جور نار
خليفة ولد عمّي والانتخابات المحليّة… وحمار سعد زغلول! (1)
نشرت
قبل سنة واحدةفي
من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
كنت قد أتممت لتوي ابتلاع آخر لقمة حلال من عشاء الأمس حين دقّ باب المنزل مدفع غير معلوم الهوية، قفزت مسرعا لا شعوريا فزعا من شدّة وقوة صوت الباب الخارجي، وكأني كريستيانو رونالدو حين ينتظر كرة أرض جو من مودريتش ليسكنها شباك أحد خصوم الريال…فتحت الباب وأنا في حالة رعب مما قد أجد خلفه، فلا شيء يُطمئن في عالمنا اليوم وأيامنا هذه…لم أجد أحدا خلف الباب نظرت يمنة لا شيء أيضا نظرت يسرة كذلك، قلت ما الحكاية هل ضربوا الباب فقط لإزعاجي…

فجأة ظهر من بعيد ومن خلف شجرة كبيرة اتخذت من زاوية النهج المحاذي لمنزلي مقرا لجذورها … أقول فجأة ظهر شبح شخص أعرفه جيدا من مشيته العرجاء وصرخت “هو انت خليفة وشبيك فجعتني تحب تكسر الباب والا اشنوة…كي عادتك جلف” ضحك واقترب منّي قائلا “هكّة ترحّب بولد عمّ مرت خالك يا عشيري؟؟” احتضنني خليفة وكأنه لم يرني منذ سنوات…وأعاد الاحتضان حتى خلت انه فقد أحد أفراد عائلته …واحسست بوجع في اضلعي…سألته ما الذي أتى به في هذه الساعة فقال “الانتخابات يا صاحبي الانتخابات” سألته وما دخلك أنت في الانتخابات المحليّة يا أحمق؟؟؟ قال ضاحكا “أنا من رشحوني لأكون خصما للكوني والشعلاء بنت خالة نسيبك الهادي ولد الأزرق…هما يِسَّمُوا براينية على العرش والعيلة” قلت متمتما “اتخذت”…خليفة مترشح محلي يا دين….( كلمة ممنوعة من النشر)…
نظرت إليه قائلا ” وما الذي كنت تفعله خلف الكلتوسة يا بهيم؟؟” قال ضاحكا…” كنت نربط في عشيري وخوي الغالي في الشجرة” نظرت إليه مستغربا مزبهلا “البهيم…جبت البهيم يا بهيم…؟؟” قال: “أي جيت على البهيم هذاكه هو مستشاري وسندي في الانتخابات يا بهيم” رفعت يدي كنت أريد ضربه فقال “عشيري راك عشيري راني نفدلك…”..سألته “وينها الباشية (نسبة الى المغفور لها الــ404 بيجو التي كان يمتلكها) اللي عندك…ووينها الموبيلات الحمراء…شبيك جيت على البهيم في ها الصڨع؟؟” ضحك وقال :” الباشية غفر الله لها بعتها كي عرست للطفل …والموبيلات بعتها باش نكمل نخلّص ديون عرس الطفل…قعدلي البهيم سخفني ما بعتاش هاني نسركل بيه ونخمم نشريله كرّيطة عائلية على الأقل خير من فلوس التاكسيات والنقل الريفي…” نظرت إليه وقلت:” ربي يطول عشرتكم حتى البهيم بصراحة راجل وسيد الرجال هاك لقيته وقت الحاجة…”
اقترب منّي وقال “هاك دخّل هالقضيات بحذا الحاجة الداخل خير ما يشوفونا الناس يقولوش جايبله رشوة انتخابات؟؟؟” استغربت قوله فقلت: “شنوة القضيات وانا اش ناقصني يا خليفة …تي هاك كي البهيم اللي عندك مسطّك تخمم كان في خرابها لوكان يهدّوا علينا يقولولنا فساد مالي وانتخابي”…ضحك ودخل خلفي إلى المنزل وهو يصيح “وينك يا بنت عمّي هاني طلّيت تمشيش تقولي كبر وولى مسهول معادش يطل…؟؟” خرجت الحاجة (زوجتي طبعا) وهي في الحقيقة لم تزر بيت الله حجّا بل زارته عمرة فقط لكن خليفة وكأني به حفظ عن ظهر قلب مصطلحات الترشح للانتخابات والكذب على ذقون الناخبين وهرسلتهم بالخداع والكلام المعسول…
أقول خرجت الحاجة وأطلقت على خليفة وابلا من الدعاء في شكل قصف عشوائي ورشقات كتلك التي يرسلها الغزاويون إلى بعض مدن الشمال الفلسطيني…”برّة ان شاء الله تولي نائب محلي…برّة ان شاء الله تدڨدڨ الكوني …وتفتفت الشعلاء…برّه انشاء الله تولي رئيس…” هنا قاطعها خليفة بأعلى صوته “لا لا يا حاجة اسحبيها ترصيليش في بوفردة الليلة…لا اوخيتي لا رئيس لا وزير…حدني حدّ الحومة…بربي اسحبيها…” نظرت اليه مستغربة ورفعت صوتها الى السماء وقالت ” يا الله اسحب الدعاء السابق لا تأخذه بعين الاعتبار يا جبّار…ما تقيداش في كتابك يا الله…واعتذر عن الاطالة…اللهم يا رب السماء ابعد عن خليفة الكوني والشعلاء…وخليه نائب محلي على بهيم…ويا ربي اسعد خليفة وبهيم خليفة واعطيهم صحة من حديد لا تتقطع لا تبيد”.
