تابعنا على

جلـ ... منار

أكرم محمود السعدنى: الولد الشقي أحب «عبد الناصر»، وكره «السادات»… (ج 2)

نشرت

في

…… ولد محمود السعدنى فى20 نوفمبر 1928 ورحل يوم الثلاثاء 4 مايو 2010 بعد رحلة مع المرض.. قدم للمكتبة العربية عشرات الكتب ومنها «مسافر على الرصيف»، «السعلوكى فى بلاد الأفريكى»، و«وداعاً للطواجن»، «أمريكا يا ويكا»، «مصر من تانى»، و«الولد الشقى» عدة أجزاء.. و«حمار من الشرق» وغيرها من الأعمال الإبداعية التى رسم فيها بالكلمة، والمعلومة البسمة على وجوه القراء،

<strong>خيري حسن <strong>

له من الأبناء «أكرم – هالة» وهو الشقيق الأكبر للفنان صلاح السعدنى، قال عنه الرئيس عبد الناصر «السعدنى سفيرنا إلى المصاطب» وقال عنه السادات «ده مش هيشوف الشارع تانى.. ده بينكت علىَّ وعلى أسرتى» … عدت من عند الرئيس السادات وسألت الابن: هل تغيرت وجهة نظره قبل رحيله أو صمته تجاه الرئيس السادات؟ رد: أبويا.. لا.. لا.. حتى آخر لحظة فى حياته.. كان موقفه – ولو بالنظرة – كما هو بالنسبة للرئيس السادات، قلت له.. لكنه التقى به فى الكويت وطلب منه العودة لمصر.. وقال له: أنا ببنى البلد يا ولد! قال أكرم: بلد مين اللى كان يبنيها؟ دعنى أقول لك..

ونسأل معاً.. لماذا أحب عمنا «السعدنى» عبد الناصر.. قلت: لماذا؟ قال: لأنه كان يراه غطاء لجسد الفقراء، وحلم فى قلوبهم وعقولهم، قلت طيب والسادات؟ قال: عمنا السعدنى كان شايف السادات مش مننا.. ليس من طبقة الناس الغلابة.. أو تستطيع أن تقول أنه عندما وصل للحكم «قلب» وأصبح شخصية «تانية» ثم سكت أكرم قليلاً وقال: عمنا السعدنى تعرف على الرئيس السادات قبل 23 يوليو فى منزل زكريا الحجاوى وكان بصحبته عمنا «طوغان» يومها قال لهم زكريا الحجاوى عندما سألوه عن الشخص الذى يجلس معه؟ قال لهم هذا هو الذى سيحكم مصر.. وقتها سأل «السعدنى» ده هيحكم مصر.. ده شكله مخبر، كل ذلك والسادات صامت لا يتكلم، ثم تحققت نبوءة «الحجاوى» وحكم السادات مصر.. رد أكرم مكملاً كلامى: وبعدها حكم مصر ماذا فعل؟ تسبب فى هروب زكريا الحجاوى لقطر، والسعدنى للعراق، وطوغان إلى ليبيا، قلت له.. وهل السادات السبب فى ذلك؟ رد: أمال أبويا يعني؟

أليس غريباً أن يحب عبد الناصر رغم أنه سجنه؟ قال: عمنا السعدنى كان يعشق عبد الناصر.. ويراه نصيراً للفقراء، وكان يقول: إن كان ناصر «أهان» محمود السعدنى، فيكفيه أنه «أعز» مصر، قلت له: أى «عز» وهو الذى سلمها محتلة؟ قال: هذه مؤامرة دولية – مثل التى نعيش معها اليوم – لتركيع البلد. عبد الناصر كان يخطب فتسقط حكومات وتأتى حكومات، كان يمشى فتهتز شوارع العواصم العربية.

قلت له دعنا نعد إلى شخصية عمنا السعدنى بعيداً عن الكتابة والعمل.. كيف كان؟ قال: أبى.. كانت شخصيته هى شخصية واحدة فى الحياة، مثلما كانت فى الكتابة، وأذكر أن الاستاذ الراحل أحمد رجب قال لى.. إحنا حاجة فى الكتابة الساخرة، والسعدنى حاجة تانية خالص، هو يكتب مثلما يعيش ويعيش مثلما يكتب، قلت: أقصد.. كيف كان فى حياته اليومية؟ قال: يُموّت من الضحك وهو يتكلم، مثلما كان فى الكتابة، بمعنى أنك اذا قرأت له تضحك، واذا جلست معه تضحك.

قال عنه الراحل كامل الشناوى: يخطئ من يظن أن السعدنى سليط اللسان فقط.. إنه سليط العقل والذكاء أيضاً.

