“الكوادة” بصوت عال: لا لحيف جغرافي جديد وسلطة تضارب المصالح !
“جلنار” تفتح ملف الحدود الجغرافية بين مدينتي اكودة و حمام سوسة
نشرت
قبل سنة واحدة
في
محمود بن منصور
يبدو أن مسألة ضبط و رسم الحدود الترابية بين مدينة اكودة و المدن المجاورة لها و خصوصا حمام سوسة عادت لتطفو من جديد على سطح الاحداث وفق الإعداد التقني و اللوجيستي للمشروع الوطني للتجديد الترابي للدوائر الانتخابية المحلية، ضمن مشروع الخارطة الإدارية للجمهورية التونسية الذي شرعت فيه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ..
فالتحركات التي يشهدها السوشل ميديا هذه الأيام من قبل المواطنين و الناشطين في المجتمع المدني وحديث الشارع الاكودي لم تأت من فراغ و هي ليست المرة الأولى التي تمت خلالها إثارة الموضوع حيث طالب الاكوديون منذ 14 جانفي 2011 مواطنين و نيابة خصوصية ثم مجلسا بلديا منتخبا، بضرورة فض هذا النزاع وإعادة الأمور إلى نصابها و إعطاء لقيصر ما لقيصر، حتى لا تتعقد الأمور أكثر إلا أن كل هذه المطالب تم التغاضي عنها من قبل بعض الجهات وفق ما عبر عنه البعض لـ “جلنار” –
المسألة الان وفق ما رصدناها من تحركات و ما يشهده الشأن المحلي بمدينة “إيتيكودا” التاريخ و الحضارات المتعاقبة من توتر و تشنج وسط الأهالي و شباب المنطقة، قد ترتبط بالسلم الاجتماعي خاصة أمام السياسات التي اعتمدتها كل الحكومات المتعاقبة من تجاهل و تسويف و مماطلة لكل ماله علاقة بمدينة أكودة المتربعة في قلب جوهرة الساحل ..
1978 بداية الأزمة
يعد تاريخ ضبط ورسم الحدود لسنة 1978 بداية الأزمة “الحدودية” بين الجارتين أكودة و حمام سوسة حيث تم منح المنطقة السياحية بأكملها لمدينة حمام سوسة في تعسف واضح على كل المعايير الموضوعية والتاريخية و الجغرافية، باعتبار أن كل المساحة الممنوحة تقريبا هي الأصل ملك للاكوديين و كانت تسمى تلك الشواطئ بـ “شط دار عمار (العمة) شط دار حسين (بوعصيدة) شط دار عبد الرزاق- شط دار بن منصور – شط دار قلعية … و تم انتزاعها منهم في ذلك الزمن تحت عنوان المصلحة العامة و في إطار تطوير القطاع السياحي ..
كاف غراب وخليج الملائكة
مدينة اكودة هي درة سوسة الجوهرة الساحلية و “كاف غراب” هي تلك المساحة الغابية الشاسعة الخضراء التي تُلامس زُرقة مياه البحر، وتتهادى بين الاكليل و الزعتر والغابات المُتناثرة في أرجائها .. منفتحة على “طلعة دار جعيدان” … هي ذات الإطلالات الخيالية بجبالٍ مكسوّة النباتات في الدائرة البلدية الطنطانة بشواطئها الرائعة المتميزة برمالٍها الناعمة البيضاء، ومياهها الكريستالية .. و في تعسف جديد و نسف لحقيقة التاريخ و الجغرافيا، يتواصل التعدي على هذه المنطقة التي تفصل بين مدينتي اكودة و حمام سوسة، لتصبح بقدرة قادر تابعة لحمام سوسة و تحمل اسم “خليج الملائكة”، في غضون 2005- 2006 فترة إقامة قصر الرئيس الأسبق المرحوم زين العابدين بن علي… و للإشارة فقد كانت رخصة بناء القصر الرئاسي مستخرجة من بلدية أكودة و تحمل اسم نجله محمد زين العابدين بن علي .. يذكر أن الفنان التشكيلي الألماني “بول كلي”- Paul Klee وقف بمنطقة كاف غراب في إحدى زياراته لتونس سنة 1914 و قال (أكودة مدينة مذهلة. سنلتقي من جديد في نهاية الزمن) “Akouda, ville fabuleuse. On se reverra à la fin des temps”
2023 .. جاء دور الديماس
من غرائب الزمن الجائر أن تعيش أكودة هذا الحيف المتواصل على مساحتها الجغرافية في طمس لذاكرتها التاريخية، وفق ما جاء في تصريحات اهاليها و مكونات مجتمعها المدني … حيث لاقت أشغال “لجنة الضبط و التحديد ” الرفض المطلق من أبناء و شباب المدينة باعتبار تواصل التعدي على الأراضي “الاكودية” قصد ضمها إداريا إلى حمام سوسة، لياتي دور المنطقة الأثرية “الديماس” التي تضم “بيت بودينار” و صهاريج الحمامات الرومانية حيث يقع تجميع المياه و تصريفها على المنطقة.. وهي موجودة في ضيعة لأحد الاكوديين منذ القدم المرحوم مختار بن عمر الملقب بـ “الصيد بن عمر” … مما أثار سخط الجميع قائلين “حتى الآثار ما سلمتش ..”
وقد عبر كافة أبناء المنطقة ل “جلنار ” عن إستيائهم من الممارسات التي تتعرض لها مدينتهم منذ عقود ووصلت إلى المس من حرمة المدينة الترابية مشيرين في سياق متصل إلى انه قد بلغ السيل الزبى و انه لا مجال بعد الآن للصمت مهما كانت التكاليف و بكل الطرق النضالية المتاحة من أجل المحافظة على وحدة تراب مدينتهم و تاريخها العريق، و رفضهم لما تقوم به حاليا لجنة ضبط و رسم الحدود مطالبين في نفس الإطار السلطة بالاستماع الحقيقي لمطالب أبناء مدينة اكودة الشرعية و القانونية و الاستجابة لها حسب ما جاء في تصريحاتهم
هذا و أضاف المهتمون بالشأن المحلي باكودة أنهم يرفضون سلطة محلية لا تدافع عن مصالح أكودة وتركيبة لجنة رسم و ضبط الحدود بالشكل الحالي، و هو ما يبرز بشكل فاضح تضارب المصالح و بالتالي تصبح العملية فاقدة للنزاهة و المصداقية و مجانبة لحقيقة الواقع و التاريخ .. و انه لا سبيل لتقسيم وصفوه بـ “الغورة” و الحيف على التاريخ و الجغرافيا .. وفق تعبيرهم
و قالوا انه على السلطة ان تراجع حساباتها جيدا و ان تعود إلى التاريخ و المصادر الصحيحة في هذا الشأن، وان تعي جيدا أن أكودة برجالها و شبابها و اهاليها و انها مسقط رأس سالم بن حميدة فيلسوف الساحل وراجح إبراهيم منارة الساحل و ابراهيم الاكودي احد رواد المسرح الوطني التونسي … موضوع للمتابعة ..