وكأني بالحمار أو البهيم كما نسميه نحن في الجنوب استمع إلى الحاجة واستمتع بوابلها وقصفها العشوائي من الدعاء الناسف، فنهق نهقتين مفاخرا براكبه وعشيره خليفة…التفتت الحاجة إلى القفّة وسألت خليفة :”اش جبت يا خلفون…التحفون…” نظرت اليها ضاحكا مستغربا مما قالته… وتمتمت “التحفون…هههه تحفون الكازي…مغبون يمكن اما خلفون وتحفون يا ذنوبي..” وكأني بخليفة استمع إلى ما تمتمته فقال” اش تقول يا شعب…” قلت: ” شعب ماذا تقصد؟؟” قال : “نعم أنت الشعب الذي سيجعل منّي أول نائب محلّي في دشرة أولاد المحتحت …ما خيرلك أنا والا الكوني والا الشعلاء البايرة ؟؟” نظرت إليه وقلت” “جاوب الحاجة سألاتك على شنوة في الزنبيل اللي جبته…تحكيلي على شعب تي هي العمادة الكل فيها 254 ناخب؟؟” فقال ملتفتا إلى الحاجة” جبتلك من كل زوجين اثنين…ايه شدّ عندك يا حجحوجة…”
قاطعتهم وقلت “اشنوة ولت تربيج يا بهيم…” ضحك وقال” إكراهات الانتخابات يا صاحبي…” قلت: “اوكي …أوكي…” نظرت إليه الحاجة وقالت: “اش تقصد من كل زوجين اثنين يا صاحب الحمار…” ضحك وقال لها: “صاحب الحمار؟…اشنوة يا حاجة بديت بالأسلحة المحرمة عائليا…يا للة جبتلك زوز كيلو سكر…وزوز ايترات زيت زيتونة…وزوز ايترات زيت الحكومة…وزوز كيلو روز….وزوز كيلو فارينة…وزوز باكوات قهوة…وستيكة حليب…” قفزت الحاجة وكأنها بنت العشرين أو نادية كومانتشي في زمانها وقالت “جو باش نقسم مع اختى عندها عام ما ذاقتش زيت الحكومة وستة شهور ما راتش عينها باكو فارينة وشهرين تلوج على باكو قهوة ومن قبل ما يستالد فتحي وهي تستنى في ستيكة حليب من عمّ الصادق الحوانتي…” قلت في خاطري “اش قعد من وديدة خليفة سيدي النائب المحلّي..”…
أخذت الحاجة ما جاد به ظهر حمار خليفة وزنبيله وعادت لتستمع إلى ما سيقوله “خلفون” في أمر الانتخابات وماذا يريد منّا نحن بالذات…بدأ خليفة في تعداد الناخبين حسب قائمة خرج مسرعا إلى البهيم وأخرجها من تحت بردعته المزركشة باللون الانتخابي لخليفة…وبدأ في الحديث: “يا صاحبي نحبك تتلهالي بالرجال والشباب في العمادة هاهي القائمة نقصوا منها 75 حرقوا في الصيف اللي فات…و12 غرقوا في البحر …وانت يا حاجة نحبك تعملي حملة انتخابية في النساء ما تنسيسش النساء اللي حرقت واللي ماتت واللي كبرت معادش تنجم تقوم… ونحبك تقوم بفضّ النزاع بيني وبين أولاد عمّك الصحبي على هاك الزيتونة اللي قيدتها في ملكي هاك العام”
نظرت الى خليفة نائب المستقبل وقلت بعد قراءة القائمة أظنّ ان عدد الناخبين المسجلين لن يتجاوز المائة ناخب …أمورك فسفس لا باس ما تطلع كان انت تهنى…الشعلاء مستحيل …والكوني صعيب متعارك مع انسابه، وانسابه أغلبية في العمادة ويحبوك انت…ونظن اللي انت هزيتلهم زنبيل باهي كيف اللي جبته لي انا والحاجة” نظر إلي خليفة وقال مبتسما: “طمنتني يطمنك ربي…ونوعدكم هاهو بحذا الحاجة وليلة سبت اللي انا باش ناقف في وجه الفساد…والاحتكار …ومعادش نقبل الحكم مدى الحياة…باش نفرض التداول على السلطة…ونرسخ أسس الديمقراطية…وتولي الفارينة موجودة…والسكر في كل دار…والقهوة في كل كوجينة…والزيت عشرة ايترات كل مواطن في العمادة…ونوعدكم باش نساند القضية الفلسطينية وباش نعمّل عليك في بيان للراي العام ولشعبنا في العمادة ..وموش ناسي يلزم ندعموا كل برنامج اممي للحدّ من انبعاث الغازات حفاظا على طبقة الأوزون …وزادة الحدّ من أسلحة الدُمَّار الشامل…”
قلت ضاحكا: “الدَمَار الشامل الدال بالفتحة يا حمار…بيان شنهو اللي تحكي عليه؟؟؟” قال:” بيان استنكار واستهجان واحتجاج وتنديد” ضحكت وقلت “زيد قلي تحرك حاملات الطائرات متاعك…يا بهيم…عندك كان ضراطك وضراط البهيم متاعك مع احترامي للبهيم…” نظر إلي وقال: “حرام عليك الاحترام كان للبهيم…” هنا وصل الى مسمعي نهيق الحمار وكأنه سمع ما قلته عنه فنهق مفاخرا بما سمعه…هنا تدخلت الحاجة وسألت خليفة عن سرّ حملته الانتخابية على ظهر البهيم وتقصد الحمار …نظر إليها خليفة وقال: “الا تعلمين يا حاجة…وسأكلمك بالعربية التي يتميّز بها صاحبي زوجك هذا ويقصدني أنا طبعا…ألا تعلمين ان سعد زغلول رحمه الله الزعيم المصري ورئيس وزراء مصر في بداية القرن الماضي، كان يركب الحمار حين يعود إلى مزرعته في قرية مسجد وصيف…ألا تعلمين يا حاجة…وأضيف ألا تعلمين بالأبيات التي نظمها الشاعر أحمد أبو النجاة يصف فيها الحمار الذي ركبه سعد زغلول:
