جور نار
الضعيف والأضعف
نشرت
قبل شهرينفي

عبد القادر المقري:
هل هو هتلر جديد؟ نيرون جديد؟ فرعون معاصر؟ حجّاج دون عمامة وبشعر أصفر ووجه شبعان وعينين ساخرتين من الجميع وقرارات لا تجامل صاحبا ولا تعترف إلا بالقوة والأقوياء… إنه الملياردير الذي أوصلته سمسرة العقارات إلى الثروة الطائلة، وسمسرة السياسيين إلى سدة الرئاسة… امتلك في حياته كل شيء… المال الوفير، الشهرة، النفوذ، الإعلام، حسناوات بلا حساب، وأخيرا مكتبا بيضاويا يحكم الكرة الأرضية وما جاورها، ولم يحتلّه قبله سوى 47 شخصا، أحدهم هو نفسه في عهدة أولى… ومن يكون غير دونالد ترامب؟

وسواء مع رئاسته السابقة (2017 ـ 2021) أو على مشارف رجعته مؤخرا، كانت وعوده الانتخابية ترعب أعتى الأفئدة، خاصة والجميع يعرف أنه إذا وعد ـ أو توعّد ـ وفى… وها أنه يجلس ثانية على كرسي جورج واشنطن ويبدأ مباشرة في إمضاء طوفان من الأوامر التي لا تبقي ولا تذر… بل هو لم ينتظر حتى الجلوس في بيروه الرئاسي، بل وفيما ما يزال سائرا في الطريق إليه، توقف برهة أمام أنصاره، ونادى معاونيه أن إيتوني بطاولة وقلم وإضبارة بها عشرات مشاريع النصوص الجاهزة للإمضاء، ونزل عليها صحح صحح بشكل احتفالي وسط تصفيق وهتاف أنصاره… وكيف لا يكبرون له وأول إمضاءاته كان على مذكرة بالعفو عن مقتحمي (ومخربي) مبنى الكونغرس المهيب الذي داسوه بالأرجل والحوافر في جانفي 2021… وهي سابقة فغرت لها الأشداق في العالم المصنّع…
بقية القرارات كانت وتستمر لا تسر عديدين… امتطى حصان أقصى اليمين في أي مكان واستفتح بموضوع الهجرة… أوقف إسناد التأشيرات وأغلق مكاتب اللجوء وأمر بطرد ملايين المكسيكيين والكولومبيين والكوبيين وغيرهم من فقراء جنوب القارة… فتح جناحا من قاعدة غوانتنامو معتقلا لحبس نسبة من هؤلاء المهاجرين… أوقف المساعدات الاجتماعية والمنح التي كانت تصرف لمنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني عامة… كسر قاعدة العمل عن بعد وأعطى مهلة قصيرة جدا للمستفيدين منها حتى يعودوا إلى مكاتبهم وإلا فالشارع بانتظارهم… أقال عددا من القضاة وضباط مكتب التحقيق الفيدرالي الذين لاحقوه سابقا ومعهم وسائل إعلام… انتقم من كل من له علاقة بحملة فيروس كورونا التي تسببت في سقوطه بعد العهدة الأولى… ألغى كافة حقوق الأقليات دون تمييز… ألغى الدعم على استهلاك الطاقة النظيفة بما فيها السيارات الكهربائية رغم تخصص أقرب أصدقائه (إيلون ماسك) في صنعها… نسف كل الإجراءات المتعلقة بحماية البيئة وانسحب من اتفاقية باريس حول المناخ… قطع الدعم عن منظمة الصحة العالمية وأخرج بلاده من عضويتها…
وما دامنا دلفنا نحو الباب الخارجي فهات ما قرره في شأن العلاقات الدولية… فقد بدأ بأقرب البقاع إليه إذ أرسل الجيش الأمريكي لمراقبة الحدود الطويلة مع المكسيك… في انتظار استكمال جدار عازل بطول 150 3 كيلومترا وعلو 8 أمتار مدججة بكامبرات المراقبة والأبراج والحراس المسلحين… وزاد على معاقبة المكسيكيين بفرض رسوم جمركية باهظة على كل ما يرد منهم… نفس الشيء فعله مع جارته الشمالية كندا التي أضاف إليها التحرش والتهديد باحتلالها هكذا… وعبر عن نفس الرغبة التوسعية أبعد من كندا، إلى جزيرة غروينلاند في القطب الشمالي… وفي نفس مادة الجغرافيا ألغى من الخرائط تسمية خليج المكسيك وأطلق عليه اسم أمريكا… تصدق أو لاتصدق؟ لا، صدّق فالرجل وعّاد وفّاء كما أسلفنا… وهاهو يفرض رسوما أخرى مرتفعة على الصين (عدوته الأثيرة) ويهدد الاتحاد الأوروبي ويسحب الدعم عن دلال أوكرانيا ورئيسها ثقيل الظل…
