الليل عند الشعراء والفنانين هو الفضاء الرحب لسلطنتهم وابداعاتهم …. كانت ليالينا في زمن ما زمن الطفولة مقترنة بالسهرات العائلية الحميمة شتاء بالتدفئ بالكانون وهدهدة الامهات والجدات وطبطبتهنّ وصيفا بفناء الحوش حيث الشاي والكاكاوية لمن استطاع سبيلا ورائحة الحبق ومشموم الياسمين المعرقن على اذن الاب وموسيقى الصرصار التي لا يقطعها الّا سقوط قطعة زجاجية من فوق السطوح ليهبّ الجميع في هلع بحثا عن هذه القطعة الزجاجية والتي هي في رواية اخرى _ العقرب _ …
الليل وعندما كبرنا واشتدّ عودنا هو ايضا ومباشرة اثر تناول وجبة العشاء تجتمع شلّة الاصدقاء بحثا عن انين موسيقى ياتي من بعيد ونرهف السمع ونتجه صوب الموسيقى لندخل امّا بترحيب او عنوة على حفل زفاف ما …حتى ولو قيل لنا انذاك انّه جوّ عائلي …الاّ انهم يذعنون لسطوتنا وبطشنا المتعارف به علينا و النتيجة انهم يسمحون خاضعين ان نشاركهم اجواء اعراسهم …
والليل في سنّ المراهقة كان مرتعا لمغامراتنا العاطفية على بساطتها وعدم فاعليتها …لقاءات تسمح بها الاعراس العائلية مطبوعة فقط كلماتنا في الحب تقتل حبّنا _ انّ الحروف تموت حين تُقال _ لا شيء غير النظرات وتبادل بعض الابتسامات البريئة في فعلها والخبيثة جدا في نواياها …والليل بعد ذلك هو كلّ شيء ..فمن داويني بالتي هي الداء لاغلبنا الى _ اولى بهذا القلب ان يعشقا وفي ضرام الجسد ان يُحرقا _ …
والليل في الموروث العربي هو ليل المخططات والتدبير ومن ثمّة جاء المثل _ انّه امر دُبّر بليل _ و الذي تتفق عديد المصادرفيه انّ صاحب المقولة هو ابو جهل ..الان وبعد ما حدث من احداث في الليل بتونس والتي يراها البعض اعمال شغب وسرقة بينما بالنسبة لاخرين هي بارقة امل جديدة لكنس من جاء بعد 14 جانفي 2011 اتساءل ..هل من شروط ايّ تحرّك ومهم كان صنفه ان يكون نهارا ؟
ثم اذهب الى ابعد من ذلك وسواء كانت الاعمال نهبا وسرقة او بداية احتجاجات اجتماعية اليس من المعقول ان تكون ليلا اذ انّ في غياب الشمس هو تغييب مُحكم لنوع اخر من البوليس بوليس الشمس ….؟؟