جور نار

النجاح صناعة … و الفشل أيضا

نشرت

في

الاستثمار في التعليم، الاستثمار في الإنسان … شعاران نسمعهما منذ ولدت لنا أذنان، يرددهما السياسي كما يرددهما الإذاعي كما يرددهما كل مدّاحي النظام سابقا و لاحقا … لا مشكلة في ذلك ما دامت الدولة تفعله، و لو أطنبت في إظهاره على أنه كرم حاتمي منها …

<strong>عبد القادر المقري<strong>

و لكن إعطاء الأولوية للتعليم ليست شأن الدولة فقط … هناك الأسرة، هناك المجتمع، و هناك خاصة هذا الإعلام الذي يقود البلاد أكثر من كل الساسة و مهما كانت القيود التي على يديه … و ما يفعله إعلامنا بالتعليم و بالمنظومة التربوية عامة، هو للأسف كمن يمسك مطرقة و لا ينفكّ عن هدّ الجدار من أوّل النهار إلى آخره … و قد رأينا في رمضان، بل في عشرات الرمضانات و المسلسلات و البلاتوهات التي مرت أمامنا … رأينا كيف أنهم يفعلون المستحيل لكي نكون أجهل، و أغبى، و أتفه، و أوحش، و أكثر انحرافا بين كل الكائنات … لا البشرية فقط.

هذا كان شأننا مع وسائل الإعلام التقليدية، فكيف بنا و قد انفلت العقال مع فايسبوك، و أصبحت حيال 12 مليون صحفيا … و في هذه الأيام التي هي أيام باكالوريا، تعود اسطوانة التشنيع على الامتحان و الممتحن و التلميذ في آن واحد … و يكثر الترويج عن التسريب و الغش و “التكييت” بشكل يجعلك تقول لا، لم تعد هناك باكالوريا و كل ما يبذلونه هراء … ما هذا؟ أوّلا حالات غش الامتحانات موجودة في كل عصر و مصر و لا يمكن القضاء عليها نهائيا اللهمّ إلا بإزالة الامتحان نفسه … ثانيا لماذا التركيز على الغشاشين و المسرّبين و الأيدي القذرة التي وراءهم، و ننسى التلميذ المجدّ، و معجزات ذوي الاحتياجات الخاصة، و النجاح الذي يتحقق لمسجون، و الإصرار الذي يتحلّى به من فاتهم قطار العمر و مع ذلك ما أحلى باك الأربعين سنة يا أبتاه؟؟

ليس مطلوبا من الإعلام أن يقتصر على الجانب الوردي من حياتنا، و أن يتداول لغة خشبية عن السماء الصافية … نعرف أن سماءنا ليست صافية، و لكنها أيضا ليست سوادا و مدادا كما يبدو على الشاشات و الصفحات … فقط مطلوب منا أن ننصف هذا و ذاك، و أن نستعمل عينين اثنتين لا عينا واحدة، عوراء حولاء كأداء … لا لشيء إلا لنرضي شغفا مرضيا بقضايا الإجرام، أو ـ أخطر من هذا ـ لنرضي غرائز سياسية لأناس يتعاركون بعيدا عنا …

و هنا، يصحّ فينا ما قاله العالم العربي الراحل أحمد زويل: “الأخرون يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل” …

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version