إسهال من القرارات التي كل منها يذهلك أكثر من الآخر، يصدرها بسهولة واطمئنان هائلين، ولا يهمه حتى إن تضاربت وتناقضت… مثل ما ذكرناه عن السيارات الكهربائية وإيلون ماسك الذي رغم أنه مهاجر جنوب إفريقي إلا أنه صديقه المفضل وداعمه الأول بنفوذه وثروته الأولى عالميا والمتجاوزة 500 مليار دولار… هنا لا تهمّ الجنسية الأجنبية فالدولار جنسية في حد ذاته… كما أن ترامب يكره الصين والصينيين ولكنه يجمّد أمرا بحظر منصة تيك توك واسعة الانتشار بل ويدعو مديرها ضمن ضيوفه المبجلين في حفل التنصيب… ترامب كأي يميني متطرف يتطيّر من الشيوعية وبقاياها ورائحة رائحتها، ولكنه مع ذلك معجب جدا بفلاديمير بوتين وبرئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون… ولكن الثابت الوحيد في سياسته دون أي تناقض أو تضارب أو تراجع… المساندة العمياء للكيان المحتل وتلك قصة مزمنة مع كافة رؤساء أمريكا دون استثناء، ورغم كافة “الاستثناءات” التي يحفل بها ملف ترامب وسيرته ومواقفه…
ما يشدنا أكثر في كل هذا، نواح الصحافة العربية على الاتحاد الأوروبي وما سيعانيه جيراننا الشماليون من سياسة ترامب الحمائية واللامبالية تماما بمصير هذا الهيكل الخارج عن الزمن والذي اسمه الحلف الأطلسي… ترامب لا يريد أن يكون الأم تيريزا ولا الأب بيار ويرفض فصاعدا أن ينفق على غير أبناء بلده،،، أما الحلفاء فلهم الله وما عليهم سوى أن يصرفوا على أمريكا بعد أن صرفت عليهم ثمانين سنة… انتهى مشروع مارشال وانتهت المساعدات وانتهى التمييز الإيجابي الذي كانت به تحظى القارة العجوز وربما معها غدا اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية… تبكي الصحافة العربية على مصير أوروبا ولا أفهم سببا لذلك سوى أنها تنسخ وتلصق وتترجم وتتبنى ما ينشر في صحف فرنسا ألمانيا وإيطاليا… والحال أن هؤلاء ليسوا الأجدر ببكائكم يا كتبة المجاري…
لا، لا تبك يا حبيب العمر… فأوروبا الغنية القوية قد ترتعد سنتين ثلاثا أربعا من حكم ترامب، قد تصيبها خدوش وكدمات من ضرباته وضرائبه، ولكنها لن تفلس ولن تسقط… لماذا؟ لأنها وإن رزحت تحت عدوانية ترامب وقدمه الثقيلة، فإنها ليست في أسفل العمارة بل في وسطها… إذ توجد تحت قدمها بدورها طوابق أخرى ورقاب هي رقابنا… نحن سكان جنوب المتوسط وجنوب العالم وجنوب الحضارة وعمق الأرض والقبر… بائسين يائسين منذورين لدفع الجزية وتعويض الخسارة لمن فوقنا… فإذا كانوا هم (أي الأوروبيين) تحت نعال ترامب وابنته إيفانكا (التي فتح لها الأعراب بنكا)، فإننا تحت التحت، وتحت تحت التحت، كما قالت مسرحية الأخوين رحباني ذات سنة…

تصفح أيضا
جور نار
لا تخرّبوا سور وسقف الوطن… فنحن غدا من سيدفع الثمن!
