تابعنا على

جور نار

الفرنكوفونية … كأنّها موضوع ممنوع من التداول العام !

نشرت

في

الفرنكوفونية هي حوالي 300 مليون من المتحدثين باللغة الفرنسية عبر القارات الخمس. وهي “آلية هدفها تطوير ونشر النّطق باللغة الفرنسية وإرساء تعاون سياسي وتربوي واقتصادي وثقافي في 88 دولة وحكومة تتألّف منها المنظمة العالمية للفرنكوفونية …” حسب ميثاق الفرنكوفونية الذي تمت المصادقة عليه في 1997 بهانوي الفيتناميّة. 

منصف الخميري Moncef Khemiri
<strong>منصف الخميري<strong>

من حق الفرنسيين أن يُفاخروا بلغتهم الفرنسية ويمجّدوا حُسنَها وبهاءَها كما يُجسّد ذلك ألبير كامو في مقولته الشهيرة “لديّ وطن : هو اللغة الفرنسية” ! لكن مستعمليها الأجانب خاصة أولئك الذين أُكرهوا بقوّة السلاح على التعاطي معها وبها وفيها … يجدون أنفسهم – بعد تحرّرهم (ولو نسبيّا) من أغلال الاستعمار الاقتصادي والسياسي والثقافي- في حقهم التاريخي والشرعي أن يتعاملوا مع هذه اللغة الأجنبية بشكل مختلف عن أبنائها الأصليين. وأما شريحة الناس في مختلف بلدان العالم التي اختارت إراديا تعلم اللغة الفرنسية كلغة إنسانية مُشعّة عبر العالم كُتبت فيها دُرر فلسفية وأدبية وشعرية وحقوقية…فالأمر مختلف بشكل جوهري لديها فيختارها الناس كلغة أجنبية ثانية أو ثالثة أو رابعة مثلها مثل العربية أو الإنكليزية أو الصينية أو الاسبانية.

ذاك شأن مُتعارف عليه ولا جدال فيه تقريبا بين الناس، ولكن السؤال الذي يُحيّرني شخصيا ولا أجد له إجابات حاسمة ونهائية ومقنعة هو: إلى أي مدى يمكن تطويع “غنيمة الحرب” هذه (ويقصد الكتابة المقاومة باللغة الفرنسية، كما يقول الكاتب الجزائري كاتب ياسين) في خدمة تعليمنا وثقافتنا ومنتوجنا السينمائي والأدبي… وتوظيف هذا الاكراه التاريخي في خدمة تنميتنا الاقتصادية وتموقعنا في العالم وضمان المناصرة الدولية لقضايانا الكبرى ؟ وهل يجب بالعكس التخلّص الاستئصالي من هذا الإرث الثقيل الذي فرض نفسه في ثقافتنا ولغة التخاطب فيما بيننا وتسلّل إلى مناويلنا التعليمية وتشكيل وعينا المجتمعي في جزء كبير منه ؟

وبمعنى ما، لو أقمنا ميزانا لتقدير ما غنمناه وما يمكن أن نغنمه مقارنة مع ما أعاقنا ويُعيقنا في مجالات معينة، فكيف يكون الناتج النهائي ؟

لست أدري لماذا لم نتعوّد في تونس (أو لم يُردْ لنا أن نتعوّد) على طرح هذا الموضوع وتدارس تداعياته إلا نادرا وحصريا في ارتباط بلغة تدريس المواد العلمية في مدارسنا وخاصة في علاقة بعجزنا جميعا (دولة وشعبا، وأقصد بالشعب هنا النّخب التربوية التي تُرك لها مجال الحسم في فترات محدّدة من تاريخ التربية والتعليم في بلادنا) على حلّ معضلة تدريس العلوم بالعربية إلى غاية التاسعة أساسي… ثم مباشرة بداية من أولىى سنوات الثانوي نعود إلى تدريسها باللغة الفرنسية في شطحة سكيزوفرينية فارقة. فنادرا ما استمعت إلى مجموعات أو نخب أو أحزاب أو تلفزات أو إذاعات تناقش بهدوء طبيعة الموقف المفروض اتخاذه بشكل موضوعي، إزاء كل هذه المسائل التي نعيشها منذ عقود والتي تنعكس في كل مناحي حياتنا تقريبا.

