جلـ ... منار
السلبية والسلبيّون … احذروهم !
نشرت
قبل سنتينفي
سالي شابة في أول أربعيناتها…تطلقت من زوج ظالم، وخرجت من تلك العلاقة روحا معذبة ومضطربة.
عندما ألتقي بها أركّز على طبيعة حديثها فلا أجد فيه كلمه واحدة تنعش الروح.ـ الطقس حار، وأنا أكره الطقس الحار…ـ
سيارتي تحتاج إلى عجلات جديدة، وليس عندي وقت لأغيرها!ـ
أختي في سوريا مريضة وحالتها ميئوس منهاـ
مدير العمل ابن كلب، يكرهني وأخاف منه
جارتي أمريكية حقيرة بتغار مني
هل سمعتِ اليوم، الحرائق التهمت شمال كالفورنيا؟
وقس على ذلك.
اتصلتْ بي مؤخرا:
ـ وفاء، تعرفت في العمل على شاب أمريكي،ودعاني اليوم إلى العشاء!
ـ رائع، اذهبي واستمتعي بوقتك…من يدري؟ قد يكون ابن حلال وينسيك الماضي…ـ ـ
مافي رجل ابن حلال، وكما تعرفين حظي زفت…
………………
تعود للاتصال بعد الغداء:
ـ انقلع…ناقصني شراشيح…ههههه…فيني اجي اشرب فنجان قهوة معك؟
ـ تعالي
تدخل بيتي وفي يدها هدية ملفوفة بأوراق جميلة وشريطة أجمل، وفي اليد الأخرى باقة ورد زاهية…ـ
واااااو، هل هذه هداياه؟
تقلب عيناها، وتكشّر: اي، رح نشوف شو ها الهدية؟
تفتح العلبة الصغيرة وتُخرج منها زجاجة عطر، تمد يدها باتجاهي لتريني نوعها، فتسقط الزجاجة على الأرض وتصبح أكبر قطعة فيها بحجم حبة العدس..
أول مرة في حياتي أرى زجاجة عطر تنكسر، فعادة تكون مصنوعة من زجاج سميك ومقاوم..لقد اسقطتُ من يدي زجاجات العطر مرات كثيرة، ولم تنكسر أية منها
تشهق سالي:
ألم أقل لك حظي زفت؟؟
بعد حوالي ساعة، خلتها دهرا، همّتْ بالخروج، فتأبطت باقة الوردوغادرت…لم يمضِ أكثر من نصف ساعة حتى عاودت الاتصال:
ـ وفاء، نسيت عندك باقة الورد!
ـ لا لقد أخذتِها معك..ـ
ـ ولكنني لم أعثر عليها في السيارة!
خرجتُ إلى الحديقة الأمامية ورحتُ أجول ببصري في أرجائها،وإذ بي أرى باقة الورد على إحدى الصخرات جنب المكان الذي كانت قد ركنت عنده السيارة.ـ
ـ سالي، الباقة هنا على إحدى الصخرات، ارجعي!
ـ لا….بالناقص منو ومن وردو، سأسوق ساعة اخرى من أجل الباقة؟؟
لمدة أكثر من اسبوع ورائحة العطر تملأ بيتي ومنظر باقة الورد يضفي على المكان رونقا آخر…ألم أقل لكم بأن الطاقة تشد مثيلتها وتنبذ مادون ذلك؟؟؟
………………
لم اشعر يوما بالارتياح للحديث مع سالي، وأشعر دائما أنها تتأجج طاقة سلبية.
حاولت مرارا أن أشد انتباهها إلى الأشياء الجميلة في الحياة، وما أكثرها!
أذكر مرّة وخلال إحدى دردشاتنا حول فنجان قهوة قلت لها: انظري إلى هذا الصقر الذي يحوم فوق بيتي،كم أعشق عنفوانه!
فردت: هل نسيتِ أنه أكل لك قطتين؟ (فالج لا تعالج !)!!!
