تابعت كغيري من التونسيين حفل توقيع مذكرة التفاهم حول الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين تونس والاتحاد الأوروبي…وتناقشنا أنا و”الشلّة” بكسر الشين قليلا في جدواها وما قد ينفع البلاد والعباد من هذه المذكّرة…
لكن أغلب نقاشنا دار حول الستّ ميلوني…عفوا جورجيا ميلوني عالية المقام فلا أحد منّا تناول محتوى المذكرة بجدّية وتعمّق لأننا تعودنا على مثل هذه المذكرات ونعلم جدواها جيّدا وأغلب من كانوا معنا قالوا قولتهم الشهيرة “كي بيها كي بلاش مذكّرة متاع تسكيت وايجا منّا عيّش ولدي”…جميعنا تناول جمالجورجيا أطال الله عمرها وأظافرها…فهذا يقول “محلاها” والآخر يقول” ملاّ ساقين عليها” والثالث يقول” اش خصّ لوكان نسلّم عليها”…لا أحد منّا تحدث عن أورسولا اندرس….عفوا فان دام… عفوا فون دير لاين كما لا أحد تفطّن لوجود “الهصك” مارك روته معهم …بعد أن دام مدحنا لجسد جورجيا وقوامها وشعرها الأصفر وابتسامتها (حليلي نا!) ووقفتها “الجرمانية” نسبة إلى طائر الجرمان، قررنا العودة إلى منازلنا حالمين بجورجيا على مقاس كل واحد منّا…
افترقنا قبل مائة متر من وصولي إلى المنزل وكعادتي وجدت “فوزي الغبّار” أمام الدار يشاكس عمود الكهرباء ويراوده على نفس من لفافة لا أحد يعلم محتواها…اقتربت منه ونهرته وأمرته بالمغادرة إلى منزله فضحك طويلا وبصوت عال وطالبني كالعادة بمقاسمته ما بقي من “لفافة” صنعها بتركيبة محليّة في أيام الأزمات ونقص السيولة…رفضت …وهممت بدخول المنزل فالتحق بي وأقسم براس أمه أن اقاسمه ما بقي من اللفافة…ولأني أعرف علاقته بأمه ومدى تعلقه بها رضخت لمشيئته ولثمت شفتاي طرف لفافته لأجد نفسي في عالم آخر لا أحد يعلم اين سيأخذني…
وكأني بجرس الهاتف الأرضي يرنّ…تحاملت على نفسي واقتربت منه ورفعت السماعة لأضعها قبالة اذني وقلت “آآآآلو شكون معايا؟” وإذ بصوت أنثوي جذّاب هزّني إلى فوق وأعادني وفي رواية أخرى (خبطني) حيث كنت حين صرخ قائلا “Ciao, amore mio Hamma” أجبت “شنهو؟…اش تقولي؟ اموري ميو؟
أي أي أنا أمورك ميو…أنا حمّة نحيلي الغمّة
وابتدأ المشوار…عفوا الحوار..
أنا: شكون أنت يا منجوهة؟ منين تكلم في؟ تي تكلمي يعطك كيّة…
جورجيا: أنا جورجيا حمّة …نسيتني فيسع…نكلم من فمّي…
جورجيا: طبعا باهية حبيبي… شاملة معناها فيها الفلاحة الطماطم والفقوس والدلاع والكرنب وحتى اللحم…وفيها الزيت…وكل شيء روحي..
أنا: روحي…شنوة قلت جورجيا …روحي…(غيبتك يا سبتي، جورجيا ومندراك طيحتها جت تدور تتكربص من غير بخور وعصبان)…معناها باش ترخص الدنيا عندنا…وكل شي يولي متوفر…وتجيبولنا البطاطا باسوام باهية…وزيت الحاكم يا جورجيا غلب عليّ عندكم زيت حاكم غادي؟؟
جورجيا: أحنا عندنا الزيت وحدو…والحاكم وحدو…كل شيء باش يولي متوفر حبيبي…وباش تغلى شوية الدنيا على خاطر “الشاملة”…أما تهنى كل شيء موجود…حتى الفلفل الحار…والزنجبيل…والخبز باش يولي خبز طليان حبيبي…تعرفوا خبز طليان…طويل وخشين…وحتى الفقوس يا حبيبي يولي عندكم أنواع…وباش تولي سلعتنا وسلعة فغانسا وسلعة ألمانيا وسلعة بلجيكيا وسلعة الشانغان الكل تتباع عندكم…وتشيخوا بالشكلاطة…وبفلفل برّ العبيد…
أنا: الشانغان جو معناها الفيزا تولي ساهلة هي والطماطم…والزيت…أي أي والشكلاطة يا سبتي ايجا شوف حمة شكّل أوروبا الكل …وشنوة أحنا باش نعملولكم مقابل هالجو يا جورجيا التحفونة…يعطك كيّة محلى صوتك يشبّه لصوت حبيبة مسيكة كي تغني “على سريرالنوم دلعني”… جورجيا: أنتم …لا… حاجة خفيفة…هوكة منين تشوفوا واحد من افريقيا جنوب الصحراء ماشي لإيطاليا تضيفوه عندكم وتوكلوه وتشربوه …وتغدوه …وكان لزم تداووه…وبعد مدة تركبوه في طيارة ولبلادو ترجعوه…وهوكة أحنا نخلصوا تساكر الطيارة…
أنا: شنوة معناها عساسة عندكم أحنا؟؟ ما تحشمش جورجيا…يكبّ سعدك وسعد فان دام اللي جات معاك…ودي بروين زادة…
جورجيا: تضحك ملء شدقيها وشفتيها وأنفها وكل شيء …لا لا موش فان دام… فون دير لاين…وموش دي بروين متاع مانشستر سيتي …معزّك قداش فحل وضامر وتضحّك حمّة…وموش عساسة هذاكه يدخل في اطار الكلمة الأخرى: الاستراتيجية…فهمتني روحي…
أنا: روحها…أنا روحها…وفحل…جو الحكاية بدات تتطور نحو المياه العميقة…تي لا علينا…توّه فهمت الشاملة معناها باش ناكلوا الطماطم والخبز والزيت…الزيت أكهو موش زيت الحاكم…والفلفل …والفقوس…والاستراتيجية يعني دفاع مشترك …نشوفو مامادو متعدي يتبختر في المتوسط انادوه ونوكلوه ونشبعوه واذا مرض نداووه…وبعد نقولوا فيها وووووه…ولبلادو نرجعوه…ايه والدنيا عندنا ترخص روحي ميلونتي الغالية؟؟؟
جورجيا: لا…لا…تغلى المدّة الاوله وبعد طااااف تطيح التالي….
