جور نار

حكومة الهشْ…والغِشْ تتطاول على جيب المواطن…

نشرت

في

قد تكون هذه الليلة ليلة القدر… وقد تكون ليلة أخرى مضت وربما أخرى آتية…وفي ليلة القدر يستجيب الله لعبده إن دعاه… فيا ربّ لدعائنا استجب…فنحن مقدمون على أصعب الأشهر وأخطر المراحل…فحكام هذه البلاد أعلنوا الحرب على بعضهم البعض ونسوا ما وعدوا به هذا الشعب…هؤلاء وكأني بهم لم يعوا ما تعنيه أن تكون حاكما ومسؤولا عن بلاد سكانها بالملايين…هؤلاء لم يدركوا إلى حدّ هذه اللحظة أننا نعيش الأزمة…وأننا اقتربنا من الهاوية…

<strong>محمد الأطرش<strong>

 سبق أن حذّرنا قبل تشكيل حكومة الجملي الموؤودة، وحكومة الفخفاخ الموعودة، وحكومة “الهشْ” المفقودة أن البلاد على صفيح ساخن وأننا دخلنا مرحلة حرجة على جميع المستويات…كما سبق أن حذرنا من الانعكاس السلبي للإجراءات الاقتصادية المُسقطة والمؤلمة على المواطنين لو وصل بنا الأمر إلى الالتزام بها في إطار اتفاقية مع المانحين ولو غامرنا بإعلانها في ظلّ وضع اقتصادي كالذي نعيشه اليوم…لقد سبق أن حذرنا من مغبّة الشراكة مع من هم في الأصل سبب ما نحن فيه…فكل حكومات ما بعد 14 جانفي سقطت رهينة في قبضة “الشريك” الذي يتباهي بأنه حاضنة الثورة، ولا أحد ممن أشرفوا على كل هذه الحكومات تفطّن إلى خطأ هذه الشراكة وتبعاتها على الوضع الاقتصادي والسياسي بالبلاد…

كل الحكومات التي تداولت على تسيير دواليب الدولة بعد 14 جانفي استسهلت الحلول الآنية واستعجلت القرارات والسياسات الاقتصادية التي تمس جيب المواطن فلا أحد فكّر في البدائل الحقيقية للخروج من الأزمة، وكل الحكومات سقطت في لعبة الترضيات حفاظا على مواقعها، فأغدقت على من يخرج عليها شاهرا سيفه ورافعا صوته بالزيادات والمنح والعطايا فأفرغت خزينة الدولة، فانخرمت كل توازنات المالية العمومية، وأصبحت كتلة الأجور أضعاف ما كانت عليه سنة 2010…

كل من حكموا البلاد بعد 14 جانفي راهنوا على صمت المواطن وعدم معرفته بحقيقة ما وقع بالبلاد…وواصلت كل القوى السياسية التعامل مع الأوضاع الاقتصادية بسذاجة لا مثيل لها ولم تضطلع بدورها الحقيقي ومسؤولياتها للخروج من الوضع الذي تردّت فيه البلاد بسبب جهلها بتسيير شؤون الدولة…والغريب أن كل الحكومات التجأت إلى استجداء المواطن أيضا بحثا عن إصلاح ما تمّ إفساده…والأغرب أن يتواصل التعويل على جيب المواطن للخروج من أزمة لم يكن المواطن سببا فيها…

فكل الحكومات التي تداولت على هذه البلاد منذ عشر سنوات جعلت من الاقتراض والاستجداء والخصم من مرتبات الموظفين شعارا للمرحلة…وجميعها واجهت معارضة شرسة في الالتزام بتنفيذ شروط المنظمات المانحة من “الشريك” الذي فرض عبر الإضرابات وغلق مواقع الإنتاج ما أراده، فهو الذي كان وراء كل مصائب المالية العمومية، هذا “الشريك” هو الذي أغرق البلاد في ما هي فيه اليوم، وهو أيضا من رفض أن تنفّذ كل الحكومات المتعاقبة بنود اتفاقياتها للإصلاح المالي والاقتصادي بالبلاد…فلا أحد ممن أشرفوا على حكومات ما بعد 14 جانفي غامر ولو بالتفكير جدّيا في إعادة النظر في السياسات الاقتصادية المتّبعة اليوم والبحث عن بدائل حقيقية وواقعية ومناسبة وممكنة للخروج من الأزمة بأخفّ الأضرار…

غدا ستضطرّ الحكومة للرفع في أسعار المواد الاستهلاكية وإلغاء الدعم كلّيا عن البعض منها، وسيكون لذلك انعكاسا سلبيا على جيب المواطن، في ظلّ عدم قدرته على تأمين أبسط حاجياته الحياتية الضرورية، وسيبقى المواطن التونسي في ظلّ سياسة ساذجة ومشلولة رهينة لحلول عرجاء من حكومة لا تزال تصرّ على البحث عن حلول لأزمة البلاد في جيب مواطن بدأ يشتم رائحة الجوع …حكومة جعلت من التضليل والمماطلة والكذب على الشعب سياسة المرحلة…فالبلاد قد تتحوّل إلى جحيم لو انهارت الطبقة الوسطى كلّيا في قادم الأشهر…

تتعقّد الأوضاع اليوم كلّيا في تونس …ولا أحد من ساستها تفطّن لحقيقة من أغرقنا ومن أوصلنا إلى ما نحن فيه…ولا تزال الحكومة تتطاول على جيب المواطن من خلال الخصم الآلي في انتظار الاستحواذ على جزء هام منه في إطار بنود الاتفاق مع المنظمات المانحة…

 فيا ربّ في هذه الليلة …أبعد يد حكامنا عن جيوبنا…واحم جيوبنا من كيد “الهشْ” ومن معه من وزراء حكومة الغشْ…

                                                                                  

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version