منبـ ... نار

حدث في رزق البيليك… المرجان الأحمر ينزف دما

… ، أو الكنز المنهوب

نشرت

في

علي بن عمر*

متأكد أنّه ياسر ناس و كنت مثلهم ما يعرفوش إنّ طبرقة هي ثاني مدينة عالمية معروفة بالمرجان، وأنّ تونس من أكبر مصدري المرجان الخام في العالم، وأنّ المرجان الأحمر المستخرج في عرض المنطقة الممتدة من بنزرت حتى منطقة القالة وعنابة بالجزائر هو أجود مرجان والأكثر الشهرة في العالم.

و هكّا نفهم علاش طبرقة عرفت بعاصمة المرجان وتعيش على وقع المرجان وكلّ شيء فيها مرجان… من ساحة المرجان لنزل المرجان ومقهى المرجان وبار المرجان وبائعي حلي المرجان وحرفيي المرجان والمرجان الرياضي بطبرقة.

التّوانسه عرفوا المرجان منذ القدم و كان موجود في الحلي الخواتم و القلائد والخرص والخمسه والحوته وقرن غزال زادوه الاسماك والورد والسبحه والمشموم … صائغو جزيرة جربة و مدينة المكنين و بعض المدن الأخرى يمزجوا الفضة مع المرجان .

لكن اشكون أول مركز لمعالجة و تجارة المرجان في العالم ؟؟؟

هي مدينة ” توري دل غريكو ” وهي قريبة من مدينة نابولي الإيطالية .

هي المركز الرئيسي لتجارة المرجان في العالم إنتاجها يصدّر إلى الهند والصين وباكستان والولايات المتحدة وكلّ الدول الاوروبية .

*المعضلة و السؤال !!!

إيطاليا منعت إستخراج المرجان من عديد المناطق بها منذ 50 سنة وبالتّالي منين يجي المرجان لمدينة توري دل غريكو ؟؟؟

من غير ما تكسّر راسك ! هو مرجان تونس و الجزائر … المرجان الأحمر الملكي

المرجان الأحمر التونسي ( و الجزائري ) عالي الجودة يستعمل في المجوهرات النفيسة والحلي وأدوات الزينة و في مستحضرات التجميل و منذ بضع سنوات في الأغراض الطبية , عديد المخابر العالمية الكبرى أصبحت تهتم بإستعمال المرجان الذي يحتوي على جزيئات مضادة للإلتهابات و الفيروسات و البكتريات والأورام وتستعمل كذلك في علاج مرض ألزهايمر و أمراض القلب و تجديد العظام … هو إذن مادة نادرة و مطلوبة جدّا … منظمة التغذية و الزراعة FAO تقول انّ نصف الشعاب المرجانية في العالم أستنزفت !

* شويّة تاريخ لكي نفهم نهب المرجان الأحمر

التّواجد الأجنبي بشكله الإستعماري الناهب للخيرات بدا منذ أواسط القرن 15 حيث منح السلطان الحفصي سنة 1446 ترخيص للتّاجر الكتالوني Raphael Vives لاحتكار تجارة المرجان من طبرقة و ذلك حتى سنة 1451 … عام 1543 السلطان الحفصي سلّم في منطقة طبرقة للإسبان مقابل إطلاق سراح القرصان التركي درغوث , شارلكان سلّم طبرقة لعائلتي غريمالدي و لوميليني من جنوة و أعطاهم احتكار جمع المرجان في مياهها وقامت العائلتين بالتّوسع في ما يشبه المستوطنة كان عدد سكانها ما بين 1500 و 2000 ساكن… وعلاوة على إستخراج المرجان و تصديره لإيطاليا قامت بتصدير رخام شمتو و الحبوب و زيت الزيتون و الخفّاف والغلال في سنة 1741 إسترجعها الباي و في سنة 1781 سلّمها الباي لشركة فرنسية Compagnie Royale d’Afrique و التي واصلت نهب المرجان و تصديره نحو مرسيليا و إيطاليا

ما هو سعر المرجان؟… كيلو المرجان الأحمر يقدر حسب الجودة من 4.5 إلى 6 ألاف دولار أي ما بين 15 و 20 أف دينار للكيلو !!!

و تونس قدّاش تنتج و قدّاش تصدّر و قدّاش مداخيلها من المرجان ؟؟؟

لهنا الأمور لا تخضع للمنطق و لا للحساب !!! … تبعني

تدخل لموقع المعهد الوطني للإحصاء تلقى الإنتاج في السنوات الاخيرة لا يتعدى 8 طن و وصل في بعض السنوات الى 2 طن والمداخيل كانت في حدود 17 مليون دينار !!!

