السيد الرئيس قيس سعيد.. عندما تُؤوّل الدستور… واصل للنهاية !
نشرت
قبل 4 سنوات
في
صادق مجلس نواب الشعب يوم 25 مارس 2021 على مشروع قانون أساسي عدد 39 / 2018 يتعلق بتنقيح و اتمام القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 03 ديسمبر 2015 المتعلق بالمحكمة الدستورية والغاية من المصادقة تجاوز عثرة استكمال انتخاب اعضائها المعطل منذ سنوات، ثم أرسله لرئيس الجمهورية ليختمه،
غير أن الرئيس لم يختم مشروع القانون ولم يطعن في دستوريته بل اختار أن يرد المشروع الى مجلس نواب الشعب وفق حق الرّد المنصوص عليه بالفصل 81 من الدستور، وعلى إثر ذلك عاد المجلس للإنعقاد وصادق على نفس المشروع بأغلبية معززة. فهل سيختم الرئيس المشروع؟ لا أظنّ… فهو لم يقترح على المجلس في واقع الأمر أي تعديل بل تضمن مطعنا شكليا يتلخّص في أن الأجل الدستوري لإرساء المحكمة الدستورية قد انقضى.
فالفصل 148 من الدستور يقتضى في فقرته الخامسة انه يتم في أجل اقصاه سنة من تاريخ الانتخابات التشريعية ارساء المحكمة الدستورية وقد جرت الانتخابات في اكتوبر 2014 و أعلنت نتائجها في نوفمبر 2014 و قد مرّت ستة اعوام ولم ترسَ المحكمة الدستورية بعد و في توضيح لموقفه صرّح سعيّد بمناسبة زيارته يوم 6 أفريل 2021 لضريح الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة أنه لا يتحمّل وزر عدم إرساء المحكمة الدستورية في الآجال التي نصّ عليها الدستور وأن “كل التأويلات لتبرير تجاوز هذا الآجل غير مقبولة لأن النصّ الدستوري واضح ولأن الخرق يبقى خرقا مهما طال الزمن ولا يمكن أن يُبرّر بخرق مثله”
يا سيدي الرئيس،
لنفترض جدلا أن أجل إرساء المحكمة الدستورية قد انقضى فعلا ولا يمكن بعده إرساء المحكمة فإن ذلك سيقودنا إلى مراجعة وضعيات نتساءل اذا كنت قد وضعتها في حسبانك، وإليك بعضها:
1- عدم دستورية القانون عدد 50 لسنة 2015 المتعلق بالمحكمة الدستورية و الذي كان ختمه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ونشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 98 الصادر في 8 ديسمبر 2015 والذي يكون تجاوز اجل السنة لإرساء المحكمة فقد أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم 21 نوفمبر 2014 عن النتائج النهائية والرسمية للانتخابات التشريعية المذكورة اعلاه
2 – لا شرعية لرئاسة قيس سعيد للجمهورية التونسية فالمحكمة الدستورية لم تكن قائمة حين توفى الرئيس السابق المرحوم الباجي قائد السبسي ولو كانت قائمة لاجتمعت فورا عملا بأحكام الفصل 84 من الدستور وأقرّت الشغور النهائي و اعلمت به رئيس مجلس نواب الشعب الذي يتولى فورا مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة لأجل ادناه 45 يوما و اقصاه 90 يوما لكن لم تجتمع هذه المحكمة بسبب غيابها واضطر القائمون على شؤون الدولة احتراما منهم لمقاصد الدستور و روحه الى الاستئناس برأي هيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين في مسألة اقرار الشغور النهائي.
ومن الواضح ان هذا الحل الذي اضطرت اليه البلاد في ظل غياب محكمة دستورية مخالف للدستور حسب قراءة قيس سعيد و يمثل خارقا له من وجهة نظر شكلية بحتة و يترتب عن هذا الخرق بطلان كلّ ما تمّ القيام به اثر وفاة الرئيس السبسي و بسببها و لاسيّما فيما يخص الانتخابات الرئاسية :
1 – بطلان تولي محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة
2 – بطلان جميع الأعمال التي قام بها و التي نذكر منها على سبيل المثال الأمر الرئاسي عدد 122 لسنة 2019 المؤرخ في 31 جويلية 2019 المتضمن دعوة الناخبين للانتخابات الرئاسية 2019 و المنشور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 62 الصادر في 2 اوت 2019 و ينصّ الفصل الأوّل من هذا الأمر على ما يلي : »يُجرى الاقتراع للدورة الأولى للانتخابات الرئاسيّة داخل الجمهوريّة يوم الأحد 15 سبتمبر 2019 وبالنسبة إلى التونسيين بالخارج أيّام الجمعة والسبت والأحد 13 و 14 و 15 سبتمبر 2019 »
3 – بطلان الأمر الحكومي عدد 754 لسنة 2019 المؤرخ في 22 اوت 2019 المتعلق بتحديد السقف الجملي للإنفاق على الحملة الانتخابية و سقف التمويل الخاص و بتحديد سقف التمويل العمومي وضبط شروطه و اجراءاته بالنسبة للانتخابات الرئاسية 2019
4 – بطلان منشور البنك المركزي عدد 4 لسنة 2019 المؤرخ في 7 اوت 2019 المتعلق بالحسابات الخاصة بالحملة الانتخابية لفائدة المترشّحين في الانتخابات الرئاسية
5 – بطلان جميع أعمال الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية 2019 و لاسيّما الاعلان عن النتائج النهائية المتضمّنة فوز المترشح قيس سعيد في هذه الانتخابات
6 – بطلان جميع الأعمال التي قام بها قيس سعيد بصفته رئيس الجمهورية مثل أدائه اليمين امام مجلس نواب الشعب و رئاسته لاجتماعات مجلس الأمن القومي ومثل تكليفه كلاّ من الحبيب الجملي و إلياس الفخفاخ و هشام مشيشي بتكوين الحكومة وبطلان لقاءاته و مكالماته الهاتفية مع رؤساء الدول الاجنبية ومع رؤساء حكوماتها
7 – انتفاء صفة رئيس الجمهورية التونسية عن قيس سعيد مما يجعل من إقامته غير قانونية في قصر الرئاسة بقرطاج غير دستورية.
ولهذا أطلبُ منك بكل لطف، إن تغادر قصر الجمهورية وتعود سالما إلى دارك في المنيهلة… “ويا ناس ما كان باس”