أخيرا تمكن رجب طيب أردوغان مرة أخرى من البقاء لولاية جديدة على رأس الدولة التركية قد يلبث فيها مدى الحياة، بفضل تحالفه خاصة مع أقصى اليمين القومي العنصري ،.. يعني هو شأن سياسي تركي / تركي بحت … ومع ذلك غمرت مشاعر الفرح بعض الذين عندنا ممن تبادلوا أحر التهاني وكأن فوزه هو فوزهم… تماما مثلما رافقوا حملته الانتخابية بالأدعية والصلوات التي منهم من نشرها على موقع فايسبوك ...
لكن وحتى نبين علاقة بلادنا بهذا الرئيس الجديد القديم وجب علينا طرح بعض المعطيات الهامة الأمنية و السياسية و الاقتصادية و مدى تأثيرها المباشر وغير المباشر على تونس … وطننا الذي نظرت اليه تركيا دوما نظرة استعلاء منذ ازدهار الدولة العثمانية لحد نعت تركيا بالرجل المريض اثر سقوط اعمدتها واساطيلها و خسارة مستعمراتها ..على خلاف الاحتلالات الأخرى الذي في النهاية قد تترك بعض البنى التحتية المفيدة، فإن المحتل العثماني لم يترك سوى الحراب وبعض الثكنات والسجون المظلمة.
هذا في ما يخص القرون الماضية أما إذا تناولنا الزمن الحديث وخاصة في العشرية الأخيرة سنرى ان أردوغان قد ساهم مساهمة كبيرة في تدمير بلادنا … اولا بدعمه المتواصل لحد الساعة للإخوان وجعل يلاده بؤرتهم العالمية و المقر الرسمي الذي يحيكون منه مشاريعم العفنة الظلامية … وما الترحيب بهؤلاء سوى نتاج خلفية سياسية استثمارية لخدمة تركيا أو مقاولاتية لضخ الأموال الاخوانية لشركاتهم هناك … وجل هذه من التبرعات الغربية في إطار مخططات معروفة او من دولة قطر الراعية لهؤلاء ماديا و إعلاميا … فضلا عن جحافل الإرهابيين المسفرين إلى سوريا او العراق والتي وجدت من نظام أردوغان و مخابراته كل الدعم اللوجستي والأمني لتمريرهم عبر الحدود … كما ان العلاقة بين حكومات الاخوان بتونس وأردوغان لم تتجاوز مستوى التبعية بين العبد وسيده …
اصبحت تركيا في رأي الجماعة المثال الذي يحتذى اجتماعيا و اقتصاديا و أمنيا … أما على المستوى الاقتصادي فقد عشنا منذ أكثر من عشر سنوات اختلالا فظيعا في ميزاننا التجاري مع تركيا … ورغم أنه ليس لهذا البلد من بضائع تنافسية تتفوق في حودتها أو سعرها على ما يطرح في الأسواق العالمية، فإن حملة محمومة قامت بها حكوماتنا المتعاقبة (والتي تحت كلكل الإخوان) لإغراق أسواقنا ببضائع تركية لا نحتاج معظمها … كما تسببت هذه السلع في إلحاق أضرار جمة بصناعاتنا الوطنية وحتى بفلاحتنا وفلاحينا …
لذا وجب التذكير والدعوة الملحة إلى مراجعة نسق و معدلات التبادل غير المتكافئ بين تونس وتركيا … ولعل من المنطقي ان نعرف ان هذه المبادلات لم تكن في واقع الأمر الا هدايا سخية لفائدة أردوغان حامي حمى الاخوان خاصة إذا علمنا ان وارداتنا من تركيا تصل إلى 70 ,بالمائة وحتى اكثر من هذه النسبة مقابل 30 بالمائة هي إجمالي صادرات تونس إلى تركيا …ونكتفي هنا لضيق المساحة لاعطاء بعض نماذج الواردات من تركيا:
‘*الأبواب الحديدية التي انتشرت في حين ان المصانع والورشات الوطنية يمكنها القيام بما هو اكثر جودة
*الحبوب والغلال الجافة وهو ما ضرب بعض انتاجنا الفلاحي في مقتل وكم عبر الفلاحين عن رفضهم للبعض منها دون فائدة، كما احتلت كميات الحبوب المستوردة من تركيا مراكز الخزن في بلادنا التي عجزت عن خزن محاصيلنا الزراعية في تلك الفترة فذهبت نهبا للطيور والرياح على حواف الطرقات التي أألقيت هدرا على جوانبها، في مشاهد سريالية محزنة وغاية في الغرابة والعبث بنفدرات شعبنا..
*تجهيزات المطبخ المغشوشة الصنع التي يقتنيها التجار الأتراك من رومانيا
*إسناد او مواصلة إسناد الصفقات واللزمات إلى شركات تركية لم تثبت جدواها وكمثال على ذلك مطاراتنا الوطنية.
ان رئاسة أردوغان لمدة خمس سنوات إضافية تستوجب منا كتونسيين تسوية عدد من الوضعيات الخبيثة التي تزين القنطرة الرابطة بين منظومة الاخوان و راعيهم التركي الذي لا يعرف سوى مصلحته ويقوم باوظيف الدين وعمالة سفهائنا لكي يحكم فينا بأحكامه … ولعل من المجدي و العاجل و الضروري أيضا:
_فسخ عقود كل الواردات التي لا فائدة منها
_ترسيخ معاملة تجارية بالمثل بيننا وبين تركيا و تعديل الميزان التجاري إلى نفس النسبة
_دعوة أردوغان إلى احترام تونس واقلاعه عن التدخلات السافرة في الشأن الوطني
. _فضح ما قامت به مخابراته من دعم لوجستي للشباب التونسي الذي تم الزج به في بؤر التوتر في إطار خطة اخوانية عالمية بالغة الخبث والشر.
_ رسم علاقات عادلة بين الشعبين التونسي و التركي دون خلفية استعمارية موروثة من الفترة العثمانية البائدة …