<strong>أكرم السعدني يتوسط أباه و عمه الفنان صلاح السعدني<strong>

من عند رأى كامل الشناوى إلى رأى «السعدنى» فى تعليم أولاده، قال أكرم.. لم يتدخل فى رغبات أحد منا، ترك لنا حرية الاختيار فى الدراسة.. ونحن كانت ظروف دراستنا مختلفة، فبعد المرحلة الاعدادية أُجبر أبى على الرحيل من مصر، فضاعت مننا أجمل سنين عمرنا فى الغربة بعيداً عن مصر.. وهو كان ذهنياً ونفسياً بين مرارة الغربة وبين حنينه الى الوطن، ونحن أكملنا تعليمنا فى مدارس وجامعات بغداد، بعد رفض نظام مبارك فى بداية عهده استقبالنا فى الجامعات المصرية، إلا بأن نعود الى سنوات الدراسة الجامعية الاولى.. ووقتها اتصل أبى بالقيادة العراقية، فقالوا على الرحب و السعة. رحبت القيادة العراقية، وأصدر مجلس قيادة الثورة العراقية بقيادة الرئيس صدام حسين – رحمه الله – قراراً بعودتنا للدراسة فى الجامعات العراقية.

ومن العراق نذهب الى سوريا..قبل أيام الوحدة ما بين القاهرة ودمشق.. فى ذلك الوقت سافر «عمنا السعدنى» فى زيارة صحفية الى دمشق وطلب أعضاء الحزب الشيوعى السورى من السعدنى توصيل رسالة مغلقة للرئيس جمال عبد الناصر، فقام بتسليمها لأنور السادات دون أن يعلم محتواها، وكان فى الرسالة تهديد لعبد الناصر، لذا تم إلقاء القبض عليه وسجن ما يقارب العامين، وأفرج عنه بعدها.

– عدت للابن أكرم وقلت له: كان هذا سبباً فى سجنه أيام عبد الناصر.. فلماذا سجنه السادات؟ قال: السادات نفسه قال للرئيس القذافى عندما حاول التوسط لديه للافراج عن أبى.. قاله «السادات» إن السعدنى أطلق النكات علىَّ، وعلى أهل بيتى، ويجب أن يتم تأديبه.

قلت له وبعد خروجه من السجن إلى أين اتجه؟ قال: صدر قرار جمهورى بفصله من صباح الخير، وتم منعه من الكتابة، بل منع ظهور اسمه فى أى جريدة مصرية حتى فى صفحة الوفيات، بعدها سافر الى بيروت وغادر بعدها الى ليبيا ثم فى عام 1976 وصل الى أبو ظبى وغادر بعدها الى الكويت، وعمل فى السياسة الكويتية مع أحمد الجار الله ثم تحت الضغوط غادر الى العراق ثم بعد ضغوط من القاهرة غادر الى لندن.

قلت له: واستمرت حياته فى لندن حتى اغتيال السادات.. وبعدها عاد للقاهرة واستقبله الرئيس مبارك فى القصر الجمهورى، ليطوى صفحة طويلة من الصراع مع السلطة، قال: هذا ما حدث بالفعل.

قلت له: هل مات راضياً عن مشواره فى الحياة؟ قال: أبى كانت حياته كلها رضا، تخيل ،تُوفيت أمه وهو خارج مصر وبكى على رحيلها بشدة، وكان يعيش فى مدينة وأولاده فى مدينة أخرى.. ورغم ذلك كان مؤمنا بقناعته، ومدركاً أن مصر تستحق منه أن يفعل ما فعله، ورغم التعب، والسجن، والسفر، والابعاد من المهنة والمنع من الكتابة، إلا أنه كان راضياً وسعيداً بتجربته فى الحياة..

(عن جريدة “الوفد” المصرية)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* كاتب صحفي مصري، مؤلف كتاب”أبي الذي لا يعرفه أحد ” عن الأستاذ محمود السعدني

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جلـ ... منار

موجات

نشرت

في

وفاء سلطان:

مضى على وجودي في أمريكا 36 سنة.

لم أدخل يوما مطعما إلا وتركت للنادلة بخشيشا يفرح قلبها وفوق تصورها.

وفاء سلطان

معظم الذين يخدمون بالمطاعم في أمريكا هم طلاب جامعات ليسدوا مصروفهم، فلقد اشتغل أولادي في المطاعم أثناء جامعاتهم وأعرف كم كان البخشيش هاما بالنسبة لهم.

إلا البارحة قررت أن لا أترك لها سنتا، لكن زوجي رفض القرار وقال كعادته: حرام!

