جور نار
ورقات يتيم … الورقة 33
نشرت
قبل 8 أشهرفي
عبد الكريم قطاطة:
في اليوم الاول من عودتي للدراسة بمعهد الحي، احسست بأنني لست ذلك التلميذ الذي هجر مدرسته بعد نكسة الجزء الاول من الباكالوريا ..احسست بأني تلميذ ليس كسائر التلاميذ …محفظتي تغيّرت ..ملابسي تغيّرت ..هيأتي تغيّرت …
كانت شخصيّة المربّي بادية على سلوكي .. زملائي في الدراسة الجدد كانوا يتساءلون .._اشكونو هذا اللي ضاربو في روحو؟؟ … و عندما تجاذبت الحديث مع احدهم (رفيق مغيّث) وهو تلميذ مشاكس جدا وكان الاكثر جرأة وهو يستشف اخبار هذا القادم الجديد (اللي عامل فيها برانس وانيق وهازز خشمو على الجميع)… وقتها عرف اني كنت معلّما في السنة المنقضية واني عدت الى معهدي لمواصلة الدراسة، ايمانا منّي بأن دربي وطموحاتي ما اردتها ان تقف عند ذلك السقف ..رفيق هذا وهو الذي يعيش حاليا في اوروبا .._بعد ان فعلت المستحيل لمعرفة اخباره وعلمت انه في بحبوحة العيش، ردّ على طراطيش معلوماتي الاولى التي افدته بها بالقول: جوّ السنا ..نتصوّر انّك من الرعيل الاول في الحي وماشي تفيدنا بخبرتك …
كان يقولها بشيء من السخرية اللطيفة ..فكان منّي وقتها ان ابتسمت ابتسامة لا تقل سخرية عن سخريته وقلت: “يعمل الله”… فعاد رفيق ليستدرك: ما تتغشش منّي والله ارتحتلك وحبّيت انفدلك معاك… فاجبت: ولا يهمّك انت ما تعرفنيش ._ وكعادته ردّ بابتسامته: انا نحسّ بيك وحيّد …_ رفيق هذا “ما يبلش الفولة في فمّو”… وانتشر خبر الوافد الجديد عبدالكريم المعلّم في وسطي الدراسي ..ووصل صيته حتى لدئ اساتذتي الذين والحق يقال عاملوني بشيء من اللطف وهم مدركون اني مررت بتجربة التدريس ..اساتذتي عموما في سنة الباكالوريا وباستثناء سي محسن الحبيب استاذ العربية ومستر فيرس استاذ الانكليزية (استاذ في قمة الجمال والاناقة والكفاءة بلجيكي متعاون)… الباقون كانوا جددا ..
والغريب انه ورغم ابتعادي عن معهدي لسنة واحدة فقط وجدتُني مع مجموعة هامة من الاسماء الجديدة… من المدرسين: مادموازال “بوسناك” وصدقوني اسمها ولقبها يجسدان تماما جمالها ..خاصة وهي ترتدي بشكل دائم “الميني جيب” الذي هو اقرب للميكرو جيب … وكأنها تستنهض همم التلاميذ نحو علم آخر وفنون اخرى (واحنا صغيّرين وما نعرفش الحاجات دي) … وكنا نحسد ونحسد ونحسد مسيو بلان استاذ الفرنسية الذي كان (مشلّق على روحو برشة) في التعاطي معها .كزميلة وكمربّية “حنيّنة آوي آوي آوي” ..
