احتفلنا أمس الأحد 30 ماي بعيد الأمّ…والامّ أيها السيدات والسادة تاج على رؤوس الابناء لا يعرفون قيمتها الحقيقية إلاّ بعد رحيلها… ولكن هل تعلمون أنّنا نضع فرقًا بين الأمهات والنساء!!! تعالوا أبيّنُ لكم… النساء من الإنس بكسر الهمزة ومن الاُنس برفعها …ومن النسيان حيث قال العربُ: “سُميت النساء نساءً لان الله خلقهن ونسي” وجاء فى الحديث الشريف “النساء شقائق الرجال”.
ولكن هل شعوبنا العربية تحترم النساء؟؟ .. وهل يحترم شعب الثلاثة آلاف سنة حضارة المرأة؟؟ لا أظنّ… أليس في ثقافة شعبنا تلك المقولة المقيتة والعنصرية: “معرفتك فى البحر رياسة ومعرفتك فى الرجال كنوز ومعرفتك فى النساء نجاسة كي الصغيرة كي العزوز” وغير خفيّ ان الثقافة الشعبية التونسية تكن احتقارا للمراة فى خطابها اليومى وامثالها الشعبية والقول بدونية المراة لا يتبناه فقط الرجال بل هناك جانب كبير من النساء يتبنين دونية المراة عن الرجل وتتعطل هذه الصورة عند مفهوم الام فقط…
وفى الثقافة العربية الاسلامية فان الشرف والعرض يعتبر اساسا مسؤولية اخلاقية واجتماعية للمراة فهى المطالبة بحفظ شرف الأسرة والعائلة والمجتمع وهى بالتالي مصدر الشرف والعار.. ولا زال قانون العار يسري فى عديد البلدان العربية وهو يجيز قتل المراة ليلة زفافها ان كانت فاقدة للبكارة، فالبكارة هى مكمن الشرف والعرض وليس العقل لان المراة فى الثقافة العربية كائن جنسي جوهريا وهى تصلح للجماع والانجاب.. كما يُعامَل الرجل القريب من مزاج النساء على انه زير نساء “نسوانى” بالعامية التونسية “نسوانجى” بالعامية الشامية.
وفي مخزوننا الاجتماعي فإنّ مَن يريد الانتقاص من رجولة شخص يُشبّهه بالمراة جسمانيا او نفسانيا وعقليا وكأنّ المرأة أقلّ درجة من الرجل…كما وردنا عن علي ابن ابي طالب (كرّم الله وجهه) أنه قال فى خطبته فى قومه “يا اشباه الرجال ولا رجال ويا عقول ربات الحجال” وربات الحجال هن النساء، رغم أنّ الله قد جعل من للامهات وهنّ جزء من النساء مرتبةً فوق البشر بوضعه الجنة تحت اقدامهن. وفي الحضارة الاسلامية والعربية نجد أنّ الامّ كائن مقدس، اما المراة فهى ماكرة عظيمة الكيد وناقصة عقل ودين ولا تجوز شهادة المراة الا اذا كانت مدعومة بامراة اخرى.
كما ان حظها من الميراث هو نصف حظ الذكر، وهى حليفة ابليس فى الاسطورة الدينية السماوية الاسلامية والمسيحية واليهودية باعتبارها سبب خروج آدم من الجنّة وسبب الخطيئة الاولى الكبري وسبب المعصية الاولى لله من البشر وسبب نزولنا الى الارض وسبب موتنا فربّما كنا سنخلد فى الجنة لولاها. فقد جاء فى التوراة وهو يتكلم عن المراة “بسببها أخطأنا وبسببها نموت” كما أنّ فكرة الجمع السببي بين المراة والموت هى اكثر شيوعا فى اليهودية اما فى الاسلام فان الفكرة الاكثر شيوعا حول المراة هى الكيد ونقصان العقل والدين.
بالأمس الأحد 30 ماي عيد الامهات وقد انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعى صور الابناء مع الامهات وتغنت كل الاذاعات والتلفزات بالام، فهُنا “أحنّ الي خبز امى وقهوة امى” وهناك “ست الحبايب يا حبيبة” وفي إذاعة أخرى “ماما زمانها جاية” أو “محلاك يامى مزينتلى الدار”، كما تذكّر الكثيرون امهاتهم المتوفيات وطلبوا لهن الرحمة والجنة. وعلى كلّ أرجو عيدا سعيدا لجميع الأمهات اللّاتي مازلن على قيد الحياة ورحمةً واسعة للأمهات اللاّتي توفَاهم الله.
اليوم إنتهى عيد الامهات وسيعود الوضع كما كان عليه، وسيعود جزء كبير من الرجال لسبّ الامّ وهتك عرضها في إنتظار عيد الامهات في السنة القادمة.