………………
.اتصلت بي مؤخرا…تناولتُ سماعة الهاتف، واستمررت في غسل الصحون وأنا أراقب المدى البعيد والجميل الذي يمتد وراء نافذة مطبخي.
ـ هالووووـ مرحبا وفاء
ـ هلااااااااا سالي، كيفك حبيبتي؟
ـ خير يارب، صوتك يدل على أنك مريضة؟
لم تكد تنهي عبارتها حتى لمحني كلبي ماتشو من وراء زجاج النافذة، فانقض بطريقة عدوانية غريبة وعلى غير عادته، وحاول أن يخبط بيديه الأماميتين على زجاج النافذة.كانت هناك على حافة النافذة الخارجية مزهرية جميلة جدا، ومن الوزن الثقيل، تلقيتها كهدية، ومن شدة اعجابي بها وضعتها في ذلك المكان كي استمتع برؤيتها كلما مارست هواية غسل الصحون.
وقعت المزهرية وسمعت صوت ارتطامها بالأرض وتناثرها.لم يكن تحطمها هو الحدث الوحيد الذي كان من المفروض أن يثير غضبي،لكنها سقطت فوق اصيص من الزهر موجود على الأرض تحت النافذة. الاصيص يحوي شجيرة، هي من أحب نباتاتي وأقربها إلى قلبي.هي شجيرة يقال ان اصلها من البلدان الاستوائية، ولكن لسبب ما انتعشت في حديقتي.
وقعت المزهرية فوق الشجيرة، وقطعت ساقها من مستوى التربة، ثم ارتطمت بالارض.
عندما لمحت الشجيرة المقطوعة تخللني تيار من طاقة سلبية، شعرت أنه موصول بسالي بشكل أو بآخر!
كان عليّ أن أقطع هذا التيار أولا وقبل أن أنظف آثار “الجريمة”اعتذرت منها وأعدت سماعة الهاتف إلى مكانها!
………………
سالي ليست انسانة بسيطة، فهي حاملة ماجستر في Computer graphic design ولديها وظيفة جيدة جدا ودخل يفي ويكفي، وتملك بيتا، ولكن؟؟
هل يُعقل أن تتصل بصديق بعد غياب أكثر من شهر لتدردش معه، وأول عبارة تقولها: صوتك يدل على أنك مريض؟؟وخصوصا عندما يكون صوته طبيعيا، بل وفرحا في نبرته التي تشد إليه كل الطاقات الإيجابية في الكون…
من يفعل ذلك ليس إنسانا طبيعيا!
لا تقل: إنه تصرف عفوي، وقد لا يحمل أية خلفية!
بل هو تصرف مقصود ويحمل دلالاته، سواء في ساحة الوعي أو في اللاوعي عند صاحبه.الإنسان الساخط، وسالي صورة عنه،
يشعر بالارتياح عندما يساهم في استفزاز شخص آخر،
ويشعر بالارتياح عندما يقابل شخصا تعيسا
ويشعر بالارتياح عندما يلتقي بشخص سعيد، فيحاول أن يسقط عليه مشاعره، أملا في أن يلعب دورا في تغيير مزاجه نحو الأسوأ.
طبعا مشاعر الارتياح تلك هي مشاعر وهميّة وليست حقيقية، ولذلك لا تدوم طويلا،فالالتقاء بانسان ساخط، أو المساهمة في إثارة سخط انسان آخر، سيزيده سخطا، لأن الطاقة تجذب (ربّما خلسة) مثيلتها!
………………
أثبتت الدراسات والتجارب في علم النفس أن المشاعر تنتقل بالعدوى
، وإن الناس الكئيبين ـ وهم بالمطلق ساخطون ـ يُصيبون غيرهم بالكآبة.
لم ترتقِ علاقتي بسالي يوما إلى مستوى الصداقة، لأنه لا يمكن أن تصادق إنسانا مالم تملكا نفس مستوى الطاقة ونفس نوعيتها، فالبشر ـ كما الطيور ـ على أشكالها “الطاقوية” تقع!