و لما تجي تفهم تدوخ !!! مصادر موثوقة، الإدارة العامة للصيد البحري والديوانة و تقارير إعلامية، تتحدّث عن تهريب 180 طن سنويا من تونس ولما تتابع عمليات الحجز و بإمكانكم التثبّت من ذلك على غوغل، ما ثمّاش اسبوع يمرّ بدون حجز كميات من المرجان في طبرقة و المناطق القريبة منها وفي بنزرت وعلى الطريق السيّارة تونس بوسالم وفي الموانئ والمطارات وفيها كميات بمئات الكلغ، والغريب أنّ هذه المصادر تقدّر ب 1 % حجم الحجوزات من الكميات المهرّبة … إذن هي تجارة فيها ألاف المليارات و الدولة يوصللها منها يادوبك 17 م د، هاذي ما تجيش ثمن شحنة واحدة !!!

و تعرفوش قدّاش من مركب عنده ترخيص في صيد المرجان ؟؟ هي 6 فقط والقانون التونسي يمنع على كلّ مركب جمع أكثر من 2 كغ في اليوم طيلة موسم المرجان من شهر جوان لشهر اكتوبر، ويتمّ ذلك عن طريق الغوص فقط. إذن منين تجي الكميات المصرّح بها و الكميّات المهربة عبر تونس ؟؟؟

هذه الكميات تأتي من مراكب صيد غير مرخص لها تعمل في جمع المرجان بطرق غير قانونية و منها طريقة الجرف بالمحراث التي تتسبب في اتلاف النباتات البحرية و الشعاب المرجانية و تحدث اختلالا في البيئة البحرية و سلسلة الغذاء و التكاثر بها… للعلم المرجان ينمو بـ 1 أو 2 ملم في السنة أي أن تجديد الدورة الزمنية للمرجان تدوم بين 20 و 30 سنة ! و للعلم الجزائر منعت جمع المرجان في مياهها طيلة 20 سنة من 2001 إلى 2021 وللعلم كذلك كان المرجان يجمع من عمق 50 و 60 مترا لكن اليوم يستخرج من أعماق تصل إلى 150 م، مما يعني اللجوء إلى غطّاسين محترفين و قوارير هليوكس غالية الثمن ولباس غطّاس خاص وشباك جمع المرجان و قوارب سريعة بمحركات قويّة… و هذا ما ينجّم يكون كان شغل ناس قويّة و ما ينجّم ينتج عنه كان جمع كميات كبيرة لتعويض المصاريف…و هذا يحيل إلى مزيد إستنزاف الشعاب المرجانية وإلى عصابات التهريب…

وبالفعل عديد القضايا تمّ البتّ فيها في تونس ضد عصابات فيها توانسة و طلاين و إسبان وعدد آخر مازال جاري النظر فيها و البعض يتحدّث عن منح تراخيص وهمية لتجارة المرجان لبعض المسؤولين و تورّط بعض الكبارات منهم شقيق رئيس حكومة سابق… و تعرفوش اشنيّه العقوبات لمجرمي إستنزاف ثروة المرجان ؟؟؟ الموضوع ينظمه القانون عدد 89 لسنة 2005 المتعلّق بتنظيم أنشطة الغوص و العقوبات هي السجن من 16 يوما إلى سنة واحدة وخطيّة مالية من 100 إلى 500 دينار أو العقوبتان معا .

* و النتيجة !!!

ثروة طبيعية تستنزف لصالح الطلاين و مداخيل للدولة عبارة عن فتات و كذلك تراجع قطاع الصناعات التقليدية في مادة المرجان… عدد الحرفيين و الشركات نزل إلى الربع في ظرف 10 سنوات و عددهم في تقلّص مستمرّ و السبب أنّهم غير قادرين على إقتناء المرجان بأسعار عالية جدّا… هو قطاع يحتضر في حين لو يتمّ القضاء على التّهريب فإنّه يكون قادرا على توفير قيمة مضافة عالية و تصدير كميات كبيرة وتوفير مواطن شغل في الورشات و محلات الترويج …

إستنزاف في تونس و طفرة مزدهرة في إيطاليا وتناقض صارخ بين عائدات الدولة الهزيلة واندثار قطاع الحرف المرتبطة بالمرجان في تونس، وتربّح و تمعّش عصابات المهربين ومساعديهم … وقتاش تاقف الدّولة ضد العصابات ؟؟؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*متفقد سابق بوزارة الصحة العمومية

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version