جور نار

تونس وبطولات القاعات المغلقة !

نشرت

في

منذ يومين احرزت تونس على البطولة الافريقية للكرة الطائرة وعززت رصيدها لتصل الى 11 بطولة محطمة بذلك “رقمها” القياسي الافريقي ..ومنذ بضعة ايام فعل المنتخب التونسي نفس الفعل في كرة السلّة ليحرز نفس اللقب محتفظا بلقبه للمرة الثانية على التوالي ومضيفا الرقم الثالث في حصده لهذه البطولة …وفي كرة اليد وعبر تاريخنا افريقيا نحن نحتلّ المرتبة الاولى افريقيا بحصدنا لتسعة القاب ..

<strong>عبد الكريم قطاطة<strong>

والمتأمّل لبراعتنا في هذه الرياضات لابدّ ان يلاحظ انها القاب تحصلنا عليها في قاعات مغلقة …على عكس كرة القدم مثلا والتي لم ننل عبر تاريخنا الافريقي الا لقبا واحدا يتيما …اذن هل يمكن ان نتخلّص الى القول بأنّ التونسي بطل الابطال في كلّ شأن تُجرى حيثيّاته في القاعات او الصالونات او المجالس والقاعاة المغلقة ؟ نعم والف نعم …تاريخنا كان ومازال زاخرا بتعاملاتنا البطولية في الغرف المغلقة …ففي العهد البورقيبي مثلا ازدهرت فعاليات الغرف المغلقة وخاصة منذ بداية الثمانينات استعدادا لما بعد بورقيبة وبرزت التحالفات وذهب ضحيّتها مَن ذهب وفاز باللذة الجسور …

ومن هو الجسور انذاك ؟ انه صاحب البيان المشهود ليوم السابع من نوفمبر …حيث سبق الجميع بما في ذلك االاتجاه الاسلامي الذي كان يعدّ لانقلاب دموي و “اتعشّى بيهم” قبل ان يتسحّروا به …. وللامانة خرج التونسيون يومها مهللين مباركين التحوّل المبارك وانتشرت انذاك مقولة يحيى هاضاكا … اي انّ التونسي لا ينظر الى الاسماء في كلّ عملية تغيير ولكن امام الواقع القبلي الذي كان يعيشه يرحّب تلقائيا بكلّ جديد _ والجديد ليه طربة والقديم ليه هربة ..

وعادت الغرف المغلقة لتعود الى فعلها وتأزّمت الاوضاع من جديد وكانت حركة _ 17 _ 14 _ والتي اسست لها قوى خارجية وبشكل خبيث لما اسموه بالربيع العربي فتفاعل الشعب في هبّته مع المخطط الخارجي البشع وانتهى زمن التغيير المبارك …وخرج مرة اخرى الشعب التونسي بانفعالاته العاطفية ليهلّل للثورة ..وطفحت على السطح السياسي احزاب واسماء قليل منها من كان ملتحما مع الشعب في طموحاته وكثير منهم جاء مُسقطا وبشكل انتهازي واصبح حاميها حراميها …

ولعلّ اهمّ ظاهرة منذ 2011 حتى 25 جويلية 2021 تعدّد الغرف المغلقة في ايّة زاوية من زوايا مفاصل الحكم ـ القصبة باردو قرطاج ـ و تجتمع العصابات في الغرف المغلقة لتُدير بظهرها من المصلحة العليا للبلد الى مصالحها وبكلّ قسوة واستغلال للنفوذ …وكثّر الفساد وعمّ وانتشر واصبح الصالح نشازا والطالح بطلا …وكان 25 جويلية …كان لابدّ ان يكون مهما كان اسم المنقذ …حتى ولو كان هاضاكا …وكان هاضاكا في الموعد لينقضّ على اللحظة … وخرج الشعب ليبحّ صوته مرحبّا مهللا بهاضاكا …تماما كغريق في اليمّ ..تنتشله يد من الغريق فيبوسها دون البحث عمّن هو صاحبها …

و عندما تطير السكرة نستفيق جميعا على واقع نأمل الا يكون مريرا … واقع انتظار غد غير معلوم …غد لا ندري لحدّ الآن اين سترسو بنا سفينته …ولكن كلّ ما ندريه انّ القاعات المغلقة مازالت تشتغل هنا وهنالك وانّ بطولاتنا في القاعات المغلقة ما زلنا اسيادا فيها ….

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version