بعد أن أوشكت سالي على استنزافي، اكتشفت أن العامل الوحيد الذي فرض عليّ تلك العلاقة كل هذا الوقت، هو شفقتي عليها.ولقد قيل: أكثر من يحتاج إلى الشفقة هم الذين لا يستحقونها!
أما أنا فأضيف: وأكثر من يستحق شفقتك هو نفسك، إذ عليك أن تحافظ على توازنك النفسي كي تبقى جاهزا دوما لتمد يد المساعدة
………………
التعامل مع هذا النوع من البشر يساهم في اختلال توازنك، ويشفط آخر ذرة طاقة منك، حتى لاحقا يسلبك سكينتك.
لهذه الأسباب مجتمعة، اسقطت سالي من حياتي، وأريدك أن تسقط كل شخص ـ على شاكلة سالي ـ من حياتك!
………………
من الجميل أن تشفق، ومن الأجمل أن تجسد شفقتك عطاء.لكن ليس من العقلانية بمكان أن يكون عطاءؤك على حساب أعصابك، وعلى حساب مزاجك، وعلى حساب سكينتك!
أول ثمرة العطاء الصحيح هو إحساسك بالراحة، ذلك الإحساس الذي يعزز رضاك عن نفسك، وبالتالي يرسخ مستوى سكينتك!
أما أن تضخ طاقتك في قربة مثقوبة، فهذا تصرف أحمق لن يملئالقربة، وسيستنزفك روحانيا وعاطفيا!
………………
لا أكره سالي رغم سلبيتها القاتلة، لا أكرهها لسبب بسيط، ألا وهو أنني أحب نفسي، ولنفس السبب اسقطتها من حسابي.
حرر نفسك من سلبياتها، وتجنب الناس الذين ـ كالضفادع ـ لا يجيدون إلا النق،
فالطاقة السلبية تقف حائلا بينك وبين المنبع الكوني، وعندما تفعل ذلك يصبح الشحّ طريقة حياة!
تصفح أيضا
جلـ ... منار
عودة ترامب.. تحديات ومخاوف!
نشرت
قبل أسبوع واحدفي
25 نوفمبر 2024من قبل
التحرير La Rédactionعبد الله السنّاوي:
يكاد العالم يكون اختلف تمامًا عما كان عليه قبل أربع سنوات حين جرت إزاحة دونالد ترامب من البيت الأبيض في انتخابات (2020).
بمجرد انتخابه مجددًا طرحت تساؤلات حرجة على الإقليم والعالم عن حدود التغيير في سياسات القوة العظمى شبه الوحيدة على المسارح الدولية والإقليمية المشتعلة بالنيران في أوكرانيا وفلسطين ولبنان.
يصعب التعويل على تعهداته الانتخابية بإنهاء تلك الحروب والتخلص بأسرع وقت من إرث سلفه جو بايدن. يقال عادة: “ترامب هو ترامب”. في لحظة إعلان انتصاره استعار من منافسته “كامالا هاريس” دعوتها إلى طي صفحة الصراعات الداخلية، التي تسببت فيها سياساته وهددت الديمقراطية في صميم معناها وأدوارها.
في نشوة النصر استشعر بأن حقًا استلب منه بالتزوير الفادح في الانتخابات السابقة عاد إليه دون أن يكون لديه دليل واحد أو شبه دليل.
هل يمكن أن تختلف سياساته في إدارة الدولة من الشقاق إلى الوحدة أم أننا في انتظار انفجارات أخرى ومشاحنات جديدة تضع المشهد الداخلي الأمريكي على حافة الخطر الداهم؟
هذا تحد أول يستدعي القلق المكتوم أو بعض الوقت حتى تستبين سياساته ومواقفه عندما يدخل البيت الأبيض في (20) يناير (2025)، حسبما تقضي الترتيبات المستقرة في نقل السلطة. الملحّ والضاغط الآن الطريقة التي سوف يتصرف بها في الملفات الدولية المشتعلة.