(نعم هو ألطف مني في هكذا مواقف)

أوقح نادلة رأيتها في حياتي، تخبط الصحون على الطاولة وكأنها خرجت لتوها من معركة مع زوجة أبيها.

ضبطت أعصابي بشق الأنفس

لقد اعتدنا ان نفتح حديثا مع من يخدمنا في المطاعم حتى نعرف حياته من ألفها إلى يائها،

ولكن هذه النادلة لم تترك لنا مجالا لنقول: شكرا!

نحن نذهب إلى المطعم ليس من أجل الأكل فقط، بل لتغير الجو وتحسين النفسية، وعندما تقارب الفاتورة المائة دولار وتلقى هكذا معاملة تصاب بالإحباط

حسب رأيي خدمة الزبائن في أمريكا أفضل من أي بلد في العالم زرته، ولنفس السبب لم أحب دول أوروبا!

القاعدة العامة في أمريكا تقول: يجب أن تتعامل مع الزبون كما لو كان دوما على حق!

لو كانت ابنتي محلي لقالت: ماما ارجوكِ سامحيها، لا أحد يعرف كيف كان يومها

هذا صحيح، ولكن على من يشتغل في المرافق العامة وخصوصا المطاعم أن يكون لطيفا تحت أي ظرف!

الحياة لا تعاش إلا ببعض التنازلات، وعندما يتعلق الأمر بعملك يجب ان تتمتع ببعض القدرة على إخفاء آلامك الشخصية ولا تنقل طاقتك السلبية لغيرك!

طاقة كل إنسان تشدّ أو تحجب عنه رزقه، وذلك حسب طبيعتها

كنا ندفع على الأقل 20٪؜ من قيمة الفاتورة، لكن بعد تراشق بالنيران وشد شعر ترك لها زوجي مبلغا، وأنا أتمتم: يا خسارة

فالسلوك الذي يُكافأ يتكرر!

أكمل القراءة

جلـ ... منار

أناقة ما بعد السبعين

نشرت

في

وفاء سلطان:

في الثمانينات من عمرها.

أحنى الزمن ظهرها قليلا، لكن روحها مازالت تعانق السماء.

وفاء سلطان

التقينا في المكان المخصص لعربات التسويق على باب أحد المحلات.

وبينما هي تسحب عربتها التقت عيوننا فصبّحت علي.

رددت التحية، وتابعت: تبدين جميلة جدا، إذ من النادر أن ألتقي بامرأة بهذه الأناقة والترتيب!

فعلا الحياة الأمريكية العملية أنستنا الكثير من أصول الأناقة والتزين.

إلى حد ما، تعجبني هذه العفوية في أمريكا،

فلقد خففت عنا نحن النساء مهمة التبرج كل صباح، وزادت ثقتنا بأنفسنا.

لكن من ناحية أخرى، من الجميل أن نحافظ على أناقتنا ومظهرنا طالما لا نبالغ

نعم لا نبالغ، فلقد أصبحت الكثيرات من النساء اليوم نسخا متكررة من لعبة باربي:

قشرة من الخارج وفراغ من الداخل

المهم، أشرقت ابتسامتها حتى أضاءت وجهها المهندس بطريقة فنية غير مبتذلة، وقالت بعد أن وضعت يدها على كتفي:

حبيبتي كل سلوك تتقنينه عادة، فمتى تعلمتِ عادة تصبح طريقة حياة

ثم تابعت:

منذ سنوات مراهقتي لا أخرج من البيت حتى أتأكد من أنني أسر الناظر إليّ، فمظهرنا الخارجي يعطي الانطباع الأول

أكدت لها أنها فلسفتي كذلك، وتمنيت لها يوما جميلا

أكمل القراءة

جلـ ... منار

من عياش إلى السنوار… “دوري” الإرهاب الصهيوني

نشرت

في

صبحي حديدي:

اللجوء إلى منهجيات المقارنة يقتضي، بادئ ذي بدء ربما، اعتماد درجة الحدّ الأدنى من التكافؤ أو التناظر تارة، والتفاوت والتنافر تارة أخرى، بين مقارَن وآخر؛ الأمر الذي تتضاعف اشتراطاته، ومشاقّه استطراداً،

صبحي حديدي

إذا كانت المقارنات تخصّ البشر عموماً، وفي ميادين مثل الأخلاق والنفس والسياسة والعقيدة خاصة. فليس من اليسير، في يقين هذه السطور، وضع قياديي “حماس”، ممّن استهدفتهم آلة الإرهاب الإسرائيلية في مواقع شتى وسياقات زمنية وسياسية مختلفة، على محكّ تقييمٍ مقارَن واحد أو متماثل؛ حتى إذا كان تسويغ هذا الخيار ينطلق من مبدأ المساواة، ضمن معايير سياسية أو عسكرية أو إيديولوجية، إيجابية أو سلبية، متَّفق عليها أو محلّ اختلاف. وحتى، أيضاً وربما قبلئذ، إذا ارتكزت المقارنات على مسلّمة ابتدائية وناظمة تضعهم، أجمعين، في خانة مقاومي كيان استعماري عنصري استيطاني فاشي المكوّنات وأبارتيديّ المسارات.

