جور نار
النهضة تقتات من غباء وحمق خصومها…
نشرت
قبل 4 سنواتفي
من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashطالبت عديد المرّات بالتعامل ديمقراطيا مع نتائج الانتخابات…وتحميل من يفوز بأغلبية المقاعد مسؤولياتهم كاملة، دون أن نذهب إلى تحالف أو ائتلاف نشرّك فيه الجميع في توافق حاكم، كما نفعل ذلك منذ عشر سنوات ويزيد…فالنهضة لم تحكم إلى يومنا هذا بمفردها أو بالشراكة مع من يشبهها فقط، بل نجحت دائما وطيلة عشر سنوات في توريط من يشاركها الحكم في تحمّل تبعات الفشل، كما نجحت في الخروج بأخفّ الأضرار من كل محاسبة انتخابية بالتنصل من مسؤولياتها وتحميل كل من شاركوها الحكم مسؤولية “الفشل المستدام”…
النهضة وإلى يومنا هذا وربما إلى مستقبل قريب قادم ستواصل تقمّص دور “الضحية” وهو الدور الذي أجادته بدقة متناهية لتنقضّ على المشهد السياسي مباشرة بعد 14 جانفي…فالنهضة ومن خلال خطابها “الإعلامي الدرامي” وبمساعدة من اليسار الغبي الذي تكلّف بمهمة ضرب كل خصوم النهضة نيابة عنها، نجحت في حلّ التجمّع دون أن تكون في واجهة الحملة بل تركت أمر القضية لليسار…ومن خلال خطاب اليسار الغبي الذي خرج علينا رافعا شعار “نصب المشانق والسحل وتطهير المؤسسات” نجحت في استقطاب جزء هام من أنصار التجمع وناخبيه،
ومن خلال كل ذلك نجحت في ابعاد اليسار عن المشهد نهائيا…فاليسار اصبح في نظر الجميع سنة 2011 مكونا استئصاليا يبحث عن اجتثاث جزء كبير من مكونات المشهد السياسي وخسر بذلك موقعه الذي كان يمكن أن يكون كبيرا لو لم يمارس “الخطاب الاستئصالي الفاشي” تجاه كل من انتمى للمنظومة السابقة…
واليوم يعيد التاريخ نفسه من خلال ساكن قرطاج فهذا الأخير يقوم صباحا ليتحدث عن النهضة… يلتقي ضيوفه ويتحدث لهم عن النهضة…يخرج في زيارة إلى أحد المقاهي ويروي لهم قصّة النهضة…يزور ليبيا ولا ينسى الحديث عن النهضة…يذهب إلى مصر ليتحدث عن النهضة…يستقبل وزير خارجية مصر ليجعل الحديث مقتصرا على النهضة، وانتصار العاشر من رمضان وكأني به يرمز إلى تاريخ بداية حربه المعلنة على النهضة ومن معها…هكذا يواصل بعضنا اليوم ويعيد نفس الخطأ القديم فالنهضة إلى يومنا هذا تقتات من غباء وحمق البقية، وتواصل لعب دور الضحية، الدور الذي أجادته سابقا ونجحت من خلاله في الاستحواذ على جميع مفاصل الدولة…
هكذا يتواصل المشهد اليوم…فلا تمر ساعة اليوم دون أن تقرأ هنا وهناك…وتسمع هنا وهناك…عن خطر النهضة …وتغوّل النهضة…والغريب أن لا أحد من الذين يصرخون ويرفعون شعارات ضدّ النهضة فكّر في حاله….جميعهم تركوا حالتهم الميؤوس منها…ونسُوا خلافاتهم الوهمية التي صنعوها من فرط حمقهم وجهلهم بحقيقة المشهد…ونسوا تشتتهم…ونسوا ضعف بنيتهم الجماهيرية…وتمسكوا فقط بالحديث يوميا عن النهضة وما تفعله…وما لا تفعله…حتى أصبحت فعلا قوّة تسيطر على كل مفاصل الحياة في البلاد فبقية مكونات المشهد هي التي تكفلت بخدمة النهضة إعلاميا…هؤلاء ومن فرط “خوفهم” من النهضة جعلوها شغلهم الشاغل فلا تمرّ لحظة واحدة دون أن يذكروها بسوء….فكبرت …وكسبت تعاطف كل من لا دور لهم في المشهد الذي نعيشه…يا لغباء بعضنا…ويا لغباء إعلامنا…صنعنا من النهضة غولا…فأكلتنا جميعا …
