منذ اندلاع عاصفة غزّة 7 اكتوبر وحتى غرّة ديسمبر عشنا جميعا او جلّنا على وقع الاحداث .. عشنا جلّنا يوميّات من مشاهد التدمير الشامل الذي انتهجه العدوّ المحتلّ لاهالينا في غزّة . وانا واحد ممن عاشوا العجز والقهر مما شلّ فكري وقلمي على الكتابة ..
نعم .هو عدوُُّ لا فارق عنده بين الشجر والحجر والبشر .. عدوُُّ لا فارق عنده بين الجندي المقاوم والشيخ والصبيّ والمرأة العزّل ..عدوُُّ لا فارق عنده بين ساحة الوغى والمستشفيات والمساجد .. هل اختلف في شيء هذا العدوّ عن اجداده؟. عن ترومان في الحرب العالمية الثانية وهو يُبيد اليابانيين بمئات الآلاف في هيروشيما وناغازاكي؟ هل اختلف في شيء عن بوش الاب والابن في تدميرهما لبلد الرافدين العراق المجد والتاريخ …واذلالاْ لنا نحن العرب والمسلمين يُنحر صدّام العراق يوم عيد اضحى ؟؟ الاجداد سواء كانوا امريكان او انكليز او فرنسيين او ايطاليين هم الذين كُتب تاريخهم في اجندة القوى الاستعمارية الغاشمة في افريقيا وآسيا خاصة … و هم من مهّدوا الطريق ذات سنة وبالتحديد يوم 2 نوفمبر 1917 لبلفور حتى يعد اليهود باحتلال فلسطين الحبيبة ..
لذلك ما وقع منذ 7 اكتوبر وقبله وبعده هو تتمّة لمسلسل يمكن عنونته بـ (احفاد قابيل لم يموتوا) … وحتى اكون امينا مع احداث التاريخ ..احفاد قابيل لم يكونوا حكرا على احد من البشر ومن الطوائف ..ففي تاريخنا الاسلامي ومنذ نشأة الاسلام السياسي (اي منذ اجتماع السقيفة) بدأت البذرة الاولى في بروزه لولا ان حسم الفاروق الامر وبايع ابا بكر الصديق … و لعلّ ما تلاه من مقتل ثلاثة من المبشرين بالجنة (عمر وعثمان وعلي) ليس الّا تجسيما لنموّ تلك البذرة والغريب انّ قاتليهم نفّذوا اغتيالهم وهم يهتفون _ الله اكبر _ ..عن ايّ إله يتحدّثون ؟؟ …
ثمّ وعلى امتداد تاريخنا العربي الاسلامي واصل احفاد قابيل هتك الاعراض وقتل الخصوم إمّا جرّاء اختلاف معهم في الرأي او من اجل الكرسيّ الملعون ..الم يقم الحجاج ابن يوسف (الصوينع عند عبد الملك ابن مروان) بقتل مائة الف ممن لم يدخل في زمرته …ومثل الحجاج وبكلّ الم وحزن كثيرون ..بل مازالوا يتكاثرون لحدّ يوم الناس هذا بدعوى نصرة الاسلام … والاغرب انهم فرق وملل يقتلون بعضهم بعضا ويكفّرون بعضهم بعضا ..وكأنّ لكلّ فرقة إلهها ورسولها وتشريعها ..وكأنّي بهم لم يجدوا في قرآنهم الآية التي تقول بصريح العبارة (وَمَنْ شَاءَ فَلْيًؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفِرْ _ الكهف آية 29 )…
اردت بهذه المقاربة الوصول الى معنيين ..الاوّل انّ تاريخنا العربي الاسلامي لم يخل يوما من هؤلاء المتطرفين في تعاملهم مع الاخر ..هم يلتقون مع وحوش الغرب في كونهم هواة تقتيل وتدمير .هم هواة دماء … الثاني ونظرا إلى انّ حماس هي حركة من حركات الاسلام السياسي، هل نبرّئها من هذه الآتيكات ؟؟ اي هل نناصرها ام نعاديها ؟؟ هنا تعود بي الذاكرة الى احدى قصص تراثنا العربي بطلها امرؤ القيس … تقول القصّة {امرؤ القيس كان من قبيلة كندة وكان مطرودا من قبيلته من قبل ابيه فهام قيس مع رفاقه على الارض وكان يذبح الذبائح بعد ان يصطادها ويعاقر وصحبه الخمر دون هوادة ..دات يوم جاءه ناع بموت ابيه عندما علم امرؤ القيس بمقتل ابيه لم يهتم وواصل الشرب ولعب النرد مع رفاقه قائلا لهم ما كنت ان افسد عليكم اللعب واللهو اليوم خمر وغدا امر ..وعندما افاق في اليوم الموالي اقسم على نفسه ان لا يعاقر الخمر ولا يعاشر النساء حتى يثأر لابيه ..وبرّ بقسمه واخذ ثأر ابيه}
وللامانة هذا تعليق لاحداهنّ حول ماذا علينا ان نفعل مع حماس الاخوانية ..اليوم خمر وغدا امر ..نعم بل وللامانة الموضوعية ايضا حماس ومهما كان موقفنا منها هي التي اخرجت القضيّة الفلسطينية من ثلاّجة النسيان ..افظع ما يمكن ان يحدث لقضيّة من قضايا التحرير ان بلُفذها النسان ..حماس ايضا شيّات الموت ..الم نكن نتغنّى في حرب الجلاء وعبر كلمات الشاعر عبدالمجيد بنّ جدّو في ملحمة بني وطني “فإمّا حياة وامّا فلا” ؟؟ .. نعم حماس ايضا اوجدت تعاطفا شعبيا عالميا مع قضيّة فلسطين وكشفت الغطاء عن الخونة غربا وشرقا وشمالا وجنوبا ..
اخيرا هل اعود بكم الى خطاب مّا في جانفي 2011 الذي بدأه بجملته الشهيرة .. المي وحزني كبيران _ ؟؟ نعم المي وحزني كبيران لكلّ الاعمال الوحشية التي ارتُكبت ضدّ اهالينا بغزّة … ولكن فرحي اكبر لانّ المقاومة هناك اثبتت انّ الرحم العربي الاسلامي الذي انجب عمر الفاروق وخالد بن الوليد وعمر بن عبدالعزيز وابا عبيدة الجراح امين الامة ومحرّر القدس، لم يعقر ولن يعقر وسيكون لكلّ زمن وجيل ابوعبيدته ..