الدوسي كما تعلمون اعزّكم الله كلمة فرنسية ترجمتها الملفّ …وفي القاموس السياسي تُستعمل لاغراض شتّى ..لعلّ ابرزها “شادد عليه دوسي” …_ هذه العبارة اصبحت رائجة بعد الغورة غير المباركة لجانفي 2011 …بل اصبحت العملة السائدة بين الاخوة الاعداء ..وفي رواية اخرى ..تعرّي نعرّي .. ونفس افراد هذه العصابات التي ابتلتنا بها غورة 2011 تستعمل نفس السلاح في ساحة المعركة انه سلاح “الفوسي” …
والفوسي يُستعمل عادة امّا لردم بعض القاذورات ..او لقطع الطريق بين مكان وآخر …والنتيجة واحدة ..تُقبر تلك الدوسيات في الفوسيّات امّا لاجل مسمّى او للأبد ..ويكفي ان نقوم باطلالة على كلّ القطاعات في تونس لندرك كم من دوسي في فوسي هذهنماذج منها سياسيا: دوسيات من نوع 17 ديسمبر وقبله الثورة المنجمية ودوسي حقيقة ما وقع يوم 14 جانفي ورشيد عمار وسيدي محرز والقناصة …ودوسيات الارهاب واغتيال الشخصيات السياسية والكوليستيرول بالشعانبي ومقتل جنودنا …ودوسي التسفير والامن الموازي كلّ هذه الدوسيّات مازالت تحت اتربة الفوسيات …
امّا الان وبعد 25 جويلية 2021 اي قرابة السنة على ذلك التاريخ يُطرح نفس السؤال …هل وقع القطع مع الدوسيات والفوسيات ؟؟ حتما لا ..لعلّ الدوسي الاهمّ: دوسي غد تونس …انا من فئة ذلك الشعب الذي تفاعل ايجابيا مع ما حدث يوم 25 جويلية 2021 نهارا وليلا ..كان يجب ان يحدث للقطع مع منظومة الدمار ..وانا اعترف بانّي كنت من المغفلين مرة اخرى بعد بلاهة وغباء موقفي في جانفي 2011 والتي حسبت وقتها انّ تلك الهبّة الشعبية الكبرى ا كانت ثورة حقيقية ..
بلاهتي هذه المرّة لم تدم طويلا ..فما ان مرّ يوم 25 جويلية 2021 حسبت انّ فجر يوم 26 سيشهد بداية اعادة البناء الحقيقي لتونس جديدة …فافقت على … اللاشيء ! و استمرّ اللاشيء هذا جاثما على صدورنا طويلا طويلا .. ولانّي تعلمت في ما تعلمت انّ المؤمن لا يُلدغ من نفس الجحر مرّتين، عرفت انّي ساطارد مرّة اخرى خيط دخان ..فلا دوسيات تلك العشرية فُتحت ولا مواقف واضحة لا لبس فيها تجاه اهمها: الاغتيالات ..التسفير .. الجهاز السرّي …وكر القرضاوي ..
بل مما زاد الطين بلاّت وبلاّت …دوسيات اخرى برزت للوجود ..ولا جدال في انّ اهمها واخطرها ..كيف ستكون تونس سنة 2023 … فهل فيكم رجل رشيد يقول لي بكلّ وضوح كيف سيكون هذا الغد ؟؟…قلت اخطرها لانّ هذا الامر يعني مستقبل شعب ..كلّ الشعب ..لا شعب المناصرين او شعب المناهضين …او لنقل الشعب المتملّح من السياسة والسياسيين …شعب همّه الاكبر ان يعيش في امان وبحبوحة ..نعم شعب يريد فرحة الحياة بما فيها من حرّية مسؤولة ودولة ذات هيبة وعدالة عادلة وقفّة عامرة …
هذا هو الدوسي الاهمّ الذي ينتظره الشعب الكريم …فهل تتوقّف عملية بناء الفوسيات من هذا الطرف وذاك حتى تُرسي سفينة تونس على شاطئ الامان …وحتّى يوم نُبحر بها الى عالم افضل لا نخشى فيه الغرق …؟؟…هذا الغد يتطلب وضوحا وشفافية وصراحة ومنطق دولة وصرامة وعدالة لأعلى هرم في السلطة ….دون ذلك سنبقى فريسة للدوسيات والفوسيات …