حمارُ الزعيم زعيمُ الحميرْ .. على عَرْش مُلْكِ الحميرِ أميرْ
لِـجَـامٌ مـن الـعِـزّ في فَـكِّـهِ .. إِكَـافٌ على ظهره مـن حـريرْ
تَـخِـرُّ الــبِـغَـالُ له سُـجَّـدًا .. وتحـسُـدُه الـخَـيْـلُ عند الـمَسيرْ
وقفت مذهولا في حالة ازبهلال قصوى مما سمعته من خليفة…وقلت له مفاخرا: “أنا اليوم مطمئن على هذا الحي وهذه العمادة …فأنا أمام نائب سيكتب اسمه في تاريخ البلاد وسيخدم العباد كل العباد…وخرجت مسرعا إلى الحمار واحتضنته أريد تهنئته بفوز راكبه “خلفون” بالانتخابات المحلية الأولى …فهنيئا لنا بخليفة…وحمار خليفة…وطلبت من الحاجة “زغروطة يا حاجة…” فأجابت: “للبهيم والا لخليفة؟…” قلت: “للزوز…للزوز…” فقد وعد خليفة أن ظهر حماره على ذمة كل سكان العمادة إن لم يجدوا وسيلة نقل… عاش خليفة ولد عمي…وعاش بهيم خليفة ولد عمّي…ونظرت إلى سيدي النائب وسألته: “بالله عليك كيف علمت بحكاية سعد زغلول وحماره…؟؟” نظر إلي وقال: “في مجلة اللطائف وبالذات في عددها الصادر يوم 21 أفريل عام 1954 التي أخذتها منك منذ شهر لأقرأ بعض ما جاء فيها تطفلا…” فقلت “نعم التطفّل…يا صاحب البهيم..”…
ـ يتبع ـ

تصفح أيضا
جور نار
حرب عالمية… تجارية، دون ذخيرة حيّة… على الأبواب!
نشرت
قبل 15 ساعةفي
8 أبريل 2025من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش:
يتساءل الجميع اليوم عن حجم ردود الفعل العالمية المنتظرة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن هيكل تعريفي جديد للولايات المتحدة في “يوم التحرير الثاني”… وهي التسمية التي أطلقها ترامب على يوم الثاني من أفريل من هذه السنة، ترامب يعتبر ذلك اليوم ثاني أهمّ يوم في تاريخ الماما بعد اعلان استقلالها يوم 4 جويلية من سنة 1776 …

يرى ساكن البيت الأبيض أن الإجراءات التي أعلن عنها يومها ستعيد الحياة للعصر الذهبي لأمريكا، وستجدد من استقلالها حسب رأيه… ولسان حاله يقول انه لم يجد حلاّ لمشاكل الماما الاقتصادية غير فرض ضرائب على دول الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية والبرازيل والهند والصين واليابان وكندا والمكسيك والعديد من الدول الأخرى، رغم أنه يدرك جيّدا ان أغلب هذه الدول ستعامله بالمثل وقد لا تخرج الماما من الازمة الاقتصادية بالسهولة التي يتصورها… فدول الاتحاد الأوروبي تسعى لتكوين جبهة موحدة في الأيام المقبلة لتقف في وجه ما قرره ترامب… ومن المحتمل أن يتم الاتفاق حول مجموعة أولى من الإجراءات المضادة تستهدف واردات أمريكية تصل قيمتها إلى 28 مليار دولار…
هذا التحرك المنتظر يعني بالتأكيد انضمام الاتحاد الأوروبي إلى الصين وكندا في فرض تعريفات ردعية انتقامية على الولايات المتحدة في تصعيد مبكّر لما يخشى البعض أن يتحول إلى حرب تجارية اقتصادية عالمية… والخوف كل الخوف أن ترتفع تكلفة الآلاف من السلع لأغلب سكان المعمورة مما قد يدفع أغلب الاقتصادات حول العالم إلى الركود.
وتهدف الجبهة التي يسعى الاتحاد الأوروبي لتكوينها إلى الخروج برسالة موحدة تعبر عن النيّة والرغبة في التفاوض جدّيا مع ساكن واشنطن لإزالة التعريفات… مع التلويح بالاستعداد الدائم للمعاملة بالمثل والرد بإجراءات جمركية ثأرية مضادة، إن فشلت هذه المفاوضات في إزالة التعريفات الجديدة التي يريد ترامب فرضها على الجميع أو في التخفيض منها… ومن بين المنتجات التي حظيت باهتمام الجبهة الأوروبية الموحدة وأثارت قلق الرئيس ترامب، فرض رسوم جمركية جديدة على “البوربون” الأمريكي (الويسكي) بنسبة قد تصل إلى 50%… وهو الأمر الذي جعل ترامب يهدّد برسوم نسبتها 200% على النبيذ والشمبانيا وغيرهما من المنتجات الكحولية من فرنسا وإيطاليا وغيرهما من دول الاتحاد الأوروبي.
