نحن من أهل تونس وكانت تسمى افريقية حين بدأ فتحها الصحابي عبد الله بن ابي سرح في عهد عثمان بن عفّان رضي الله عنهما…
سيدي أبا عاصم
نحن أمّة تعبت وضاقت بها كل السبل فلمن تشكو حالها وحال أهلها وعبادها والبلاد…؟
مولاي، غزا التتار والوندال وجيش من الحاقدين من أهلنا أرضنا منذ أكثر من احدى عشرة سنة…ولم يتركوا زرعا إلا أحرقوه…ولم يتركوا حبّا إلا صبغوه حقدا…ولم يتركوا كفاءة إلا عزلوها …ولم يجدوا علما إلا خفضوه…ولم يجدوا عالما إلا أهانوه…ولم يجدوا وزيرا إلا سجنوه…ولم يجدوا متميزا إلا احتقروه…
كنّا نظنّ أنهم جاؤوا للإصلاح فخاب ظنّنا…
سيدي أبا عبيد الله هم جاؤوا فقط للانتقام، والثأر من عهد قد يكون أساء لبعضهم لكنه لم يكن بكل السوء الذي ذكروه وروّجوه…وقد يكون أوجع بعضهم لكنه لم يكن بكل الوجع الذي أحسوه…وقد يكون ظلم بعضهم لكنه لم يكن بكل الظلم الذي عشناه ونعيشه منذ دخولهم أرضنا التي هي ارضهم ايضا…لكن لم يكن ظلم العهد الذي انتقموا منه أكبر من ظلم مولانا أمير البلاد وسلطانها وصانع تغييرها الثاني مولانا قيس بن منصف سعيد…
أطال الله عمره وعمر أتباعه …
سيدي أبا زيد الأكبر، لو علم مولانا ساكن قرطاج واسمه قيس بن منصف سعيد برسالتي هذه لضرب عنقي في ساحة برشلونة، أتعرف برشلونة مولاي إنها مدينة اسبانية تلك البلاد التي فتحناها ثم تركناها، ولها فريق أتابعه أسبوعيا، ألم تسمع بميسي مولاي؟ إنه فلتة ومبدع يذهب عنّي الهمّ والغمّ وارتفاع ضغط الدمّ الذي اعانيه كبقية هذا الشعب من حكامنا وأتباعهم وزبانيتهم، عفوا مولاي اعذرني نسيت أنى أحدّث مولاي أمير المؤمنين عمر الفاروق سأحدثكم عن ميسي وبرشلونة في رسالة قادمة بإذن الله…أعود لأقول لو علم مولاي برسالتي هذه لضرب عنقي قبالة محطة تونس للقطارات، فمنطق حكم مولانا قيس يفرض علينا أن نبعث برسائلنا عن طريق التسلسل كما يفعلون إداريا…أعلمُ سيدي أبا حفصة أنك لا تعرف ما تعنيه كلمة “إداريا” لكنها تعني الكثير لمولانا…فلا شيء يمرّ إلى السماء دون أن يعلمه ودون أن يصدر مرسوما في الجريدة الرسمية للبلاد التونسية، ألم تكن عندكم سيدي أمير المؤمنين جريدة رسمية لدولة الخلفاء الراشدين، أم كنتم تسجلون في صدوركم ما تفعلون وما تأمرون وما تقررون؟
سيّدي أبا صفيّة …
انتخبنا مولانا وأقصد أمير البلاد وسلطانها قطعا للطريق على من كان ينافسه واسمه “نبيل القروي” وهو صاحب قناة تلفزية… مولاي، أعلمُ أنكم لا تعرفون وقد لا تفقهون أصلا ما أقوله وما أعنيه بما أقول، فالقناة التلفزية هي محطّة إعلامية مرئية تسمح لصاحبها بأن يروّج لنفسه وبرنامجه من خلال ما تبثّه قناته من حوارات ومنابر تعريفية وتسويقية، كأن يخرج في زمانكم احد فرسانكم إلى الصحراء ليعلن في الناس ان صوموا رمضان او استعدوا للقتال أو هاجروا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقط قناتنا التلفزية ليست في حاجة إلى حصان وسرج وصراخ…