نشرت
قبل 22 ساعةفي
15 أبريل 2025من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش:
كنتُ بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مقالي الأسبوعي في جلنار، حين بلغ مسامعي صراخ وألم ووجع عائلات من قضَوْا تحت أكوام حجارة سور معهد المزونة، رحمهم الله.

تمرّد القلم بين أصابعي، ورفض إتمام ما بدأه والانصياع لأوامري، وما أكتب، معلنًا الحداد على من ماتوا، ووُئدت أحلامهم تحت حجارة سور جريح ينزف دم سنوات الإهمال والتخلي.
سور أصابته لعنة “باركينسون” تشريعاتنا المهترئة، فارتعش وجعًا. سور لم يرأف بحاله أحد من القائمين على شؤون ترميمه، وترميم ما يحيط به. سور سال دم جراحه، وأسال دم من مرّوا بجانبه وأمّنوه على أرواحهم. سور توجّع وتألم طويلًا، وبكى… ولم يسمع بكاءه أحد، حتى أبكى أمهات بعض من اعتادوا المرور بجانبه… سور تآكل، وبانت عورته، فغضب وانهار على من كانوا يمرّون بجانبه، يتكئون عليه، ويستظلون به من غضب الشمس وثورة الأحوال الجوية، وهم في طريقهم لطلب العلم.
الغريب ما قرأته بعد الفاجعة، وما سمعته من صراخ من خرجوا يهددون بالويل والثبور وعظائم الأمور. أغلب من خرجوا علينا يولولون، يطالبون بمحاسبة من تسبب في الفاجعة، ويطالبون بتحميل المسؤولية لكل من قصّر في أداء واجبه أو غفل عنه.
هكذا نقفز على كل وجع ومأساة، لنواصل الدعوة إلى الانتقام من كل ما سبق، ومن كل من سبقونا في تحمّل مسؤولية خدمة هذا الشعب… هل يجب أن ننتقم ونثأر بعد كل فاجعة أو فشل ممن سبقونا في تسيير شؤون مؤسسات البلاد؟ هل يجب أن نشيْطن كل من سبقونا في خدمة الوطن بعد كل وجع يشعر به جسد هذه الأمة؟ ألا يجدر بنا أن نعتبر مما حدث، ونبدأ بإصلاح حالنا وأحوالنا؟
أتساءل: ألا يتساءل أحدكم لماذا كل هذا العزوف عن تحمّل المسؤولية؟ أليس للفصل السادس والتسعين من المجلة الجزائية دور كبير في هذا العزوف، الذي أفرغ مؤسساتنا من كفاءات كنّا نفاخر بها، ونطمئن بوجودها على حالنا وحال مؤسساتنا وحال البلاد؟ ثم، أليس للفصل الرابع والعشرين من المرسوم عدد 54 نصيب مما نحن فيه، ومما عشناه ونعيشه؟ فمن كان يرى في السور عيبًا وخطرًا، لن يكتب عن الأمر، ولن يُنبّه لخطورته، خوفًا من أن يُتهم بنشر أخبار زائفة وإشاعات كاذبة…
ألم نغرق اليوم في وحل الفصل السادس والتسعين، ورعب المرسوم الرابع والخمسين؟ لماذا تنشر تشريعاتنا وبعض قوانيننا الخوف والرعب في نفوس كفاءاتنا، ومن يملكون القدرة على تحسين أوضاعنا؟ أيمكن للأمم أن ترتقي وهي تعيش تحت وطأة الخوف والرعب من قوانينها؟ كيف نطلب من بعضنا خدمة الوطن وهم يعيشون رعب القانون، ورعب الحقد، ودعوات الإقصاء والثأر والانتقام من كل قديم، وكل مخالف في الرأي، وكل من لا يعلن لنا البيعة، ولا يقف صارخًا “مزغردًا”، مصفقًا لأخطائنا، ملمّعًا لفشلنا، داعيًا لنا بطول العمر وجزيل الثواب؟
يا من تستمتعون بوجع خصومكم، ومن لا تتفقون معهم، ومن تركوا أثرًا طيبًا وانتصروا عليكم بما حققوه وأنجزوه…الوطن أمانة بين أيادينا جميعًا، فجنّبوه الفتنة، وجنّبوه الأحقاد، وحافظوا على سور الوطن…ولا تخربوا سقفه، فإن انهار سقف الوطن، فنحن، نحن الشعب، من سيدفع الثمن… نعم… نحن الشعب من سيدفع الثمن.