تغطي التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على الاتحاد الأوروبي حوالي 70% من صادراته نحو الولايات المتحدة… وقد بلغت قيمتها الإجمالية 532 مليار يورو (585 مليار دولار) العام الماضي، مع احتمال فرض رسوم أخرى على العديد من الصادرات الاخرى في المستقبل إن تعنتت الجبهة الأوروبية وردّت بالمثل… وتفيد بعض المصادر ان المفوضية التي تنسق السياسات التجارية للاتحاد الأوروبي قد تكون اقترحت على أعضائها قائمة بالمنتجات الأمريكية التي يجب ان تخضع لرسوم جمركية إضافية، ردّا على ما فرضه ترامب من تعريفات جديدة على الصلب والألومنيوم بدلاً من الرسوم المتبادلة… ومن المتوقع أن تشمل هذه المنتجات اللحوم الأمريكية، والحبوب، وغيرها من المنتجات التي قد تثير قلق ترامب…
وبالعودة إلى تاريخ الصراعات التجارية التي شهدها العالم، يذكر جميعنا انهيار سوق الأسهم سنة 1929 والإجراءات الحمائية التي تبعته وما وقع في السنوات التي تلته… فقد تمّ القضاء على ثلثي التجارة العالمية إلى أن أعلن الرئيس الأمريكي فرانكلين د. روزفلت عن تخفيض الولايات المتحدة لجميع التعريفات الجمركية على أي شريك تجاري سيقوم بالمثل… لذلك لا يمكن تجاهل حدوث انخفاض حاد في التجارة العالمية لو تعنّتت جميع الأطراف وواصلت سياسات الردّ بالمثل وعدم العودة إلى رسومات جمركية يقبل بها الجميع …
لكن في هذه الحرب التجارية الطاحنة، لكن هل فكّر ترامب وخصومه في “كيف سيكون حال الدول الفقيرة وشعوبها؟؟” فأغلب الشعوب التي قد تتضرر مما اقدم عليه الرئيس ترامب عانت من أزمة 2008 ولم تخرج من اسقاطاتها وتبعاتها إلى يومنا هذا… وبعضها انهارت اقتصاديا بعد سنوات الكوفيد ولم تخرج إلى يومنا هذا من وجعها ومعاناتها… لذلك علينا ان لا ننسى أن أكبر الخاسرين هم أغلب دول إفريقيا وجنوب شرقي آسيا وبعض دول الشرق الأوسط التي لا تعيش على ما يجود لهم به باطن الأرض… فما يفعله اليوم ترامب وخصومه بالشعوب الفقيرة يعتبر جريمة وطوفانا مدمرا لاقتصاداتها فأغلب هذه الدول تعيش على التسوّل وقروض صندوق النقد الدولي ومساعدات البنك الدولي…
ترامب لم يفكّر في مصير شعوب الدول الفقيرة بل فكّر فقط في إصلاح اختلال ميزان الماما التجاري… ونسي اختلال الميزان التجاري لدول لا يفوق اقتصادها اقتصاد مدينة من مدن أفقر ولاية من ولايات الماما… فهل يزحف الركود التجاري والاقتصادي إلى اغلب دول العالم بما اتاه ترامب بشطحاته الغريبة؟؟ وهل يعود الجميع إلى العقل، أم أن حلقة تصعيد إضافية ستفتح؟؟… ويصل بنا الأمر إلى حرب عالمية تجارية قد تكون …تبعاتها أخطر من كل الحروب التي عرفها العالم؟؟


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد الكريم قطاطة:
من طباعي منذ كنت شابا انّ الله وهبني نعمة الصبر على كل شيء… وكان العديد من اصدقائي يغبطونني على (دمي البارد)… وعندما هرعت الى الله تعمّقت في داخلي القدرة على تحمّل كلّ المشاكل ومخلّفاتها… قد اكون واحدا من سلالة ايّوب، ولكن… واذا فاض كأس الصبر كما غنّى شكري بوزيان… واذا علا صوت ام كلثوم بـ (ما تصبرنيش ما خلاص انا فاض بيّ وملّيت)… وتختمها بـ(للصبر حدود يا حبيبي)… اردّ كأيّ بشر الفعل، لكنني كنت آخذ قراراتي ودائما باعصاب هادئة في ردّ الفعل…

عندما اسرّت لي زميلتاي باذاعة الشباب بالحوار الذي دار بينهما وبين مديري سي عبدالقادر الله يرحمو… وفهمت انّ حدسي كان في محلّه بالشكّ في نواياه بعد الجلسة الصلحية مع زميلي الصادق بوعبان… تكسّر كأس الصبر… والكأس اذا تكسّر يستحيل لمّ شتاته…. ايقنت ان لا فائدة تُرجى من ايّ صلح بل وقررت ان تكون الحرب معه… اكاهو… وعليّ ان استعدّ لاوزارها… وليضحك كثيرا من يضحك اخيرا… انتهت السهرة الخاصة بتكريمي مع زميلتيّ وكانتا سعيدتين بها شكلا ومضمونا وعدت الى بيتي لاخطّط لحرب فعلية مع مديري…
وفي الصباح الباكر ذهبت لمكتبه… سلّمت عليه وسألته هل استمع الى حصّة التكريم البارحة… اجابني بالايجاب بل وشكرني على كلّ ما قلته في تلك السهرة… سالته باستعباط هل صدر منّي كلام او تعليق في غير محلّه لايّ كان؟.. اجابني: (ابدا ابدا، يخخي انت جديد عليّ نعرفك معلّم) … كنت جالسا فنهضت واقفا امامه واضعا كفّي يديّ على طاولة مكتبه وكأنّي تحوّلت من لاعب وسط ميدان الى مهاجم صريح وقلت له: (انا طول عمري كنت راجل معاك رغم كل الاختلافات والخلافات… ولم اقل في ظهرك كلمة سوء لكن وللاسف الذي حدث امس بينك وبين زميلتيّ في اذاعة الشباب ونُصحك اياهما بتغييري كضيف لهما اكّد بالدليل القاطع انّو بقدر ما انا كنت راجل معاك انت ما كنتش…..)