من ضمن الاساتذة الجدد كذلك الاستاذ توفيق بن عياد في مادة العلوم الطبيعية (رحمه الله)… كان “مهفّ” نظرته ردود افعاله .. في حصّة من حصص العلوم حول الهضم الاصطناعي حيث يختلط ما ناكله باللعاب فتبدا عملية تفاعل المادتين … علّق عليه احد التلاميذ (المعلول) والذي لم يكن معلولا في ضماره على عكس البعض الذي يولد معلولا وينتهي معلولا …. علّق سي المعلول على تفاعل اللعاب مع الاكل بقوله ..سي التوفيق اذا كان الآكل امرأة ما نجموش نقولو لعاب ..سي التوفيق المهفّ فهم مقصده ولكنّه استعبط و ردّ عليه: .اش نقولولو يا معلول ..؟؟ فاجاب ابن الآداب الذي لم يكمل دراسته في الاداب بل اصبح اطارا عاليا في الداخلية وللمعلولين فيما يختارون مذاهب (واحد في الداخلية والاخر في الاهلي وآخرون لم يعرفوا يوما ولن يعرفوا مذاهب في حياتهم) ..اجاب معلول السادسة آداب: نسمّيه رضابا سي التوفيق… انفجر القسم ضحكا وضجيجا ..وابتسم سي التوفيق وقال: صحيتك يا بليد عاملّي فيها ضامر .؟؟ وواصل زميلنا المعلول بلادته السمحة وردّ: علاش سي التوفيق ما عجبتكش ..؟؟؟ ضحك سي التوفيق وردّ: .كيف وجهك ..ولم يكتف معلولنا بمشاكسته واضاف: “سافا” …معناها سمحة ، وبابتسامة رضاء على ضمارو ..ختم سي التوفيق الاستراحة بـ”نرجعو نقراو” ..وعدنا الى درس الهضم الاصطناعي ..
هذه التفاصيل التي سردتها هي بالنسبة لي مدخل لعلاقة تلاميذ الباكالوريا انذاك مع اساتذتهم ..كنّا فعلا اصدقاء وجدّا و لكن كنّا منضبطين وجدّا ايضا … فمع الاستاذ محمد صالح الهرماسي وهو اكثر الاساتذة المؤثرين ايديولوجيا على تلك المشتلة من التلاميذ .. هو مشرقي التكوين كفء وبدرجة مبهرة …لم يستعمل يوما مذكّرات ليعود اليها …يساري المنحى .. كنا في حصص التاريخ والجغرافيا كتلاميذ الكتّاب ..تركيز كلّي ..صمت مطبق ..ومتعة ونحن نستمتع بكل ما يقدّمه لنا ..هذا داخل القسم …خارجه كان صديقا للعديد وبكل تفاصيل الصداقة ..هو يحتسي مع البعض منّا ما لذ وطاب وانعش من بنات واخوات وامهات العنبة ..وهو لا يجد احراجا في طلب “سجيرة” كما ينطقها هو عندما لا يجد في جرابه سيجارة واحدة، خاصة في اخر الشهر … وهو مغرم لحد النخاع الشوكي والبصلة الشوكية والمخيّخ بالسيدة ام كلثوم ..وكنت انا مدير اعماله والاصح خادم اعماله في دنيا الست ….كان يطلب منّي ان اقدّم له كلمات الست في اغنيتها الجديدة وهي تقدّم حفلتها الشهرية .. وانا الذي لم افلت ايّة حفلة كلثومية ..وذلك المصري المغرم الولهان ينبعث صوته الشهي من حشاشة اوردته الدموية بعد كل مقطع °(عظمة على عظمة على عظمة )…