لم تكن لدى الأوروبيين رفاهية الوقت لانتظار ما قد يطرأ من تحولات وانقلابات جوهرية في الحرب الأوكرانية، أو تبعات التحلل من الالتزامات الأمريكية تجاه حلف الناتو ومستقبل الأمن في القارة وطبيعة علاقاتها مع الولايات المتحدة.
دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدول الأوروبية إلى الاعتماد على نفسها في ضمان أمنها. لم تكن تلك دعوة مستحدثة على توجهاته السياسية بعد صعود ترامب مجددًا، فقد تبناها وألح عليها أثناء فترته الرئاسية الأولى، التي تخللتها مشاحنات أمام الكاميرات بين الرئيسين وصلت إلى حد إهانة ماكرون. دعوته هذه المرة أقرب إلى إجراء احترازي مبكر خشية عواقب إنهاء الحرب الأوكرانية بتفاهم منفرد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دون أخذ المخاوف الأوروبية في الاعتبار.
في تعليق لافت آخر دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى “السلام من خلال القوة”. كان ذلك تعبيرًا ملتبسا يعكس مدى قلقه البالغ من أية تحولات دراماتيكية مفاجئة عسكريًا وسياسيًا على المسرح الأوكراني. بوقت واحد تبنى خيار بايدن في استخدام قوة حلف الناتو بمواجهة روسيا دون أن يعارض خيار ترامب، لإنهاء الحرب بعدما أثبت الخيار العسكري عجزه عن تحقيق أهدافه.
لم يتردد القادة الأوروبيون الآخرون عن التعبير بصيغ أخرى عن فوائض القلق، التي تعتريهم إثر صعود ترامب مجددًا. المشكلة الرئيسية هنا أنه تعهد بإنهاء الحرب بمجرد التواصل مع بوتين دون أن تكون لديه خطة واضحة.
بدا الكرملين أكثر تريثًا، رغم تأييده الضمني لصعود ترامب. بتعبير وزير خارجيته أندريه لافروف: “سوف ننظر في أفعاله لا أقواله”.
الحرب الأوكرانية تحد جوهري يتعلق به مستقبل النظام الدولي، الذي أخذ يترنح بتأثير حربين متزامنتين، واحدة في أوروبا والأخرى بالشرق الأوسط.
كانت النزعة العسكرية المفرطة لدى بايدن أحد الأسباب الجوهرية لخسارة نائبته هاريس الانتخابات الرئاسية. لم تبدِ شخصية مستقلة عن إرثه، لا دعت إلى حل سياسي للحرب الأوكرانية ولا نددت بجرائم الإبادة الجماعية في غزة. باليقين فإن وطأتها أقل من ترامب بالنسبة للحرب في غزة، لكنها فشلت في اتخاذ مسافة عن بايدن الذي فقد شعبيته وصورته وأدخل الاقتصاد الأمريكي في دوامة التساؤلات الحرجة عن مستقبله مع زيادة نسب التضخم وارتفاعات الأسعار في الأسواق.
استثمر ترامب في فشل بايدن، ونجح في الفوز براحة لم تكن متوقعة. كسب إلى صفه قطاعات من الأمريكيين السود رغم سجله السلبي، الذي استدعى احتجاجات واسعة نشأت في زخمها حركة حياة السود مهمة. كما نجح في اجتذاب كتل محافظة خارج نطاق حزبه الجمهوري أقلقها تركيز منافسته على الحريات الجسدية بمن فيهم عرب ومسلمون.
كانت المفارقة الأفدح توزع الصوت العربي والإسلامي بين المرشحين بذريعتين مختلفتين، أحدهما بالتصويت العقابي ضد إدارة بايدن وهاريس لدورها في الحرب على غزة والتواطؤ الكامل بحرب الإبادة.
وثانيهما، بالرهان على أن يلتزم ترامب وعده الانتخابي، الذى أطلقه بولاية ميتشيغان المتأرجحة، بإنهاء حربي غزة ولبنان.
