قرر الاتّحاد الأوروبي تخصيص 220 مليون يورو لنقل المصابين بكوفيد-19 من الدول الأوروبية الأكثر تضررا بالفيروس إلى الدول التي تتوفّر على أسرة إنعاش و تنفّس شاغرة في مستشفياتها…هكذا يفعلون في أوروبا …رغم اختلاف لغاتهم…و دياناتهم…و جنسياتهم…فهم يتضامنون…يتعاونون…و يساعدون ضعاف الحال منهم…فلا أحد من أفراد شعوبهم يُترك لمصيره…و لا أحد من أفرادشعوبهم يموت وحيدا دون عناية و محاولة انقاذ….هم يقاومون الكوفيد إلى آخر رمق…و لا يأبهون بكم مليون أو أكثر صرفوا من أجل إنقاذ روح بشرية…فهناك يستثمرون في الإنسان …يستثمرون في الحياة….هم يقاومون الموت بالحياة ….و النضال من أجلها…
لكن ماذا عن العرب والمسلمين الذين يفاخرون بأنهم خير أمة أخرجت للناس…أفعلا نحن اليوم كذلك؟؟ هل يفكّر مواطن من أغادير أو من أرقى أحياء دبي و الدوحة، في فقير يموت جوعا كل يوم يطارده الفيروس في أزقة الموت بصنعاء و غيرها من مدن و قرى اليمن الجريح…و هل يفكّر ابن أمير من الرياض بفقير مريض بالكوفيد لم يجد سرير إنعاش بتونس أو بطرابلس…أو حتى بعدن أو غزة …أين نحن من الغرب “الكافر” كما يصفه بعض الأغبياء من العرب والمسلمين…؟؟ أين نحن من الإنسان الذي يعيش داخل كل إنسان في بلاد الغرب…؟؟ أين نحن من أخلاق الرسول الأعظم…أين نحن من التضامن و التآزر…أين نحن؟؟
نحن أمة تنزف…و لا تجد أحدا يضمّد جراحها…نحن أمة أصاب شعوبها اليأس من أوطانهم…أين من كانوا يصرخون خطبا نارية في شعوبهم يعدونها و يبشرونها بالوحدة العربية…عن أية وحدة يتحدثون…عن الوحدة في الفقر…في الجوع…في الموت…جميعهم ماتوا و تركوا لنا أكاذيبهم…جميعهم وعدوا و لم يحققوا وعدا واحدا من وعودهم لشعوبهم…و استقرّت كل أكاذيبهم في ذاكرة الوطن…نحن أمّة انفصل فيها الأغنياء عن الفقراء خوفا من الوباء… نحن أمة هرب بعضها إلى حضن “عدو” أقسم بعض قادتها بأنهم سيرمون به في البحر… فمات شبابنا غرقا في البحر هربا من الوطن…
نحن أمة تفككت شعوبها حتى تنكّر بعضها لأصولها…نحن أمة تهاوت روابطها التي كانت توحّدها و تجمعها…أين “العروبة” التي صرخوا بها كثيرا في وجوهنا…و بعثوا أحزابا باسمها…أين مصالحنا المشتركة التي عبث بها أغنياء العرب في خمّارات دول الغرب… لقد هان العرب على أنفسهم و ارتضوا الذل و المهانة…و هرولوا عائدين إلى أحضان من اعتبروهم أعداء الأمة…
خلاصة قولنا…نحن أمّة تفرّقنا…و تآمر بعضنا على بعضنا…نحن أمة ستر نفطها بعض عيوب و عورات بعضها…و مات بعضها جوعا و حدوده حدودها…فالنفط عند بعضها لا يعترف بالإخوة و لا بالأشقاء….و تآمر غازها على الإخوة و احتضن الأعداء…نحن أمّة لا عاد دينها يجمعها…و لا عاد مصيرها واحدا…نحن أمّة قال عنها المتنبي”أ غاية الدين أن تحفوا شواربكم… يا أمة ضحكت من جهلها الأمم”….