النهضة تعاملت بذكاء كبير مع حملات الشيطنة التي تستهدفها، واستدرجت الجميع وحوّلت وجهتهم من خلال تجاهلها لهذه الحملات إلى الاكتفاء بشن حروبهم عليها وعدم الاهتمام بمشاغلهم ومشاكلهم…وتطوير آليات عملهم الحزبي…فهؤلاء ومن فرط سذاجتهم السياسية جعلوا شعار “لا للنهضة والإخوان” إستراتيجية مستقبلهم السياسي …هؤلاء نسوا أن الحروب والمعارك السياسية لا تُكسب بالشعارات وبالعواطف وبالأمنيات…ونسوا الاستقطاب والانتشار والبحث عن معالجة مشاكل قواعدهم وأتباعهم…ونسوا وعودهم التنموية والتشغيلية والاقتصادية …ولم يلتفتوا لغير شعارات الشيطنة والهرسلة اليومية لخصم اكتفى بتجاهل ما يفعلون، والتفت إلى بناء قواعده وأتباعه ومستقبله السياسي بطريقة لا تخطر على بال الأغبياء والحمقى من مكونات المشهد…فتحوّل خوف هؤلاء الحمقى من النهضة إلى أسلوب حياة…وأصبحت “فوبيا” النهضة والإسلاميين أزمة حياتية تعانيها كل الأحزاب التي بنت استراتيجية وجودها على رفض النهضة وبعض مكونات المشهد المنافسة…فأصبحت في نظر العارفين بخفايا المشهد أزمة نفسية يقتات منها هؤلاء الحمقى ويتحيّلون بها على قواعدهم….وأصبح من يشتم النهضة ويروج عنها كل موبقات الدنيا مناضلا وجب رفعه على الأعناق…ومن لا يشتمها مناصرا لها ومندسا…يذكّرُني هؤلاء الحمقى بمدمني المخدّرات فهؤلاء يفقدون الشهية في الطعام والأكل، مقابل رغبتهم الجامحة في شمّ مخدّر أدمنوا عليه…فتراهم سعداء بتخريب أجسادهم وبيوتهم وحياتهم …
هكذا هم أحزاب الغباء عندنا اليوم يصنعون ربيع خصومهم من خلال ما يروجونه عنهم وإدمانهم على شيطنتهم …النهضة نجحت في الفوز بأغلب معاركها من خلال استغلال غباء خصومها…ونجحت كما نجحت إسرائيل في محاصرة العرب في زاوية خلافاتهم وحروبهم بين بعضهم البعض…وكما فعلت إسرائيل من خلال استراتيجية “اللامبالاة”…تفعل اليوم النهضة ببقية مكوّنات المشهد بنظرية “اللامبالاة”…وأحزاب البسكويت، أحزابنا المهزومة…وإعلام الصراخ، إعلامنا الموبوء…ونخبتنا الحمقاء والعرجاء فكرا لم تع إلى حدّ الساعة، أن كسب المعارك السياسية مع “العدو” أو المنافس أو الخصم تتطلب عملا عقلانيا ودراسة عميقة لمتطلبات المرحلة وقراءة منطقية للخصوم…وبناء حزبيا حديثا يجعل من حلّ مشاكل الشعب هدفه الأكبر…فالشيطنة لا ترعب الخصوم بل تكسبهم تعاطفا إن كان الخصم عقائديا…و التخويف والترهيب لا يكونان بالشيطنة، بل بالعمل القاعدي والبرامج الواقعية والعقلانية والاقتراب من الشعب…
كما أن كسب المعارك السياسية لا يكون بالأمنيات وبمجرّد رفع الشعارات…فإن لم تعدوا لهم “قوّة” ترهبونهم بها…وإن لم تنشروا “فكرة” تحاربونهم من خلالها…وإن لم تبتكروا “أسلوبا” تربكونهم به…وإن لم تستنبطوا “خديعة” تخادعونهم بها…فإنكم ستخسرون كل معارككم…فالحروب والمعارك السياسية هي معارك طويلة الأمد وقد تحصد معها أجيالا من الكفاءات والنخب …وقد تحصد معها مشاعر الأتباع والقواعد…وقد تسقط أحلام البعض…فنحن من نصنع خصومنا….وخصومنا هم من يصنعوننا …فلا تصنعوا خصوما…ليهزموكم…و يفرغوكم من محتواكم…
تصفح أيضا
جور نار
العراق: هل يستبق الأخطار المحدقة، أم سيكتفي بتحديد الإخلالات؟
نشرت
قبل 3 أيامفي
22 نوفمبر 2024محمد الزمزاري:
ستنطلق الحكومة العراقية في تعداد السكان خلال هذه الأيام والذي سيأخذ مدى زمنيا طويلا وربما. تعطيلات ميدانية على مستوى الخارطة. العراقية.