نعم هي كلمة وقحة ولكنّي قلتها لانّو فاض كاس الصبر… اندهش مديري منّي وانا اتلفّظ لاوّل مرّة بكلمة لا تليق به وقال لي: انت غلطت في حقّي راك.. قلت له: اعرف ذلك وانا جئت اليوم لاثبت لك اني ساعلن الحرب عليك ..ودون هوادة .. وصحّة ليك كان ربحتها وخرجتني قبل التقاعد مثلما قلت ذلك مرات عديدة، اما صحّة ليّ انا زادة كان خرجتك قبل التقاعد… وباش تعرف رجوليتي معاك ثمشي واحد يعلن الحرب على الاخر ويجي ويعلمو بيها ..؟؟ اذن اعتبرني من اليوم عدوّا لك ولكن ثق انّ الحرب بقدر ما ستكون شرسة بقدر ما ستكون من جانبي شريفة بمعنى ـ وربّي شاهد عليّ ـ لن الفّق لك ايّة تهمة لكن سافضح كلّ اعمالك)…
ولم انتظر اجابة منه… غادرت مكتبه وعزمت على التنفيذ… اتّصلت بالعديد من الزملاء الذين تضرروا من تصرفات مديري وسالتهم هل هم مستعدون للادلاء بشهادتهم كتابيا؟؟.. ولبّى العديد منهم طلبي… دون نسياني كتابة تقرير ل بكلّ ما حدث منذ قدومه على رأس اذاعة صفاقس… وللشفافية، كان هنالك ايضا تقرير على غاية من الاهمية وفي ثلاث ورقات كتبته احدى سكريتيراته وبتفاصيل مرعبة بعد ان ذاقت منه الويل… واعتقد انّ ذلك التقرير لعب دورا هاما في قرار اصحاب القرار…
اذن اصبح عندي ملفّ جاهز يحتوي على 30 ورقة ولم افكّر بتاتا في ارساله لا الى رئيس المؤسسة ولا الى ايّ كان… كان هدفي ان ارسله رأسا الى رئيس الدولة دون المرور عبر الرجل النافذ في الاعلام انذاك السيّد عبدالوهاب عبدالله الذي اعلم انه يكنّ لمديري ودّا خاصّا… وهذا يعني اذا يطيح بيه يبعثو لمؤانسة اهل الكهف (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد)… وكم هو عدد الكلاب في حاشية الحكّام… لكن كيف يمكن لي ارسال الملفّ على الفاكس الشخصي للرئيس بن علي؟ ووجدت الحلّ (عليّ وعلى هاكة الناقوبة)… الناقوبة هي كنية لزميل يعمل في الصحافة المكتوبة وماشاء الله عليه في اجندا العلاقات… نعم مع الولاة مع الوزراء مع عدد لا يُحصى… تذكّرت وانا ابحث عمن يوصلني الى الفاكس الشخصي لرئيس الدولة…
تذكرت ذلك الناقوبة وتذكرت خاصة يوم زفافه… كنت يومها ممن حضروا حفل زفافه، خاصة انّ علاقتي به كانت من نوع علاقة الاستاذ بتلميذه… اذ هو ومنذ كان طالبا كان من مستمعيّ وعندما بدأ يخربش اولى محاولاته في الكتابة الصحفية مددت له يدي وشجعته … ولكن في اجندا العلاقات تفوّق الناقوبة التلميذ على استاذه… وللامانة حمدت الله على انّ اجندة العلاقات في حياتي سواء العامة او المهنية خلت من مثل اولئك الكبارات، هكذا يسمّونهم… ولكن وحسب ما عشته، قليل منهم من يستحق لقب الكبير…
يوم زفاف ذلك الناقوبة اشار اليّ من بعيد وهو بجانب عروسه كي اتوجّه اليه… توجهت لمنصة العروسين واقتربت منه فهمس في اذني (ماشي نوريك ورقة اقراها ورجعهالي) .. ومدّ اليّ تلغراف تهنئة لزفافه وبامضاء من؟… بامضاء زين العابدين بن علي… رئيس الجمهورية… الم اقل لكم انه باش ناقوبة ..؟؟ اذن عليّ به ليصل الملفّ الى الفاكس الشخصي للرئيس بن علي… بسطت له الفكرة وبكلّ برودة دم ووثوق اجابني: هات الملفّ وغدوة يوصل للرئيس وفي فاكسه الشخصي…
كان ذلك وسط شهر جوان ..ولم يمض يومان حتى هاتفني المرحوم كمال عمران المدير العام للقنوات الاذاعية ليقول لي: (يا سي عبدالكريم الملفّ الذي ارسلته للرئيس بن علي احاله لي شخصيا وكلفني بالقيام بابحاث مدققة مع جميع الاطراف وانت واحد منهم… ما يعزش بيك هذا امر رئاسي وعليّ تنفيذه)… اجبت على الفور: (وعلاش يعزّ بيّ؟.. ونزيد نقلك اكثر ما نسامحكش قدام ربّي اذا تقول فيّ كلمة سمحة ما نستاهلهاش)… وانتهت المكالمة وقام السيد كمال عمران رحمه الله بدوره كما ينبغي مع الجميع وللامانة ليست لي ايّة فكرة عن تقرير السيّد كمال عمران الذي ارسله للرئيس بن علي…