اتذكّر جيدا ان آخر اغنية دوّنت كلماتها لاستاذي الهرماسي كانت اقبل الليل … لاحمد رامي كلمة ورياض السنباطي لحنا .. اقبل الليل وناداني حنيني يا حبيبي … عندما قرأها استاذي الهرماسي .. ووصل الى “يا بعيد الدار عن عيني ومن قلبي قريبا ..كم اناديك باشواقي ولا القى مجيبا” ..نظر اليّ وقال: اشنوة تحبّني نسكر على الصباح ..؟؟ وواصل التهام رائعة الست حتى قرأ خاتمتها “يا هدى الحيران في ليل الضنى ..قد غدوت الان ادري من انا ..كنت وحدي بين اوهامي واطياف المنى .. والتقينا فبدا لي يا حبيبي من انا اين انا” …اغمض استاذي عينيه وقال: اطلع بسجيرة عاد .. توة هاذا فن واللي يخرج من حنفية الزبلة فن ..؟؟ …يلعن بو التاسيلة متاع جد بوهم الكلب … وهو يقصد اشباه الفناين التونسين متاع صرّافة على صرّافة ..والاكيد ان الله احبّه لانه ومنذ بداية السبعينات غادر تونس باعتبار انتمائه لحزب البعث واستقر بسوريا كواحد من اكبر المستشارين السياسين للنظام السوري منذ حافظ حتى يشار الاسد ..تصوروا فقط انه يشنف اذنه في هذا الزمن الرديء ب”طق اشترق طق” او “انا موش مريڨل وانت موش مريڨلة” .. ويجعلهم لا يتريڨلو …مستويات ..على طريقة لاباس …
الحي في تلك السنة شهد حدثا مشهودا ..ويا له من حدث ..لأول مرة في تاريخه يشهد معهد الحي اختلاطه بالفتيات (واحنا صغيّرين وما نعرفش الحاجات دي يا بيه) والافدح انهن من فصيلة صنف الاداب ..والافدح الافدح انهن في فصل اداب لا انتمي اليه ..شفتو الظلم ..؟؟ كانت ساعة الرياضة يوم يكنّ فيها تلميذات الاداب واللواتي هن هسكات .. قالب ..ممتلئات جمالا واغراء … باستثناء واحدة كانت تُلقّب بحاملة مفاتيح “بورت كليه” نظرا إلى قصرها .. اما الافدح الافدح الافدح ..فانهن كنّ يمارسن رياضتهن بشورت …افضل واحد فيه لا ينزل عن نصف الفخذين …لم اقل نصف الساقين ..يا بشر يا عالم يا هو ..نصف الفخذين ..في حقبة كانت العلاقات المعلنة بين الفتى والفتاة تعني فضيحة ..في زمن كان الشبان والشابات في صفاقس يلتقون في المائة متر الرابطة بين باب الديوان والبلدية الكبرى …يتمشون ذهابا وايابا كل عشية احد عشرات الكيلومترات ..بعيدا عن الكوْبَلة (من كوبل) نعم يستحيل ان تجد شابا مع صديقته او زميلته او حبيبته ..ممنوع …. تصوّروا فقط عشيّة كاملة ولا شيء الا نظرات متبادلة ..اي وبايجاز “تشلهيڨ في تشهليڨ” …
سنة الباكالوريا انذاك عُرفت بدسامة وامتاع البرامج الدراسية فيها ..بدءا بالفلسفة والتي لم تكن تروق لي بتاتا نظرا إلى ان استاذها كان في اسلوبه “مدّب” … وللتدخّل او الاستفسار يُحتّم على كل تلميذ منّا ان يرفع يده ويقول للاستاذ (علي المقدّميني سامحه الله): سيدي ..والا لن يتمكّن من قول ما يريد ..تصوروا استاذ فلسفة في سنة الباكالوريا يكون بيداغوجيا بهذا الشكل ..كان بالنسبة لي يمكن ان يكون كل ّ شيء الا استاذ فلسفة ..ولهذا السبب لم اسمح لنفسي اطلاقا طيلة تلك السنة بطرح اي سؤال او اي استفسار رفضا منّي لكلمة “سيدي” كما يحبّها هو ويفرضها علينا ..رغم ان قناعتي الداخلية ودون اي جدال ما زلت اؤمن بأن المربّي منذ الروضة وحتى التعليم العالي يستحق افضل من كلمة سيدي ….
