جور نار

التنمية المحلية … أساساتها

نشرت

في

تمت الأحد الدورة الثانية لانتخاب المجالس المحلية، وها أن نتائجها تخرج تباعا، وأهم نقطة ركز عليها خصوم هذه الانتخابات (وكل انتخابات، والنظام برمّته) هي ضعف نسب المشاركة …

<strong>عبد القادر المقري<strong>

لن نخوض في جدل طويل حول دلالة هذا الضعف في الإقبال ولن نفسره حتى … إذ لم تفعل ذلك الهيئة المكلفة بالموضوع فلماذا نفعله نحن؟ … ثم ها عندك صفحات الرافضين ملآنة من الطرف للطرف بما يفسر ويقشّر ويسب ويقشتل، فماذا سنقول؟ … على كل فإن موقفنا كان دائما مع رفض الرفض، أي مضادا لكل مقاطعة سلبية حصلت سواء قبل 25 جويلية أو بعده، قبل 2011 أو بعدها، قبل 87 أو بعدها … فكل معارضاتنا فشلت منذ عرفناها ولم تقدم للبلاد أملا ولا مثلا ولا نية عمل … دائما هذا الكسل المزمن الذي يختبئ تحت لحاف الانتخابات غير الديمقراطية والنظام اللاوطني والظروف غير المواتية … ورغم توفر كل هذا في بعض الفترات بشهادتهم، فإنهم إما قاطعوا من جديد، أو شاركوا وأرسوا بنا على صفر مدوّر …

نكتفي بهذا الرأي عن المشاركة والمشاركين، ونتوجه رأسا إلى الهدف من تنظيم اقتراع كهذا … المجالس المحلية … أولا ولمن يرون فيها بدعة أو إحدى تخريجات قيس سعيد ومفهومه للدولة وتمثيلياتها، نقول إن هذه المجالس قائمة الذات في تونس على الأقل منذ سنة 1994 … وقد عشناها كمسؤولين في بعض الجهات عندما كانت لا تتم بالانتخاب … بل كانت مجمعا لممثلي مختلف الوزارات في معتمدية ما، ومعهم نائبون لما يسمى بالمنظمات الوطنية، أما الحزب الحاكم فلم يكن منصوصا عليه بالإسم، ولكن كان يحضر تبعا لجملة وردت في القانون المنظم وهي: (من يرى رئيس المجلس فائدة في استدعائهم)…

وكم تمنيت لو أننا في إطار استمرارية الدولة وربح الوقت، لو أننا قمنا بدراسة التجربة وماذا أعطت وماذا لم تعط … هو أولا ومنذ 2011 ضاعت أخبار تلك التجربة ويبدو أنها نُسِفت من جملة ما نُسف، فجماعة ما بعد 2011 لا يعترفون بوجود دولة رغم أنهم احتفظوا منها بما يفيد أشخاصهم ومقربيهم … وثانيا حتى في العهد السابق لم تكن تؤخذ هذه المجالس على ما يبدو مأخذ الجد … فقد كانت حلقة أخرى تنفيذية لسياسة عليا أعدت مسبقا، مهمتها خاصة تبليغ الحاضرين بالجديد في قانون المالية مثلا ومستجدات القرار المركزي … أقول “يبدو” وقد تكون هناك عمليات أفضل تمّت ولم نحط بها …

المهمّ أن الشأن المحلي إذا نظرنا إليه كما يقع في بلدان أكثر تقدما، هو الشأن الأهمّ بين كافة شؤون البلاد … عليه تبنى السياسات ومن الجهة وخصوصياتها تنطلق مسيرة تلك الدول … وقد خضنا قليلا ذات مرة هنا على جلنار، في نماء جهات العالم الغربي (وحتى الشرقي باعتبار جزر اليابان وشبه قارة الصين) وتحديث أريافهم واكتساب مدنهم تنوّعا مثريا مخصبا هو أبعد ما يكون عن تصحّرنا المزمن في نمط واحد … وعلى سبيل المثال كل المدن الفرنسية هي مدن سياحية، دون أن يتبجّح ماكرون بأن بلاده قائمة على السياحة … وجميع مدن إيطاليا وإسبانيا تُزار من كل شعوب العالم، ومع ذلك لا يتجول مسؤولوهم بين العواصم مرتدين “جبة” إيطالية أو إسبانية وفوقها شاشية تحتها مشموم فلّ وفي اليد لافتة مكتوب عليها بانتظــــــــــام (I  Sidi Bou )

قلنا جميع المدن هناك سياحية … حتى لو كانت بعيدة عن البحر والرمل والنخيل وسوق النحاس … الجبل له سياحته، والمنتزه الأخضر له سياحته، والمعلم التاريخي له سياحته، ومتاحف الآثار لها سياحتها، ومتاحف الفن الحديث لها سياحتها، ومنازل العظماء ومدافنهم (بما فيها قبر كارل ماركس … في لندن !) لها زائروها، والمهرجانات لها سائحوها، وأماكن الوقائع الكبرى كذلك وغيرها وغيرها … والأهمّ من ذلك، توجد في جميعها وفي ما بينها أماكن للراحة وفنادق ومطاعم ومقاه ومرافق وخاصة دورات مياه عمومية نظيفة مصونة على ذمة القادمين والمارين والمقيمين … وهذا ما لا يمكن أن تجده في تونس ولو قلعت حاشاك عينك وبُستها من هنا ومن هنا …

ـ يتبع ـ

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version