ثمة، بذلك، مقادير متقاطعة عليا من التكافؤ في مصائر الاستهداف الإسرائيلي لأمثال يحيى عياش (المهندس) والشيخ أحمد ياسين وصلاح شحادة وعبد العزيز الرنتيسي وسعيد صيام وصالح العاروري وجميلة الشنطي وإسماعيل هنية ويحيى السنوار؛ وثمة أيضاً، وفي المقابل الموضوعي أو الضروري، مقادير متقاطعة دنيا من التباينات الناجمة أصلاً عن الوظائف والدلالات والمصائر. طرائق النَيْل من المهندس أو السنوار، ليست مثل اغتيال الشيخ ياسين (قعيد الشيخوخة) أو هنية (النائم في فراشه)، والفارق لا يخفى بصدد الآخرين.

غير منتفاة بالتالي، بل هي ضرورة سياسية ومبدئية، مسألة التشديد على قاسم مشترك أوّل هو إرهاب الدولة الإسرائيلي بوصفه شكل تنفيذ هذه الاغتيالات، وإرهاب الدولة الصهيوني بوصفه المضمون العقائدي الذي يحرّك الدوافع من قلب “فلسفة” عتيقة ترى في الفلسطينيّ تهديداً وجودياً في ذاته وبذاته. وأياً كانت تفاعلات الشكل مع المضمون فإنّ توحّش إرهاب الدولة يلجأ، دون إبطاء، إلى إخراج الجغرافيا من المعادلة: “المهندس” ابن سلفيت في الضفة الغربية، متساوٍ مع السنوار سليل مجدل عسقلان المحتلة سنة 1948، وكلا الفلسطينييَن في خانة واحدة مع محمد الزواري… التونسي!

وليس عجباً أنّ الليكودي أرييل شارون كان مهندس اغتيال الشيخ ياسين؛ و”حكيم” حزب العمل، شمعون بيريس، كان الآمر باغتيال عياش؛ والليكودي الثاني نتنياهو كان على رأس حكومة الاحتلال يوم استشهاد السنوار. وليس من باب العجائب أنّ الثلاثة كانوا مجرمي حرب بامتياز، كلٌّ على طريقته وأفانين إجرامه، وأنّ تكوين دولة الاحتلال ظلّ ينحطّ من هاوية عنصرية إلى أخرى فاشية.

والحال أنّ منهجيات المقارنة الكلاسيكية ذاتها قد تعيد إنتاج مواضعاتها المألوفة، بين ماضي 1996 وحاضر 2024، على أصعدة حاسمة تخصّ ما هو عميق ومحوري في معمار “حماس” السياسي والعسكري والعقائدي. ذلك لأنّ أغراض الاحتلال من وراء اغتيال “المهندس” انقلبت ضدّها حين أفقدت قيادات “حماس” بعض ذرائع الاعتدال، وانتظار استكمال الانتخابات بوصفها الاستحقاق السياسي الفلسطيني الأبرز في ذلك الطور، وأفسحت المجال أمام انعتاق الحرج الآخر الذي كان يكبّل فصائل عز الدين القسام ويشلّ عملياتها.
وليس استشهاد السنوار ببعيدٍ، اليوم، عن منطق تطوّر مماثل تُضاف إليه اعتبارات عديدة فرضتها سيرورات “طوفان الأقصى” وحرب الإبادة الإسرائيلية ضدّ قطاع غزّة؛ إذْ قد يقبل امرؤ أنّ غياب السنوار عن المشهد الميداني في قلب المعركة المفتوحة يمكن أن يوجع المقاومة، وقد يساجل امرؤ آخر بأنّ الغياب ذاته قد يكون عتبة الوثوب إلى مراحل انتقال ليست أقلّ استكمالاً لتلك التي دأب عليها القائد الغائب.

“دَوْري” إرهاب الدولة الصهيوني تتعاقب فصوله، إذن، ولكن ليس من دون تبدّلات تقلب السحر على الساحر الإسرائيلي؛ كأنْ يفوّت السنوار على الكيان فرصة “اقتناص” على شاكلة شيخ في كرسيّ متحرّك، أو قيادي نائم في فراش.

ـ عن “القدس العربي” ـ

أكمل القراءة

صن نار