عبد الكريم قطاطة:
في جويلية 2004 انتهت حقبة اذاعة صفاقس مع السيّد عبالقادر عقير رحمه الله وغفر له وعُيّن السيد رمضان العليمي كبديل له وتحديدا يوم 12 جويلية…

والسيّد رمضان العليمي شغل قبل تعيينه على رأس اذاعة صفاقس منصي كاتب عام للجنة تنسيق “التجمع الدستوري الديمقراطي” (الحزب الحاكم وقتها) بقفصة ثمّ مديرا لاذاعة تطاوين… وكعادة ايّ مدير عند تسميته اجتمع بالمسؤولين في الادارة بقاعة الاجتماعات المحاذية لمكتبه… ليعبّر وكأيّ مسؤول عن امتنانه لرئيس الدولة صانع التغيير لتشريفه بتلك المهمة… وعبّر وكسائر المديرين عن سعادته بوجوده في صرح اذاعتنا ونوّه بتاريخها وبالسواعد التي عملت فيها… ودون الدخول في تفاصيل اخرى تعرفون جيّدا تلك الخطابات الممجوجة التي يلقيها المسؤولون في مثل تلك التعيينات…
بعد ذلك تعرّف على المسؤولين فردا فردا… ولمّا حان دوري نظر اليّ السيّد رمضان العليمي وقال: (سي عبدالكريم اشكون ما يعرفوش انه اشهر من نار على علم، وهو بالذات عندي حديث خاص معاه)… وانتهى الاجتماع… وبقيت انتظر ذلك الحديث معه… وطال الانتظار… وكتبت له رسالة مطوّلة لم استجدِه فيها العودة الى المصدح فالحرة تجوع ولا تاكل بثدييها… لكن كان من واجبي ان اعطيه فكرة شاملة لا فقط عن وحدة الانتاج التلفزي حيث اُشرف فيها على مصلحة الانتاج، بل عن اذاعة صفاقس بشكل شمولي… وذلك من خلال ما عشته وعايشت فيها مع زملائي من احداث ناصعة البياض واخرى رماديّة حتى لا اقول سوداء…
هذه المراسلة كانت بتاريح 17 سبتمبر 2004 اي بعد شهرين و5 ايام من تعيينه… وها انا اختار الفقرة الاخيرة من مراسلتي الطويلة علّها تًعطي فكرة واضحة عن هدف تلك المراسلة حيث خاطبته بالآتي: (اخي الفاضل… انّ غيرتي على هذه الاذاعة هي وحدها التي جعلتني اكتب اليك فانا لا اطلب برنامجا او فضاء او ما شابه ذلك… ولكنّ الخطر الكبير يتمثّل في عديد الاسماء التي لا يمكن ان تكون امام المصدح وفي عديد البرامج التافهة تصوّرا وانجازا… وفي بعض الاشخاص الذين لا يملكون الحسّ الاذاعي ولا الكفاءة ومع ذلك يديرون امور هذه الدار على هواهم… اخي الفاضل احببت ام كرهت… الآن انت مدير هذه الدار وقدرك ان تعيد لها هيبتها وجمهورها واشعاعها… وهيبتها لن تعود الا من خلال تطبيق القانون ورفع المظالم … وفقكم الله لتسلّق هذه الجبال من المصاعب واعانكم على ان تكونوا كالميزان في عدالته، الذي لا يهمه ان ارتفع بالفحم او باللحم، بالتبر او بالتين… اليست العدالة هي اساس العمران ؟؟)…