وما ان حلّ الاسبوع الاوّل من شهر جويلية حتى صدر القرار…ق رار رئيس الدولة باقالة السيّد عبدالقادر عقير من مهامه على راس اذاعة صفاقس وتعيين السيد رمضان العليمي خلفا له… يوم صدور القرار ذهبت الى مكتب سي عبدالقادر واقسم بالله دون شعور واحد بالمائة من خبث الشماتة… استقبلتني سكرتيرته زميلتي فاطمة العلوي ورجوتها ان تعلن للسيد عبدالقادر عن قدومي لمقابلته… خرج اليّ مديري الى مكتب السكرتيرة… سلّم عليّ ولم اتركه للضياع وقلت له : (انا ما اتيتك شامتا ولكن اتيتك لاقول لك انّ قرار اقالتك انا عملت عليه وانا الذي ارسلت الى الرئيس ملفا كاملا حول تصرفاتك ويشهد الله اني لم افترِ عليك بتاتا… الآن جئت لاودّعك ولأتمنى لك الصحة ولاقول لك انا مسامحك دنيا وآخرة…
عانقني سي عبدالقادر والدموع في عينيه وقال لي: (انت هو الراجل وانا هو اللي ما كنتش راجل معاك وربي يهلك اصحاب الشرّ)… غادرت المكان وتلك كانت الحلقة الاخيرة مع السيد عبدالقادر عقير رحمه الله وغفر له… سامح الله ايضا الشلّة التي عبثت بالمدير وبمصلحة اذاعة صفاقس وبالعديد من الزملاء… وهذه الفئة ذكرها الله في القرآن بقوله عنها (الملأ) ووُجدت في كل الانظمة عبر التاريخ وستوجد حتى يوم البعث… انها شلّة الهمّازين واللمازين والحاقدين والاشرار وخاصة ذوي القدرات المحدودة فيعوّضون عن ضعفهم وسذاجة تفكيرهم بنصب الفخاخ للاخرين وبكلّ انواع الفخاخ…
انهم احفاد قابيل…
ـ يتبع ـ


عبد الكريم قطاطة:
في علاقتي بالاشخاص عموما كنت ومازلت اعطي اهمّية قصوى لنظرة العيون… لا ادّعي فراسة كبيرة في ذلك لكن ربما هو بعض مما جاء في اغنية الكبير محمد عبدالوهاب (حكيم عيون افهم في العين وافهم كمان في رموش العين)… طبعا مع بعض الاحتراز على كلمة حكيم…

فقط نظرة العيون في مراحل عديدة من حياتي وفي علاقاتي كانت النافذة الاولى للتعرّف احساسا على ما تحمله تلك العيون من صدق او نفاق او من مواقف باهتة لا روح فيها… يوم التقيت مع زميلي وصديقي الصادق بوعبان ونظرت الى عينيه احسست بامرين… الاول انّ الصادق كان صادقا في إقدامه على محاولة الصلح بيني وبين مديري… والامر الثاني وهذا ما حدث بعد ذلك في اللقاء، انه اراد ان يكون محتوى لقائنا بعيدا عن التصعيد منّا نحن الاثنين… وقبل ان نجتمع رجاني (بالكشخي) قائلا: خويا عبدالكريم رجاء ما تصعّدش، وساقول نفس الشيء لسي عبدالقادر … اجبته: داكوردو اما بشرط انّو سي عبدالقادر يتحدّث عنّي باحترام ولا يفتري عليّ… طمأنني سي الصادق وذهب لمقابلة مديري في مكتبه قبل اللقاء الثلاثي…
بعد ربع ساعة تقريبا هاتفتني كاتبته في تلك الفترة (الزميلة فاطمة العلوي) بالقول: سي عبدالقادر يحبّ عليك في بيروه… فاطمة هي السكرتيرة الرابعة للمدير بعد ان قام بطرد ثلاث قبلها… وميزة فاطمة انها كانت تعمل مع رئيسها بكلّ انضباط واخلاص… وانا احترم هذه النوعية من السكرتيرات، وللامانة كذلك كانت سكرتيرتي وزميلتي سامية عروس بمصلحة البرمجة وزميلتي وسكرتيرتي نعيمة المخلوفي رحمها الله بمصلحة الانتاج التلفزي، كانتا في منتهى الوفاء والاخلاص لي رغم كلّ الاغراءات التي سلّطت عليهما ليكونا (صبابّة) لاعوان المدير …
دخلت مكتب المدير، صافحته بادب واحترام وبدا زميلي الصادق بخطابه متوجها لنا الاثنين… خطابه كان منذ البداية واضح المعالم ومبنيّا على عنصرين مفصليّين اولهما الاشادة بمحاسن كل واحد فينا وحاجة اذاعة صفاقس لكلينا… والعنصر الثاني تحاشي الجدال في كلّ ما وقع بيننا اذ لا طائل من ورائه… وكانت اخر كلماته وهو يتوجه لنا هل انتما مستعدان لطيّ ملفّ الماضي وفتح صفحة جديدة من اجل مصلحة الاذاعة لا غير؟.. وطلب مباشرة موقف مديري من رجائه كوسيط بيننا… سي عبدالقادر ودون تردّد كانت اجابته كالتالي: والقرآن الشريف ومنذ هذه اللحظة انا طويت صفحة الماضي وفتحت صفحة جديدة مع سي عبدالكريم… استبشر خويا الصادق بهذا الامر وقال لي: اشنوة رايك خويا عبدالكريم؟ صمتُّ للحظات وقلت: ارجو ذلك ان شاء الله…