الفرنكوفونية هي غير الفرونكوفيلية أو الفرنكوفوبية

إزاء واقع التنافس المحتدم بين لغات القوى العظمى في العالم، وتجاه تأكّد ظاهرة فرض الانكليزية كــ “لغة كونية” تتكلمها جميع شعوب العالم وخاصة في مجالات العلوم والتكنولوجيا الحديثة… وأمام انعكاسات ذلك من ناحية أخرى على مدى إتقاننا للغتنا الأم والسعي إلى تطويرها وتليينها وجعل اللغة العربية كما كان يقول أناتول فرانس في شأن اللغة الفرنسية “امرأة لا تجرؤ على خيانتها لأنها على درجة نادرة من الجمال والعزّة والتواضع والبأس والجاذبية والشهوانية والطهورية والنبل والقرب والجنون والحكمة بما يجعلك تُحبُّها من كل أعمالق روحك…”، إزاء كل هذا، برز اتجاهان كبيران أعتقد شخصيا أنهما على قدر معيّن من التطرف :

  1. اتجاه الفرونكوفيلية francophilie  la ويمثله المفتتنون بفرنسا وباللغة الفرنسية. هؤلاء بصورة عامة لا يتركون أية مسافة نقدية بينهم وبين لغة ليست لغتهم (مهما بلغ امتقاع شفاهم واعوجاج ألسنتهم) وبينهم وبين حضارة ليست حضارتهم ولسان ليس لسانهم ومهجة ليست مهجتهم. يدافعون عن الفرنسية أكثر من دفاعهم عن العربية (والدفاع عن العربية كلغة أمّ هو أمر طبيعي لأنها عنوان هوية وانتماء كما الدفاع عن التامول بالنسبة إلى السنغافوريين أو السواحيلية بالنسبة إلى الروانديين أو الكينيّين).
  2. اتجاه الفرنكوفوبية la francophobie أي الخوف أو الرُّهاب إزاء الفرنسية وكل ما هو فرنسي ويمثل هذا الاتجاه بصفة عامة غُلاة المدافعين عن “العروبة والاسلام” الذين يريدون تعليق جميع مصائبنا على شمّاعة “معاداة الخارج لنا وتنفيذ الصهيونية العالمية والماسونية لمخططاتها ومؤامراتها ضد العرب والمسلمين”… حتى لأصبحت شتيمة معهودة لدى هؤلاء عندما يصفون خصومهم السياسيين والثقافيين بــ “أيتام الفرنكوفونية” !

أما الفرنكوفونية، كظاهرة كونية تاريخية لها ما لها وعليها ما عليها، فلا أحد يتحدّث عنها بموضوعية واتّزان بحيث يتمّ بموجبهما استبعاد 3 مخاطر أساسية حسب رأيي :

خطر المدافعين عن “قابلية الاستعمار للمساعدة على تطوير المجتمعات حضاريّا” (هل تذكرون عندما شكّك ماكرون في وجود أمة جزائرية أصلا قبل الاستعمار الفرنسي ؟ ).  

خطر المفتونين باللغة الفرنسية من التونسيين إلى درجة تجعلهم يخجلون من ارتكاب أخطاء لغوية في الفرنسية ويتندّرون بأخطائهم في العربية معتبرين ذلك مجال ظُرف وتفكّه… في مناخ من الغُربة والاستلاب.

وثالثا خطر من يتوهّمون أن التهديد يأتي دوما من خارج الديار وليس من داخلها، فعربيّتنا (التي يتكلمها 274 مليون نسمة في العالم وهو تقريبا نفس عدد الناطقين بالفرنسية) لم تستطع إلى حدّ الآن اقتحام مجالات العلوم والتكنولوجيا مقارنة بباقي لغات الكون وخاصة الانكليزية. فعندما نُبحر عبر كل محركات البحث طمعا في العثور على مقالات أو منشورات أو بحوث علمية مُحكّمة باللغة العربية، لا نجد لها أثرا (باستثناء النزر القليل في العلوم الإنسانية والاجتماعية) وهو مؤشر على أن لغتنا ليست لغة مستخدمة اليوم في مجالات العلوم والتكنولوجيا الكبرى… أي في كل ما هو بصدد تشكيل ملامح عالم الغد ومستقبل البشرية جمعاء.

