الفتنة تطلّ برأسها من قرطاج … فهل بينكم رجل عاقل ؟؟
نشرت
قبل 4 سنوات
في
تأكد الجميع بعد كلمة ساكن قرطاج يوم ذكرى تَوْنسة الأمن أن الرجل يريد فعلا الاستحواذ على السلطة…فالرجل لا همّ له عكس ما يروّج له من يلعقون حذاءه ليلا نهارا، أقول لا همّ له غير الانفراد بالحكم وتوسيع رقعة صلاحياته ليكون مثل بن علي وبورقيبة رحمهما الله…ولم لا السيسي؟
أي نعم السيسي ألم يكن ساكن قرطاج في زيارة إلى فرعون مصر ألم ينبهر بقوة السيسي وقدرته على حكم أم الدنيا كما يسمونها أهلها هناك…ساكن قرطاج عاد إلينا ببدلة عسكرية من مصر وبتأويل خاطئ على المقاس لدستور أعرج قال من صاغه أنه أحسن دساتير الدنيا…ساكن قرطاج لم ولن يهتمّ يوما بمشاغل هذا الشعب فالرجل مهووس بالسلطة والحكم والجاه…فمشيته طاووسية، وريشه لا لون له غير السواد…ووقفته وقفة مستبد يبحث عن كرسي ولو كان على جماجم شعبه…ولو كان على حساب فتنة أطلّت برأسها منذ أول أمس…
كلامه غريب عجيب يقطر حقدا في كل حرف ينطقه…فهو على غير عادة رؤساء الدول لا يريد ولا يبحث عن توحيد هذا الشعب على كلمة واحدة “الإنقاذ” بل وكأني به جاء حاقدا لتصفية حساب قديم مع هذا البلد…أتباعه يروّجون أنه جاء لطرد النهضة ومن معها أسوة بما فعله السيسي في مصر لكن فات هؤلاء أن ساكن قرطاج يعيش حالة توحّد غريبة لا يمكن الشفاء منها فالرجل لا تهمه النهضة ولا من معها ولا حتى بورقيبة وأتباعه وورثته الحقيقيين الذين يجلسون على الربوة هربا من بشاعة المشهد…
ساكن قرطاج يبحث فقط عن الاستحواذ على كل مفاصل الدولة بتأويل الدستور حسب مشيئته فالرجل يستغل الثغرات التي تركها نواب التأسيسي الأغبياء لصالحه…ساكن قرطاج لا يهتمّ بالشعب ولا بمعاناة الشعب…وهو على بيّنة من أن تونس اليوم محاصرة من الداخل بساسة لا يرتقون إلى كعب بناة الوطن…ومحاصرة من الخارج بديون تفوق حجم منتوجها الخام…هذا ما تعيشه تونس اليوم بعد عشر سنوات ويزيد من يوم اعتبروه خالدا في تاريخ الأمة…فعن أي خلود يتحدثون …هل عاشوا الماضي وإنجازات الماضي ونجاحات الماضي وأوجاع الماضي ليقارنوا بين اليوم والأمس…
لن أبكي على ما فات…ولن ألطم كما يفعل بعضهم في مثل هذه المناسبات…ليس لكره وحقد على ما فات… لأني على يقين وثبات… أن ما فات أجمل من الحاضر… وأفضل مما هو آت….لكن أردت اليوم بعد أن أطلّت الفتنة برأسها من قصر قرطاج أن أسأل من خرجوا علينا رافعين لواء السحل ونصب المشانق ماذا فعلتم بعد تفكيك منظومة الاستقلال والبناء والتعمير؟؟ هل حققتم وعودكم…هل جعلتم من البلاد جنّة كما وعدتم…هل وفرتم الشغل لكل العاطلين كما كذبتم وزعمتم…هل نزعتم الأحقاد …وأرسيتم العدالة…وأعدتم للشعب كرامته التي كنتم تزعمون أنها الموءودة المفقودة…
وأريد أن أسأل السؤال الأهمّ…ماذا فعلتم بالحكم بعد أن وصلتم إلى ما لم يكن يخطر يوما على بالكم…فهل حين جلستم ووضعتم أثقالكم على كراسي السلطة…فكّرتم في بقية الشعب وفي البلاد؟؟؟ لا أظنّ … فمن يفكّر في تحقيق أهدافه ومصالحه فقط لن يذكر وعوده للشعب والأمّة وسيصاب بنوبة من النسيان تنسيه ما وقع وما كان…وهنا وجب أيضا أن أسأل أسئلة موجعة…سمعنا الكثير عن المظالم والتعذيب والمحرقة التي لطالما تحدثتم عنها، وأنتم في بلاد الغرب تنعمون بمرتبات خيالية بالعملات الأجنبية، وساكن قرطاج الحالي يجلس يدرس طلبة الجامعة لا يفقه شيئا مما يفعله الساسة والقائمون على شؤون الوطن…فهل لي أن أسألكم اليوم…أين اكتشفتم مقابر جماعية…أين وجدتم جثث الإبادة السياسية؟؟ كم من جلاّد ثبتت عليه تهمة التعذيب كما زعمتم…كم من قاتل مسكتم ؟؟؟ كم من مال لخزينة الدولة أعدتم؟؟؟ ألا تستحون…
