جمر نار

ثورة التفرقة و الضياع

نشرت

في

17…14

أرقام

زعمة ترسخ في ذاكرتي و إلاّ تمحوها الأيّام؟

و إلاّ نسمع كلام مرتي مالك و مال الغرام؟

اللي تراه راكب فركة قل له مبروك البي آم

هذا مقتطف من بداية نص مسرحية تحمل عنوان “نهار و نصف ثورة” كنت كتبته في سنة 2012 ومازال إيقاعه يسكنني إلى اليوم … مازالت هذه الأرقام تلعب بمصيرنا و نحن نشاهد مصيرنا يحملنا حيث شاء في سلبية مثاليّة تكاد تكون أنموذجا عالميا في تحطيم الذات. هي أول ثورة لا يتفّق أهلها حول تاريخ ميلادها فبقيت بين بين و تطاول عليها البعض الآخر ليجعل منها انتفاضة مرة و فوضى مرة أخرى و بقي الشعب منتفضا دائما و فوضويّا في أغلب الأحيان.

<strong>رضا عزيز<strong>

ثورتنا تحمل كل المعاني السابقة و لكنها تبقى فرصة تاريخية منحت لنا حتى نستردّ أنفاسنا و نعيد بناء البيت من الداخل و الخارج فأضعنا الفرصة و بقينا متشبّثين ببقايا ما تربّينا عليه من أدران الماضي و حاول البعض حلحلة الوضع بآليات تجاوزها الزمن فقال لمن قامت عليهم الثورة “اذهبوا فأنتم الطلقاء” و كانت تلك أول طلقة في قلب الثورة تحت قناع التسامح و العفو و التجاوز و التحضّر و المدنيّة و أفرزت ما خفي من عقد النخب المعاصرة و خاصّة الإقصاء و التشفّي و الانتقام  و”أنا و بعدي الطوفان” و “لا أريكم إلا ما أرى” و الكل يدّعي امتلاك الحقيقة و معرفة الطريق السرّي الذي سيوصلنا إلى المفتاح السحري الذي بدوره يفتح طريق الجنّة أمامنا و لكلّ من هؤلاء شروط للنجاح في مهمّته و أوّلها إقصاء طرف من الأطراف التي يعتبرها عائقا في طريق النجاة.

إن قالوا نتحاور فهو حوار بشروط و إن قالوا نلتقي فهو لقاء بلا فائدة و إن قالوا نتناقش فهو نقاش بلا فائدة و لغو ومضيعة للوقت و إن قالوا مصلحة الوطن فهي مصالح أوطان شرقا و غربا تختفي وراء الشعارات الرنّانة و بقيت مصالحنا في مهبّ الريح تدفعها ريح عاتية في كل الاتجاهات الممكنة… ريح جارحة ذابحة لا تخلّف إلا الشظايا و الجروح الغائرة العميقة فحتّى ما خلناه نعمة انقلب نقمة تؤسّس لما لا تحمد عقباه. نعم حتّى حريّة التعبير أصبحت بشروط فإما أن تكون معنا لتنعم بها أو أن تكون ضدّنا لتحرم منها و بالقانون و البيانات الممضاة من النقابات فالقرار النقابي هو أعلى سلطة قانونية في البلاد و لو كان مخالفا للدستور عندها ينحني الدستور و يبقى الاتحاد فالاتحاد يعلو و لا يعلى عليه.

نحن دولة الأرقام بامتياز فالحماية رقم و الاستقلال رقم و الثورة رقمان و بالأمن والأمان يحيا هنا الإنسان … برعاية شطحات النخب المنبتّة عن وطن جريح.

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version