سيدي أمير المؤمنين أعترف لك مولاي أننا انتخبناه ليس حبّا فيه…بل خوفا من منافسه…فوالله لولا أصواتنا لما وصل إلى ما هو فيه…وما وصلنا اليوم إلى ما نحن عليه وفيه…أتدري مولاي ما نحن عليه وفيه؟
نحن حفرنا جبّا لنبيل فوقعنا فيه…ولا ماء فيه…
أيرضيك مولاي أن يقع هدم كل البناء الذي بناه أجدادنا ومن حرروا البلاد؟
أيرضيك مولاي ان ينقلب أمير البلاد وسلطانها على الدستور الذي كان سببا في وصوله إلى كرسي الإمارة؟
أيرضيك مولانا أن يستحوذ السلطان على كل سلطات البلاد ويحكم قبضته على رقاب العباد؟
أيرضيك مولاي أن يكتب السلطان دستورا جديدا دون أن يشاركه في صياغته غير ثلّة من رفاقه وممن أعلنوه البيعة والولاء ومن كانوا مع كل من سبقه يلعقون الحذاء؟
أيرضيك مولاي أن يجلس سلطان البلاد على كرسي العرش حاكما بأمره لا ينافسه ولا يشاركه “أحدْ” لا المنجي الرحوي ولا سامية عبو ولا حتى مصطفى بن أحمد؟
أيرضيك مولاي أن يقرّر مولانا في شأننا ما يريد كيف يريد ومتى يريد؟
أيرضيك مولاي أن يؤخذ برأي بعض العشرات من الآلاف ونلغي رأي بقية العباد ومن يسكنون البلاد؟
أيرضيك مولاي أن تكتب دستور أجيالنا القادمة مجموعة من “القطع الأثرية” من أساتذة القانون فهل هم في علوم الغد وتقنياته يفقهون؟
أيرضيك مولاي أن يهان القضاة ويطردوا بشبهة لا إثبات فيها ولا هم يحزنون؟ ألم يحرّم الله الظلم والظنّ بقوله في سورة الحجرات: “يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم”
أيرضيك مولاي ان تهان المرأة وتنعت بأبشع النعوت ويهتك عرضها دون أن يحرّك السلطان ساكنا ألم يقل الله في كتابه العزيز “وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ”
فهل نجلد اتباع مولانا… فهم من لعرض بعضهن يهتكون…؟
أيرضيك مولاي أن يعيش الشعب المأساة بدلاً من أن يُحمل على أكف الراحة وتراعى مشاعره المنهارة بسبب ما عاشه منذ احدى عشرة سنة…ألم يعدنا مولانا بذلك؟
أيرضيك مولاي ألا يجمع سلطان البلاد وأميرها حوله غير بعض المتملقين والحاقدين والطامعين في نصيبهم من الغنيمة؟ ألا يصبح الظالم في الحكم وفي السلطة ظالماً بتملق المتملقين ومدح المدّاحين وسكوت من هم حوله عن صغائر أخطائه …
سيدي أبا زينب، أصبحنا نخاف على البلاد…وسكان البلاد…ومستقبل صغار وأطفال البلاد…فهلاّ بلّغت السلطان ما نخافه منه…وما نخشاه…؟
سيّدي أبا جميلة أتدري أن اتباع سلطان البلاد وأميرها القاطن بقصر قرطاج العظيم روّجوا قبل جلوسه على عرش البلاد رئيسا أنه عادل كعُمر …وطيب كعُمر…وشديد كعُمر…وزاهد كعُمر…ومؤمن كعُمر…ولمّا حكم سألناهم “أعمر بن الخطاب تقصدون؟ قالوا: نعم…فلم نجد شيئا منك مولاي…” ثم سألناهم: ” أعمرو بن العاص تقصدون؟ قالوا: نعم…فلم نجد أثرا لابن العاص…” ثم سألناهم: “أعمر بن عبد العزيز تقصدون؟ صرخوا وقالوا: نعم هو من نقصد…فلم نجد أثرا لعمر ولا لعبد العزيز…فعن أي عمر يا ترى يتحدثون؟