السيّد رمضان العليمي كما ذكر في اجتماعه الاول بالمسؤولين وعد بحديث خاصّ معي… وانتظرت ولم يأت ذلك الحديث الخاصّ… وارسلت له المكتوب الذي حدثتكم عنه ولم يأت ذلك الحديث الخاص وها انا انتظر لحدّ اليوم وعده ولم يات ولن يأتي ولا حاجة لي بأن يأتي… لا لانه غادر الاذاعة ولست ادري ماذا اصبح اليوم وكلّ الرجاء ان يكون في صحة جيّدة مع طول العمر… ولكن لانّ الاجابة عن ذلك الوعد الذي لن يأتي جاءتني من احدى الزميلات في اذاعة تطاوين وهي بالاساس مستمعة لي منذ من البريد الى الاثير … وذلك بعد ستّة اشهر من تعيينه على رأس اذاعة صفاقس… حيث خاطبتني عبر مرسال فيسبوكي خاص بالقول: (لا تنتظر مؤازرة من السيّد رمضان العليمي… انه لا يكنّ لك الودّ وهذا عرفته عندما وددت تكريمك في اذاعة تطاوين ولكنّه عبّر بشكل مباشر انّه لا يطيب بذكرك… لكنّي كنت مصممة على تكريمك واذعن لي لكن لبس عن طيب خاطر)…
انذاك فهمت انّ الحديث الخاصّ معي لن يكون وحتى طيلة عهدته باذاعة صفاقس تحادثنا مرّتين فقط… يوم جاءني لمكتبي بوحدة الانتاج التلفزي ليسأل عن مشاكل الوحدة وندرة انتاجها… اي نعم قلبو وجعو على وحدة الانتاج… وتقولوشي عمل حاجة ؟؟ اقسم بالله وكانّه لم يسمع شيئا مما سردته له… المرة الثانية التي قابلته فيها يوم أقام حفلا خاصا لتكريمي سنة 2006 بعد احرازي على وسام الاستحقاق الثقافي من رئيس الدولة… وهو يصير منو ما يحتفلش بما قرره صانع التغيير؟…
ساعود لموضوع الوسام في ورقات قادمة… سنة 2004 ايضا وبالتحديد في 30 مارس شاء قدر الله ان يحرمني وللأبد من الوجود المادّي لوالدتي عيّادة… كان ذلك يوم اثنين… ولكن في الويكاند الذي سبق يوم الاثنين 30 مارس وتحديدا يوم الاحد 29 مارس كنت والعائلة وبعض من اهلي عائدين من الساحل بعد قضاء نهاية اسبوع باحد النزل… عندما وصلنا الى ساقية الزيت طلبت من سائق السيارة ان يتوقف.. اندهش الجميع لذلك… تصوروا انّ غايتي كان اقتناء قهوة او بعض المكسّرات للسهرة… توقف اذن ونزلت من السيارة وقلت لهم (كمّلوا ثنيتكم انا ماشي لعيّادة نحبّ نطلّ عليها ونبوسها وبعد نجيكم)… اندهش الجميع… يا ولدي اش قام عليك .؟ يا ولدي غدوة امشيلها … يا ولدي الدنيا مغربت .. تي راهي امّك في ساقية الدائر وانت في ساقية الزيت… تي راهو زوز كيلومتر موش شوية… تي هات على الاقلّ نوصلوك…
تعرفوه هاكة البهيم حاشاكم اللي يحرن ؟ اللي يعرفني يعرف انو من طباعي السيّئة وقت نحرن نحرن… وفعلا حرنت وزيد قلت لهم (انا طيلة دراستي الابتدائية كنت نجي من ساقية الدائر لساقية الزيت على ساقيّ… نحبّ نمشي على ساقيّ ونعيش شوية نوستالجيا ذلك الزمن… ايّا امشيو على ارواحكم)… وتوكّلت على الله وخليتهم داهشين في ها المخلوق وفي راسو الكبير وعنادو في احدى تلك اللوحات… صدقا كان هنالك احساس رهيب بداخلي وانا اقطع تلك المسافة… ذكريات… نوستالجيا… سعادة… وحزن لم افهم مأتاه…
