منبـ ... نار

تكفير التفكير

نشرت

في

رغم ان هاتين الكلمتين تحملان نفس الحروف الأبجدية من اللغة العربية، فإن معنييهما يحملان بين طياتهما افظع التضارب و العدوانية ولا يبشران بأي لقاء في محطات التصالح.

<strong>سرور عبد اللاوي<strong>

ان الاحداث التي مرت ببلادنا خلال السنوات العشر قد ازالت الغبار عن فداحة الكلمة الاولى التي شهدت اوج نفاذها لدى كتلة سياسية معينة … لقد عشنا التكفير عبر خطب المساجد والخيام الدعوية و المقاهي و التظاهرات الدينية والاعلام المأجور متمثلا في بعض القنوات و الصحف الورقية أو الاعلام الافتراضي … ووصل الامر الى اغتيال الفكر لا لشىء إلا لأنه مختلف مع نظرية صانعي التكفير ….

ان الإنسانية يحكمها الاختلاف غير ان هذا “الاختلاف” يتحول عندنا الى “خلاف” لأن “التخلف” اصبح السائد … ذلك أنه من لا يؤمن بالاختلاف ينزلق بسرعة لرفع راية التخلف بادق معانيه: اختلاف اللون، اختلافالجنس، اختلاف العقيدة وعديد الاختلافات الأخرى التي يعيشها الإنسان منذ بداية التاريخ …

واذا طرحنا الاختلاف في الفكر والهجوم الضاري الذي تشنه جهات بعينها ندرك انه ينم عن اقبح مظاهر التخلف و الانحلال الفكري الإنساني المدني الاجتماعي بطبعه … و لعل اخطر سلاح يتم تداوله (هروبا من مقارعة الحجة بالحجة و احترام المنطق العلمي)هو اتهام المختلف عنا بالكفر … تكفير. شخص أو مجموعة لا لشيء إلا لأنه استخدم فكره في مناقشة فكر الخصم المتبني للايديولوجيا الدينية المتطرفة مسيحية كانت أو اسلامية أو يهودية او بوذية أو غيرها.

لقد انشغلت الجهات المذكورة في المجتمعات وخاصة منها العربية عن المشاكل الحقيقية التي تمس متطلبات الانسان الحياتية والاخلاقية والحضارية و مقومات تقدمه … انشغلت هذه الأطراف بترويج الخرافة و الفتاوى العجيبة و رفض كل طرح عقلي لمشكلات الحياة و منع الناس من حرية الرأي و التعبير …

و قد سجل التاريخ بعيده و قريبه حوادث التنكيل بالعلماء و قتل و “وأد” أصحاب الفكر و العلوم في عالمنا العربي المسلم عبر التاريخ، لا لشيء ألا لأن معيار التقييم الوحيد لم يتجاوز “خنجر”الدين أو “سيف داموقليس” … هذا السيف الذي يخدم مصالح فئة دأبها تقويض الافكار التنويرية، و محاربة العلم بركوب الواعز الديني الحساس وتزييف الحقائق لتعويضها بـ”فقه” البدع … و ذلك لاطفاء شموع تنوير قد يهدد مصالحهم التي ترعاها الظلمة الحالكة…

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version