 أقول في النهاية إن المشكل ليس في اللغة الفرنسية في حدّ ذاتها بل في الاستخدامات والتوظيفات المختلفة والمتنوعة التي نختارها لأنفسنا بحرية وتبصّر واقتناع، وأن معاقرة اللغة الفرنسية لا بدّ أن تؤخذ على كونها فرصة تسمح لأبنائنا بولوج مكتبات ضخمة ومؤلفات دسمة…مع السعي بصفة موازية إلى حذق اللغة الانكليزية وتوظيفها هي الأخرى في إشباع حاجتنا الكبرى إلى البقاء في مسار السّير جنبا إلى جنب مع الشعوب الأخرى ورفض البقاء على هامش حركة التاريخ… إضافة بطبيعة الحال إلى الاعتناء بلغتنا العربية والمساهمة في إنقاذها من واقع الهامشيّة الذي تردّت فيه.

للكاتب والشاعر والرئيس السينيغالي وعضو الأكاديمية الفرنسية ليوبولد سيدار سنغور كلام مهمّ في هذا الخصوص، يقول :

الفرنكوفونية تنظيم وشعوب، ولكنها ثقافة قبل كل شيء. وهي موعد للأخذ والعطاء… وأداة للتبادل بين مختلف الحضارات وتحقيق خصوبتها.  أنا أفرق بين ضرورة أن تستوعب دون إكراهك على أن يتمّ استيعابك. « Assimiler, ne pas être assimilé »

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 89

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …

عبد الكريم قطاطة

وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…

وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..

قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …

لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …

وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …

سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…

عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..

وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …

ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم ..الورقة 88

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …

عبد الكريم قطاطة

وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..

في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…

اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…

اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…

لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…

في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…

عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…

اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

جور نار

التقصي عن أمراض السكري وضغط الدم… وليس عن أعوان التلفزة!

نشرت

في

محمد الزمزاري:

انطلقت الحملة الوطنية المتعلقة هذه المرة بالتقصي حول الأمراض المزمنة وكان مرض السكري وأيضا مرض ضغط الدم هما المدرجان في هذه الحملة.

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

يشار إلى أن نسب مرضى السكري و ضغط الدم قد عرفت ارتفاعا ملفتا لدى المواطنين و بالتحديد لدى شريحة كبار السن مما يكسي اهمية لهذه الحملات التي تنظمها وزارة الصحة العمومية بالتعاون المباشر مع هيئة الهلال الأحمر التونسي.. وقد سنحت لنا الفرصة لحضور جزء مهم من الحملة في بهو محطة القطارات الرئيسية بساحة برشلونة، لنقف على تفاعل عديد المواطنين المصطفّين قصد الخضوع لعملية التقصي بكل انضباط وكان جل الوافدين طبعا من كبار السن، كما لوحظ تواجد عدد كبير من ممثلي الهلال الأحمر ومن الأطباء بمكتبين ويساعدهم بعض الممرضين.

الغريب انه لدى تغطيتى العارضة لهذه الحملة المتميزة التي تهدف اساسا إلى توعية المواطنين وحثهم على تقصي الأمراض بكل انواعها بصور مبكرة، بالاعتماد على كافة قنوات الاتصال وأهمها الإعلام الذي لن يكون الا داعما لهذا الهدف الإنساني لكن احد اعوان الهلال الأحمر فتح معي بحثا ان كنت من التلفزة الوطنية ملاحظا ان القناة المذكورة هي الوحيدة المسموح لها بالقيام بالتغطية ولم يكتف بهذا بل أكد ان الأطباء لا يحبون التصوير.

طبيعي اني لم اتفاعل مع هذا الجهل وضحالة المعرفة باهداف الحملة بالإضافة إلى عمليات التقصي الفعلي ..ولما تجاوز في الإلحاح طلبت منه الاستظهار بصفته هل هو منسق الحملة حتى يمكنني أن امر إلى المسؤول عنها بصفتي صحفيا ..وواصلت عملى أمام انكماش هذا العون التابع للهلال الأحمر حسبما يدل عليه زيه.

وبعيدا عن هذا، لا يفوت التنويه بالجهود الكبيرة التي يتحلى بها طاقم الاطباء و الممرضين و متطوعي الهلال الاحمر، الذين يجهدون انفسهم لانجاح هذه الحملة سواء داخل بهو محطة السكك الحديدية او عبر بعض الفرق التي تعمل على التعريف بجدوى التقصي حتى خارج البهو الكبير.

أكمل القراءة

صن نار