لماذا كان ردّي مختصرا للغاية وفيه نوعا ما من الشكّ في ما قاله مديري ؟ اجيبكم… هل تتذكّرون ما قلته لكم في بداية الورقة حول نظرة العيون ؟؟ نعم كنت طوال الجلسة الثلاثية انظر واتفحّص جدا عينيْ مديري… نعم انّ بعض الظنّ اثم … ولكنّ نظراته لم تكن مُريحة وهو اقلّ ما يُقال عنها… تصافحنا جميعا وتمنّى لنا زميلي الصادق بوعبان تكليل محاولته الصلحية بالنجاح… وغادرت معه مكتب المدير وما ان ابتعدنا عن مكتبه حتى قال لي الصادق: علاش نحسّ بيك شاكك في نوايا سي عبدالقادر ؟ قلت له حدسي لم يرتح له وارجو ان يكون حدسي كاذبا…
ودّعت الصادق وذهبت الى مكتبي بوحدة الانتاج التلفزي… لم البث اكثر من ربع ساعة حتى اعلمتني سكرتيرتي نعيمة رحمها الله انّ منشطتين من اذاعة الشباب جاءتا لمقابلتي… استقبلتهما بكلّ حفاوة ويا للمفاجأة… اتضح أنهما مستمعتان ومراسلتان لعبدالكريم في برامجه منذ اكثر من 15 سنة… واليوم اصبحتا زميلتين في اذاعة الشباب… عبرت لهما عن سعادتي وفخري بهما وطفقتا تطنبان في فضلي عليهما حتى في اختيارهما لمعهد الصحافة وعلوم الاخبار بعد الباكالوريا تاثّرا بي وبرسالتي الاعلامية… وبلّغتاني تحيات بعض اساتذتهما لي وتقديرهم لمسيرتي المهنية (عبدالقادر رحيم، منصف العياري ، رشيد القرقوري، الصادق الحمامي…) وبعد يجي واحد مڨربع مللي قال فيهم المتنبي وهو يهجو ذلك الكافور المخصي (وقدره وهو بالفلسين مردود) ويقلك اشكونو هو عبدالكريم واش يحسايب روحو ؟؟ اي نعم هذا ما تبوّع به البعض عنّي… واقسم بالله اقول مثل هذا الكلام واخجل منكم جميعا لانّي لا احبّ والله ايضا لا يحبّ كلّ مختال فخور…
انا لم ادّع يوما انّي فارس زمانه الذي لا يُشقّ له غبار… لكن على الاقلّ اجتهدت وعملت ليلا نهارا وتعبت وكان ذلك في فترات طويلة على حساب زوجتي وعائلتي وارجو منهما ان يغفرا لي… وما قمت به في اذاعة صفاقس كان واجبي ولا انتظر عليه لا جزاء ولا شكورا… اما توجع وقت تجيك من انسان مديتلو اليد واحطت بيه ووقفت معاه وعلى مستويات عديدة وهو اصلا لم يصل الى مرتبة خُمُس منشط او هي لم تصل ثُمُن منشّطة، ويتجرّا يقول تي اشكونو هو عبدالكريم واعيد القول انا اوثّق للتاريخ لكن انا مسامحهم دنيا واخرة …
اعود للزميلتين من اذاعة الشباب طلبتُ منهما كيف استطيع خدمتكما في ما جئتما من اجله… ابتسمتا وقالتا جئنا من اجلك يا استاذنا… ولغة اعيُنهما كشفت لي عن حديث او احاديث لهما رايتها بقلبي قادمة في الطريق… ولم تخذلني مرة اخرى لغة العيون اذ عبّرتا عن سعادتهما بانّ ادارة اذاعة الشباب وافقت على سهرة خاصة من استوديوهات اذاعة صفاقس يقع فيها تكريم الاعلامي عبدالكريم قطاطة وموعد السهرة هو الليلة من العاشرة ليلا الى منتصف الليل… شكرت لهما حركتهما النبيلة معبّرا عن سعادتي وشرفي بنزولي ضيفا على مستمعتيّ… زميلتاي شكرتاني على كلّ شيء واستأذنتا الذهاب لمديري لشكره على منحهما استوديو وفنّيا لاتمام المهمة وودّعتاني على امل اللقاء في الموعد في الاستوديو… اي العاشرة ليلا لذلك اليوم …
الساعة انذاك كانت تشير الى منتصف النهار… كدت اغادر المكتب للعودة الى منزلي (واللي فيه طبّة عمرها ما تتخبّى، وين المشكل مادامني معروف عند مديري بعدم الانضباط في القدوم الى الاذاعة و في مغادرتها ؟؟ خاصة ونحن اليوم ومنذ سويعة ونصف بدأنا صفحة جديدة في علاقتنا… وبالقرآن الشريف زادة… لكن كان هنالك حبل سرّي خفيّ شدّني الى مقعدي في مكتبي… احسست بنوع من الانقباض لم ادر مأتاه… استعذت من الشيطان دون ان اغادر مكتبي… وماهي الا عشر دقائق حتى عادتا اليّ زميلتا اذاعة الشباب وعيونهما توحيان بامر ما قد حدث… كانتا واجمتين وصمتهما كان ثقيلا ايضا ولكنّه كان يحمل اشياء وسترون كم هي ثقيلة ايضا…
