الان وقد انتهت مشاركتنا في دورة قطر لكاس العام 2022 استسمح الجميع في هذه الخواطر …
اقول في البداية انه ومهما كانت النتائج التي يكون فيها العلم حاضرا شامخا بين الامم اصبح وانا اشاهد ايّ فريق وطني يدافع عن الوانه وعن نجمته وهلاله الاحمران كـ”غشّير ” لم يتجاوز الخامسة من عمره ومهما يُقال عن امّه فهو متشبّث وبكلّ غضب في تلابيبها .. لذلك وفي كلّ الحالات لم اكتب يوما عن بلدي وعلم بلدي وابناء بلدي مقالا واحدا او تدوينة باسلوب الشماتة ..واعتبر كلّ من يكتب شامتا او ساخرا من ابناء بلدي خارج خانة المثقفين لانّ المثقّف وحده هو الذي يحاول معرفة اسباب الهزيمة او التخلّف او حتى الاندهاش من فرح التونسيين امس بعد انتصار ابنائنا على فرنسا رغم خروجنا من الدورة ..
ابن البلد هو نتاج في انفعالاته وتفاعلاته لمنظومة تربوية اجتماعية كاملة ..فكيف نشمت او نسخر من اناس لم يعجنوا عجينة تكوينهم بمفردهم بل ساهمت عناصر عديدة في ما هم عليه .. اليس من واجبي وفي كلّ مفاصل تونس ان احاول جاهدا تفهّم تصرّف ايّ واحد منّا و العودة الى الاسباب والمتسببين؟
لآخذ مثلا بسيطا على ذلك ..تلميذنا اليوم كيف هو ؟ انّه يشكو من حالة وعي مريعة …تلميذنا اليوم عموما هو ضحية ..ضحية منظومة تعليمية كاملة ..ضحية محتويات بيداغوجية لا تساعده على اعمال العقل .. ضحية منظومة اسرية لم تقدر على تاطيره ..ضحية منظومة ثقافية واعلامية وهو يرى في لطفي العبدلي وامثاله قدوة ليُفتّق مواهبه في قلّة الحياء ..ضحية العديد من الاساتذة الذين وبكلّ صفاقة ونهم يخضعون التلاميذ واولياءهم لمنظومة الساعات الاضافية …
فهل من حقّي بعد كلّ هذه العناصر مجتمعة ان احظى بتلميذ ناضج وواع بمسؤولياته؟ ما قلته حول التلميذ والمنظومة التعليمية هو صالح ايضا لكلّ القطاعات ..امس اتفهّم جدا ذلك الجمهور الذي خرج يزمّر بعد انتصار فريقنا .. هذا الجمهور وخلال العشر سنوات الاخيرة وما تلاها ايضا بعثه الحاكمون بامر تونس “يزمّر” …
لذلك من حقّه ان يعيش لقشة فرح … قدمة فرح … رشفة فرح … خاصة انّ واقعنا الحالي سياسيا واقتصاديا ومجتمعيا لا يبعث الا على الحزن والميزيريا والحرقة والانتحار ..اتفهمه لانه هو ببساطة يقول (اليوم خمر وغدا امر ) … وبعيدا عن التعويذات والتبريرات والتفسيرات حول انتصارنا على فرنسا بالذات نفس هذا الجمهور كان يطير فرحا حتى لو انتصرنا على بلاد الواق واق ..لهذا قلت عن فرحنا امس امام فرنسا انّه العسل المرّ انتصرنا نعم ولكن خرجنا من الدورة ..
الان آتي لما بعد الانتصار وباعصاب هادئة لاقول .. اشياء كثيرة يجب ان تتغيّر في المنظومة الكروية … بدءا بمن يسيّرها ..هنا اوجز القول بالآتي …شبهات عديدة تحوم حول مولى الكورة ..ارجو ان تقع المحاسبة بشكل عادل وبنفس القاعدة (اللي عمل يخلّص) وبنفس المنطق: ايّة تهمة غير عادلة تجاه مولى الكورة يجب محاسبة اصحابها ..
آتي الان الى واقعنا كرويا وفنيا .. في تقديري يجب ايضا اصلاح القوانين الخاصة بكرة القدم لتمكين الفرق من مداخيل قارة مأتاها مشاريعها التجارية … النقطة الثانية اعادة النظر في تكوين الشبان في كل النوادي . بتكليف فنّيين لهم من الكفاءة المشهود لهم بها علّهم يتوصلون يوما الى خلق مهاجمين فعالين … لاننا حاليا لا نملك هذه الطينة …الان وفي جلّ النوادي هذه المهامّ هي زكاة تقدمها الهيئات للاعبيها القدامى ..ودزّ يمشي هذا اذا خطف …
آتي الان الى جانب هام من تاريخ فريقنا الوطني … حسب تجارب وتاريخ فريقنا الوطني هنالك فقط 3 ممرنين نجحوا في مهامهم . الشتالي .. كاسبرجاك .. ولومار ..ويمكن ضمّ فوزي البنزرتي لهذه القائمة لانّه لم يُمنح الفرصة كاملة لاداء مهامّه ..ما يميّز الممرنين الذين نجحوا مع تونس قوّة الشخصية ورفض التدخّل في شؤونهم من ايّ كان ..عندما غاب هذا العنصر واصبح كرسيّ المترشح لتدريب الفريق يصنعه اولاد الحرام ..تداول على رأس فريقنا الوطني ممرنون في منتهى التعاسة ..ولكن للامانة هم يجيدون الكلام ..ولا شيء غير الكلام ..
وفي هذا العنصر بالذات يُحيلني الموضوع الى المتكلمين في برامجنا الاذاعية والتلفزية. (الخرونيكوات) …هؤلاء وفي جلّهم لا يكسبون ذرّة من الوطنية . علاوة على صحة رقعتهم وصياحهم ليوهمونا بانه هم وحدهم من يملكون ليس فقط الحقيقة بل كلّ الحقائق …حضورهم دائما من اجل الدفاع عن الوان لاعبي فريقهم المفضّل _ لا زادة وبكلّ استخفاف بعقولنا (وفي جلّ الحالات) معيز ولو طاروا ..
وللامانة لابدّ من احالة العديد منهم على التقاعد الاجباري وهنا اذكر خاصة الزواوي والتليلي وبوراوي هؤلاء امثلة من العشرات ولكنهم اكثر صفاقة … في المقابل انصح كلّ اصدقائي بمتابعة واحد من افضل المحللين معرفة وحيادا: الدكتور الصادق قحبيش … ممتع ومقنع للغاية ..
دون مثل هذه الاصلاحات سنبقى في خانة (نوصلو للبير وما نشربوش) … وحتى اذا شربنا سيكون شرابنا كالعسل المرّ …