وصلت الى مسكن الوالد والوالدة ومعهما اختي نبيهة التي تكبرني بسنة والتي لم تتزوج لإعاقة وُلدت بها ولم تقع معالجتها في زمن كان العلاج الطبّي نادرا جدّا… والتي لازمت الوالد والوالدة طيلة حياتهما، رحم الله الثلاثة… عندما دخلت للمنزل سلّمت على سي محمد… والدي هكذا كنت اناديه لا يا بابا ولا يا بويا ولا يابّا متع جيل توّة… ووجدت اخواتي الثلاث متحلقات حول عيادة… فرحت بي عيادة وباستغراب وقلق عن هذه الزيارة في وقت بدأ الليل يسدل ستائره ونظرت لولدها وسألتني: (يا وليدي لاباس عليكم ؟)… مسكت يدها وقبلتها وقلت لها وراسك الغالي لاباس توحشتك جيت نطلّ عليك اكاهو… تهللت اساريرها ونظرت الى اخواتي وقالت: (ما يعزش بيكم انتوما الكلّ في كفّة وعبدالكريم في كفّة راهو كفّتو تغلب)… وضحك البنات وأجبن (يخخي حتى تقوللنا؟..نعرفوا نعرفوا)… اعدت تقبيل يديها وبشكل جارف، لكأنّ القدر كان يهمس لي… اشبع بيها اليوم لانّها غدا ترحل…
في الغد وانا في مكتبي وكانت الساعة تشير الى الثالثة ظهرا هاتفني احدهم (لم اعد اذكر من هو) وقال لي: امّك مريضة وتحبّ تشوفك… ووجدتني بالنهج الذي تقطن فيه عيّادتي وسي محمد… وتسمّرت ساقاي عن المشي… سيارات رابضة امام المنزل… هذا يعني انّ عياّدة …. نعم دخلت وسالت اخوتي متى ؟ كيف ؟ بالامس كانت في صحة جيدة .. ماذا حدث ؟ لماذا لم تخبروني بما حلّ بها ؟… اجابتني إحداهنّ وقالت… كنا معها نتجاذب اطراف الحديث كما تعرفنا وفجأة قامت وقالت: (صلاتي ابجل من حديثكم سيّبوني نعطي فرض ربّي)… اقامت الصلاة ركعت ثمّ سجدت ثمّ هزّ ربّي حاجتو… وهي ساجدة…
دخلت فوجدتها مسجّاة في لحافها… دلفت اليها بهدوء لم ادر مصدره… رفعت الغطاء عن راسها… قبلت جبينها و قرات عليها نزرا قليلا من سورة البقرة (وبشّر الصابرين الذي اذا اصابتهم مصيبة) الى اخر الاية واعدت تقبيل جبينها و تقبيل يدها الباردة … والتي هي في برودتها وقتها كانت اشدّ حرارة من وهج الصيف في صحرائنا الكبرى… ورفعت يديّ الى خالقي وقلت (يا ربّي يجعلني كيفها)… لقد اكرمها الله بتلك الموتة الرائعة واستجاب لدعوتها الدائمة… يا ربّي يجعلني نهيّر في الفرش ونهيّر في النعش… ولأنّ الله قال في كتابه العظيم، سورة غافر آية 60: (ادعوني استجب لكم) واعاد نفس المعنى في سورة البقرة الآية 186، فالله اكرمها بان لا تقضّي حتّى يوما واحدا مريضة في فراشها…
الحمد لله اوّلا على قضاء الله… الحمد لله ثانيا على انّي نفذت وصيّتها لي بتلحيدها يوم دفنها… كان ذلك بعد اذان صلاة المغرب في المقبرة التي كنت اخاف من المرور بجانبها طيلة حياتي ليلا او نهارا… ولكن واقسم لكم بالله عندما ذهبت لتلحيدها في تلك الساعة، تحوّلت المقبرة امامي الى نور على نور… والحمد لله ثالثا انها رجتني في حياتها الاّ انقطع عن زيارة قبرها بعد وفاتها، وان احكي لها واطمئنها عن كل ما يجري في عائلتي…. وعائلات اخوتي… ووعدتها ولا زلت عند وعدي…
رحم الله عيّادة وابي واخوتي واهلي واصدقائي وزملائي… ورحم الله كلّ امواتكم واطال الله عمركم ومتعكم بالصحة والسلام الروحي …
ـ يتبع ـ

جور نار
حرب عالمية… تجارية، دون ذخيرة حيّة… على الأبواب!
