمالات حول اتجاه ضرب اهم مفاعل نووي بايران نظرا إلى ان التوقيت المطلوب للهجوم على المفاعل وشل وصول إيران إلى اكتساب النووي قد حان إثر تكميم وشل اذرعها بالعراق و سوريا و لبنان وغزة أيضا …

لن تكون جريدة “جلنار” الأولى التي تستشرف ضربات كبيرة للسلاح النووي الإيراني وربما بعض توابعه المتعددة بايران… وقد يتبع هذا رد فعل إيراني مبرمج لضرب القواعد ببعض دول الخليج… وهي احتمالات لن تفوت السعوديين الذين انضموا سابقا للـ”بريكس” انه يعد تقاربا مع الصين العدو الاكبر المهدد لها اقتصاديا خاصة ..

ولكن الذي قد يكون عجل بتجميد عضوية المملكة بالمنظمة الاقتصدية الناهضة، هو ورجوع الرئيس ترامب الذي يهدد و يتوعد صراحة كل من يعمل على اضعاف الدولار الأمريكي… يفهم ان دونالد ترامب ذو عقلية متراوحة بين جرعة ” كاوبوي” و تعطش اقتصادي تجاري يتصرف مثل ثعبان مصفر. Serpent sifflant يعلن دوما عن مكانه للترهيب و الوعيد وخلق أرضية للابتزاز المالي و السياسي …

وأمام كل هذه المعطيات الشاملة لاستشراف ضرب لإيران وإمكانية كبيرة لرد فعل منها تجاه قواعد أمريكية وربما خلق شروخ بين الاجوار، قد تشعل حربا إقليمية ليس من مصلحة اي من البلدان الخليجية المتمتعة بالترف والامن ان تقع في دوامتها مع الكاوبوي او غيره …ثم إن “تجميد ” عضوية المملكة بمنظمة “بريكس ” لا يعني الانسحاب الكامل، فالسلطة السعودية “تنسك العصا من الوسط” كما يقال، وتنتظر سير الأحداث القادمة وهي أحداث لا تبشر بخير بالمنطقة حتى دون اعتبار تهديدات “ترامب”، فالقدر يغلي “شمالا و جنوبا وشرقا و غربا وكل الاحتمالات واردة جدا… منها مثلا اذا انطلقت الضربات من القواعد الأمريكية ببلد خليجي فإن إيران ستيرز أنيابها أينما يبدو بالإمكان استرجاع صورتها التي فقدتها بسوريا ولبنان وربما أيضا العراق …

أكمل القراءة

صن نار