ولاعود لتلك السنة يكفي ان اذكر ان برنامج العربية كان ممتعا جدا ففيه المتنبي وما ادراك وفيه الشعر الحديث وادباء المهجر وفيه ايضا الشعر المعاصر … اما عن التاريخ فهو يشمل الحربين العالمية الاولى والثانية والثورة الفرنسية قبلهما والثورة البلشفية… وطبعا تاريخ الحركة التوسية للتخلص من الاستعمار وانذاك كنا نمر عليها مرور الكرام ولا نعيرها كثيرا من الاهمية (زعمة زعمة مڨوّشين) ..في الجغرافيا كانت المحاور على المستوى المعرفي هامة جدا… تصوروا فقط اننا كنا ندرس القوى الكبرى في العالم اقتصاديا من المارد الالماني العجيب الى انكلترا وفرنسا واليابان الى القارة اللقيطة امريكا كما يسميها سي الهرماسي… دون نسيان الاتحاد السوفياتي والسوفخوزات والكولخوزات وهو النظام التعاضدي انذاك في ثاني اكبر قطب عالمي مع الولايات المتحدة الامريكية …وحتى المواد الاخرى من علوم طبيعية وفيزياء وكيمياء وانكليزية كانت هامة جدا ..لن اعلّق على الرياضيّات واللغة الفرنسية (صاحبكم حويلة فيهم .. كعبة لا)…
في حياتي خارج معهد الحي ,,اصبحت الاكثر دلالا واحتراما وتبجيلا بين اصدقائي ربما لان صورتي كمعلّم لم تمّح في اذهانهم ..اما عن علاقتي بحبيبتي فكانت كعادتها منحصرة في الرسائل التي تُطل احيانا حسب ظروفها… والتي عبّرت في بدايتها عن سعادتها وعبد الكريم يعود الى مصاف العلم والمعرفة وينال شهادته التي ستؤهّله حتما الى غد افضل .. حتى كان جوان ونحن نستعد لخوض امتحان الباكالوريا و صهر صديق عمري رضا يخصص لنا منزله لنستعمره ليلا نهارا ونحن رباعي يراجع ويذاكر استعدادا للامتحان ..صهر صديق العمر (عبدالحفيظ قطاطة رحمه الله) لا علاقة قرابة لي به الا انه كان يحبّني بشكل كبير ..هو كان مختلفا عن الاخرين… هو مربّ فاضل يعشق عبدالناصر وفريد الاطرش وسكك الحديد الصفاقسي . ويعشق فيّ عنصر التحدّي والصراحة والجرأة ولكن ما يغيظه في شخصيتي اني “دمي بارد” _…ي لا اغضب بسرعة ولا ارد الفعل بسرعة .. على عكسه هو تماما ..وكان يقول لي دوما: من ايّ طينة انت اتخلقت .؟؟ ولأن علاقته بصديق عمري وبي متميّزة، اقصى زوجته واطفاله من منزله ليسكنوا في دار صهره ومكننا من ماٌقامة عنده على امتداد نصف شهر للمذاكرة ..كنا اربعة انا ورضا واخوه عبدالحميد ورابعنا صديق نلقّبه الناموسة ..لانه في لعبه كرويا كان يلدغ كالناموسة… الم يُلقّب شكري الطرابلسي بالوشواشة ..؟؟… واذ انسى فلن انسى يوما عندما هبّ الذباب بهجمة صيفيّة مريعة على مجموعتنا فما كان من عبدالحميد الا ان حمل قارورة الفلي توكس (البخاخة) ورشها على بدنه ..ولولا الطاف الله والعجلة بأخذ حمام، لـ “مشى فيها”…
اثناء المراجعة وصلتني رسالة من حبيبتي في خبر عاجل: (اجري لي يا عبدالكريم ..جا اشكون يخطب فيّ ..يلزمك تلقى حل ..انا ليك انتي اوكي اما اش ماشي نقول لدارنا ؟؟) … واتضرب سي عبدالكريم وما جاش يدور …جاء واقف على ساقيه والاصح قام يجري ساقو اعلى من راسو ..والجماعة مفجوعين .نظر ثلاثي المراجعة الى وجهي ولست ادري انذاك كان مصفرا او محمرا او بالألوان ..ونزلت اسئلتهم من كل حدب وصوب على “قنباعة” راسي: اشبيك .؟؟ اش ثمة ؟؟ لاباس؟؟ … همست في اذن صديق عمري: توة يلزمني نمشي نصف ساعة وانجيك وتوة بعد نحكيلك …وسرت وحدي شريدا ..محطّم الخطوات ..تهزّني انفاسي .. تخيفني لفتاتي .. كهارب ليس يدري من اين او اين يمضي ..شك ضباب حطام .. يعضي يمزّق بعضي يمزّق بعضي ….
