على مدى سنين طويلة و منذ انسحاب الروس من افغانستان بعد أن ادركوا عمق المستنقع و ايضا إثر وقوف الولايات المتحدة الامريكية داعمة انذاك لمن كانوا يسمون بـ “المجاهدين الأفغان”، ارتقى النظام الطالباني على أنقاض كل هذا و حكم البلاد بأعنف ما يمكن و أجهل ما يمكن أيضا.
جماعة طالبان التى اكتشف فيها العالم منظمة متطرفة لا تعترف بحريات و لا بحقوق و لا بقانون و لا بعصر، حشدت جيشا كبيرا و ضمت إليها ايضا نماذج اجنبية مثل العرب و بعض الباكستانيين و غيرهم … و لم يأبه العالم الغربي كثيرا لهذه الهوّة السوداء التي وقع فيها الشعب الأفغاني و كافة شعوب المنطقة، إلا بعد عمليات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية … و من يومها و بداعي ملاحقة رئيس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، دارت رحى المعارك المتواصلة بين جماعة طالبان و القوات الأمريكية مما أوهم كثيرين بأن العداوة متمكنة بين الطرفين.
تواصلت المعارك بين كر و فر خلال الشتاء العاصف بردا و ثلوجا في تضاريس صعبة و سلاسل جبلية وعرة جدا تغمرها الثلوج جزءا كبيرا من فصلي الخريف والشتاء لتتجدد هجومات طالبان بصور متقطعة بين هزائم وايضا بعض الانتصارات و احتلال مساحات أو استرجاعها من الحكومة الافغانية المسنودة من الاليات الامريكية من طائرات و دبابات و فرق خاصة واسلحة متعددة عصرية … و استعادت جماعة طالبان المتطرفة انفاسها أمام ارتخاء القوى الحكومية و تخلي اصدقائها الامريكان بصورة شبه نهائية عنها، وربما بصورة متعمدة أو بقرار سياسي للرئيس بايدن الذي كان وعد ناخبيه بإنهاء حضور جنوده في افغانستان و اعادتهم “ات هوم”.
سقطت كل المدن بايدي طالبان و تم اكتساح العاصمة و الاستيلاء على كل التراب الافغاني خلال وقت وجيز و امام. جيش حكومي عجز عن المواجهة و خيّر الهروب .. سارعت طالبان أمام اللخبطة الكبرى في سير دواليب البلاد و فرار اعداد كبيرة من السكان. من موظفين أو متعاونين أو جنود أو اعوان امن، الى محاولة الاشعار بسن عفو عام على الجميع و لكنها سارعت ايضا إلى الانقضاض على فلول المتعاونين مع الحكومة السابقة و احضار المقصلة و حبال الاعدامات التي ستتتالى خلال وقت قريب.
ان طالبان التي كانت اطردت سابقا من كابول العاصمة و من الحكم في بداية هذا القرن، عادت اليوم من خلال ثغرة تركتها القوات اامريكية … و سيؤدي حكمها مجددا الى دمار افغانستان و تنصيب الدكتاتورية الارهابية المعتمدة على زراعة و بيع المخدرات و فلول الارهاب في العالم و ستستمر أجواء الحرب و روائح الدماء ..