ويعد هذا التعداد السكاني مهمّا ومتأخرا كثيرا عن الموعد الدوري لمثل هذه الإحصائيات بالنسبة لكل بلد… فالعراق لم يقم بتحيين عدد سكانه منذ ما يزيد عن ربع قرن، إذ عرف آخر تعداد له سنة 1997… ونظرا إلى عوامل عدة، فإن قرار القيام بهذا التعداد سيتجنب اي تلميح للانتماءات العرقية أو المذهبية عدا السؤال عن الديانة ان كانت إسلامية او مسيحية… وقد أكد رئيس الحكومة العراقية أن التعداد السكاني يهدف إلى تحديد أوضاع مواطني العراق قصد رصد الاخلالات و تحسين الخدمات وايضا لدعم العدالة الاجتماعية.
لعل اول مشكلة حادة تقف في وجه هذا التعداد العام، هو رفض الجانب الكردي الذي يضمر أهدافا و يسعى إلى التعتيم على أوضاع السكان في كردستان و في المنطقة المتنازع عليها بين العرب والأكراد و التركمان… خاصة أيضا ان اكثر من ثمانية أحياء عربية في أربيل المتنازع عليها، قد تم اخلاؤها من ساكنيها العرب وإحلال الأكراد مكانهم…
هذا من ناحية… لكن الأخطر من هذا والذي تعرفه الحكومة العراقية دون شك أن الإقليم الكردي منذ نشاته و”استقلاله” الذاتي يرتبط بتعاون وثيق مع الكيان الصهيوني الذي سعى دوما إلى تركيز موطئ قدم راسخ في الإقليم في إطار خططه الاستراتيجية.. وان مسؤولي الإقليم الكردي يسمحون للصهاينة باقتناء عديد الأراضي و المزارع على شاكلة المستعمرات بفلسطين المحتلة… وان قواعد الموساد المركزة بالاقليم منذ عشرات السنين ليست لاستنشاق نسيم نهر الفرات ! ..
أمام الحكومة العراقية إذن عدد من العراقيل والاولويات الوطنية والاستشرافية لحماية العراق. و قد تسلط عملية التعداد السكاني مثلما إشار إليه رئيس الحكومة العراقية الضوء على النقائص التي تتطلب الإصلاح و التعديل والحد من توسعها قبل أن يندم العراق ويلعنوا زمن الارتخاء وترك الحبل على الغارب ليرتع الصهاينة في جزء هام من بلاد الرافدين.
عبد الكريم قطاطة:
فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …
وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…
وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..
قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …
لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …
وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …
سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…
عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..
وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …
ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …
ـ يتبع ـ
عبد الكريم قطاطة:
المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …
وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..
في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…
اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…
اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…
لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…
في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…
عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…
اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…
ـ يتبع ـ
يحمل 45 شخصا… غرق مركب سياحي مصري في البحر الأحمر
عودة ترامب.. تحديات ومخاوف!
القدس… بلدية الاحتلال توزع قرارات هدم في سلوان
حسب صحيف أمريكية… شتائم واعتداءات جسدية بين أعضاء فريق ترامب
في سهرة البارحة… الصين تفتتح أيام قرطاج المسرحية
استطلاع
صن نار
- صن نارقبل يوم واحد
القدس… بلدية الاحتلال توزع قرارات هدم في سلوان
- صن نارقبل يوم واحد
حسب صحيف أمريكية… شتائم واعتداءات جسدية بين أعضاء فريق ترامب
- ثقافياقبل يوم واحد
في سهرة البارحة… الصين تفتتح أيام قرطاج المسرحية
- فُرن نارقبل يوم واحد
السيد معتمد سليمان… ما هكذا تساق الجرارات!!
- منبـ ... نارقبل يومين
حدث في رزق البيليك… المرجان الأحمر ينزف دما
- ثقافياقبل 3 أيام
سليانة: غدا… أدب الطفل في ملتقى عبد القادر الهاني
- اقتصادياقبل 3 أيام
اختتام الدورة الثامنة لمنتدى المؤسسات Enicarthage
- اقتصادياقبل 3 أيام
تونس: مؤتمر وطني حول ريادة الأعمال النسائية