نشرت
قبل أسبوع واحدفي
8 أبريل 2025من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش:
يتساءل الجميع اليوم عن حجم ردود الفعل العالمية المنتظرة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن هيكل تعريفي جديد للولايات المتحدة في “يوم التحرير الثاني”… وهي التسمية التي أطلقها ترامب على يوم الثاني من أفريل من هذه السنة، ترامب يعتبر ذلك اليوم ثاني أهمّ يوم في تاريخ الماما بعد اعلان استقلالها يوم 4 جويلية من سنة 1776 …

يرى ساكن البيت الأبيض أن الإجراءات التي أعلن عنها يومها ستعيد الحياة للعصر الذهبي لأمريكا، وستجدد من استقلالها حسب رأيه… ولسان حاله يقول انه لم يجد حلاّ لمشاكل الماما الاقتصادية غير فرض ضرائب على دول الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية والبرازيل والهند والصين واليابان وكندا والمكسيك والعديد من الدول الأخرى، رغم أنه يدرك جيّدا ان أغلب هذه الدول ستعامله بالمثل وقد لا تخرج الماما من الازمة الاقتصادية بالسهولة التي يتصورها… فدول الاتحاد الأوروبي تسعى لتكوين جبهة موحدة في الأيام المقبلة لتقف في وجه ما قرره ترامب… ومن المحتمل أن يتم الاتفاق حول مجموعة أولى من الإجراءات المضادة تستهدف واردات أمريكية تصل قيمتها إلى 28 مليار دولار…
هذا التحرك المنتظر يعني بالتأكيد انضمام الاتحاد الأوروبي إلى الصين وكندا في فرض تعريفات ردعية انتقامية على الولايات المتحدة في تصعيد مبكّر لما يخشى البعض أن يتحول إلى حرب تجارية اقتصادية عالمية… والخوف كل الخوف أن ترتفع تكلفة الآلاف من السلع لأغلب سكان المعمورة مما قد يدفع أغلب الاقتصادات حول العالم إلى الركود.
وتهدف الجبهة التي يسعى الاتحاد الأوروبي لتكوينها إلى الخروج برسالة موحدة تعبر عن النيّة والرغبة في التفاوض جدّيا مع ساكن واشنطن لإزالة التعريفات… مع التلويح بالاستعداد الدائم للمعاملة بالمثل والرد بإجراءات جمركية ثأرية مضادة، إن فشلت هذه المفاوضات في إزالة التعريفات الجديدة التي يريد ترامب فرضها على الجميع أو في التخفيض منها… ومن بين المنتجات التي حظيت باهتمام الجبهة الأوروبية الموحدة وأثارت قلق الرئيس ترامب، فرض رسوم جمركية جديدة على “البوربون” الأمريكي (الويسكي) بنسبة قد تصل إلى 50%… وهو الأمر الذي جعل ترامب يهدّد برسوم نسبتها 200% على النبيذ والشمبانيا وغيرهما من المنتجات الكحولية من فرنسا وإيطاليا وغيرهما من دول الاتحاد الأوروبي.