كان ذلك تحليقا في فراغ الأهواء. بدت حكومة بنيامين نتنياهو الأقصى يمينية في تاريخ الدولة العبرية، هي الأكثر ابتهاجًا بفوزه. حسب تعبيره فإن فوز ترامب يعني إعادة القوة للتحالف الأمريكي الإسرائيلي، كأنه كان مهتزًا على عهد بايدن، الذي وفر لآلة الحرب الإسرائيلية كل ما تحتاجه من تسليح ودعم استخباراتي وغطاء سياسي منع ملاحقة قادتها أمام المحاكم الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب أخطرها الإبادة الجماعية. وحسب وزير الأمن القومي المتطرف اتيمار بن غفير فإنها فرصة لتحقيق النصر المطلق دون أن يكون لديه أي تصور يتعدى التقتيل والإبادة والتجويع والتهجير القسري للفلسطينيين.
الحرب في لبنان أخطر على واشنطن ومصالحها من الحرب على غزة.
هذا استنتاج مرجح في ما تنشره الصحافة الأمريكية، رغم ما يقال عن تفاهمات بين ترامب ونتنياهو تقضي باستخدام كل ما يلزم من قوة لحسم الحرب على غزة حتى يمكن إنهاؤها فور دخوله البيت الأبيض ويكون ذلك إنجازًا يحسب للرئيس العائد.
في كل الأحوال لا يمكن تجاوز الحقائق على الأرض، في لبنان وفلسطين. القضية الفلسطينية تستعصي على الإلغاء، إلى حد نفي مشروع الدولة الفلسطينية وعدم الاستعداد للاعتراف بأية حقوق سياسية لشعبها.
إننا بقرب محاولة جديدة لإلغاء الأثر السياسي والمعنوي لعملية السابع من أكتوبر (2023) وما جرى بأثر حرب الإبادة في غزة من أوسع موجة تضامن شعبية دولية مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية تحرر وطني بالمقام الأول والأخير.
يصعب تخيل حدوث هذا السيناريو بعد كل ما جرى. ولا هو سهل ومتاح العودة إلى صفقة القرن بصورة أو أخرى بالتوازي مع الضغط الهائل على دول رئيسية في الإقليم كالسعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل دون أي مقابل سياسي.
إننا بقرب ابتزاز سياسي ومالي جديد تعترضه الحقائق الفلسطينية، التي ثبت دومًا أنه يستحيل تجاوزها.
ـ عن “الشروق” المصرية ـ
وفاء سلطان:
البارحة نشرت بوستا مفاده ان مقدار سلامك الداخلي هو انعكاس لعملك وإيمانك ونواياك وأفكارك وصداقاتك وعلاقاتك ونجاح اسرتك.
فكرة البوست ولدت بعد محادثة على الخاص مع شخص لم أكن أعرفه من قبل، شخص متدين جدا جدا،
ولكنه كان مهذبا ولطيفا، لسبب واحد التقطته من خلال الحديث ألا وهو أن لديه شكوكا بطبيعة ما يؤمن به
أراد أن يجرني لأفصح عن كل ما أعرفه بهذا الخصوص، لأن ما أقوله راح يغوص في تلافيف دماغه ويحرك شيئا عنده.
في سياق الحديث قلت له: أشعر أنني أسعد امرأة في العالم، والشخص الأكثر سلاما
فردّ على الفور:
بعكسي تماما فحياتي قاسية جدا، وتابع: أعيش وأشعر أن كل شخص يتعامل معي بوحشية لأنني إنسان طيب وأخاف أن اؤذي أحدا.
قلت: الطيبة لا تعني أن تترك الوحوش تنهشك!
فردّ: أخاف من الله
قلت: ومتى كان الدفاع عن النفس ضد مشيئة الله؟
لن أخوض أكثر في بقية الحديث، لكنني أود أن أعلق على ما سبق وذكرته منه.
عندما أقول أنا أسعد امرأة في العالم والأكثر سلاما، لا أقصد أنني لم أحزن ولم أتألم، فالحزن والألم جزء من الطبيعة البشرية وعامل فعّال في ديناميكية الحياة.
