جور نار

العيد ليس فقط خروفا… نذبحه ونرقص على جثته !

نشرت

في

أعترف صراحة بأن أغلب ما عشناه خلال العيد وقبله (أعاده الله عليكم جميعا أحسن مما كان ومرّ) لم نعشه أبدا سابقا لا مع منظومة الاستقلال لا مع من واصل خطّها السياسي والإصلاحي والتحديثي (رغم غياب الكثير من الحريات) ولا حتى مع منظومات العشرية التي جاءت بعد يوم الخديعة 14 جانفي (رغم التخمة التي عرفناها من الحريات) …ولا حتى مع شريكها الاجتماعي الذي كان هو الحاكم الفعلي بأمره يفعل ما يشاء ويصنع ما يشاء بالبلاد وبالعباد…

<strong>محمد الأطرش<strong>

فالطوابير التي تقف لساعات أمام المخابز واللهث وراء لتر من زيت “الحكومة” ولا حتى النضال اليومي للظفر بكيلوغرام من السكر أو “الفرينة”، وارتفاع الأسعار إلى علو يفوق ما يعبرون عنه بالشاهق عجزت عن اللحاق به كل الجيوب وكل الأجور والمرتبات… كل هذه الأمور التي استعصى علينا فهمها ومعرفة أسبابها الحقيقية لم نألفها سابقا بهذا الحجم، أعترف أننا عشنا بعض مثيلاتها لكن لم تكن أبدا بهذه الحدّة وبهذه الشمولية ولم تتواصل اكثر من أيام، فماذا يحدث في البلاد…وماذا فعلنا بالبلاد والعباد…وماذا سنقول غدا إن سألنا الشعب عمّا فعلناه من أجله ومن أجل هذا الوطن…تعالوا نسأل بصدق، ماذا فعلنا من أجل أن تبقى تونس تؤنسنا وتعود تونس كما عهدناها تتقدّم ولو ببطء ولا تراوح مكانها أو تعود القهقرى؟ ماذا فعلنا هذا هو السؤال الذي وجب طرحه اليوم على كل من يجلس على كراسي الحكم والسلطة والتدبير…فلماذا أنتم يا ساسة البلاد هناك حيث تجلسون وتأمرون…حيث تحكمون…حيث تفاخرون بمنجزات لم نر منها شيئا…أتجلسون هناك فقط لتشاهدوا ما يجري بالبلاد وما تعانيه العباد أم أتينا بكم لتصلحوا وحال الوطن؟

 أين جرأتكم على الاعتراف بأنكم أخفقتم…بأنكم فشلتم…وأنكم ستبحثون عن حلول تصلحون بها ما أفسدتم…فالإخفاق فساد…والفشل فساد…فلم كل الخوف من مواجهة الشعب بحقيقة الأوضاع وما يعيشه اقتصاد البلاد…وما تعانيه خزينة البلاد…فالسياسي الذي لا تكون له الجرأة ليواجه الناس واحتياجات الناس لن ينجح في البقاء كثيرا في مواقع متقدّمة من السلطة…والسياسي الذي لا يقبل بأن يكون موظفا في الدولة وعند الناس وللناس يخدمهم ويخدم البلاد…ولا يقبل أن يكون في خدمة الناس، كل الناس… وإن اختلفوا عنه في الانتماء…لن ينجح في خلق علاقة طويلة الأمد مع خشبة الكرسي الجالس عليه…والسياسي الذي لا ينضبط لسلطات الدستور وما منح له هذا الأخير من سلطات لا يمكن أن يحافظ على مكانته عند الناس وبين الناس…والسياسي الذي يعتبر أن السلطة التي منحها له الدستور قد تسمح له بالاستهانة بحقوق وكرامة الناس…فغذاء الناس من كرامة وحقوق الناس…وصحة الناس من كرامة وحقوق الناس…وسعادة الناس من كرامة وحقوق الناس… سيسقط وإن طال جلوسه على الكرسي في عيون الناس كل الناس في أول مطبّ يعترضه…

علينا جميعا أن نعي جيدا أن السياسي الذي لا يعمل من أجل أن يكون حاضره في خدمة الناس أجمل من ماضيه، وغده في خدمة الناس أفضل من يومه، لن يعمّر طويلا في خدمة الناس…خلاصة قولي…السياسة في مفهومها الأعمق هي كيف تنجح في خدمة الناس أطول وقت ممكن…والناس هم الشعب…هم أنا وأنت وهم وهنّ والآخر وبعض الآخر…والجميع…ومن يختلفون معك…ومن يعارضونك بحثا عن الأفضل…ومن يصلحونك بالنصيحة…ومن يصلحونك بالنقد…ومن يصرخون ويقولون لك أخطأت…جميعهم لا يريدون أكثر من إصلاح حال البلاد…ليصلح حال العباد…خلاصة قولي…

العيد ليس فقط خروفا نذبحه ونرقص على جثته…العيد أن يسعد كل الناس في وطن توسعت فيه مستوطنات اليأس…وعيدنا هذا لم يكن سعيدا كما يحاول ايهامنا بعض الناس…فبعض الناس لم يشعروا بآلام الناس…وأوجاع الناس…ولم يأبهوا بها ولها حتى؟؟؟

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version