جور نار

أسرع يا سيادة الرئيس … فقد انسلخ الثعبان عن جلده !

نشرت

في

لست أدري لماذا تذكرني تقلبات وشطحات  ومناورات حركة النهضة وأحدثها حركة الـمستقيلين الجدد، بالكائنات المتلونة من أجل البقاء ومقاومة الشدائد ومواجهة الظروف الصعبة، وهي وسائل للتمويه على من تعتبرهم أعداءها بغية النجاة بنفسها. وأشهرها الحرباء التي تغير لونها للصيد بالمباغتة وأيضا الثعابين التي تغير جلدها وتنسلخ من وقت لآخر حتى تصبح جزءا من الطبيعة لكن الجميع يعلمون أن الحرباء تظل حرباء والثعبان يظل ثعبانا مهما غير جلده وتنكر.

<strong>نجاة ملايكي<strong>

فهذه الحركة غيرت في السابق اسمها وخطابها ومظهرها ومنهجها إلى درجة إعلانها أنها حزب مدني ديمقراطي يفصل بين الدعوي والسياسي  لكن قلة قليلة صدقت أن هذا التحول أتى نتيجة لنضج سياسي وفهم للواقع وتلاؤم مع متغيراته ، إذ أن الأغلبية فهمت أن كل ذلك التحول ما هو إلا مجرد مناورات وتراجعات تكتيكية يقبل عليها هذا الحزب  من وقت لآخر لكسب الوقت والتموقع من جديد والظهور بمظهر يتماشى مع مفاهيم الليبرالية الرائجة في العالم الغربي الذي يعتبره هذا الحزب حديقته الخلفية التي يلجأ إليها للاستقواء والتأثير السياسي، وهو ما أقدمت عليه حركة النهضة على إثر إجراءات 25 جويلية المنقضى عندما تجندت للاستنجاد بالغرب ودفعت المليارات لاتصالات ولحملة إعلامية مدفوعة  في جزء كبير منها من أموال الشعب التونسي المنهوبة.

مائة وثلاثة عشر قياديا (قبل أن يتزايد عددهم ليصبح 131 إلى حدّ الآن) أعلنوا استقالتهم الجماعية المفاجئة عن حزبهم تحت عنوان إخفاقهم في مسألة الإصلاح الداخلي للحزب وتحميلهم المسؤولية الكاملة للقيادة الحالية في عزلة الحركة وفسح المجال لما أسموه بالانقلاب على الدستور وعلى المؤسسات المنبثقة عنه وعدم نجاحها في الانخراط الفاعل في أية جبهة مشتركة لمقاومة الخطر الاستبدادي. هذه الحركة أو الشطحة الجديدة لحزب النهضة تم التوصل إليها بعد أن انكشفت كل أقنعة الحزب وفشلت كل مساعيه الخارجية واستنجاده بالغرب ولم يبق له غير الأسلوب الذي دأب وتربى عليه وهو المناورة وما تحدثنا عنه في البداية بخصوص عملية الانسلاخ والتلون.

بعد بضع ساعات من هذا الانسلاخ التكتيكي وإلغاء منع جولان الأشخاص والعربات بكامل تراب الجمهورية أمكن لهؤلاء التنظم صحبة الانتهازيين والآكلين من كل الموائد والفاقدين للمنح والامتيازات التي تمتعوا بها ظلما لسنوات من قوت الشعب المفقر، الخروج للتظاهر ضد ما أسموه بـ “الانقلاب” وكعادتهم دفعوا من “بيت مال المسلمين” أموالا كثيرة لرشوة القادمين على متن الحافلات من الولايات الداخلية واجتمع اللصوص مع المنهوبة أموالهم في مشهد لا يتكرر ولا يحدث إلا في تونس ما بعد 2011.

هذه المظاهرة التي حرص منظموها على خروجها يوم 26 سبتمبر في ردّ إيحائي على إجراءات 25 جويلية التي عجزوا حينها عن جمع مائتي نفر لمعارضتها أمام البرلمان، جمعت كالعادة فلول الإخوان وأتباعهم  وأذرعهم وعددا من الفاسدين الخائفين من المحاسبة والفاقدين لمنحهم وامتيازاتهم وصكوك الأكل والبنزين وعدد من النواب السابقين وغيرهم من الذين داسوا على كرامة التونسيين وحقهم في العيش الكريم. وقد حرص هؤلاء على مخاطبة الأجنبي من خلال لافتات مكتوبة باللغات الأجنبية.

هذه المظاهرة أسقطت أقنعة الكثيرين وخصوصا منهم المنسلخين عن حزبهم الذين يبحثون عن جبهات جديدة  لا تحمل وصمات النهضة وأخطاءها المعلنة والبارزة التي نفّرت منها الجميع وجلبت لها النقمة وأفقدتها جزءا كبيرا من قاعدتها، إلا أن تاريخ تلون الحركة على مائة لون لن يكون في صالحهم ولن يصدقهم أحد.

لكن تحركات هؤلاء قد تصبح خطيرة إذا تواصل صمت القصر عن المحاسبة وعن الإعلان عن الحكومة. لذلك على رئيس الجمهورية الإسراع باتخاذ قرارات حاسمة تُطمْئن الذين خرجوا ذات 25 جويلية لمساندته وللاحتفال بانتهاء حقبة مظلمة.

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version