على عكس حليّم كنت ادري تماما واعرف تماما وادرك تماما الى اين امضي …
ـ يتبع ـ
تصفح أيضا
محمد الزمزاري:
يعتزم شق نقابي حشد العمال بساحة محمد علي يوم السبت 18 جانفي القادم وهو اليوم المصادف لذكرى تاسيس الاتحاد العام التونسي للشغل…
ويبدو أنه زيادة عن الخلافات الحادة صلب المكتب التنفيذي بين أغلبية مسيطرة و تيار يعارضها، وعن ماخذ المعارضة النقابية السابقة واللاحقة والمراحل التي تميزت بالحدة وبشبه انسداد كامل أمام التوصل إلى حلول تحفظ صورة الاتحاد النضالية وتدفعه للعمل من أجل مصلحة الطبقة الشغيلة بعيدا عن العقليات البيروقراطية او الجمود او الركود… وهي خلافات لا تستجيب لأهداف المنظمة الشغيلة ومصالح العمال، بل تفسح المجال لارباك وتقسيم الاتحاد قصد الإجهاز عليه وهي أهداف انطلقت مع حكم الاخوان حين استفحلت الاعتداءات وتجييش وسائل اعلام “الذباب الازرق” في كل مكان للتهجم على المنظمة ناعتة إياها بـ”اتحاد الخراب”…
هذه المنظمة العتيدة التي كان لها دور مفصلي في الكفاح الوطني ضد الاستعمار ثم في الدفاع المستميت عن الطبقة الشغيلة، لطالما تعرضت لمؤامرات ومحاولات اختراق وتكوين نقابات صفراء وأخرى تنادي بالتعددية النقابية ..وكلها محاولات تستهدف العمل النقابي و تؤسس لخدمة الراسمالية الفاسدة ..
وقد عاشت بلادنا خلال حكم الاخوان مضاعفة اعداد أصحاب الملايين والمليارات، في حين ازداد الفقراء فقرا وتآكلت الطبقة الوسطى وديست الحقوق وتردت قيمة العمل الشريف… ولعل مازاد الطين بلة هو التصريح (ان ثبتت صحة هذا الخير) بأن ميزانية الاتحاد راكمت ديونا تقدر بـ 40 مليون دينار…
وذلك ما ترى فيه المعارضة النقابية دليلا جديا على وجود سوء تصرف او شبهات فساد سيما أن مداخيل المنظمة النقابية سواء من الاشتراكات التي تصل إلى 800 الف او المداخيل الأخرى المتعددة، تغطي النفقات ومن المفترض أنها تحقق فوائض. وترتفع الدعوات اليوم لإجراء محاسبة دقيقة سواء داخل المؤتمر او خارجه…
إن الوضعية الحالية التي يمر بها الاتحاد من صراعات لن تخدم هذه المنظمة العتيدة التي واجهت كل ضروب الحصار و السجون و الظلم و الاعتداءات واليوم تفرز خلافات داخلية مؤسفة.