الحزن ليس الوجه المغاير للسعادة، بل التعاسة هي ذلك الوجه.
نعم، لم أشعر يوما أنني تعيسة، ولكنني حزنت مرارا كردّة فعل على حدث ما.
الحزن شعور عابر يثيره حدث مؤلم، أما التعاسة فهي حالة عقلية دائمة تستنزف طاقة البشر وتحولهم إلى
دمى لا حياة فيها، يشعرون عندها أن لا قيمة ولا فائدة لوجودهم
بالمناسبة، استطيع ان أعمّم وأقول: لم أصدف في حياتي متدينا مهووسا وخضت قليلا في حياته إلا واكتشفت أنه تعيس إلا حد الاستنزاف، والإفراط في تدينه ليس أكثر من وهم، وهم يشبه إلى حد بعيد وهم الغريق عندما لا يجد سوى قشة فيتعلق بها.
الإنسان يملك إرادة حرة وهي وحدها، ولا شيء غيرها، ينقذه من تعاسته
أما الله فهو صوت الضمير في أعماقه، ذلك الصوت الذي يعزز إرادته ويضيء له الطريق
ولقد أضاء لي الطريق حتى صرتُ أرى ثقب الإبرة خلال لحظة ظلام دامس
فأدخل فيه الخيط كي أشبك جروحي وجروح الآخرين
جلـ ... منار
“هابرماس”… والعدوان على غزّة
نشرت
قبل أسبوعينفي
17 نوفمبر 2024من قبل
التحرير La Rédactionعبد الله السيد ولد اباه*:
“يورغن هابرماس” هو بدون شك أهم فلاسفة الغرب الأحياء وقد وصل سنّ الرابعة والتسعين، وأصدر عشرات الكتب الفلسفية والاجتماعية الهامة، آخرها كتابه المرجعي في تاريخ الفلسفة من مجلّدين.
لقد كتبتُ حوله الكثير وصحبتُ أعماله الفكرية منذ مطلع الثمانينات، بيد أنّ الحديث اليوم يتعلّق بالموقف الذي عبّر عنه في عريضة وقّعها باسمه مع آخرين، بخصوص الأحداث المأساوية التي تمرّ بها غزّة حاليًا.
ما استوقفني في العريضة أمران، أوّلهما التأكيد على “شرعية” العدوان الإسرائيلي على سكّان غزّة من منظور “حق الدفاع عن النفس”، وثانيهما القول بأنّ اتهام إسرائيل بشنّ حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني مظهر من مظاهر العداء للسامية!
لم يذكر في العريضة أيّ شيء عن الاحتلال الإسرائيلي وحق المقاومة الفلسطينية الذي تكفله المواثيق والقوانين الدولية، ولم يتم الاعتراف بجذور وخلفيات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي لم يبدأ يوم 7 أكتوبر.
لقد استغرب الكثيرون مواقف الفيلسوف الألماني العجوز الذي يقدّم نفسه بكونه آخر مدافع عن تركة التنوير والحداثة الإنسانية، وأكبر معارض لليمين المتطرّف في أوروبا والنزعات الشعبوية العنصرية المتنامية في القارة. والواقع أنّ هابرماس لم يُخفِ يومًا من الأيام نزعته المركزية الغربية، من خلال الصراع المحتدم الذي خاصه ضد الأفكار التفكيكية والنقدية في الفلسفة الغربية من نيتشه إلى هايدغر وفوكو وديريدا.
ما حاربه هابرماس لدى هذا التيار الواسع الذي يصفه بالعدمي هو التشكيك في السردية العقلانية التنويرية لأوروبا الحديثة، برفض القول بالخلفيات السلطوية والإقصائية في الخطابات المعرفية والعلمية التي تدعي الكونية الموضوعية والمحايدة.