أنا: معناها ترقص…يا ام الشعر اصفر طيح التالي…قلت تطيح التالي جورجيا…والا شنوة معناها…(زعمة كي نطلبها في خشيم “بوسة” تحسبها استراتيجية والا شاملة؟ اش خصّ لوكان تحسبها استراتيجية شاملة فرد مرّة ونزيدوا نردكوها بمذكرة تفاهم استراتيجي شاملة)…
جورجيا: لا لا تغلى أول مرّة وترخص بعد مدّة…عزيزي…بحكم السلع متاعنا باش تغرق السوق متاعكم…
أنا: والحكاية هذي الكل قداش باش تعطونا على خاطرها عزيزتي؟؟ أولادنا ينجموا يسافروا عندكم من غير فيزا ويخدموا بحذاكم…
جورجيا: تي هو بيناتنا روحي…هوكه عطيناكم 150 مليون أورو…وبعد يعمل الله…تو نكملولكم قروض بعد التشاور مع صندوق النكد الدولي…يعمل الله…أما أولادكم هما أولادنا…احنا متهنين بيهم في تونس باش يقوموا بالمهمّة…بالاخص كل شيء باش يولي متوفر…مالطماطم للفقوس…حتى الباذنجان حمّة…حتى البطاطا تو نبعثوهالكم فريت مقلية في الزيت…يا روحي…
أنا: يا روح حمّة… (شبي أمها هي ضربة ضربتين تجبدلي عالفقوس يعجبكشي ملا ملقوطة) يعمل الله…فهمت…معناها تجيبوا سلعكم تبيعوها عندنا في اطار الشاملة…ونعسولكم على جماعة افريقيا جنوب الصحراء باش ما يوصلوكمش في اطار الاستراتيجية…وتغلى الدنيا في اطار الشراكة…معناها أحنا اللي نرخصوا في اطار المذكّرة…قلي عزيزتي…وكرامتنا باش تبقى محفوظة في إطار التفاهم زعمة؟؟
جورجيا: حمّة حبيبي …تي انتم باش تكثر عندكم الخبز والبطاطا والطماطم والبصل والزنجبيلل…والفقوس البعلي…شنوّة تعملوا بالكرامة …الكرامة من الكماليات عزيزي…وهو مازال وقت كرامة ؟؟
أنا: كيفاه يا روح أمك…ونهبط عليها بداودي على وجهها…وأنا نقول Ti odio, Georgia …وفي تلك اللحظة استمعت إلى صرخة زوجتي …وهي تقول ” شبيك ضربتني حمّة اش عمتلك…؟؟”
التفت إلى مصدر الصوت وعرفت أني كنت تحت تأثير لفافة فوزي الغبّار “الله يهلكه” ونظرت إلى زوجتي وقلت ضاحكا…كنت أحلم أني كنت مع جورجيا ميلوني وتخاصمنا حول شؤون شاملة بنت المذكرة واستراتيجيات كاملة متاع التفاهم…”برّي الله يهلكك يا جورجيا…ان شاء الله راجلك يروّح سكران ويرقد عليك بطريحة نباش القبور…ويطلقك ويعرضك فوزي الغبّار يهزك معاه لمشهد صالح تموت بالعطش برّي يكب سعدك وسعد اللي ما يقولش سعدك”…
نظرت إلى زوجتي بعد أن قالت “سعدك” وقالت “جورجيا منهي هذه زادة اللي تحلم بيها؟ …تعرف كيفاه هاني في دار أهلي جيب اهلك يرضوني…” صرخت وقلت “جرتك يا ميلوني يعطك كيّة من فوزي ولد برنية عركتيني أنا والمرا…” وهممت بالخروج حينها تذكرت أن أهلي تحت التراب واهل زوجتي تحت التراب الله يرحمهم…وقلت في خاطري “هات اش باش يسلكها خربقتها جورجيا ودخلتنا في بعضنا وروحت…” وخرجت وأنا أتمتم…”الزح حتى خشيم ما خذيتاش منها…الزح بوسة كانت ترجعني عشرين عام التالي نلقى روحي في عهد بن علي نتفرج في شوفلي حلّ…الله يهلك الشاملة والاستراتيجية نَسِتْنِي في واجباتي الزوجية مع ميلوني…شنوة الزوجية …شبيني وليت تخلوض…واجباتي الديبلوماسية”
خلاصة الأمر أضعت البوصلة بسبب استراتيجية جورجيا ومذكرة فان دام عفوا دي بروين…لا لا فون دير لاين …وتفاهم “الهصك” الهولندي الآخر…ثالث الجماعة…