جور نار
لماذا أبقينا على قابيل داخلنا؟
نشرت
قبل يوم واحدفي
14 يناير 2025من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashمحمد الأطرش:
يروى أنّ وردة جميلة نبتت في صحراء قاحلة وأخذت مكانا لها بين الرمال والأحجار. كانت هذه الوردة كثيرا ما تفاخر بنفسها وبجمالها إلى درجة الغرور، وكان وجود نبتة صبّار قبيحة بجانبها هو الأمر الوحيد الذي يزعجها… ويغضبها ويخرجها من هدوئها…
ودون أن تدرك تبعات تصرفها انهالت عليها بالشتم والسبّ، مرّة تعايرها ببشاعتها وأخرى بشكلها المخيف ومرّات برائحتها… لم تردّ نبتة الصبّار الفعل والتزمت الصمت والهدوء… وكانت وفية لطباعها فالصبّار معروف بتحمله صعوبة العيش في المناطق القاحلة وصبره الكبير على الجفاف وقلّة المياه وندرتها… تحركت بعض النباتات الأخرى المتواجدة قرب الوردة وحاولت تقديم النصح وإعادة الوردة إلى رشدها وصوابها وفضّ النزاع بينها وبين نبتة الصبّار لكنها فشلت في جميع محاولاتها… حاولت… وحاولت حتى ملّت فالصيف على الأبواب ولا يمكنها بذل مجهود كبير يجعلها عرضة للذبول وربما الموت…
اشتدّت الحرارة بحلول أولى أيام الصيف وبدأت الوردة تعاني من نقص الماء في جسدها وبدأت تظهر عليها علامات الذبول والجفاف على أوراقها… ومع اشتداد الحرارة فقدت الوردة ألوانها الزاهية التي كانت تفاخر بها امام من يجاورها من النباتات والاعشاب… التفتت يمنة ويسرة… وشرقا وغربا… فلم تجد غير جارتها التي كثيرا ما اساءت إليها ونعتتها بأبشع النعوت وتآمرت عليها وحاولت ابعادها والتخلّص منها… فجأة رأت الوردة ما لفت انتباهها وما لم تعرفه سابقا ابدا… رأت طائرًا يدنو من نبتة الصبّار ويدسّ منقاره فيها ليشرب بعضًا من الماء الذي خزنته في جسدها وأوراقها وجذوعها المنتفخة بسبب تخزينها للماء…
وعلى الرغم من خجلها الشديد من نفسها وخوفها من أن ترفض نبتة الصبّار طلبها ونجدتها ببعض من الماء، طلبت الوردة من نبتة الصبّار بعض الماء لتطفئ ظمأها… فوافقت نبتة الصبّار دون تردد ودون أي نقاش، وساعدت الوردة على الصمود والنجاة في طقس لن تتحمله الوردة ليوم آخر ابدا… هكذا أنقذت نبتة الصبّار الوردة التي كثيرا ما اساءت إليها، لكن ماذا عن الانسان الذي عاني من الانسان؟… ماذا عن الانسان الذي يقتل أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يظلم أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يقصي أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يؤذي أخاه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يجوع بجانبه أخيه الانسان… ماذا عن الانسان الذي يكره… ويحقد… ويشمت… ويضمر الشرّ لأخيه الانسان؟…
كل مخلوقات الله تصالحوا وتسامحوا وأمضوا ميثاق تعايش بينهم… ألم يصبح القطّ في زماننا هذا صديقا للكلاب؟ ألم يصبح الفأر في أيامنا هذه من أقرب الأصدقاء للقطط؟ ألم يصبح الذئب صديقا للكلاب يجالسها ويصاحبها ويتزاورون لا عداوة بينهم ولا هم يتحاربون… ألم يتصالح الجميع إلا الإنسان مع الإنسان… ألم يصبح الإنسان عدوا دائما للإنسان… ألم تصبح الكلاب أكثر منّا وفاءا لبعضها البعض… أسَمِع أحدكم يوما عن ذئب خان ذئبا… أليس الذئب أكثر بِرّا بوالديه من الانسان؟ لماذا أبقينا على قابيل داخلنا؟
محمد الزمزاري:
اقتراب موعد وصول ترامب للحكم. و اختلاط عدد من الأوراق في الشرق الأوسط مثل خلع بشار الاسد ضمن مخطط ممنهج بين أمريكا و اسرائيل و تركيا عبر استغلال وقح للعصابات الإرهابية بسوريا و لعملاء الأتراك خليط ما سمي بـ”المقاومة السورية”،
يضاف إلى هذا، انكماش نشاط حزب الله و قطع الإمدادات عبر سوريا برزت للمحللين السياسيين والعسكريين… بعض الاحتمالات القادمة بسرعة بجهة الشرق الأوسط والخليج العربي بما فيها المملكة السعودية على أهميتها.. وتاتي اهم الاحتمالات حول اتجاه ضرب اهم مفاعل نووي بايران نظرا إلى ان التوقيت المطلوب للهجوم على المفاعل وشل وصول إيران إلى اكتساب النووي قد حان إثر تكميم وشل اذرعها بالعراق و سوريا و لبنان وغزة أيضا …
لن تكون جريدة “جلنار” الأولى التي تستشرف ضربات كبيرة للسلاح النووي الإيراني وربما بعض توابعه المتعددة بايران… وقد يتبع هذا رد فعل إيراني مبرمج لضرب القواعد ببعض دول الخليج… وهي احتمالات لن تفوت السعوديين الذين انضموا سابقا للـ”بريكس” انه يعد تقاربا مع الصين العدو الاكبر المهدد لها اقتصاديا خاصة ..