تقدّمت احداهما وهي ماسكة شجاعتها بيديها كما يقول المثل الفرنسي وسالتني… يخخي ما زلت متعارك مع سي عبدالقادر عقير مديرك ؟؟ قلت بهدوء وبكثير من الرصانة: لا في بالي توضحت الامور منذ هذا الصباح وطوينا صفحة الماضي ..وسالتهما: يخخي صارت حاجة بينكم وبينو توة وقت شفتوه ؟؟ نتبادلتا النظر وكأنّ كلّ واحدة تقول للاخرى (ايّا قللو اشنوة اللي وقع.. تي اتكلّم يا سخطة انا والله لتو لفهمت شيء)…تكلمت احداهما وقالت (شوف يا سي عبدالكريم انت عزيز علينا ومكانتك ما ياخذهاش لا سي عبدالقادر ولا غيرو… احنا طول عمرنا يستحيل ننساو فضلك علينا ولهذا نحكيلك شنوة اللي وقع بالضبط مع سي عبدالقادر… هو استقبلنا بكل حفاوة وترحاب وعندما اعلمناه بما نحن عازمتان عليه لتكريمك تغيّرت ملامح وجهه وسالنا يخخي لازم ضيفكم يكون سي عبدالكريم ؟ انا مستعد نوفرلكم اي منشط او منشطة عوضا عنه وانا راهو نحكي في مصلحتكم ومصلحة برنامجكم… انتوما تعرفو سي عبدالكريم من عيوبو انو سليط اللسان واشكون يعرف يقولشي حاجة او بوحاجة.. ويخليكم في ورطة… انا نعاود نقوللكم راني حريص انو برنامجكم يتعدّى من غير مشاكل…. فردّت عليه احداهما: احنا راهو جايين خصوصي لبرنامج الهدف منو تكريم استاذنا الاعلامي الكبير سي عبدالكريم اللي علّمنا فيما علّمنا تحمّل مسؤولية افعالنا وقراراتنا…
انذاك وحسب ما اضافته الزميلتان احسّ السيّد عبدالقادر عقير بخطورة ما قاله وكاّنه يقول اش عملت اش عملت… وفي رواية اخرى جمرة وطاحت في الماء، ولسان حاله يتساءل زعمة جيت نطبّها عميتها؟؟… ورجانا (تواصل الزميلة الشابة) ان لا نذكر لك ما حدث… تذكرتوها هاكي الخاتمة متاعو في لقائنا الصباحي وفي نفس يوم قدوم زميلتيّ من اذاعة الشباب مع الزميل الصادق بوعبان (والقرآن الشريف صفحة جديدة بداية من اليوم مع سي عبدالكريم)؟؟؟… ربي يسامحك ويغفرلك خويا عبدالقادر …
ومع مطلع جانفي 2025 اي غدا* ستكون الحلقة الاخيرة في الورقة 113 من حكاياتي مع مديري سي عبدالقادر . رحمه الله وغفر له كلّ شيء… و كتهنئة بحلول سنة 2025 ادعو للجميع بهذه الدعوة (الامن والامان لتونس العزيزة لفلسطين المحتلة وهي في قلب محنتها مع اعدائها من الداخل والخارج … لكلّ الشعوب الشقيقة والصديقة ولكلّ انسان لم يمُت في داخله الانسان ..الله لا يحرمكم من السلام الروحي في هذه السنة الجديدة… صدقوني انها من اعظم نعم الله)…
ـ يتبع ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*المقال منشور لأول مرة في 31 ديسمبر 2024


حرب عالمية… تجارية، دون ذخيرة حيّة… على الأبواب!

حرائق الغابات… تجبر إيرلندا الشمالية على إعلان حالة الطوارئ

في حرب الرسوم الجمركية: الصين تفرض 34 بالمائة على البضائع الأمريكية… وتتوعّد بعقوبات أخرى

مظاهرات عارمة في المدن الأمريكية… وترامب يردّ: لن أغيّر سياساتي!

خوفا من عقوبات دولية على سياسة ترامب… ولاية كاليفورنيا تتبرأ من واشنطن!
استطلاع
صن نار
- جور نارقبل 15 ساعة
حرب عالمية… تجارية، دون ذخيرة حيّة… على الأبواب!
- صن نارقبل يومين
حرائق الغابات… تجبر إيرلندا الشمالية على إعلان حالة الطوارئ
- اقتصادياقبل يومين
في حرب الرسوم الجمركية: الصين تفرض 34 بالمائة على البضائع الأمريكية… وتتوعّد بعقوبات أخرى
- صن نارقبل يومين
مظاهرات عارمة في المدن الأمريكية… وترامب يردّ: لن أغيّر سياساتي!
- اقتصادياقبل 3 أيام
خوفا من عقوبات دولية على سياسة ترامب… ولاية كاليفورنيا تتبرأ من واشنطن!
- اقتصادياقبل 3 أيام
اتحاد الصناعة والتجارة يشارك في مؤتمر الإيطاليين بالعالم
- صن نارقبل 3 أيام
الحوثيون: ضحايا القصف الأمريكي، هم أفراد قبائل عزّل… وليسوا مقاتلينا!
- صن نارقبل 4 أيام
الأسبوع الثالث من عودة العدوان… اجتياح الشجاعية ورفح، وشهداء بالعشرات