واليوم كيف حالكم وحال البلاد والعباد…أتدرون أن عدد القتلى والموتى والجرحى الذين سقطوا منذ 17 ديسمبر 2010 أكبر من عدد كل من ماتوا منذ قرون…وأعي ما أقول…أتدرون أن الحقد تضاعف مئات المرات…أتدرون أن الديمقراطية التي تزعمون وفي شعاراتكم ترفعون… لا نعرف عنها شيئا إلا في بعض الخطب والمقالات…أتدرون أن عدد العاطلين أصبح ضعف ما كان عليه في عهد كنتم تطلقون عليه “عهد الطغاة”…فمن الطغاة يا ترى…؟؟؟ أنتم يا من كذبتم…وخدعتم شعبا بأسره…ألا تستحون…سأقول فقط …أنتم …أقول أنتم… نعم…انتم فوتم على أنفسكم والوطن فرصة لن تعاد للإصلاح وبدء مرحلة جديدة لا حقد فيها ولا انتقام… ولا ثأر فيها ولا خصام…أتدرون لماذا…لأنكم بكل بساطة فكّرتم في الكراسي وفي السلطة…
فبعضكم ونكاية في بن علي وبورقيبة رحمهما الله أقسم أن يجلس في قرطاج رئيسا… فجلس….فأصبحنا في عهده أضحوكة كل العالم…وأصبحنا ننعت بشعب “الطرطور”…واليوم جاءنا رجل غريب الأطوار لا يفقه في شؤون الدولة يتعامل مع الوضع بغباء وسذاجة… أتدرون أنتم أنكم حين جلستم على كراسي الحكم، نسيتم كل وعودكم وشعاراتكم التي رفعتموها وأنتم في قواعدكم وأتباعكم تخطبون…
سأختم وأقول…بورقيبة ذهب ولن يعود…وبن علي مات ودفن حيث لن تدفنوا أبدا…وأنتم جئتم ولم تحققوا وعدا من كل الوعود…أتدرون لماذا…لأن ما نراه اليوم لا صلة له بما يريده الشعب…فما نراه ليس أكثر من خليط غريب وعجيب من الانتهازيين… والفاسدين…. والأغبياء والسذج الذين لا همّ لهم ولا هدف غير الوصول الى كراسي الحكم ومواقع السلطة من خلال الكذب والتلفيق …فكل زعامات المعارضة المزعومة لبن علي وبورقيبة رحمهما الله لم تكن أكثر من “شرذمة” تبحث عن السلطة والاستيلاء على الحكم…أسأل أين هي معارضة بن علي رحمه الله التي أقلقت راحة الجميع بشعارات لم نجد منها اليوم شيئا كيف حالها وقد تركها بن علي لمصيرها…
فالأغرب هو ما نراه اليوم في مشهدنا العام من بعض الوجوه التي لم تكن شيئا …فأصبحت دون أن ندري من وجهاء البلاد ورجالاتها… إن انتشار هذا الكم الهائل من فصائل الانتهازيين في بعض مؤسسات الدولة والإعلام إضافة الى الأحزاب والمكونات السياسية والمنظمات والمجتمع المدني سيعيق استقرار البلاد ونهضتها وقد يبقيها في حالة ضعف ووهن …وكل هذا سيؤدي ولو بعد حين إلى إفراغ المشروع الوطني الإصلاحي الذي بدأه الزعيم الراحل بورقيبة رحمه الله منذ أكثر من ستين سنة، من محتواه الحقيقي وعرقلة الوصول إلى أهدافه المعلنة والقابلة للتحيين والتحديث…ولن نحقّق شيئا من أهدافنا الإصلاحية دون أن ننتصر في أم المعارك على الإطلاق…
معركتنا الأكبر هي ضدّ “الحقد” الذي يملأ صدوركم جميعا…وارتفع منسوبه عند ساكن قرطاج إلى درجة تنذر بخطر الفتنة…ويوم تنتصرون في أم المعارك…ستنتصرون في نحت مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة…فأنتم اليوم تصرخون وترفعون شعارات لا يفقه أحد معناها… هل فكّرتم أي إرث ستتركون للأجيال القادمة لو أبقيتم على أحقادكم؟ نريد أن ترث أجيالنا القادمة بنسائها ورجالها إرثا لا حقد فيه…ولا فتن…ما ظهر منها وما بطن…