في تاريخنا على ارض هذه البُقيعة التي تسمّى تونس عشنا ومازلنا نعيش وقائع واحداثا هي كفيلة بسلخنا من جلدنا وبتدمير شخصيتنا وتحطيم الانفة والعزة فيها ..
نعم عشناها عندما تولّى امورنا حكّام “قريملّة’ ولمن لا يعرف معنى هذه الكلمة اقول: حكّام لا عهد لهم ولا ميثاق ..يقولون ما لا يفعلون وكبُر مقتا عند الله ان يقولوا ما لا يفعلون …ولعلّ آخر طائفة من هذه الاقوام قافلة ما بعد جانفي 2011 …رغم انهم مازالوا يُصرّون على انّه براء من كلّ الدماء والتخريب والتدمير الذي طال البلد …وهم يدركون انهم يكذبون ويعرفون اننا نعرف انهم يكذبون …
فمتى يستحيون ومتى يُضرب الاعلام الشريف قوي عن دعوتهم حتى نستريح نهائيا من رؤية وجوه قيل عنها في الايقاظ العلمي (كالشة) اي تلتهم كلّ ما يقدّم لها من موائد ! وهؤلاء ترى سيماءهم على بطونهم، حتى نستريح ممّن اجرموا في حقّ تونس والتونسيين وسلّمولي على الراي والراي الاخر وعلى بدعة وموضة ابن القاسم الصورية في ‘الاتجاه المعاكس” اذ لا مكان ولا حقّ فيمن اجرم في حقّ الوطن للتواجد الاعلامي ..
الاعلام الشريف هو من يدعو و يحاور و يحلّل من لم يذنب في حقّ الوطن …على الاقلّ في انتظار محاسبتهم بعدالة عادلة فالمذنب في حق الوطن هو مذنب حتى تثبت براءته … انه الوطن ..انها تونس ..ومع حقوق تونس تنتفي كل المعايير القانونية التقليدية والتي هي من صنف (المتهم بريء حتى تثبت ادانته)
آتي الان الى ظاهرة غريبة وهي جديرة بدراسة سوسيولوجية لتشريح هذا التونسي عبر التاريخ ..اعود للقول انّه رغم كلّ الهزات التي عاشها التونسي عبر كلّ العصور، حافظ التونسي على حبّه للحياة ….التونسي يدفن قريبه اليوم وفي الغد تجده في مسرح ما ليغنّي ويرقص ..التونسي تجده في المقهى يمارس العابه من بولوت سامبل الى بولوت كونتريه الى رامي …هذا حديثا وتجده قديما يمارس العابه في مقهى الحيّ يمارس الروندة والشكبة والنوفي والتريسيتي والدومينو العربي والسوري …
وفي كلا الزمنين ينتهي الطرح فيذهب البعض الى مسجد الحيّ لصلاة المغرب ويذهب آخرون الى خمارة البلد … الى داوني بالتي كانت هي الداء ..والجميع ممتثل لآداب التعايش وحتى نقاشاتهم حول بنت العنبة لا تعدو ان تتجاوز كيسان معدودة وتوة ربي يهزّ متاعو …ا
لتونسي وعبر تاريخه ايضا لم يرم الراية البيضاء لاّي حاكم …ردود افعاله ليست دائما انفعالية وبنت اللحظة ولكن يوم يعلن العصيان لا رادّ لقراره ..والتونسيّون ايضا وعبر تاريخهم لم يستطع ايّ متطرّف ان يجد موقعه بينهم ويعمّر طويلا ..لذلك انا من المقتنعين باّن تونس لن ينجح في حكمها الا تونسيّ مثل كلّ التونسيين هو من نفس فصيلتهم و هم من نفس فصيلته …
وبقدر ما انا مؤمن بجدوى واهمية الدراسة السوسيولوجية لماهية التونسي تشريحا وتحليلا ونتائج بقدر ما اقول حدسا ..إنّ التونسي وبتاكيد عديد المصادر العلمية هو سليل اقدم حضارة في تاريخ البشرية وهي الحضارة القبصية وموطنها قفصة ….نعم نحن من سلالة اقدم حضارة بشرية في التاريخ والتي هي بالنسبة للبعض كانت سنة 8000 قبل الميلاد وبالنسبة للبعض الاخر كانت سنة 7000 سنة قبل الميلاد وفي هذه الحالة هي قبل الحضارة السومرية _ حضارة ما بين النهرين وقبل الحضارة الفرعونية وقبل بقية الحضارات … فهل هذا يعني اننا اسياد العالم حضارة ؟؟
وقد يكون هذا سبب صلابة التونسي وعدم انهياره في احلك فترات عهود الظلام …ان لم يكن كذلك ولذلك السبب فمن ينكر علينا اننا اسياد افريقيا …الم يكن اسم تونس في زمن ما “إفريقية’ ؟؟ ومنها اشتقت القارة الافريقية اسمها ..في كلّ الحالات وبكلّ فخر الانتماء الى هذه الرقعة الجغرافية الصُغيّرة جغرافيا،.الكبيرة بتاريخها ويموقعها المتوسطي الافريقي الاستراتيجي الهام والتي هي تونس …
اقول لكلّ التونسيين الوطنيين المخلصين الصادقين ..ارفع راسك يا اخي ..انت تاريخا وحاضرا ومستقبلا تنتمي الى ارض مهما ادلهمّت سحب الظلام فيها اكّد التاريخ فيها انّ الطراطير والطلاطيل من حكامها هم عابرو سبيل .. وانك انت الشعب وانت الابقى وانت الذي يستجيب لك القدر وانت الذي يذعن لك الليل فينجلي وانت الذي يلين لك القيد فينكسر .. ارفع راسك ايها التونسي ففخرك وايّ فخر انك تونسي ..