ولكن الذي قد يكون عجل بتجميد عضوية المملكة بالمنظمة الاقتصدية الناهضة، هو ورجوع الرئيس ترامب الذي يهدد و يتوعد صراحة كل من يعمل على اضعاف الدولار الأمريكي… يفهم ان دونالد ترامب ذو عقلية متراوحة بين جرعة ” كاوبوي” و تعطش اقتصادي تجاري يتصرف مثل ثعبان مصفر. Serpent sifflant يعلن دوما عن مكانه للترهيب و الوعيد وخلق أرضية للابتزاز المالي و السياسي …
وأمام كل هذه المعطيات الشاملة لاستشراف ضرب لإيران وإمكانية كبيرة لرد فعل منها تجاه قواعد أمريكية وربما خلق شروخ بين الاجوار، قد تشعل حربا إقليمية ليس من مصلحة اي من البلدان الخليجية المتمتعة بالترف والامن ان تقع في دوامتها مع الكاوبوي او غيره …ثم إن “تجميد ” عضوية المملكة بمنظمة “بريكس ” لا يعني الانسحاب الكامل، فالسلطة السعودية “تنسك العصا من الوسط” كما يقال، وتنتظر سير الأحداث القادمة وهي أحداث لا تبشر بخير بالمنطقة حتى دون اعتبار تهديدات “ترامب”، فالقدر يغلي “شمالا و جنوبا وشرقا و غربا وكل الاحتمالات واردة جدا… منها مثلا اذا انطلقت الضربات من القواعد الأمريكية ببلد خليجي فإن إيران ستيرز أنيابها أينما يبدو بالإمكان استرجاع صورتها التي فقدتها بسوريا ولبنان وربما أيضا العراق …
الشرخ يتوسع بين المكتب التنفيذي و”المعارضة النقابية”
مذكرة إدانة نتنياهو وغالانت… الكيان يستأنف، والجنائية الدولية تصرّ
لبنان… رئيس جمهورية ورئيس حكومة جديدان، فهل تنتهي الأزمة؟
سوريا… حملة الانتقام متواصلة، وكذلك الولاء لأردوغان!
لماذا أبقينا على قابيل داخلنا؟
استطلاع
صن نار
- جور نارقبل ساعتين
الشرخ يتوسع بين المكتب التنفيذي و”المعارضة النقابية”
- صن نارقبل 6 ساعات
مذكرة إدانة نتنياهو وغالانت… الكيان يستأنف، والجنائية الدولية تصرّ
- صن نارقبل 6 ساعات
لبنان… رئيس جمهورية ورئيس حكومة جديدان، فهل تنتهي الأزمة؟
- صن نارقبل 6 ساعات
سوريا… حملة الانتقام متواصلة، وكذلك الولاء لأردوغان!
- جور نارقبل يوم واحد
لماذا أبقينا على قابيل داخلنا؟
- جور نارقبل يومين
ماذا وراء تجميد عضوية المملكة السعودية في بريكس؟
- رياضياقبل يومين
الرابطة الجهوية لكرة القدم بالقيروان: قيادة الفرسان الثلاثة
- اجتماعياقبل يومين
ندوة الحرفيات وذوات الهمم