فيما كان عميل الموساد “ممو ركاح” صحبة “الينا” و “بزميت” يقضون اوقاتهم الممتعة بالعلبة الليلية بقمرت، حيث تحاول الفاتنة “الينا” استدراج بعض الوجوه تحت عناوين متعددة ..كان ممو ركاح يدعي انه مدير مؤسسة اعلامية بباريس ويبحث عن بعض المهندسين التونسيين للتعاون ولفتح شركة بتونس حالما تهدأ الأجواء…أما بزميت، فهو ينتحل صفة فرنسي جاء لتونس قصد تأسيس شركة مصدرة “اوف شور'” في قطاع النسيج لكن الأحداث باغتته قبل انهاء الاجراءات وانطلاق المشروع، وهو يسعى الى انتداب عشرات الشبان من جميع الاختصاصات أو غيرها و يقدم “الينا” على انها مديرة مكتبه بباريس …
أما بقية الفريق المتكون من الثنائي ” “ليفي” و العميلة “ايلي” فقد ربطا علاقات وطيدة مع أسرة يهودية تونسية تقطن بالبحيرة 2… رب الاسرة وابناؤه يديرون محلات تجارية ويرتبطون بعلاقات مع بعض الوجهاء من النافذين السياسيين و التجار …السيد كاكوب رجل طاعن في السن لكنه يحافظ على صحة جيدة عدا قليلا من داء السكري كما يقول و نوبات ربو فصلية خلال كل ربيع .. كل ليلة لدى استقباله لصديقيه ليفي و ايلي في بيته يقدم لهما بنفسه كؤوس ويسكي و شرائح اللحم المشوي و الحبوب و بعض الفاكهة. و على سؤاله عن الغرض من زيارتهما تونس في مثل هذه الاوضاع يجيبه ليفي ان السفر الى تونس كان مبرمجا قبل الانتفاضة ..
يبدا كاكوب في سرد قصة حياته و يتباهى بنجاحه الباهر في تنمية تجارته والحصول على ثروة طائلة بعد أن بدأ حياته صانعا لدى الصائغي “عزرا” بسوق البركة بالمدينة العتيقة .. ولعل اغرب ما في قصته التي كان يرددها بكل اعجاب و افتخار ان “عزرا” كان دوما يفوز بـ “لزمة” غريبة متمثلة في جمع كل اتربة ازقة سوق الذهب بالبركة بينما يقوم “كاكوب” بغربلتها للحصول على الحبيْبات الذهبية التي تتناثر جراء نشاط الصاغة بالسوق …..و يحلو لكاكوب ان يضيف بأن حانوت عزرا. كان ملاذ ومقصد امن يعثرون على كنوز ، وكان الوحيد الذي يمكنه طبع القطع الذهبية دون صعوبة تذكر بعد “تكسير” وتطويع ما يقتنيه من صائدي الكنوز خلال تلك الايام مقابل اهداء شقة لأحد النافذين. مما مكن عزرا من الحصول على ثروة طائلة ..
لكن بعد سنوات عديدة من الجهد و العمل المضني لاكثر من عشر ساعات في اليوم هدّه المرض والتقدم في السن خاصة انه مدمن على الشرب فوجد نفسه مجبرا على بيع جل املاكه والسفر الى اسرائيل خلال اوائل الستينات تاركا لكاكوب التصرف في البعض من بقية ممتلكاته من بينها دكان الصاغة بسوق البركة، ومده بقائمة مفصلة عن اسماء علاقاته التجارية السرية منها و المعلنة
تتلذذ الضابطة “ايلي” بممازحة كاكوب حول الصفقة الغريبة المتعلقة بجمع اتربة سوق الذهب بالبركة بينما يتساءل ليفي: هل أن هذه “اللزمة ” المضحكة قد تواصلت لحد هذه الايام أم انها انقطعت؟
الضابطة ايلي: ههههه برب التوراة يا ليفي هل تنوي المشاركة في لزمة جمع اتربة سوق البركة بتونس وتتركنا نعاني في اسرائيل؟
كاكوب: لا أظن ذلك يا سيدتي، لكني اود ان أذكر لك يا ليفي اني اعرف طبيبا يهوديا تونسيا يدعى “راوول ليفي” عمل بالمسنشفيات ثم عاد ليستقر بالعاصمة اخر ابام حياته. لعله جدك أو أحد اعمامك. إن كان كذلك ساقودك الى زيارة قبره
ليفي: صحيح يا عم، لان أمي كانت تحدثني عن جمال تونس ورغد العيش فيها كما ذكرت لي اسم أحد الأقارب الذي بقي بتونس رافضا الهجرة الى اسرائيل (يطاطئ ليفي راسه قليلا ثم يضيف): لكني ولدت في حيفا ووالداي اصيلا تونس ويحدثاني دوما عن السنوات الرائعة بحلق الواد، غير أن حرب 67 دفعتهما الى الهجرة امام الحملة العالمية لتوطين اليهود “بارض الميعاد “. أنا اسميها اليوم “أرض الحروب ” والدماء و التنافر بين الاديان و الأجناس. ليت والديّ بقيا بتونس
الضابطة ايلي؛ ليفي!!؟ هل انت تدرك ما تقول؟ هل انضممت لجماعة ” السلام الآن” اليسارية؟
ليفي: هل ما أقوله غير صحيح يا صديقتي ايلي؟
كاكوب: صحيح مائة بالمائة …التوراة والانجيل و حتى القرآن يشيرون الى استمرار الحروب في أرض الميعاد التي قد تدوم مئات السنين، وتنتهي بطرد اليهود مجددا و استرجاع الفلسطينيين للقدس و حائط المبكى و كل الأراضي
ليفي : هذا حدث غير محبب يا عم كاكوب. لقد حدثتني امي عن قصة احدى بنات اعمامي التي عشقت تونسيا و انتهت قصتها بماساة … هل عندك تفاصيل هذه الماساة المريعة؟ …
ـ يتبع ـ
(الحلقة الثانية من ذكريات كاكوب : اليهودية التي عشقت تونسيا …أجواء تونس خلال السبعينات ..ضابطا الموساد الملاحقان من المخابرات التونسية)