…و جاء الأوغاد فأفرغوا الرصاص في رأسك من بعيد، لكنهم هابوك فلم يجرؤوا على الاقتراب منك، و كنت أنا قد وصلت خائبا مثلك، فقلت “هذه هي سمكتك الكبيرة التي تحلم بها يا زكريا، انزل إليها … اربطها بحبال حديدية، أو مت و أنت تصارعها … مت كما يليق بصياد حقيقي، أو اربطها و أخرجها”
نزلت … صفق الناس … حركت أنت ذنبك و خبطت الماء، فانقلبت الفلوكة، و تعالت الصيحات و الضحكات على الساحل. ذقت مرارة الفشل، و الخوف، و لكني تجلدت، و بحثت عن نقطة ضعف فيك حتى اكتشفتها و انتصرت … كان وسطك، لا رأسك و لا ذنبك، هو المأمن، و غطست باتجاهه، و خرجت من الطرف الثاني، و هلل الناس، و تحركت أنت … و لكنني شاب و أنت عجوز، عشت عمرك و انتهى الأمر … كان لا بد من فنائك، من نهايتك، و عجلت لك بها، و ناديتهم: “هاتوا الحبال” و ربطتها حول خصري، و غطست، و انتظرت حتى ارتفع ذنبك عن الماء و نزلت تحته، و سحبت الحبل معي … و خرجت مرفوع اليدين: لقد ربطتك.، صفق الناس، و صاحوا: “ابتعد يا زكريا، ابتعدا” لماذا؟
أسكرني النصر فصعدت إلى ظهرك … و زاد التصفيق، و زادت حماستي. قفزت مرة أخرى إلى الماء … صار الموت سهلا، لم أعد أبالي. ربطت طرف الحبل بعقدة السلك الحديدي الثخين، و شددناه إلى زورق و سحبناه و دخل السلك تحتك، و أوثقناك بحلقة حديدية، و جئنا بشاحنة وقفت على الساحل و سحبت، و لكن دواليبها دارت في فراغ، كنت جبارة فضاعفوا الشاحنات، و بدأ هيكلك العظيم يبرز، و فقدت، يا ملكة الماء، مملكة الماء، صرت في مملكتنا: مملكة الأرض، و استسلمت، بعد صراع، إلى نهايتك. توقف ذنبك عن الحركة: إنه الموت! …
هجم الناس. الأوغاد هجموا، الآن هجموا، و رفسك واحد منهم بنعله، و أدرت أنا وجهي كيلا أرى . هرولت إلى أقرب خمارة فشربت سطلا كاملا … و رفض الخمار أن يأخذ ثمنه، قال: “على حب الرجال !” و قلت في سري: إخس … ليس ثمة رجال، كلهم نساء، كلهم نساء … أتسمعين يا عزيزتي؟ ليسوا رجالا هؤلاء … قد يصبحون كذلك، و قد ينجبون رجالا، و لكنهم الآن، نساء، أقسم لك بشرفي، إنهم نساء، كأسك … اشربي قليلا، قليلا أيضا، و اعذريني، لسوف أبقر بطنك و أنا آسف .. أنت لا تحسين بما أفعل الآن .. بعد الموت لا يحس الجسد ..
أنا لا أحترم الموت في الجسد، سيان، ليقطعوني، أنا زكريا المرسنلي، ألف قطعة بعد موتي، و فقط ليحترموني في حياتي، لتكن حياتي جميلة، مثل ليلة صافية …