تغطي التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على الاتحاد الأوروبي حوالي 70% من صادراته نحو الولايات المتحدة… وقد بلغت قيمتها الإجمالية 532 مليار يورو (585 مليار دولار) العام الماضي، مع احتمال فرض رسوم أخرى على العديد من الصادرات الاخرى في المستقبل إن تعنتت الجبهة الأوروبية وردّت بالمثل… وتفيد بعض المصادر ان المفوضية التي تنسق السياسات التجارية للاتحاد الأوروبي قد تكون اقترحت على أعضائها قائمة بالمنتجات الأمريكية التي يجب ان تخضع لرسوم جمركية إضافية، ردّا على ما فرضه ترامب من تعريفات جديدة على الصلب والألومنيوم بدلاً من الرسوم المتبادلة… ومن المتوقع أن تشمل هذه المنتجات اللحوم الأمريكية، والحبوب، وغيرها من المنتجات التي قد تثير قلق ترامب…
وبالعودة إلى تاريخ الصراعات التجارية التي شهدها العالم، يذكر جميعنا انهيار سوق الأسهم سنة 1929 والإجراءات الحمائية التي تبعته وما وقع في السنوات التي تلته… فقد تمّ القضاء على ثلثي التجارة العالمية إلى أن أعلن الرئيس الأمريكي فرانكلين د. روزفلت عن تخفيض الولايات المتحدة لجميع التعريفات الجمركية على أي شريك تجاري سيقوم بالمثل… لذلك لا يمكن تجاهل حدوث انخفاض حاد في التجارة العالمية لو تعنّتت جميع الأطراف وواصلت سياسات الردّ بالمثل وعدم العودة إلى رسومات جمركية يقبل بها الجميع …
لكن في هذه الحرب التجارية الطاحنة، لكن هل فكّر ترامب وخصومه في “كيف سيكون حال الدول الفقيرة وشعوبها؟؟” فأغلب الشعوب التي قد تتضرر مما اقدم عليه الرئيس ترامب عانت من أزمة 2008 ولم تخرج من اسقاطاتها وتبعاتها إلى يومنا هذا… وبعضها انهارت اقتصاديا بعد سنوات الكوفيد ولم تخرج إلى يومنا هذا من وجعها ومعاناتها… لذلك علينا ان لا ننسى أن أكبر الخاسرين هم أغلب دول إفريقيا وجنوب شرقي آسيا وبعض دول الشرق الأوسط التي لا تعيش على ما يجود لهم به باطن الأرض… فما يفعله اليوم ترامب وخصومه بالشعوب الفقيرة يعتبر جريمة وطوفانا مدمرا لاقتصاداتها فأغلب هذه الدول تعيش على التسوّل وقروض صندوق النقد الدولي ومساعدات البنك الدولي…
ترامب لم يفكّر في مصير شعوب الدول الفقيرة بل فكّر فقط في إصلاح اختلال ميزان الماما التجاري… ونسي اختلال الميزان التجاري لدول لا يفوق اقتصادها اقتصاد مدينة من مدن أفقر ولاية من ولايات الماما… فهل يزحف الركود التجاري والاقتصادي إلى اغلب دول العالم بما اتاه ترامب بشطحاته الغريبة؟؟ وهل يعود الجميع إلى العقل، أم أن حلقة تصعيد إضافية ستفتح؟؟… ويصل بنا الأمر إلى حرب عالمية تجارية قد تكون …تبعاتها أخطر من كل الحروب التي عرفها العالم؟؟


وزير التجارة… تونس تتجه نحو الاندماج في القارة الإفريقية

أصوات من الكيان تطالب بوقف الحرب… ونتنياهو يتجاهل ذلك

حالة قلق لدى الكيان… بعد شراء مصر صواريخ صينية بعيدة المدى

بايدن في أول خطاب له منذ مغادرته الأبيض: الخراب الذي أحدثه ترامب في 3 أشهر فقط… شيء مذهل!

لا تخرّبوا سور وسقف الوطن… فنحن غدا من سيدفع الثمن!
استطلاع
صن نار
- اقتصادياقبل 8 ساعات
وزير التجارة… تونس تتجه نحو الاندماج في القارة الإفريقية
- صن نارقبل 8 ساعات
أصوات من الكيان تطالب بوقف الحرب… ونتنياهو يتجاهل ذلك
- صن نارقبل 9 ساعات
حالة قلق لدى الكيان… بعد شراء مصر صواريخ صينية بعيدة المدى
- صن نارقبل 9 ساعات
بايدن في أول خطاب له منذ مغادرته الأبيض: الخراب الذي أحدثه ترامب في 3 أشهر فقط… شيء مذهل!
- جور نارقبل 22 ساعة
لا تخرّبوا سور وسقف الوطن… فنحن غدا من سيدفع الثمن!
- اجتماعياقبل يوم واحد
أكودة: بعد إحداث مركز امتحان لأول مرة… “الباك سبور” محور جلسة عمل
- صن نارقبل يوم واحد
المغرب: احتجاجات شعبية على فتح موانئ البلاد… لنقل الأسلحة لجيش إسرائيل
- صن نارقبل يوم واحد
نائب الرئيس الأمريكي يدعو أوروبا… للاستقلال عن أمريكا!