وعلى الرغم من تشبث هابرماس بالأنموذج التواصلي المفتوح القائم على التداول البرهاني الحر، إلا أنه في الحقيقة لم يسعَ يومًا إلى اكتشاف الثقافات الأخرى، بما يبرز جليًا في كتابه الأخير حول تاريخ الفلسفة الذي ينطلق فيه من مركزية اللاهوت الأوروبي في تشكّل المنظومات الفلسفية.
ما علاقة هذا التوجّه الفلسفي بتعاطفه مع إسرائيل وتنكّره لحقوق الشعب الفلسطيني الذي يتعرّض لحرب إبادة جماعية غير مسبوقة؟
العلاقة واضحة، وهي أنّ هابرماس عاجز عن التفكير خارج مقاييس الكونية الغربية حيث تشكّل الحالة الإسرائيلية امتدادًا طبيعيًا للسياق الأوروبي، ومن هنا إشارته إلى حساسية موضوع المحرقة اليهودية بالنسبة لألمانيا، وكأنّ الشعب الفلسطيني مسؤول عن هذا الحدث الذي تمّ في العمق الأوروبي.
الغريب أنّ هابرماس المدافع بقوة عن الشرعية المعيارية الإجرائية التي هي أساس المدونة القانونية الحديثة والمتشبث بعقلانية المجال التواصلي خارج أي تدخل للمرجعيات الدينية المقدسة، لا يشعر بالتناقض وهو ينحاز لأخطر الأنظمة اليمينية المتطرّفة حيث تتحالف الصهيونية الدينية المتشدّدة مع الأحزاب العنصرية الفاشية .
وصفه الفيلسوف الألماني “بيتر سلوتردايك” بأنه “السليل الأخلاقي للنازية”
لقد تعلّل هابرماس بما أسماه استثناء الديمقراطية الإسرائيلية، دون أن يقف عند المرجعية المسيانية للدولة التي حصرت هويتها القومية في مكوّنها اليهودي، بما يعني إقصاء خمس سكانها وهم من نسيجها المسلم والمسيحي الأصلي، كما أقامت في المناطق المحتلّة نظام تمييز عنصريًا لا يختلف في شيء عن حالة جنوب إفريقيا السابقة حسب إقرار رئيس الموساد السابق تامير باردو.
كيف يمكن الحديث عن دولة ديمقراطية تقوم على العنصرية والتطهير العرقي، وترفض معايير المواطنة المتساوية وتكرّس الاحتلال الاستيطاني؟
لقد وصف الفيلسوف الألماني “بيتر سلوتردايك” مفكّر التواصلية هابرماس بأنه “السليل الأخلاقي للنازية”، ويعني بهذه العبارة أنه ينتمي للفكر نفسه والمرجعية النظرية نفسها وإن اعتمد قاموسا أخلاقيًا عقلانيًا. هل يمكن من هذا المنظور لفيلسوف أوروبا الكبير أن يستوعب المأساة الفلسطينية التي هي بالفعل حرب إبادة حقيقية، وكل من يبررها هو شريك في العدوان والمذبحة؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*فيلسوف وباحث وكاتب وأكاديمي موريتاني
استطلاع
صن نار
- جور نارقبل 18 ساعة
ورقات يتيم… الورقة 92
- اقتصادياقبل يومين
النكهة التونسية في الصالون الدولي للشكلاطة والمرطبات
- اجتماعياقبل يومين
غدا الاثنين… انطلاق امتحانات الثلاثي الأوّل
- ثقافياقبل يومين
اختتام أيام قرطاج المسرحية
- ثقافياقبل يومين
قريبا… “أيام سينما الجبل” بعين دراهم، والسينما التونسية إلى أين؟
- صن نارقبل يومين
الذكاء الاصطناعي و إدارة المشاريع بتونس
- صن نارقبل يومين
مستبقا صراعه مع الصين… “بايدن” يمهّد لخلفه “ترامب”، الطريق نحو إفريقيا
- صن نارقبل يومين
“الأونروا”: أكثر من 415 ألف نازح بغزة يحتمون في مدارسنا