أعلنت الخارجية الأمريكية في نهاية الأسبوع الفائت عن تطبيع العلاقات بين السودان والكيان الصهيوني، ويأتي ذلك أسابيع قليلة بعد إرتماء الإمارات العربية المتحدة والبحرين في أحضان سيّء الذكر بنيامين نتنياهو.
والحقيقة فإنّ هذا التطبيع فاجأ عددا كبيرا من الشعوب العربية ولكنّه لم يُفاجئ المتابعين للشأن السوداني الذين كانوا ينتظرون هذا الإعلان منذ أن إنطلق حُكّأم الخرطوم الجدد في مُغازلة جارتهم الجنوبية أثيوبيا المدعومة من الكيان الصهيونى، ودعمها اللاّمباشر في خلافها مع مصر حول توزيع مياه النّيل و إستغلال سدّ النهضة الذي أقامته أديس أبابا على مجرى النهر.
و للتّذكير فقد قام حكّام السودان الجدد و هم من العسكريين بانقلاب على الرئيس حسن البشير في أفريل من سنة 2019 على إثر المظاهرات الشعبية الكبيرة التي شهدتها السودان … و أنشؤوا المجلس العسكري الانتقالي الذي صار فيما بعد الحاكم الفعلي للسودان و بسط نفوذه على البلاد … ثمّ حزم أمره وأسرع الخطى نحو القدس المحتلة ليُقدّم آيات الطاعة لنتنياهو ومن ورائه ترامب… كما نُشير أنه خلال جولة في الشرق الأوسط في أوت 2020 شملت الكيان الصهيوني و السودان و البحرين و الإمارات، أعرب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن تفاؤله بأن المزيد من الدول العربية ستطبّع علاقاتها مع “إسرائيل” و هو ماتمّ خلال شهريْ سبتمبر و أكتوبر الجاري.
الآن بعد أن “وقع الفأس في الرأس” على من سنُلقي اللّوم؟ على السودان؟ على الكيان الصهيونى؟ على الولايات المتحدة الأمريكية؟ أم على العرب الذين تركوا السودان و شأنه؟ يبدو أنّ مصير بلاد “المامبو السوداني” أصبح في أياد غير عربية بعد أن فرّط الغبيّ حسن البشير في نصف البلاد الجنوبي للسودانيين المسيحيين، و فرّط في النصف المتبقّي للأمريكيين و الصهاينة … ثمّ فرّط في الحكم لمنظوريه من العسكريين الذين إنقلبوا عليه وزجّوا به في السجن.
هل نقول وداعًا للسودان الداعمة للقضايا العربية؟ هل انتهى عهد الدولة العربية التي أنجبت اعلاما افذاذا من المثقفين و العلماء و الفنانين،و ليس اقلّهم الاديب الطيّب صالح؟ من الواضح أن القضية العربية الاولى تخسر في كلّ مرّة بلدا عربيا و تخسر معه دعما معنويا هي في أشدّ الحاجة إليه… و الأكيد أنّ السودان سيدخل في دوّامة من الاهتزاز و عدم الإستقرار نظرا إلى أنّ الشعب السوداني في أغلبه يرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني و يعتبر القضية الفلسطينية قضيته الأولى.